الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال تلميذه ابن كثير في سنة ست وتسعين وستمائة أيضا: واقف النفيسية التي بالرصيف الرئيس نفيس الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد ابن إسماعيل بن سلامة بن علي بن صدقة الحراني كان أحد شهود الغيبة وولي نظر الإيتام في وقت وكان ذا ثروة من المال ولد سنة ثمان وعشرين وستمائه وسمع الحديث ووقف داره دار حديث توفي رحمه الله تعالى يوم السبت بعد الظهر الرابع من ذي القعدة ودفن بسفح قاسيون بكرة يوم الأحد بعدما صلي عليه بالأموي انتهى.
وقال في سنة ست عشرة وسبعمائة: صاحب التذكرة الإمام المقريء المحدث النحوي الأديب علاء الدين علي بن المظفر بن إبراهيم بن عمر بن زيد بن هبة الله الكندي الإسكندراني ثم الدمشقي سمع الحديث على أزيد من مائتي شيخ وقرأ القراءات السبع وحصل علوما جيده ونظم الشعر الحسن الرائق الفائق وجمع كتابا في نحو خمسين مجلدا فيه علوم جمة أكثرها أدبيات سماه التذكرة الكندية وقفها بالسميساطية وكتب حسنا وحسب جيدا وخدم في عدة خدم وولي مشيخة دار الحديث النفيسية مدة عشر سنين وقرأ صحيح البخاري مرات عديدة وأسمع الحديث وكان يلوذ بشيخ الإسلام أبن تيمية توفي رحمه الله تعالى ببستانه عند قبة المسجد ليلة الأربعاء تاسع عشر شهر رجب ودفن بالمزة عن ست وسبعين سنة انتهى. وولي مشيختها الإمام علم الدين البرزالي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث النورية المذكوره قبل هذه.
23 -
دار الحديث الناصرية
وبها رباط بمحلة الفواخير بسفح قاسيون قبلي جامع الأقرم الذي أنشى سنة ست وسبعمائة وخطب به شمس الدين بن العز هذه هي الناصرية البرانية وستأتي الجوانية إن شاء الله تعالى كلاهما إنشاء الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن الملك العزيز محمد ابن الملك الظاهر غياث الدين غازي
ابن صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي فاتح بيت المقدس قال ابن كثير في سنة عشر وستمائة: ولد الملك العزيز1 للظاهر غازي وهو والد الملك الناصر صاحب دمشق واقف الناصريتين انتهى وكان مولد الناصر هذا بحلب في سنة سبع وعشرون وستمائه ولما توفي أبوه في سنة أربع وثلاثين وستمائه بويع بحلب بالسلطنة وعمره سبع سنين وقام بتدبير مملكته جماعة من مماليك أبيه العزيز وكبيرهم الشمس لؤلؤ وكان الأمر كله من رأي جدته أم أبيه ضيفة خاتون ابنة الملك العادل أبي بكر بن أيوب ولهذا سكت الملك الكامل لأنها أخته فلما توفيت سنة أربعين اشتد الناصر واشتغل عنه الكامل بعمه الصالح ثم فتح عسكره له حمص سنة ست وأربعين فوليها عشر سنين وفي سنة اثنتين وخمسين دخل بابنة السلطان علاء الدين صاحب الروم2 وهي بنت ابنة العزيز وكان حليما جوادا موطأ الأكناف حسن الأخلاق حسن السيرة في الرعايا محببا إليهم كثير النفقات ولا سيما لما ملك دمشق مع حلب فيه عدل في الجملة وقلة جور وفيه صفح وكان الناس معه في عيشة هنية إلا وقت إدارة الخمور وكان للشعراء دولة في أيامه وكان مجلسه مجلس ندماء وأدباء ثم خدع وعمل عليه حتى وقع في قبضة التتار فذهبوا به إلى هولاكو3 فأكرمه فلما بلغه كسرة جيشه على عين جالوت غضب وتنمر وامر بقتله فتذلل له وقال: ما ذنبي فأمسك عن قتله فلما بلغه كسرة بيدرا على حمص استشاط غضبا وأمر بقتله وقتل شقيقه الملك الظاهر عليا فقتلا.
قال الذهبي في العبر في سنة تسع وخمسين وستمائة: وقيل بل قتله في الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان ودفن بالشرق وكان قد أعد تربة برباطه الذي بناه بسفح قاسيون فلم يقدر دفنه به وكان شابا أبيض مليحا حسن الشكل بعينيه قبل قال ابن كثير في سنة أربع وخمسين وستمائة: وفيها أمر الناصر بعمارة الرباط الناصري بسفح قاسيون وذلك عقيب فراغ الناصرية
1 شذرات الذهب 5: 163.
2 شذرات الذهب 5: 168.
3 شذرات الذهب 5: 316.
الجوانية بدمشق، والناصرية البرانية من أغرب الأمكنة في البنيان المحكم، والجوانية من أحسن المدارس وهو الذي بنى الخان الكبير تجاه الزنجاري وحولت إليه دار الأطعمة وقد كانت قبل ذلك غربي القلعة في إصطبل السلطان الآن وكانت مدة تملكه لدمشق عشر سنين فبنى فيها هذه الأمكنة وباشر مشيخة الرباط الناصري هذا أكثر من خمس عشرة سنة الشيخ كمال الدين بن الشريشي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الإشرفية الدمشقية، ثم درس بها بعده ولده الإمام العلامة بقية السلف جمال الدين محمد المكني بأبي بكر ميلاده سنة أربع أو خمس وتسعين وستمائة أحضر على جماعة وممن سمع عليه جماعة منهم الحافظان العراقي والهيثمي1 وأجاز له آخرون واشتغل في صباه وتفنن في العلوم مدة وأشتهر بالفضيلة وكان حسن المحاضرة دمث الأخلاق ودرس في حياة والده ببعض المدارس ثم بعد وفاة والده بالرباط الناصري ثم درس بعدة مدارس وأفتى كل ذلك في زمن الشبيبة ثم ولاه القونوي قضاء حمص فتوجه إلى هناك وأقام زمانا طويلا ثم قدم دمشق في أول ولاية الشيخ تقي الدين السبكي فتولى تدريس البادرائية في سنة إحدى وأربعين كما سيأتي وأقام بها يشغل الناس بالجامع ويفتي ثم ترك البادرائية لولده شرف الدين2 سنة خمسين عندما ولي تدريس الأقبالية ثم تركه لولده الآخر بدر الدين3 ولما عزل القاضي تاج الدين في سنة تسع وستين توجه إلى مصر فولاه البلقيني نيابته في الطريق ثم توجه إلى القاهرة فولي تدريس الشامية البرانية سنة تسع بتقديم التاء وستين وسبعمائة وعاد إلى دمشق وباشر التدريس المذكور والحكم في النيابة المذكورة يوما واحد ثم مرض ومات في شوال من هذه السنة بالمدرسة الإقبالية ودفن بتربتهم بسفح قاسيون مقابل جامع الأقرم وهو الذي اختصر "الروضة" وشرح "المنهاج" في أربعة أجزاء لخصه من شرح الرافعي4 الصغير وله من غير زيادة "زوائد
1 شذرات الذهب 7: 70.
2 شذرات الذهب 6: 342.
3 شذرات الذهب 6: 218.
4 شذرات الذهب 5: 108.
الحاوي على المنهاج" وله خطب ونظم وحدث بمصر والشام وسمع منه أبو زرعة بن العراقي وابن حجي وغيرهما.
وقال ابن كثير في سنة خمس وعشرين وسبعمائة: وفي سابع عشر شوال درس بالرباط الناصري بقاسيون حسام الدين القرمي الذي كان قاضي طرابلس قايضه بها الكمال الشريشي إلى تدريس المسرورية وكان قد جاء توقيعه بالعذراوية والظاهرية فوقف في طريقه قاضي القضاة جلال الدين ونائباه ابن جملة1 والفخر المصري2 وعقد له ولكمال الدين مجلسا ومعه توقيع بالشامية البرانية فعطل الأمر عليهما لأنهما لم يظهرا استحقاقهما في ذلك المجلس فصارت المدرستان العذراوية والشامية لابن المرحل وأعطى القرمي المسرورية فقايض فيها لابن الشريشي إلى الرباط الناصري فدرس به في هذا اليوم وحضر عنده القاضي جلال الدين ودرس بعده ابن الشريشي بالمسرورية وحضر عنده الناس أيضا انتهى. والحسام القرمي هذا هو القاضي بطرابلس ابو علي الحسن بن رمضان بن الحسن حسام الدين القرمي توفي رحمه الله تعالى بطرابلس سنة ست وأربعين وسبعمائة.
وقال ابن كثير أيضا في سنة تسعين وستمائة: والأمير الكبير بدر الدين علي ابن عبد الله الناصري وناظر الرباط بالصالحية عن وصية أستاذه وهو الذي ولى الشيخ شرف الدين الفزاري مشيخة الرباط بعد ابن الشريشي انتهى. والشرف الغزاري هو الحافظ شرف الدين أبو العباس احمد بن إبراهيم بن سباع بن الضياء الفزاري خطيب دمشق وهو أخو الشيخ تاج الدين ولد بدمشق في شهر رمضان سنة ثلاثين وستمائة وقرأ بثلاث روايات على السخاوي وسمع منه الكثير ومن ابن الصلاح وتلا بالسبع على الشيخ شمس الدين بن أبي الفتح وأحكم العربية على المجد الاردبيلي وطلب الحديث بنفسه وقرأ الكتب الكبار وله مشيخة ودرس بالرباط الناصري وغبره،
1 شذرات الذهب 6: 119.
2 شذرات الذهب 6: 170.
وولي خطابة جامع جراح ثم ولي خطابة جامع دمشق.
قال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة خمس وسبعمائة: وفي شوال توفي خطيب دمشق ونحويها ومحدثها الشيخ شرف الدين الفزاري أخو شيخنا تاج الدين وله خمس وسبعون سنة انتهى فليتأمل هذا المحل فان ظاهر كلام المؤرخين في تقديم بعض من وليها على بعض التغابن والله سبحانه وتعالى أعلم وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة ست وأربعين وسبعمائة: ومات ببلدة طرابلس قاضية العلامة حسام الدين القرمي مدرس الناصرية بالجبل تفقه للشافعي وبرع في علم الحديث وصنف وأفاد وكان أحد الأئمة ودرس بعده بالناصرية شيخنا نجم الدين بن قوام هذا هو الشيخ الامام العالم الصالح الزاهد القدوة أبو بكر بن محمد بن عمر ابن الشيخ الكبير ابي بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي الأصل الدمشقي ميلاده في ذي القعدة سنة تسعين وستمائة وسمع وتفقه وحدث عن عمر بن القواس وغيره وكان شيخ زاوية والده ودرس بالرباط المذكور وسمع منه الشريف الحسيني وآخرون.
وقال الحافظ ابن كثير: وكان رجلا حسن الهيئة جميل المعاشرة فيه أخلاق وآداب حسنة وعنده فقه ومذاكرة ومحبة للعلم توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب سنة ست وأربعين وسبعمائة ودفن بزاويتهم بسفح قاسيون إلى جانب والده ودرس بعده ولده الشيخ نور الدين أبو عبد الله محمد وستأتي ترجمته في زاويتهم وقال ابن كثير في سنة خمس وثمانين وستمائة: وممن توفي بها الشيخ الامام العالم البارع جمال الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله ابن سحبان البلوي ابن الشريشي المالكي ولد بشريش سنة إحدى وستمائة ورحل إلى العراق فسمع بها الحديث من المشايخ كالقطيعي وابن روزبه وابن اللتي وغيرهم واشتغل وحصل وساد أهل زمانه ثم عاد إلى مصر فدرس بالفاضيلة ثم أقام بالقدس شيخ الحرام ثم جاء إلى دمشق فتولى مشيخة الحديث بتربة ام الصالح ومشيخة الرباط الناصري بالسفح ومشيخة
المالكية وعرض عليه القضاء فلم يقبل توفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين الرابع والعشرين من شهر رجب بالرباط الناصري بقاسيون ودفن بسفحه اتجاه الناصرية وكانت جنازته حافلة جدا انتهى.
فائدتان: الاولى: قال ابن كثير في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة: الشيخ الكبير المقرئ تقي الدين أبو بكر بن عمر بن المشيع الجزري المعروف بابن المقصاني نائب الخطابة وكان يقرئ الناس بالقراءات السبع وغيرها من الشواذ وله المام بالنحو وفيه ورع واجتهاد توفي ليلة السبت الحادي والعشرين من جمادى الآخرة ودفن رحمه الله تعالى من الغد بسفح قاسيون تجاه الرباط الناصري وقد جاوز الثمانين. وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في هذه السنة: ومات بدمشق شيخ القراء الشيخ تقي الدين بن المقصاتي في جمادى الآخرة عن بضع وثمانين سنة أم مدة بالرباط الناصري وتلا على الشيخ عبد الصمد1 وغيره وروى عن الكواشي تفسيره وكان دينا صالحا بصيرا بالسبع قراءات انتهى.
الثانية: قال ابن كثير في سنة أربع وستين وستمائة وممن توفي بها أيد غدي ابن عبد الله الامير جمال الدين العزيزي وكان من أكابر الأمراء وأحظاهم عند الملك الظاهر لا يكاد يخرج عن رأيه وهو الذي أشار عليه بولاية القضاء أي من كل مذهب قاض على سبيل الاستقلال وكان رحمه الله تعالى متواضعا لا يلبس محرما كريما وقورا رئيسا معظما في الدولة أصابته جراحة في حصار بلاد صفد فلم يزل مريضا منها حتى مات ليلة عرفة ودفن بالرباط الناصري بسفح قاسيون انتهى.
1 شذرات الذهب 5: 353.