الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليم الباطن وكان الشيخ تقي الدين الحصني1 يقصد أن يصلي خلفه الجمعة توفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء رابع عشرة وصلي عليه بالمصلى ودفن بالباب الصغير عن نحو ستين سنة انتهى.
وقوله ويأخذ الأجرة على ذلك إلى آخره، قال الصفدي في تاريخه في ترجمة محمد بن موهوب بن الحسن الفرضي الضرير: إنه كان أوحد أهل وقته في علم الفرائض والحساب وله مصنفات حسنة في ذلك قرأ عليه جماعة وتخرجوا به إلى أن قال: وكان لا يأخذ أجرة على تعليمه الفرائض والحساب ولكن يأخذ الأجرة على الجبر والمقابلة ويقول الفرائض مهمة وهذا من الفضل انتهى ولم يذكر له وقت وفاة ولا ميلاد.
1 شذرات الذهب 7: 188.
17 -
دار الحديث الفاضلية
بالكلاسة كذا رأيته بخط الشيخ تقي الدين الأسدي ورأيت في كتاب ابن شداد2 قال زكرياء: في الجامع من حلق الحديث ميعاد بالكلاسة للقاضي الفاضل انتهى. وقال أبو شامة في كلامه على وفاة صلاح الدين3: إن تربته جوار المكان الذي زاده الفاضل في المسجد انتهى قلت والفاضل هو عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسين بن أحمد ابن الفرج بن احمد القاضي محيي الدين4 وقيل مجير الدين أبو علي ابن القاضي الأشرف ابي الحسن اللخمي البيساني العسقلاني المولد المصري المنشأ صاحب العبارة والفصاحة والبلاغة والبراعة ولد في جمادى الأولى سنة تسع بتقديم التاء وعشرين وخمسمائة.
وقال الأسدي في تاريخه سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة: انتهت إليه براعة الإنشاء وبلاغة الترسل وله في ذلك معان مبتكرة لم يسبق إليها مع كثرتها اشتغل بصناعة الترسل على الموفق يوسف بن الخلال5 شيخ الإنشاء
2 شذرات الذهب 5: 388.
3 شذرات الذهب 4: 298.
4 شذرات الذهب 4: 324.
5 شذرات الذهب 4: 324.
للمتأخرين ثم إنه دخل ثغر الإسكندرية في سفينة وأقام بها مدة.
قال عمارة1 الفقيه اليمني: ومن محاسن العادل بن الصالح بن رزيك خروج امره إلى والي الإسكندرية بتسيير القاضي الفاضل إلى الباب واستخدامه في ديوان الجيوش فإنه غرس منه للدولة بل للملة شجرة مباركة متزايدة النماء أصلها ثابت وفرعها في السماء وقد سمع أبا طاهر السلفي2 وأبا محمد العثماني وأبا طاهر ابن عوف وأبا القاسم ابن عساكر الحافظ وعثمان بن سعيد بن فرج العبدي وكان كثير الصدقات والصوم والصلاة ورده في كل يوم وليلة ختمة كاملة.
قال المنذري: ركن السلطان صلاح الدين إليه ركونا تاما وتقدم عنده كثيرا وله آثار جميلة ظاهرة مع ما كان عليه من الإغضاء ولاحتمال وقال الموفق عبد اللطيف3: كان له غرام بالكتابة وتحصيل الكتب وكان له العفاف والدين والتقى مواظب على اوراده ولما ملك أسد الدين شيركوه احتاج إلى كاتب فأحضره فأعجبه سمته وتصوره فلما ملك صلاح الدين استخلصه لنفسه وحسن اعتقاده فيه وكان قليل اللذات كثير الحسنات دائم التهجد مشتغلا بالأدب وكان قليل النحو لكن له دربة قوية توجب قلة اللحن وكتب في الإنشاء ما لم يكتبه أحد وكان متقللا في مطعمه ومنكحه ولباسه يلبس البياض ولا يبلغ جميع ما عليه من ثياب دينارين ويركب معه غلام وركابي ولا يمكن أحدا أن يصحبه ويكثر لقي الجنائز وعيادة المرضى وزيارة القبور وله معروف في السر والعلانية وكان ضعيف البنية رقيق الصورة له حدبة يغطيها الطيلسان وكان فيه سوء خلق يكمد به في نفسه ولا يضر أحدا به ولأصحاب الفضائل عنده نفاق يحسن إليهم ولا يمن عليهم ولم يكن له انتقام من أعدائه إلا بالإحسان إليهم والإعراض عنهم وكان دخله ومعلومه في السنة نحو خمسين ألف دينار سوى متاجر الهند
1 شذرات الذهب 4: 234.
2 شذرات الذهب 4: 255.
3 شذرات الذهب 5: 132.
والمغرب وغيرهما وأحوج ما كان إلى الموت عند تولي الإقبال وإقبال الإدبار وهذا يدل على أن الله تعالى به عناية.
وقال ابن خلكان: نقل عنه أنه قال أن مسودات رسائله في المجلدات والتعليقات في الأوراق إذا اجتمعت ما تقصر عن مائة مجلدة وله نظم كثير وقيل أن كتبه التي ملكها تكون مائة ألف مجلدة. وقد اثنى عليه العماد الكاتب1 اثناء عظيما في الخريدة وغيرها توفي فجأة في سابع شهر ربيع الآخر يوم دخول العادل إلى قصر مصر واحتفل الناس في جنازته وزار قبره في اليوم الثاني الملك العادل وتأسف عليه ويقال أنه لما سمع أن الملك العادل لما أخذ الديار المصرية دعا على نفسه بالموت خشية أن يستدعيه وزيره صفي الدين بن شكر2 أو يجري في حقه إهانة فأصبح ميتا رحمه الله تعالى وكان له معاملة حسنة مع الله تعالى وتهجد بالليل وله مدرسة بالقاهرة على الشافعية والمالكية ومكتب للأيتام وترجمه الذهبي في تاريخه في ورقتين ونصف وقال: إنه كتب في ديوان الإنشاء في الدولة الفاطمية ولما صار أسد الدين شيركوه وزيرا في الديار المصرية جعله كاتبا ومشيرا وقال ابن كثير: والعجب أن القاضي الفاضل مع براعته وفصاحته التي لا يداني فيهما ولا يجارى لا يعرف له قصيده طويلة طنانة له ما بين البيت والبيتين والثلاثة في أثناء الرسائل وغيرها انتهى كلام الأسدي. قال بعضهم: بل له قصيدة طويلة مطلعها:
لله روض بالحدائق محدق
…
وبكل ما تهوى النواظر مونق
وهي فوق الثلاثين بيتا وغيرها أطول منها انتهى. قلت والوقف على دار الحديث هذه مزرعة برتايا لصيق أرض حمورية يفصل بينهما نهر كذا أخبرني المحب بن سالم وغيره وهي بيد الزيني عبد الغني بن السراج ابن الخواجا شمس الدين بن المزلق ثم صارت للمحب ناظر الجيش بدمشق في سنة خمس عشرة وتسعمائة ولعل أول من درس بها التقي اليلداني انتهى قال ابن كثير في سنة خمس وخمسين وستمائة: وبها توفي الشيخ تقي الدين عبد الرحمن بن أبي
1 شذرات الذهب 4: 332.
2 ابن كثير 13: 118.
الفهم اليلداني في ثامن شهر مشتغلا بالحديث سماعا وكتابة وإسماعا إلى أن توفي وله نحو من مائة سنة قلت وأكثر كتبه ومجاميعه التي بخطه موقوفة بخزانة الفاضلية في الكلاسة ثم وليها بعده النجم أخو البدر.
قال ابن كثير في سنة سبع وخمسين وستمائة والنجم أخو البدر مفضل وكان شيخ الفاضلية في الكلاسة وكانت له إجازة من السلفي انتهى. ثم وليها بعده الحافظ الذهبي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث السكرية ثم وليها بعده الحافظ المتقن المعمر الرحلة تقي الدين أبو المعالي محمد ابن الشيخ المحدث المقري جمال الدين أبي محمد رافع بن هجرس بن محمد ابن شافع السلامي بتشديد اللام الصميدي المصري المولد والمنشأ ثم الدمشقي ميلاده في ذي القعدة سنة أربع وسبعمائة أحضره والده على جماعة وأسمعه على آخرين واستجاز له الحافظ الدمياطي ورحل به والده إلى الشام في سنة أربع عشرة وسبعمائة وأسمعه من طائفة ورجع وتوفي والده فطلب بنفسه في حدود سنة إحدى وعشرين وتخرج في علم الحديث بالحافظ قطب الدين الحلبي ثم بالحافظ أبي الفتح بن سيد الناس وسمع وكتب بنفسه ثم رحل إلى الشام أربع مرات وسمع بها وأخذ عن حفاظها المزي والبرزالي والذهبي وذهب في بعضها إلى بلاد الشمال ثم قدمها خافقا صحبة القاضي تقي الدين السبكي واستوطنها ودرس بها بدار الحديث النووية وليها بعد وفاة المزي المذكور سنة ثلاث وأربعين والفاضلية بالكلاسة بعد وفاة الذهبي وعمل لنفسه معجما في أربع مجلدات وهو في غاية الضبط والإتقان مشحون بالفوائد يشتمل على أكثر من ألف شيخ وجمع وفيات ذيل بها على البرزالي وصنف ذيلا على تاريخ بغداد لابن النجار أربع مجلدات وتخرج به جماعة من الفضلاء وانتفعوا به وخرج له الذهبي جزءا من عواليه وحدث قديما وحديثا ذكره الذهبي في المعجم أي المختص وقال فيه العالم المحدث المفيد الرحال المتقن وفي بعض نسخ المعجم المذكور وصفه بالحافظ وقال الحافظ شهاب الدين ابن حجي السعدي: كان ذا معرفة تامة تفنن بالحديث ومعرفة الرجال والعالي والنازل متقنا محررا لما