الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 -
المدرسة البهنسية
بجبل الصالحية أنشأها الوزير مجد الدين المعروف بأبي الأشبال الحارث ابن مهلب كان وزير الملك الأشرف مظفر الدين موسى ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب. قال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وعشرين وستمائة: ألمجد البهنسي وزير الملك الأشرف ثم عزله وصادره ولما توفي دفن بتربته التي أنشأها بالسفح وجعل كتبه بها وقفا وأجرى عليها أوقافا جيدة دارة انتهى. قال الأسدي في هذه السنة المذكورة: واقف البهنسية بالسفح الحارث القاضي الجليل مجد الدين أبو الأشبال ابن الرئيس العالم النحوي مهذب الدين أبي المحاسن المهلب بن حسن بن بركات بن علي بن غياث المهلبي المصري الشافعي المعروف بالمجد البهنسي أتصل بالصاحب رضي الدين بن شكر وسافر معه إلى الشام وغيرها وترسل إلى الديوان العزيز وإلى ملوك النواحي ووقف وقفا يحصر على الزاوية التي كان والده يقرئ بها بالجامع العتيق وهو أخو الفقيه [موفق الدين] بن عقيل وكان المجد ذا يد طولي في اللغة وله شعر حسن توفي بدمشق في صفر وقد جاوز السبعين كتب عنه الفرضي وغيره شعرا وقد وزر بالشرق للأشرف. قال السبط: لم يقطع رزق أحد وكان حسن المحاضرة عاقلا لم يكن فيه ما يعاب إلا استهتاره ثم إن الأشرف نكبه وصادره وحبسه مدة انتهى. قال ابن شداد: درس بها القاضي نجم الدين بن سني الدولة ثم من بعده شمس الدين بن خلكان ثم من بعده عادت إلى نجم الدين أيضا ثم أعطاها لولده شمس الدين محمد وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقد تقدمت ترجمة ابن سني الدولة وابن خلكان في المدرسة الامينية انتهى.
37 -
المدرسة التقوية
هي من أجل مدارس دمشق داخل باب الفراديس شمالي الجامع شرقي الظاهرية والاقباليتين بانيها في سنة أربع وسبعين وخمسمائة الملك المظفر تقي
الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب وله بمصر المدرسة المعروفة بمنازل العز بناها للعلامة شهاب الدين أبي الفتح محمد بن محمود الطوسي1 الشافعي قال ابن كثير في تاريخه: وله بحماة مدرسة هائلة وكذلك بدمشق مدرسة مشهورة وعليها أوقاف كثيرة وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة سبع وثمانين وخمسمائة: وصاحب حماة المظفر تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين توفي يوم الجمعة تاسع عشر شهر رمضان وكان بطلا شجاعا له مواقف مشهورة انتهى. قال الأسدي في تاريخه في السنة المذكورة: وفيها أنعم السلطان صلاح الدين على ابن أخيه تقي الدين عمر بحماة والمعرة وأفامية ومنبج فتسلمها وبعث نوابه إليها ثم توجه الملك المظفر تقي الدين وترتب في خدمته أميران كبيران شمس الدين بن المقدم2 وسيف الدين بن المشطوب3 وكانوا في مقابلة صاحب أنطاكية وترتب بحمص بن شيركوه في مقابلة المقومين وفيها وقف السلطان تقي الدين عمر مدرسة بدمشق انتهى وقال في سنة سبع وثمانين وخمسمائة: السلطان تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين صاحب المدرسة التقوية الأمير نور الدين والدولة شاهنشاه ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شادي بن مناكرد وصاحب حماة وأبو ملوكها كان بطلا شجاعا له مواقف مشهودة في قتال الفرنج مع عمه صلاح الدين وكان يحبه وهو الذي اعطاه حماة واستنابه بمصر مدة واعطاه المعرة وسلمية وكفر طاب وميافارقين واللاذقية وجبلة ثم اعطاه في العام الماضي حران والرها وأذن له السلطان في السفر إلى تلك البلاد ليقرر قواعدها وسار إليها في سبعمائة فارس وكان علي الهمة فقصد مدينة حاني فحصرها وافتتحها فلما سمع بكتمر4 صاحب خلاط سار لقتاله في أربعة الآف واربع مائة فارس فالتقوا فلم يثبت عسكر خلاط وانهزموا فسار تقي الدين وراءهم وأخذ قلعة لبكتمر ونازل خلاط وحاصرها فلم ينل غرضا لقلة عسكره ونازل منازكرد مدة
1 شذرات الذهب 4: 227.
2 شذرات الذهب 4: 276.
3 شذرات الذهب 4: 294.
4 شذرات الذهب 4: 297.
وله افعال بين مصر والفيوم ودمشق وغيرها وسمع بالإسكندرية من السلفي وإسماعيل بن عوف1 وكان فيه عدل وكرم ورئاسة وكان تقي الدين قد حدث نفسه بملك مصر لما مرض عمه فلم يتم له وعوفي عمه صلاح الدين وعزله وطلبه إلى الشام فامتنع وهم بالتوجه إلى بلاد المغرب ثم أن السلطان كتب إليه وثنى عزمه فقدم الشام فأحسن إليه عمه واكرمه وزاده وداراة واعطاه عدة بلاد.
قال ابن واصل2: كان المظفر عمر شجاعا جوادا شديد البأس عظيم الهيبة وكان من اركان البيت الأيوبي وكان عنده فضل وأدب وله شعر حسن أصيب السلطان صلاح الدين بموته لأنه كان من اعظم اعوانه على الشدائد قال صاحب المرآة وله ديوان شعر وذكره ابن كثير في طبقات الفقهاء الشافعية لبنائه المدرسة المشهورة بدمشق توفي رحمه الله تعالى وهو يحاصر منازكرد من اعمال أرمينية ثم نقل إلى حماة فدفن بها في مدرسة له بنيت بظاهر حماة واستقر بعده في ملك حماة ولده المنصور محمد3 وأخرجت عنه بقية البلاد ودام ملك حماة في أولاده إلى بعد الاربعين وستمائة ومن شعره رحمه الله تعالى:
دمشق سقاك الله صوب غمامة
…
فما غائب عنها لدي رشيد
فز بسعد إلى أن ابيت بأرضها
…
الآ أنني لوصح لي لسعيد
وله:
أرى قوما حفظت لهم عهودا
…
فخانوني ولم يرعوا حفاظا
لهم عندي محافظة فألفى
…
لهم خلقا وأفئدة غلاضا
وله يمدح عمه صلاح الدين:
خير الملوك أبو المظفر يوسف
…
ما مثل سيرته الشريفة يعرف
1 توفي سنة 581هـ شذرات الذهب 4: 268.
2 شذرات الذهب 5: 438.
3 شذرات الذهب 5: 77.
لو سطرت سير الملوك رأيتها
…
ديوان شعر وهي فيها مصحف
ملك يبيت الدهر يرعد هيبة
…
منه وليس يخافه من ينصف
انتهى. وقال أبو شامة في كتاب الروضتين في سنة سبع وثمانين: قال العماد في شهر ربيع الأول منها تولى القضاء القاضي محيي الدين محمد بن الزكي أي قضاء دمشق. وفيها وفي يوم تاسع عشر شهر رمضان كانت وفاة تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين وهو على محاصرة منازكرد وكان كما تقدم قد توجه إلى بلاده التي زاده إياها السلطان صلاح الدين وراء الفرات فامتدت عينه إلى بلاد غيره واستولى على السويداء وعلى مدينة حاني وعزم على قصد خلاط وكسر صاحبها سيف الدين بكتمر وتملك معظم تلك البلاد ثم أناخ على منازكرد يحاصرها ومعه عساكر كثيرة فأناخت بجسده المنية بسبب مرض اعتراه وزاد إلى أن بلغ منه المراد وأخفى ولده الملك المنصور وفاته ورحل عن البلد المحصور وفاته وعاد به إلى البلاد التي في يد وعجب الناس من حزمه وعزمه وثباته وجلده وجاءت رسله إلى السلطان تخبره بأنه قام مقام والده فيما كان له من البلدان وطلب منه شروطا نسبه بسببها إلى العصيان وكاد أمره يضطرب وقلبه يكتئب وشأنه ينعكس وينقلب حتى احتمى بالملك العادل فنصره واظهره إلى الوجود.
وقال ابن شداد: كانت وفاته في طريق خلاط عائدا إلى ميا فارقين فحمل ميتا حتى وصل به إلى ميافارقين ثم عملت له تربة عليها مدرسة مشهورة وحمل إليها ودفن بها انتهى. وكان مولده في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة كذا قاله شيخنا الأسدي في كواكبه: وقال ابن شداد: أول من ذكر الدرس بها قاضي القضاة محيي الدين محمد بن علي ومن بعده محيي الدين بن زكي الدين ثم انتزعت من يده ووليها فخر الدين ثم عادت إلى محيي الدين ثم تولاها عماد الدين بن الحرستاني قال الأسدي: ودرس بها في سنة ثمان وعشرين وستمائة انتهى. قال ابن شداد: ثم عادت إلى القاضي محيي الدين أبي الفضل يحيى ثم إلى ولده عماد الدين ثم من بعده إلى أخيه علاء الدين أحمد ثم من
بعده إلى زكي الدين الحسن ثم من بعده إلى علاء الدين أحمد وهو مستمر بها إلى الآن انتهى قلت ولعل أول من درس بها أبو المظفر ابن عساكر فإنها وقفت سنة أربع وسبعين وخمسمائة وهو توفي في شهر ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وخمسمائة ولم أقف على وفاة قاضي القضاة محيي الدين محمد بن الزكي1.
وأبو المظفر هذا قال الأسدي في تاريخه في سنة إحدى وسبعين المذكورة: عبد الله بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله أبو المظفر بن عساكر أخو زين الدين ويقال زين الأمناء بن عساكر الدمشقي الشافعي مولده في شهر رجب سنة تسع وأربعين وخمسمائة وتفقه على القطب النيسابوري وغيره وسمع من عميه الصائن والحافظ وجماعة وقرأ الأدب على محمود بن نعمة بن أرسلان الشيرازي النحوي وخرج أربعين حديثا وحدث بدمشق ومصر والقدس وحماة وشيزر والإسكندرية ودرس بدمشق بالتقوية وكان مجمع الفضائل قتل غيلة بظاهر القاهرة في شهر ربيع الأول انتهى.
ثم درس بها بعد قاضي القضاة محيي الدين بن الزكي شيخ الشافعية الفخر ابن عساكر وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث العروية ثم بها درس الإمام الفقيه قاضي القضاة بهاء الدين أبو الفضل يوسف ابن قاضي القضاة محيي الدين يحيى ابن قاضي القضاة منتجب الدين أبي المعالي محمد بن قاضي القضاة زكي الدين علي ابن قاضي القضاة منتجب الدين محمد بن زكي الدين القرشي الدمشقي ولد سنة أربعين وستمائة وسمع بمصر والشام من جماعة وأخذ عن أبيه وأخذ العلوم العقلية عن القاضي كمال الدين التفليسي2 وولي القضاء بعد ابن الصائغ سنة اثنتين وثمانين إلى أن توفي وهو أخر من ولي القضاء من هذا البيت وقد جمع أجل مدارس دمشق وهي العزيزية والتقوية والفلكية والعادلية والمجاهدية والكلاسة توفي رحمه الله تعالى في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وستمائة عن خمس وأربعين
1 شذرات الذهب 4: 337.
2 شذرات الذهب 5: 337.
سنة ودفن بتربتهم جوار الشيخ العارف محيي الدين بن عربي رحمه الله تعالى.
ثم درس بها القاضي الرئيس إمام الدين عبد العزيز أبو محمد ابن قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن محمد بن الزكي أخو المتقدم قال الصلاح الصفدي درس بالتقوية والعزيزية وهو أحد من ولي نظر الجامع غير مرة وكان صدرا رئيسا محتشما مليح الشكل وعين للقضاء قرأ عليه البرزالي مشيخة أبي شهر بروايته حضورا عن إبراهيم بن خليل1 مولده سنة أربع وخمسين وستمائة وتوفي كهلا سنة تسع وتسعين وستمائة انتهى.
ثم درس بها المعمر الصالح كمال الدين محمد بن القاضي محيي الدين بن الزكي قال الحافظ شمس الدين الحسيني في ذيل العبر سنة أربع وأربعين وسبعمائة ومات الكمال ابن الزكي القرشي الشافعي مدرس التقوية والعزيزية عن سن غالية وسمع من ابن البخاري وغيره ودرس بعده بالتقوية القاضي الإمام تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن السبكي وأخذ في قوله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} انتهى. وفد تقدمت ترجمة القاضي الإمام تاج الدين هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية.
ثم درس بها الإمام العلامة المصنف الجامع بين أشتات العلوم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن سليمان الصرخدي نيابة لكن لا أعلم عمن ناب أخذ العلوم عن مشايخ ذلك العصر وممن أخذ عنه الشيخ شمس الدين ابن قاضي شهبة والشيخ عماد الدين الحسباني وأبو العباس العنابي وكان أجمع أهل البلد لفنون العلم أفتى ودرس واشتغل وصنف غير أن لسانه كان قاصرا وقلمه أحسن من لسانه وكان حظه من الدنيا قليلا لم يحصل له شيء من المناصب وإنما درس بالتقوية هذه والكلاسة نيابة وله تصدير بالجامع وكان ينصر مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري2 كثيرا ويعادي الحنابلة وصنف شرح المختصر ثلاثة أجزاء واختصر إعراب السفاقسي واعترض عليه
1 شذرات الذهب 5: 292.
2 شذرات الذهب 2: 303.
في مواضع واختصر قواعد العلائي والتمهيد للأسنوي1 واعترض عليهما في مواضع واختصر المهمات وغير ذلك وكتب الكثير بخطه واحترق غالب مصنفاته في الفتنة قبل تبييضها وكان فقيرا وله عائلة توفي رحمه الله تعالى في ذي الحجة أو ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ودفن بباب الصغير بالقرب من معاوية رضي الله تعالى عنه.
وقال الشيخ تقي الدين الأسدي في الذيل في ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة: الفقيه الفاضل بدر الدين أبو عبد الله محمد ابن الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن عبد الله خلف بن كامل التقوي الشافعي مولده سنة أربع وستين وتوفي ليلة الاثنين حادي عشره ببستان بأرض حمام الزمرد وصلي عليه من الغد بعد صلاة الظهر بالجامع المظفري 2 ودفن عند والده بتربته غربي الجامع المذكور وقد نزل لولده وهو صغير عن نصف وظائفه وهي تدريس التقوية وتدريس القوصية وحصة في نظر وقف التقوية ونزل لي عن النصف الآخر ثم قال في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين: وفي يوم الأربعاء حادي عشريه حضرت الدرس بالمدرسة التقوية وأخذت في أول كتاب الحج من التنبيه ثم قال في يوم الجمعة رابع ذي الحجة سنة خمس وثلاثين: وقد سألني في نيابة القاضي الجديد كمال الدين البارزي فامتنعت عن استنابته فلما كان هذا اليوم سئلت في ذلك وألحوا علي فأجبت استحياء من القاضي والحاضرين وترك لي القاضي نصف تدريس التقوية وكان لي في نفس الأمر ولكن كان القاضي قد تغلب عليه انتهى.
ثم درس بها ولده شيخنا المرحوم العلامة بدر الدين أبو الفضل محمد بن قاضي شهبة ثم نزل عن تدريسها للقاضي محب الدين أبي الفضل محمد ابن شيخنا القاضي برهان الدين بن قاضي عجلون ثم درس بها نيابة عنه في نصف تدريسها واستقلالا في النصف الآخر صهره العلامة كمال الدين ابن القاضي عز الدين بن حمزة الحسيني في شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين
1 شذرات الذهب 6: 223.