المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المدرسة العزيزية - الدارس في تاريخ المدارس - جـ ١

[النعيمي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل دور القران الكريم

- ‌دار القران الخيضرية

- ‌ دار القران الكريم الجزرية

- ‌ دار القران الكريم الدلامية

- ‌ دار القران الكريم الرشائية

- ‌ دار القرآن الكريم السنجارية

- ‌ دار القرآن الكريم الصابونية

- ‌ دار القرآن الكريم الوجيهية

- ‌فصل دور الحديث الشريف

- ‌دار الحديث الإشرفية

- ‌ دار الحديث الأشرفية البرانية

- ‌ دار الحديث البهائية

- ‌ دار الحديث الحمصية

- ‌ دار الحديث الدوادارية والمدرسة والرباط

- ‌ دار الحديث السامرية

- ‌ دار الحديث السكرية

- ‌ دار الحديث الشقيشقية

- ‌ دار الحديث العروية

- ‌ دار الحديث الفاضلية

- ‌ دار الحديث القلانسية

- ‌ دار الحديث القوصية

- ‌ دار الحديث الكروسية

- ‌ دار الحديث النورية

- ‌ دار الحديث النفيسية

- ‌ دار الحديث الناصرية

- ‌فصل دور القرآن والحديث معا

- ‌دار القرآن والحديث التنكزية

- ‌ دار القرآن والحديث الصبابية

- ‌ دار القرآن والحديث المعبدية

- ‌فصل مدارس الشافعية

- ‌المدرسة الاتابكية

- ‌ المدرسه الأسعردية

- ‌ المدرسة الأسدية

- ‌ المدرسة الأصفهانية

- ‌ المدرسة الاقبالية

- ‌ المدرسة الأكزية

- ‌ المدرسة الأمجدية

- ‌ المدرسة الأمينية

- ‌ المدرسة البادرائية

- ‌ المدرسة البهنسية

- ‌ المدرسة التقوية

- ‌ المدرسة الجاروخية

- ‌ المدرسة الحمصية

- ‌المجرسة الحلبية

- ‌ المدرسة الخبيصية

- ‌ المدرسة الخليلية

- ‌ المدرسة الدماغية

- ‌ المدرسة الدولعية

- ‌ المدرسة الركنية الجوانية الشافعية

- ‌ المدرسة الرواحية

- ‌ المدرسة الخضرية

- ‌ المدرسة الساوجية

- ‌ المدرسة الشامية البرانية

- ‌ المدرسة الشامية الجوانية

- ‌ المدرسة الشاهينية

- ‌ المدرسة الشومانية

- ‌ المدرسة الشريفية

- ‌ المدرسة الصالحية

- ‌ المدرسة الصارمية

- ‌ المدرسة الصلاحية

- ‌ المدرسة التقطائية

- ‌ المدرسة الطبرية

- ‌ المدرسة الطيبة

- ‌ المدرسة الظبيانية

- ‌ المدرسة الظاهرية البرانية

- ‌ المدرسة الظاهرية الجوانية

- ‌ المدرسة العادلية الكبرى

- ‌ المدرسة العادلية الصغرى

- ‌ المدرسة العذراوية

- ‌ المدرسة العزيزية

- ‌ المدرسة العصرونية

- ‌ المدرسة العمادية

- ‌ المدرسة الغزالية

- ‌ المدرسة الفارسية

- ‌ المدرسة الفتحية

- ‌ المدرسة الفخرية

- ‌ المدرسة الفلكية

- ‌ المدرسة القليجية

- ‌ المدرسة القواسية

- ‌ المدرسة القوصية

- ‌ المدرسة القيمرية

- ‌ القيمرية الصغرى

- ‌ المدرسة الكروسية

- ‌ المدرسة الكلاسة

- ‌ المدرسة المجاهدية الجوانية

- ‌ المدرسة المجاهدية البرانية

- ‌ المدرسة المسرورية

- ‌ المدرسة المنكلائية

- ‌ المدرسة الناصرية الجوانية

- ‌ المدرسة المجنونية

- ‌ المدرسة النجيبية

- ‌فصل في المدارس الحنفية

- ‌المدرسة الأسدية

- ‌ المدرسة الإقبالية

- ‌ المدرسة الآمدية

- ‌ المدرسة البدرية

- ‌ المدرسة البلخية

- ‌ المدرسة التاجية

- ‌ المدرسى التاشية

- ‌ المدرسة الجلالية

- ‌ المدرسة الجمالية

- ‌ المدرسة الجقمقية

- ‌ المدرسة الجركسية

- ‌ المدرسة الجوهرية

- ‌ المدرسة الحاجبية

- ‌ المدرسة الخاتونية البرانية

- ‌ المدرسة الخاتونية الجوانية

- ‌ المدرسة الدماغية

- ‌ المدرسة الركنية البرانية

- ‌ المدرسة الريحانية

- ‌ المدرسة الزنجارية

- ‌ المدرسة السفينية

- ‌ المدرسة السيبائية

- ‌ المدرسة الشبلية البرانية

- ‌ المدرسة الشبلية الجوانية

- ‌ المدرسة الصادرية

- ‌ المدرسة الطرخانية

- ‌ المدرسة الطومانية

- ‌ المدرسة الظاهرية الجوانية

- ‌ المدرسة العذراوية

- ‌ المدرسة العزيزية

- ‌ المدرسة العزية البرانية

- ‌ المدرسة العزية الجوانية

- ‌ المدرسة العزية الحنفية

- ‌ المدرسة العلمية

- ‌ المدرسة الفتحية

- ‌ المدرسة الفرخشاهية

- ‌ المدرسة القجماسية

- ‌ المدرسة القصاعية

- ‌ المدرسة القاهرية بالصالحية

- ‌ المدرسة القليجية

- ‌ المدرسة القيمازية

- ‌ المدرسة المرشدية

- ‌ المدرسة المعظمية

- ‌ المدرسة المعينية

- ‌ المدرسة الماردانية

- ‌ المدرسة المقدمية الجوانية

- ‌ المدرسة المقدمية البرانية

- ‌ المدرسة المنجكية الحنفية

- ‌ المدرسة الميطورية

- ‌ المدرسة المقصورة الحنفية

- ‌ المدرسة النورية الكبرى

- ‌ المدرسة النورية الحنفية الصغرى

- ‌ المدرسة اليغمورية الحنفية

الفصل: ‌ المدرسة العزيزية

القعدة سنة ثمانين وثمانمائة في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} الآية.

ص: 290

66-

‌ المدرسة العزيزية

شرقي التربة الصلاحية وغربي التربة الأشرفية وشمالي الفاضلية بالكلاسة لصيق الجامع الأموي قال ابن شداد: ولما مات السلطان صلاح الدين بن أيوب بنى ولده الملك العزيز عثمان مدرسة إلى جنب الكلاسة بالجامع ونقل إليها والده في قبة في جوارها انتهى. وقال في آخر: المدرسة العزيزية جوار الكلاسة أو من أسسها الملك الأفضل ثم أنمها الملك العزيز عثمان انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة: وأما آل أيوب فسار الملك العزيز ولد صلاح الدين من مصر فنزل بحوران ليأخذ دمشق من أخيه الافضل فاستنجد الأفضل عمه العادل فرد العزيز وتبعاه فدخل القاضي الفاضل في الصلح وأقام العادل بمصر فعمل نيابة السلطنة ورد الأفضل انتهى. وقال في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة: وفيها قدم العزيز دمشق مرة ثالثة ومعه عمه العادل فحاصر دمشق مدة أيضا ثم خامر جند الأفضل عليه ففتحوا لما ودخلا في شهر رجب وزال ملك الأفضل وأنزل في صرخد ورد العزيز وبقي العادل بدمشق وخطب بها للعزيز قليلا وكانت دار الأمير أسامة بجنب تربة صلاح الدين فأمر العزيز القاضي محيي الدين بن الزكي أن يبنيها له مدرسة ففعل انتهى. وقال في سنة خمس وتسعين وخمسمائة: وفيها مات العزيز صاحب مصر وأقيم ولده علي ولقب بالمنصور فاختلف الأمراء وكاتب بعضهم الأفضل أخا العزيز الذي سجن بصرخد فسار من صرخد إلى مصر وعمل نيابة السلطنة ثم سار الجيوش لتأخذ دمشق من عمه فأحرق العادل الحواضر والنيرب ووقع الحصار ثم دخل الأفضل من باب السلامة وفرحت به العامة وحوصرت القلعة مدة انتهى. وقال فيه: فيها الملك العزيز أبو الفتح عثمان ابن السلطان صلاح الدين

ص: 290

يوسف بن أيوب صاحب مصر توفي في المحرم عن ثمان وعشرين سنة وكان شابا مليحا ظريف الشمائل وقيا ذا بطش وكرم وحياء وعفة بلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة وبلغ من عفته أنه كان له غلام بألف دينار فحل لباسه ووقف فتركه وأسرع إلى سرية له فافتضها وخرج وأمر الغلام بالتستر وأقيم بعده ابنه وهو مراهق انتهى. وقال في سنة ست وتسعين: أن الملك الظاهر وأخاه الأفضل ابني صلاح الدين حاصرا عمهما العادل بدمشق وأن العادل أمر جيشه فترحلوا عنها ورد الظاهر إلى حلب والأفضل إلى مصر فساق العادل وراءه وأدركه عند الغرابي ثم تقدم عليه وسبقه إلى مصر فرجع الأفضل محبوسا إلى صرخد وغلب العادل على مصر وقال: هذا صبي وقطع خطبته ثم أحضر ولده الكامل وسلطنه على الديار المصرية في أواخر السنة فلم ينطق أحد من الأمراء وسهل له ذلك لاشتغال أهل مصر بالقحط فإن فيها كسر النيل من ثلاثة عشر ذراعا إلا ثلاثة أصابع واستمر القحط وعدمت الأفراس وشرع الربا وعظم الخطب ثم ىل بهم الأمر إلى أكل الآدميين الموتى وقال في سنة سبع وتسعين: محمد بن عبد العزيز بن صلاح الدين أبعده الكامل وأسكنه بمدينة الرها انتهى. وقال أبو شامة في الروضتين وابن كثير في سنة أربع وثمانين وخمسمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الأمير الكبير سلالة الملوك والسلاطين بشيزر مؤيد الدولة أبو الحرث وأبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ أحد الشعراء المشهورين والأمراء المشكورين بلغ من العمر ستا وتسعين سنة وكان عمره تاريخا مستقلا وحده وكانت داره بدمشق مكان العزيزية معقلا للفضلاء ومنزلا للعلماء وله من الأشعار الفائقة والمعاني الرائقة كثير ولديه علم غزير وعنده جود وفضل كثير وكان من أبناء ملوك شيزر ثم أقام بالديار المصرية مدة أيام في أيام الفاطميين ثم عاد إلى الشام وقدم على الملك صلاح الدين في سنة سبعين وخمسمائة بدمشق وله ديوان شعر كبير وكان الملك صلاح الدين يفضله على سائر الدواوين وقد كان أسامة الأمير ولد في سنة

ص: 291

ثمان وثمانين وأربعمائة وكان في شبيبته شهما شجاعا فاتكا قتل الأسد مواجهة وحده ثم عمر إلى أن توفي في هذه السنة. قال ابن خلكان: ليلة الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر رمضان مات ودفن شرقين جبل قاسيون وزرت قبره وقرأت عنده وأهديت إليه انتهى. وقال في سنة تسع وثمانين: في كلامه على وفاة صلاح الدين الدين وكان الذي تولى غله خطيب ابلد الفقيه الدوامي وكان الذي أحضر الكفن ومؤنة التجهيز القاضي الفاضل من صلب ماله الحلال وأبرز سيفه معه وصلى عليه صلاة الظهر يوم الأربعاء السابع والعشرين من صفر وكان له من العمر سبع وخسمون سنة وأم الناس عليه القاضي ابن الزكي ثم دفن في داره بالقلعة المنصورة وشرع ابنه 0 يعني الأفضل نور الدين علي وهو أكبر أولاده الستة عشر الذكور في بناء تربة له وبمدرسة للشافعية بالقرب من مسجد القدم لوصيته بذلك قديما فلم يكمل بناؤها ولم يتم وذلك حين قدم ولده العزيز وكان محاصرا لأخيه الأفضل كما سيأتي بيانه في سنة تسعين ثم اترى الأفضل دارا شمالي الكلاسة وراء ما زاده القاضي الفاضل في الكلاسة وجعلها تربة هطلت سحائب الرحمة عليها ووصلت ألطافه الواقية إليها وكان نقلته إليها في يوم عاشوراء سنة اثنتين وتسعين وصلي عليه تحت قبة النسر قاضي القضاة محمد بن علي القرشي بن الزكي1 عن إذن ولده الأفضل له ودخل في لحده ولده الأفضل فدفنه بنفسه وهو سلطان الشام وذلك لما عليه من الحق والخدمة والإكرام ويقال إنه دفن معه سيفه الذي يحضر به الجهاد وذلك عن أمر القاضي الفاضل تفاؤلا بأنه يكون معه يوم القيامة يتوكأ عليه حتى يدخل الجنة لما أنعم الله به عليه من كسر الأعداء ونصر الأولياء وأعظم عليه بذلك المنة ثم عمل عزاه في الجامع الأموي ثلاثة أيام وحضر الخاص والعام والرعية والحكام وسط ذلك. وقال سنة اثنتين وتسعين في شهر رجب: منها أقبل العزيز من مصر صحبة عمه العادل في العساكر فدخلا دمشق قهرا

1 شذرات الذهب 4: 337.

ص: 292

وأخرجا منها الأفضل ووزيره الذي أساء تدبيره وصلى العزيز عند تربة والده الملك الناصر وخطب له بدمشق وقد دخل في هذا اليوم إلى القلعة المنصور وجلس في دار العدل للحكم والفصل هذا كله وأخوه الأفضل حاضر عنده في الخدمة وأمر القاضي محيي الدين بن الزكي بتأسيس المدرسسة العزيزية إلى جانب تربة أبيه وكانت دار الأمير أسامة يعني عزالدين نائب بيروت أخذها منه الفرنج من غير قتال سنة ثلاث وتسعين ثم استناب على دمشق عمه العادل وانشمر إلى الديار المصرية يوم الإثنين تاسع من شوال والسكة والخطبة له وصولح الأفضل على صرخد وهرب وزيره ضياء الدين بن الأثير الجزري1 إلى جزيرته وقد أتلف نفسه وملكه بجزيرته وانتقل الأفضل إلى صرخد بأهله وأولاده وأخيه قطب الدين انتهى. وقال الأسدي في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة: قال أبو شامة في الروضتين: وفيها نزل العزيز بقلعة دمشق ودخل هو وأخوه الأفضل مصاحبين الىالضريح الناصري وصلى الجمعة عن دضريح والده ودخل دار أسامة في جوار التربة وامر القاضي محيي الدين أن يبنيها مدرسة فهي المدرسة العزيزية ووقفها قرية عظيمة تعرف بمحجة انتهى. وقال في سنة خمس وتسعين: عثمان بن يوسف ابن أيوب بن شادي السلطان الملك العزيز أبو الفتح وأبو عمر وابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين صاحب مصر ولد في جمادى الأولى سنة سيع وستين وسمع من أبي طاهر السلفي وأبي طاهر بن عوف وعبد الله بن بري النحوي وحدث بالإسكندرية وملك مصر بعد والده وقصد دمشق وملكها كما ذكرنا في الحوادث وأنشأ بها المدرسة العزيزية وكانت السكة والخطبة باسمه بها وبحلب. قال الموفق عبد اللطيف: كان العزيز شابا حسن الصورة ظريف الشمائل قويا ذا بطش زائد وخفة حركة حييا كريما عفيفا عن الأموال والفروج وبلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة ولا خاص كذا ولا يرك وفلا فرس وأما بيوت أصحابه فتفيض بالخيارات وكان

1 شذرات الذهب 4: 337.

ص: 293

شجاعا مقداما وبلغ من عفته أنه كان له غلام تركي اشتراه بألف دينار يقال له أبو شامة فوقف على رأسه في خلوة فنظر إلى جماله فأمره أن ينزع ثيابه وجلس بقصد الفاحشة فأدركه التوفيق فنهض مسرعا إلى بعض جواريه فقضى وطره والمملوك بحاله فامره بالتسر والخروج وأما عفته عن الأموال فلا أقدر أن أصف حكاياته في ذلك ثم حكى ثلاث حكايات في المعنى. وقال ابن واصل: كانت الرعية تحبه محبة عظيمة وفجعت بموته إذ كانت الآمال متعلقة بأنه يسد مسد أبيه ثم حكى ابن واصل حكايتين في عدله ومروءته ولما سار أخوه الأفضل مع العادل فنزلا بمدينة بلبيس فتزلزل أمره بذات له الرعية أموالها ليذب عنه نفسه فامتنع قال ابن واصل: وقد حكى أنه لما امتنع قيل له اقترض من القاضي الفاضل فإنه أمواله عظيمة فامتنع فألحوا عليه فاستدعى القاضي الفاضل فلما رآه مقبلا قام حياء ودخل إلى النساء فراسله الأمراء وشجعوه فخرج وقال له بعد أن أطنب في الثناء عليه أيها القاضي قد ضاقت علي وليس البيهقي إلا حسن نظرك وإصلاح الأمر برايك أو مالك أو بنفسك فقال جميع ما أنا فيه من من نعمكم ونحن نقدم الرأي أولا والحيلة ومتى احتيج إلى المال فهو بين يديك فوردت رسالة من العادل إلى القاضي الفاضل باستدعائه فوق الاتفاق وقد حكي عنه ما هو أبلغ من ذلك وهو أن شخصا جاء إلى الأمير فخر الدين جهاركس1 وقال هذه خمسة آلاف دينار لك وهذه أربعون ألفاء للسلطان وأريد قضاء الإسكندرية وذلك لعداوة شديدة بينه وبين القاضي الفاضل فأخذ منه المال واجتمع بالملك العزيز ليلا وأحضر له الذهب وحدثه فسكت ثم قال: رد عليه المال وقل له إياك والعود إلى مثلها فما كل ملك عادلا أفأنا أبيع أهل الإسكندرية بهذا المال قال جهاركس: فوجمت وظهر علي يقول: أراك واجما وأراك أخذت شيئا على الوساطة قلت: نعم قال: كما أخذت قلت: خمسة آلاف دينار. قال: أعطاك ما لا تنتفع به إلا مرة فأنا أعطيك ما تنتفع به في

1 شذرات الذهب 5: 32.

ص: 294

قبالته مرات ثم أخذ القلم ووقع لي خطة بإطلاق جهة يقال لها طنبذا كنت أستغلها سبعة آلاف دينار وخرج إلى الفيوم فرماه الفرس فخسف صدره فرد إلى القاهرة ومرض أسبوعين ومات في المحرم عن ثمان وعشرين سنة ودفن بدارم ثم حول إلى قرب تربة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وخلف من الولد عشرة وأقيم بعده ولده المنصور محمد بن عثمان وهو ابن عشر سنين أوصى له بالملك وأن يكون مدبره الأمير بهاء الدين قراقوش1 الأسدي فاختلف راي الأسدية وكانوا محبين للملك الأفضل مؤثرين له ولكن الأمراء الصلاحية بالعكس لكونهم أشاروا إليه فاجتمعوا بالقاضي الفاضل فاشار بإقامة الأفضل في الأتابكة فطلب من صرخد ليعمل الأتابكية سبع سنين ثم يسلم الأمر لابن أخيه بشرط أن لا يذكر في خطبة ولا سكة فكتبوا إليه فأسرع إلى مصر في عشرين فارسا انتهى. قال ابن شداد: أول من درس بها قاضي القضاة محيي الدين ثم من بعده الشيخ سيف الدين علي الآمدي المشهور ثم أقضى القضاة شمس الدين بن الشيرازي ثم بدر الدين قاضي سنجار ثم محيي الدين ثم ولده علاء الدين ثم ولده الآخر زكي الدين ثم من بعده ولده الآخر بهاء الدين. وهو مستمر بها إلى الآن انتهى.

قلت: درس بها بعد محيي الدين بن الزكي لما عزل عن القضاء قاضي القضاة أبو القاسم جمال الدين عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن علي بن عبد الواحد الأنصاري الخزرجي العبادي الدمشقي الفقيه الشافعي الشهير بابن الحرستاني ولد في أحد الربيعين سنة عشرين وخمسمائة وسمع الكثير وحدث وبرع في المذهب وأفتى ودرس وطال عمره وناب في القضاء بدمشق عن ابن أبي عصرون وكان إماما فقيها عارفا ورعا صالحا محمود الأحكام كبير القدر حسن الصورة. قال أبو شامة: حدثني الشيخ عز الدين بن عبد السلام أنه لم ير أفقه منه وعليه ابتدأ

1 شذرات الذهب 4: 331.

ص: 295

أشغاله ثم صحب فخر الدين بن عساكر فسأله عنهما فرجح ابن الحرستاني توفي في ذي الحجة سنة أربع عشرة وستمائة وهو ابن خمس وتسعين سنة ودفن في الحجة سنة أربع عشرة وستمائة وهو ابن خمس وتسعين سنة ودفن بفسح قاسيون وفيه يقول ابن عنين:

تبا لحكمك لا حرستا

هل أنت إلا من حرستا

اسم تجمع من حر

واست فصار إذن حرستا

ثم نقل ما قال أبو شامة: ثم قال: قلت وناهيك من يثني عليه الشيخ الدين بن عبد السلام هذا الثناء. وقال إنه يحفظ الوسيط للغزالي ولي القضاء نيابة بدمشق أيام شرف الدين بن أبي عصرون ولما أصر شرف الدين بقي على نيابته مع ابنه محي الدين1 فلما عزل وولي محي الدين بن الزكي وهو شاب انقطع ابن الحرستاني في بيته إلى ان ولاه العادل قضاء القضاة وأخذ منه مدرستيه العزيزية والتقوية محي الدين واعتنى به العادل عناية كثيرة إلى الغاية بحيث انه جهر له ما يفرش تحته في مجلس الحكم لضعفه وكبره وما يستند غليه وكان يجلس للحكم بمدرسته المجاهدية وناب بها عنه ابنه عماد الدين عبد الكريم وكان يجلس بين يديه فإذا قام يستند مكانه ثم إنه منعه ذلك لشيء بلغه عنه وناب غنه أيضا أكابر الشيوخ والقضاة يومئذ شمس الدين ابن الشيرازي وكان يجلس قبالته في إيوان المجاهدية وشمس الدين ابن اني الدولة وشرف الدين بن الموصلي2 الحنفي بمجلس المحراب بها وبقي في القضاء نحوا من سنتين وسبعة أشهر ولما توفي كانت جنازته حافلة عظيمة وكان له يوم توفي خمس وتسعون سنة وفيه قال شهاب الدين فتيان الشاغوري3:

يا من تدرع في حمل الخمول ويا

معانق الهم في سر وإعلان

لا تيئس روح من عادي لدى ماية

قاضي القضاة الجمال بن الحرستاني

1 شذرات الذهب 5: 379.

2 شذرات الذهب 5: 129.

3 شذرات الذهب 5: 63.

ص: 296

يعني أنه غريب ولاية قاضي القضاة من هو في هذا السن على أنه امتنع من الولاية لما طلب لها فالزمه العادل بها وكان عادلا في ولايته صارما وكان عديم الإلتفات إلى شفاعة الأكابر عند. قال سبط بن الجوزي: اتفق أهل دمشق على أنه ما فاته صلاة بجامع دمشق في جماعة إلا إذا كان مريضا ينزل في الحويرة من سلم طويل فيصلي ويعود إلى داره ومصلاه بيده وكان مقتصدا في ثيابه ومعيشته ولم يدع أحدا من غلمان القضاة يمشي معه وقال إن العادل كتب لبعض خواصه كتابا يوصيه به في خصومة بينه وبين آخر فجاء إليه ودفع إليه الكتاب فقال: أي شيء فيه قال: وصية بي! قال: أحضر خصمك فأحضره والكتاب بيده لم يفتحه وادعى على الرجل فظهر الحق لغريمه فقضى عليه ثم فتح الكتاب وقرأه ورمى الكتاب لحامله وقال: كتاب الله تعالى قد قضى وحكم على هذا الكتاب فمضى الرجل إلى العادل فبكى بين يديه واخبره بمال قال فقال العادل: صدق كتاب الله أولى من كتابي وكان القضاي جمال الدين المذكور قد ضارك الحافز أبا القاسم بن عساكر في كثير من ماشيخة الدمشقية سماعا وفي الغرباء إجازة وسمع بدمشق علي بن المسلم وعبد الكريم بن حمزة1 وعلي بن أحمد بن قيس2 المالكي وسمع بحلب علي بن سليمان المرادي أكثر سنن البيهقي وكان آخر من حدث عن عبد الكريم الحداد وجمال الإسلام علي بني المسلم سماعا وأجاز له أبو عبد الله الفراري وهبة الله بن مميل3 وقاضي المارستان وابن السمرقندي4 والأنماطي5 وزاهر بن ظاهر الشحامي6 وأبو المعالي الفارسي7 وعبد المنعم بن أبي القاسم القشيري8 انتهى كلام الصفدي.

1 شذرات الذهب 4:78.

2 شذرات الذهب 4: 95.

3 شذرات الذهب 4: 103.

4 شذرات الذهب 4: 112.

5 شذرات الذهب 4: 116.

6 شذرات الذهب 4: 102.

7 شذرات الذهب 4: 124.

8 شذرات الذهب 4: 99.

ص: 297

وذكر له الأسدي ترجمته في نحو ورقة في سنة سبع عشر وستمائة وقال في سنة سبع عشر وستمائة: وفيها درس بالعزيزية القاضي شمس الدين بن الشيرازي ثم عزل بالآمدي انتهى وقد مرت ترجمة القاضي شمس الدين هذا في المدرسة الشامية البرانية والآمدي هو العلامة شيخ المتكلمين في زمانه سيف الدين علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التغلبي الحنبلي ثم الشافعي ميلاده بآمد بعد الخمسين والخمسمائة وقدم دمشق في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة وأقام بها مدة ثم ولاه الملك المعظم بن العادل تدريس العزيزية المذكورة ولما ولي أخوه الأشرف موسى عزله عنها ونادى في المدارس من ذكر غير التفسير والحديث والفقه أو تعرض لكلام الفلاسفة نفيته فأقام السيف الآمدي خامدا خاملا في بيته إلى أن توفي في صفر سنة إحدى وثلاثين وستمائة ودفن بترتبته بقايسون وقال الذهبي: أقرأ بمصر مدة فنسبوه إلى دين الأوائل وكتبوا محضرا بإباحة دمه فهرب وسكن بحماة ثم تحول إلى دمشق ودرس بالعزيزية ثم عزل لأمر أتهم فيه ولزم بيته يشتغل ولم يكن له نظير في الأصلين والكلام والمنطق توفي في ثالث صفر. وقال الأسدي في سنة ست عشرة: وكان في دولة المعظم قد كثر الاشتغال بعلوم الأوائل فنادى الملك الأشرف في البلدان لا يشتغل الناس بذلك وأن يشتغلوا بعلم التفسير والفقه والحديث وكان سيف الدين الامدي مدرسا بالعزيزية فعزله عنها وبقي ملازما منزله حتى مات انتهى. ثم درس بها القاضي إمام الدين بن الزكي وقد مرت تركته في المدرسة التقوية ثم درس بها قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي أخو إمام الدين وقد مرت ترجمته في المدرسة المذكورة أيضا وقال البرزالي في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة وفي ليلة الجمعة العشرين من شهر رجب قبل الفتنة الفاضل محيي الدين محمد ابن القاضي شمس الدين محمد ابن قاضي القضاة بهاء الدين يوسف بن الزكي القرشي توفي وصلي عليه عقب صلاة الجمعة ودفن بسفح قاسيون وكان شابا ابن اثنتين وثلاثين سنة وحفظ وشارك في تدريس المدرسة العزيزية

ص: 298

وألقي بالمدرسة الدرس مدة انتهى. ثم درس بها المعمر كمال الدين بن الزكي أخو المتقدمين وقد مرت ترجمته في المدرسة التقوية. ثم درس بها قاضي القضاة تاج الدين بن السبكي وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم درس بها القاضي شمس الدين الأخنائي وقد مرت ترجمته في المدرسة الأتابكية وقد مر في المدرسة الصارمية بأنه ولي تدريسها يونس بن القاضي علاء الدين بن أبي البقا وأنه توفي في صفر سنة أربع عشرة وثمانمائة وولي وظائفه فحض في تدريسها والقيمرية أيضا الشيخ شهاب الدين بن حجي والصدر قاضي القضاة نجم الدين بن حجي ثم تركه لابن خطيب عذرا نوارسل إلى القاضي أن يقرره فيه وتدريس الصارمية لشمس الدين الكفيري انتهى. وقال الأسدي في ذيله لتاريخ شيخه في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين: وفي يوم الأحد عاشره درس القاضي شمس الدين الكفيري بالمدرسة العزيزية وحضر قاضي القضاة نجم الدين وجماعة الشافعية ودرس في أول باب الحجر وكان قد ولي هو والشيخ شهاب الدين بن نشوان تدريس المدرسة المذكورة مثالثة عوضا عن القاضي شمس الدين الأخنائي بنزوله لهم على ما قيل فلما توفي الشيخ شهاب الدين نزل عن حصته للقاضي تاج الدين بن الزهري فتركها لهما ثم في يوم الأحد سابع عشره درس شيخ تقي الدين اللويباني بالمدرسة المذكورة وحضر القاضي والفقهاء أيضا انتهى وقد مرت ترجمة القاضي شمس الدين الكفيري في المدرسة الشاهينية وأما الشيخ تقي الدين اللوبياني فقال تقي الدين بن قاضي شهبة في الذيل في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين: الشيخ تقي الدين أبو بكر ابن عبد الرحمن ابن رحال بن منصور اللوبياني ثم الدمشقي الشافعي ولد بولبيا على ما أخبرني اقرانه ورفقته في سنة أربع وخمسين وسبعمائة تقريبا وقدم دمشق وهو كبير وقرأ التنبيه ورأيت له عرضا على ابن الخطيب1 في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وسكن البادرائية واشتغل على الشيخ شرف الدين بن

1 شذرات الذهب 6: 244.

ص: 299

الشريشي وغيره يسيرا وأنهى بالشامية البرانية ورافق زين الدين الكفيري1 وشمس الدين الكفيري واندرج بصحبتهما وأذن له بالإفتاء وولي إمامة المدرسة القواسية وسكن بها مدة طويلة واستنزل عن إعادة الشامية الجوانية والناصرية واستقر معها في المدارس وحصل له تصدير في الجامع ولما جاءت الفتنة كان ممن أقام بدمشق في الفتنة وأوذي وقعد بعدها في الشهود مدة ثم أن القاضي نجم الدين بن حجي استنابه مع غيره من الفقهاء في القضاء فباشره لغير واحد من القضاة مدة يسيرة كان متوقفا في الحكم لا يدخل في شيء ولما أن مات القاضي شمس الدين الأخنائي نزل له عن ثلث تدريس العزيزية ثم صار له النصف ودرس بها دروسا عجيبة درس مرة أو مرتين في باب الغلس ثم انتقل إلى باب الضمان وخرج من الباب ولم يفرغ منه وكان كثير الحرص على تحصيل الدنيا ويأخذ من المدارس بغير حضور حتى أنه حصل له بسبب ذلك اذى وضربه النائب بلبك ضربا مؤلما ولم يرجع عن ذلك وكان في آخر أمره ترك التدريس وأساء لعجزه وكان يأخذ المعلوم منه ومن سائر جهاته من غير مباشرة وكان يكتب على الفتاوى كتابة عجيبة ولم يكن يعرف شيئا من العلوم سوى الفقه على طريقة المتقدمين ولا يعرف شيئا من كلام المتأخرين وتحريراتهم ومات ولم يتخرج به أحد من طلبة العلم وكرههم وكرهوه كوان له طرق في تحصيل الدنيا لا يستحسن غيره أن يفعلها ومع ذلك كان مقترا على نفسه في عيشه وملبسه يمشي مع كبر سنه ولا يسمح بدابة يركبها وكان قد ترك مباشرة القضاء للقاضي بهاء الدين بن حجي مدة بحيث ظن الناس أنه ترك وظيفة القضاء فلما جاء القاضي السراج الحمصي ناب له وباشر مرات ثم ترك المباشرة ومات وهو متولي القضاء وكان رفيقه الشيخ شمس الدين الكفيري في مرض موته فنزل له عن نصف تدريس العزيزية فلم يحصل له من ذلك غبن شديد ثم إنه وقف في مرض موته فنزل عن نصف تدريس العزيزية وإعادة

1 شذرات الذهب 7: 32.

ص: 300

الشامية الجوانية بعوض ليحيى بن العطار1 وهو رجل ديون وكان من سنين لا بسا زي الجند نسأل الله تعالى حسن الخاتمة وحصل في وظائفه خبط كثير ولم يحصل لأحد من طلبة العلم منها شيئا توفي ليلة الأربعاء عاشرة واجتمع في جنازته خلق كثير من الناس وصلي عليه عند قناة ابن العوني تقدم عليه في الصلاة القاضي السراج الحمصي الشافعي ودفن بباب الفراديس بطرفها الشرقي ولم يظهر له طائل انتهى. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة: ووليتها أنا عن الشيخ شمس الدين الكفيري بولاية معلقة وحكم بها قاضي القضاة الحنفي وفقد ولم تحصل لي ولا للشيخ تقي الدين انتهى. وقال في صفر سنة ثلاث وعشرين: وفي يوم الأحد عاشره ابتدأت في الدرس بالشامية البرانية ثم في يوم الأربعاء ثالث عشره حضرت في العزيزية في النصف الذي كان للشيخ شمس الدين الكفري وأخذت في باب قسم الفيء والغنيمة من التنبيه انتهى. وقال في شهر ربيع الآخر منها: وفي يوم الأحد ثامن عشريه دعيت بالشامية البرانية وكان جملة الحضور بها في هذه العمالة أول النهار سبعة عشر درسا وحضرت في العزيزية في النصف الذي كان للشيخ شمس الدين الكفيري سبعة دروس وغال مدارس دمشق لم يحضر بها أحد في هذه السنة فلا حول ولا وقوة إلا بالله العلي العظيم انتهى. ثم قال في جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة: دعيت بالشامية البرانية وكان الحضور بها في أول النهار أربعة عشر درسا وكان الحضور بالتقوية ست مرات وبالقوصية سبع مرات وقل من حضر من مدارس دمشق في هذه السنة ولم يحضر قاضي القضاة الشافعية مطلقا والحنفية لم يحضروا إلا قبل البطالة بدرسين وفي يوم الأحد ثانية وهو اليوم الذي دعيت فيه درس القاضي كاتب السر كمال الدين بن ناصر الدين ابن البارزي في المدرسة العزيزية في النصف الذي كان بيد القاضي شمس الدين الكفيري وكنت قد تلقيته عنه بولاية معلقة على الشغور وباشرته في العام الماضي وكان مع

1 شذرات الذهب 7: 278.

ص: 301