الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطيبة من وقفها: المزرعة بقرية يعقوبا والمحاكرات حول الخندق قبلي سور دمشق وشمالي مقبرة باب الصغير درس بها في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وسبعمائة الحافظ شهاب الدين بن حجي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الأتابكية.
61 -
المدرسة الظاهرية البرانية
خارج باب النصر بمحلة المنيبع شرقي الخاتونية الحنفية وغربي الخانقاه الحسامية بين نهري القنوات وبانياس على الميدان بالشرف القبلي بناها الملك الظاهري غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب. قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة ثلاث عشرة وستمائة: والملك الظاهر غازي صاحب حلب ولد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ولد بمصر سنة ثمان وستين وخمسمائة وحدث عن عبد الله بن بري وجماعة وكان بديع الحسن كامل الملاحة ذا غور ودهاء ومصادقةلملوك النواحي فيوهمهم أنه لولاه لقصدهم عمه العادل ويوهم عمه أنه لولاه لاتفق عليه الملوك وشاقوه وكان سمحا جوادا تزوج ببنتي عمه توفي في العشرين من جمادى الآخرة بمرض الإسهال وتسلطن بعده الملك العزيز1 وله ثلاثة أعوام وكاس الملك العادل لأجل بنته أم الطفل انتهى. وقال في سنة تسع وخمسين وستمائة: فيمن مات بها صاحب صهيون بن منكورس تملك صهيون بعد والده ثلاثا وثلاثين سنة كان حازما شايبا عمره تسعون سنة ودفن بقلعة صهيون وتملك بعده ابنه سيف الدين محمد2 والملك الظاهر غازي شقيق الملك الناصر يوسف وأمهما تركية وكان مليح الصورة شجاعا جوادا قتل مع أخيه بين يدي هولاكو انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثلاث عشرة المتقدمة: وفيها توفي صاحب حلب الملك الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. وكان من خيار
1 شذرات الذهب 5: 168.
2 شذرات الذهب 5: 335.
3 شذرات الذهب 5: 298.
الملوك وأسعدهم سيرة ولكن كان فيه عسف ويعاقب على الذنب اليسير شديدا وكان يكرم العلماء والشعراء والفقراء وأقام في الملك ثلاثين سنة وحضر كثيرا من الغزوات مع أبيه وكان ذكيا له رأي جيد وعبارة وعادة سارة وفطنة حسنة وعمره أربع واربعون سنة ولما حضرته الوفاة جعل الملك من بعده لولده الملك العزيز غياث الدين محمد وهوابن ثلاث سنين وقد كان له أولاد كبار ولكنه عهد إلى هذامن بينهم لأنه كان من بنت عمه العادل وأخواله الأشرف والمعظم1 والكامل وجده العادل لا ينازعونه وهذا وقع سرا وبايع له جده العادل وخاله الأشرف صاحب حران والرها وخلاط وهم المعظم ينفض ذلك فلم يتفق له وقام بتدبير مملكته الطواشي شهاب الدين طغرل2 الرومي الأبيض وكان دينا عاقلا انتهى.
قال الأسدي في تاريخه في سنة عشر وستمائة: وفي ذي الحجة ولد الملك المنصور محمد بن الظاهر صاحب حلب من ضيفة خاتون بنت الملك العادل: قال ابن واصل: فزينت له حلب وصاغ له عشرة من المهود من الذهب والفضة وفتح للطفل ثلاث ترجيات من اللؤلؤ والياقوت ودرعان وخوذتان ويرك طوان من اللؤلؤ وغير ذلك وثلاثة سروج مجوهرة وثلاثة سيوف غلفها بالذهب والياقوت ورماح أسنتها جوهر منظوم وفرحوا به فرحا شديدا انتهى، وقال الأسدي أيضا: الملك الظاهر غازي صاحب حلب بن يوسف بن أيوب بن شادي بن مروان السلطان الملك الظاهر غياث الدين أبو منصور ابن السلطان صلاح الدين صاحب حلب ولد بمصر في شهر رمضان سنة ثمان وستين وسمع بالإسكندرية من ابن عوف3 وبمصر من ابن بري وبدمشق من الفضل البانياسي وحدث بحلب وولي سلطنتها ثلاثين سنة.
قال الموفق بن عبد اللطيف كان جميل الصورة رائع الملاحة موصوفا
1 شذرات الذهب 5: 171.
2 شذرات الذهب 5: 145.
3 شذرات الذهب 4: 268
…
بالجمال في صغره وفي كبره وله غور ذكاء ودهاء ومكر وأعظم دليل على دهائه مفاوضته لعمه العادل وكان لا يخليه يوما من شغل قلب وخوف وكان يصادق ملوك الأطراف ويباطنهم ويلاطفهم ويوهمهم أنه لولاه لكان العادل يقصدهم ويوهم عمه أنه لولاه لم يطعه أحد من الملوك ولكاشفوه بالشقاق فكان بهذا التدبير يستولي على الجهتين ويستعبد الفريقين ويشغل بعضهم ببعض وكان كريما معطيا يغمر الملوك بالتحف والشعراء والقصاد بالصلات وتزوج بنت العادل وماتت معه ثم تزوج بأختها فكان له عرس مشهور وجاءت منه بالملك العزيز في أول سنة عشرة وأظهر السرور بولادته وبقيت حلب مزينة شهرين والناس في الأكل والشرب ولم يبق صنف من أصناف الناس إلا أفاض عليهم النعم ووصلهم بالإحسان وسير إلى المدارس والخوانق الغنم والذهب وأمرهم أن يعملوا الولائم. ثم فعل ذلك مع الأجناد والغلمان والخدم وكان عنده من أولاد أبيه وأولاد أولادهم مائة وخمسة وعشرون نفسا وزوج الذكور منهم بالإناث وعقد في يوم واحد خمسة وعشرين عقدا بينهم ثم صار كل ليلة يعمل عرسا ويحتفل به وقال أبو المظفر ابن الجوزي: كان مهيبا له سياسة وفطنة ودولة معمورة بالفضلاء والعلماء مزينة بالملوك والأمراء وكان محسنا إلى رعيته وإلى الوافدين عليه حضر معظم غزوات أبيه وانضم إليه أخوته وأقاربه وكان يزور الصالحين ويتفقدهم وكان يتوقد ذكاء وفطنة قال الحافظ أبو عبد الله: ذكرت في الحوادث أن الظاهر قدم دمشق وحاصرها غير مرة مع أخيه الأفضل1 وحاصر منبج وأخذهما وحاصر حماة وكان ذا شجاعة واقدام وكان سفاكا لدماء الخلق في أول أمره ثم قصر عن ذلك وأحسن إلى الرعية وكان ذكيا حسن النادرة. قال له الحلي2 الشاعر مرة في المنادمة وهو يعبث به وزاد عليه فقال: انظم يهدد بالهجو فقال السلطان أنثر وأشار إلى السيف توفي في جمادى الآخرة عن خمس وأربعين سنة بدمشق ودفن بالقلعة ثم نقل
1 شذرات الذهب 5: 101.
2 شذرات الذهب 5: 123.
إلى مدفن مدرسته التي أنشأها بحلب وله مدرسة أخرى بدمشق بالمنيبع وأوصى بالسلطنة لابنه العزيز محمد لأنه كان من بنت العادل وطلب بذلك استمرار الأمر له لأجل جده وأخواله وهكذا وقع وجعل الأمر من بعده لولده الأكبر أحمد1 وقام بأمر ابنه الخادم طغرل أحسن قيام وقصد عز الدين2 صاحب الموصل حلب في أيام الأشرف ونزل بظاهر حلب فرجع عز الدين إلى بلاده وهم المعظم عيسى بأخذ حلب فلم يوافقه أخوه الأشرف موسى انتهى.
وقال ابن قاضي شهبة وفي المحرم سنة تسع وستمائة: اصطلح الملك الظاهر مع عمه العادل وتزوج بابنته وكان العقد بدمشق بوكالتين على خمسين ألف دينار وهي ضيفة خاتون شقيقة الملك الكامل وبعثت لى حلب في الحال وكان جهازها على ثلاثمائة جمل وخمسين بغلا ومعها مائتا جارية فلما أدخلت على الظاهرمشى لها خطوات وقدم لها خمس عقود جوهر قيمتها ثلاث مائة ألف وخمسون ألف درهم وأشياء نفيسة وكان عرسا مشهورا اهـ.
ودرس بها العلامة شمس الدين محمد أبو عبد الله بن معن (بفتح الميم وسكون العين المهملة ثم نون) ابن سلطان الشيباني الدمشقي تفقه بحلب على ابن شداد وحفظ كتاب الوسيط للغزالي وسمع وحدث ودرس بالظاهرية البرانية هذه وكان فقيها إماما مناظرا أديبا قارئا بالسبع توفي في سنة أربع وستمائة وله كتاب التنقيب على المذهب في جزءين فيه غرائب وأوهام في عزو الأحاديث إلى الكتب وقال الذهبي في تاريخه العبر في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: وابن الأستاذ عز الدين أبو الفتح عمر بن محمد ابن الشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي مدرس المدرسة الظاهرية التي بظاهر دمشق روى سنن ابن ماجة3 عن عبد اللطيف
1 شذرات الذهب 5: 253.
2 شذرات الذهب 5: 62.
3 شذرات الذهب 2: 164.
توفي في شهر ربيع الأول انتهى. وقال ابن كثير في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: وفي عاشر جمادى الأولى درس القاضي إمام الدين القزويني بالظاهرية البرانية وحضر عنده القضاة والأعيان انتهى. وقال في سنة أربع وتسعين وستمائة: وفي آخر شوال قدمت من الديار المصرية تواقيع شتى منها: بتدريس الغزاليه لإبن صصري عوضا عن الخطيب المقدسي وتوقيع بتدريس الأمينية لإمام الدين القزويني عوضا عن نجم الدين بن صصري ورسم لأخيه جلال الدين بتدريس الظاهرية البرانية عوضا عنه انتهى. وقال في سنة خمس وتسعين: وفي شهر رجب درس كمال الدين بن القلانسي بالظاهرية البرانية عوضا عن جلال الدين القزويني انتهى. وقال في سنة أربع وعشرين وسبعمائة: وفي شهر رمضان قدم إلى دمشق الشيخ نجم الدين عبد الرحيم ابن الشحام الموصلي من بلاد السلطان أزبك وعنده فنون في علم الطب وغيره ومعه كتاب بالوصية به فأعطى تدريس الظاهرية البرانية نزل له عنها جمال الدين بن القلانسي فباشرها في مستهل ذي الحجة ثم درس بالجاروخية انتهى، وقد تقدمت ترجمة الشيخ نجم الدين هذا في المدرسة الجاروخية ثم درس بها بعده بنزول له عنها زوج ابنة ابن الشحام نور الدين الأردبيلي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الجاروخية أيضا ثم قال ابن كثير في سنة ست وثلاثين: وفي يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى درس بالظاهرية البرانية الشيخ الإمام المقرئ أبو بكر الحريري عوضا عن نور الدين الأردبيلي نزل له عنها لما حصلت له الناصرية الجوانية انتهى، وقد تقدمت ترجمة الإمام أبو بكر الحريري هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. ثم درس بها أبو العباس أحمد الرهاوي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الشامية البرانية. ثم درس بها قاضي القضاة بهاء الدين بن السبكي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. ثم درس بها الخطيب العالم العابد جمال الدين أبو الثناء محمود بن محمد بن إبراهيم بن جملة بن مسلم بن تمام بن حسين بن يوسف المحجي الدمشقي قيل إن ميلاده سنة سبع بتقديم السين وسبعمائة وسمع
من جماعة وحفظ التعجيز لابن يونس وتفقه على عمه القاضي جمال الدين وتصدر بالجامع الأموي واشتغل بالعلم وافتى ودرس بالظاهرية البرانية هذه وناب في الحكم عن عمه يوما واحدا ثم ولي خطابة دمشق في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وأعرض عن الجهات التي في يده ففرقت على الفقهاء واستمر في الخطابة إلى حين وفاته مواظبا على الاشتغال والإفناء والعبادة وكان معظما جاء إليه السلطان ويلبغا فلم يعبأ بهما وسلم عليهما وهو بالمحراب ذكره الذهبي في المعجم المختص وقال: شارك في الفضائل وعني بالرجال ودرس واشتغل وتقدم مع الدين والتصوف توفي في شهر رمضان سنة أربع وستين وسبعمائة وقال السيد في آخر ذيل: في هذه السنة توفي الخطيب الإمام العلامة القدوة جمال الدين بن جملة أحد الأعيان تفقه بعمه قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن إبراهيم بن جملة روى عن جماعة منهم القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة الحنبلي وناب في الحكم يوما واحدا ودرس بالظاهرية البرانية وأعاد بعدة مدارس وأفتى واشتغل وألف كتبا كثيرة وكان ملازما لبيته وهو مشتغل بما يعنيه وكان محبا للفقراء دينا صينا وباشر خطابة الجامع الأموي بعد الشيخ تاج الدين عبد الرحيم ابن القاضي جلال الدين القزويني وكانت وفاته رحمه الله تعالى في العشرين من شهر رمضان وولي الخطابة بعده قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن السبكي وكان مولد الخطيب المذكور سنة سبع وسبعمائة وكانت جنازته حافلة انتهى. ثم ولي تدريسها الحافظ شهاب الدين ابن حجي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الأتابكية انتهى. وقال الأسدي في سنة تسع وثمانمائة: وفي صفر اصطلح الشيخ شهاب الدين بن حجي والقاضي علاء الدين بن أبي البقا على أن الخطابة والغزالية ونظر الحرمين يكون بينهما نصفين ونزل القاضي للشيخ عن تدريس الظاهرية البرانية ونظرها وتهايآ في الخطابة كل شهر يخطب واحد انتهى. ثم ولي تدريسها بعد وفاته المتقن علاء الدين بن سلام نزل له قاضي القضاة نجم الدين بن حجي بعد وقاة أخيه الشيخ شهاب الدين عنه. وقد تقدمت ترجمة علاء الدين هذا في المدرسة.