المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ دار الحديث النورية - الدارس في تاريخ المدارس - جـ ١

[النعيمي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل دور القران الكريم

- ‌دار القران الخيضرية

- ‌ دار القران الكريم الجزرية

- ‌ دار القران الكريم الدلامية

- ‌ دار القران الكريم الرشائية

- ‌ دار القرآن الكريم السنجارية

- ‌ دار القرآن الكريم الصابونية

- ‌ دار القرآن الكريم الوجيهية

- ‌فصل دور الحديث الشريف

- ‌دار الحديث الإشرفية

- ‌ دار الحديث الأشرفية البرانية

- ‌ دار الحديث البهائية

- ‌ دار الحديث الحمصية

- ‌ دار الحديث الدوادارية والمدرسة والرباط

- ‌ دار الحديث السامرية

- ‌ دار الحديث السكرية

- ‌ دار الحديث الشقيشقية

- ‌ دار الحديث العروية

- ‌ دار الحديث الفاضلية

- ‌ دار الحديث القلانسية

- ‌ دار الحديث القوصية

- ‌ دار الحديث الكروسية

- ‌ دار الحديث النورية

- ‌ دار الحديث النفيسية

- ‌ دار الحديث الناصرية

- ‌فصل دور القرآن والحديث معا

- ‌دار القرآن والحديث التنكزية

- ‌ دار القرآن والحديث الصبابية

- ‌ دار القرآن والحديث المعبدية

- ‌فصل مدارس الشافعية

- ‌المدرسة الاتابكية

- ‌ المدرسه الأسعردية

- ‌ المدرسة الأسدية

- ‌ المدرسة الأصفهانية

- ‌ المدرسة الاقبالية

- ‌ المدرسة الأكزية

- ‌ المدرسة الأمجدية

- ‌ المدرسة الأمينية

- ‌ المدرسة البادرائية

- ‌ المدرسة البهنسية

- ‌ المدرسة التقوية

- ‌ المدرسة الجاروخية

- ‌ المدرسة الحمصية

- ‌المجرسة الحلبية

- ‌ المدرسة الخبيصية

- ‌ المدرسة الخليلية

- ‌ المدرسة الدماغية

- ‌ المدرسة الدولعية

- ‌ المدرسة الركنية الجوانية الشافعية

- ‌ المدرسة الرواحية

- ‌ المدرسة الخضرية

- ‌ المدرسة الساوجية

- ‌ المدرسة الشامية البرانية

- ‌ المدرسة الشامية الجوانية

- ‌ المدرسة الشاهينية

- ‌ المدرسة الشومانية

- ‌ المدرسة الشريفية

- ‌ المدرسة الصالحية

- ‌ المدرسة الصارمية

- ‌ المدرسة الصلاحية

- ‌ المدرسة التقطائية

- ‌ المدرسة الطبرية

- ‌ المدرسة الطيبة

- ‌ المدرسة الظبيانية

- ‌ المدرسة الظاهرية البرانية

- ‌ المدرسة الظاهرية الجوانية

- ‌ المدرسة العادلية الكبرى

- ‌ المدرسة العادلية الصغرى

- ‌ المدرسة العذراوية

- ‌ المدرسة العزيزية

- ‌ المدرسة العصرونية

- ‌ المدرسة العمادية

- ‌ المدرسة الغزالية

- ‌ المدرسة الفارسية

- ‌ المدرسة الفتحية

- ‌ المدرسة الفخرية

- ‌ المدرسة الفلكية

- ‌ المدرسة القليجية

- ‌ المدرسة القواسية

- ‌ المدرسة القوصية

- ‌ المدرسة القيمرية

- ‌ القيمرية الصغرى

- ‌ المدرسة الكروسية

- ‌ المدرسة الكلاسة

- ‌ المدرسة المجاهدية الجوانية

- ‌ المدرسة المجاهدية البرانية

- ‌ المدرسة المسرورية

- ‌ المدرسة المنكلائية

- ‌ المدرسة الناصرية الجوانية

- ‌ المدرسة المجنونية

- ‌ المدرسة النجيبية

- ‌فصل في المدارس الحنفية

- ‌المدرسة الأسدية

- ‌ المدرسة الإقبالية

- ‌ المدرسة الآمدية

- ‌ المدرسة البدرية

- ‌ المدرسة البلخية

- ‌ المدرسة التاجية

- ‌ المدرسى التاشية

- ‌ المدرسة الجلالية

- ‌ المدرسة الجمالية

- ‌ المدرسة الجقمقية

- ‌ المدرسة الجركسية

- ‌ المدرسة الجوهرية

- ‌ المدرسة الحاجبية

- ‌ المدرسة الخاتونية البرانية

- ‌ المدرسة الخاتونية الجوانية

- ‌ المدرسة الدماغية

- ‌ المدرسة الركنية البرانية

- ‌ المدرسة الريحانية

- ‌ المدرسة الزنجارية

- ‌ المدرسة السفينية

- ‌ المدرسة السيبائية

- ‌ المدرسة الشبلية البرانية

- ‌ المدرسة الشبلية الجوانية

- ‌ المدرسة الصادرية

- ‌ المدرسة الطرخانية

- ‌ المدرسة الطومانية

- ‌ المدرسة الظاهرية الجوانية

- ‌ المدرسة العذراوية

- ‌ المدرسة العزيزية

- ‌ المدرسة العزية البرانية

- ‌ المدرسة العزية الجوانية

- ‌ المدرسة العزية الحنفية

- ‌ المدرسة العلمية

- ‌ المدرسة الفتحية

- ‌ المدرسة الفرخشاهية

- ‌ المدرسة القجماسية

- ‌ المدرسة القصاعية

- ‌ المدرسة القاهرية بالصالحية

- ‌ المدرسة القليجية

- ‌ المدرسة القيمازية

- ‌ المدرسة المرشدية

- ‌ المدرسة المعظمية

- ‌ المدرسة المعينية

- ‌ المدرسة الماردانية

- ‌ المدرسة المقدمية الجوانية

- ‌ المدرسة المقدمية البرانية

- ‌ المدرسة المنجكية الحنفية

- ‌ المدرسة الميطورية

- ‌ المدرسة المقصورة الحنفية

- ‌ المدرسة النورية الكبرى

- ‌ المدرسة النورية الحنفية الصغرى

- ‌ المدرسة اليغمورية الحنفية

الفصل: ‌ دار الحديث النورية

قيما بالحسبة توفي سنة إحدى وأربعين وستمائة ولم أقف على أحد ممن ولي مشيختها والله سبحانه وتعالى أعلم أهـ.

ص: 74

21 -

‌ دار الحديث النورية

قال ابن الأثير: وبنى نور الدين محمود دار الحديث بدمشق وهو أول من بنى دارا للحديث وقيل واقفها عصمة التي قيل إنها كانت زوج صلاح الدين وهو خلاف المعروف. ونور الدين هذا هو الملك العادل أبو القاسم محمود بن أبي سعيد زنكي بن آق سنقر التركي الشهيد قال الشيخ بدر الدين الأسدي في كتابه الكواكب الدرية في السيرة النورية توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد الحادي من شوال سنة تسع وستين وخمسمائة وقت طلوع الشمس عن ثمان وخمسين سنة ووقفها قليل.

قال ابن كثير في تاريخه في سنة إحدى عشرة وستمائة. وفيها وسع الخندق مما يلي القيمازية فأخرجت دور كثيرة وحمام قايماز وفرن كان هناك وقفا على دار الحديث النورية وغير ذلك وتبعه الأسدي فلما بنى الأشرف دار الحديث غربها شرط أن يؤخذ من وقفها ألفا درهم فتضاف إلى وقفها فانصلح حالها.

وقال الصلاح الصفدي في حرف العين: عبدان الفلكي الأمير عز الدين صاحب الدار والحمام تجاه دار الحديث النورية بدمشق توفي رحمه الله تعالى سنة تسع وستمائة انتهى. قلت: وإنما تجاهها اليوم العادلية الصغرى وحمام بن موسك فلعل العادليه هي دار عبدان المذكور.

وقال أبو شامة في أول الروضتين: في ترجمة نور الدين وبنى بدمشق أيضا دار الحديث ووقف عليها وعلى من بها من المشتغلين بعلم الحديث وقوفا كثيرة وهو أول من بنى دار حديث في ما علمناه انتهى. تولى مشيختها الحافظ الكبير ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد

ص: 74

الله بن عساكر الدمشقي الشافعي إمام أهل الحديث في زمانه وحامل لوائهم مولده في العشر الأخير من المحرم سنة تسع وتسعين بتقديم التاء فيهما وأربعمائة اعتنى به أبوه وأخوه الإمام صائن الدين هبة الله فسمعناه في سنة خمس وخمسمائة وفي ما بعدها من الشريف أبي القاسم النسيب1 وأبي طاهر الحنائي2 وغيرهما ثم طلب بنفسه ورحل في هذا الشأن في سنة عشرين إلى الآفاق وجاب في البلاد وأبعد في الرحلة وجمع وكتب الكثير في العراق وخراسان وأصبهان وغيرهما وجمع أربعين بلدانية وهو أول من جمعها أو السلفي وجملة شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ ونيف وثمانون امرأة وصنف التصانيف الجليلة منها تاريخ دمشق في ثمانين مجلدا ومن تصفحه علم منزلته في الحفظ وكان كثير العلم غزير الفضل حسن السمت دينا خيرا ثقة متقنا جمع بين معرفة المتن والإسناد سمع منه أبو سعد السمعاني3 وأكثر عنه وقال: هو حافظ متقن جمع بين معرفة المتون والأسانيد ورحل في طلب الحديث وجمع ما لم يجمعه غيره.

وقال الحافظ عبد القادر الرهاوي4: قد رأيت السلفي وأبا العلاء الهمداني5 وأبا موسى المديني6 وما رأيت فيهم أحفظ من أبي القاسم بن عساكر أو قال مثل أبي القاسم بن عساكر انتهى مات رحمه الله تعالى ليلة الاثنين حادي عشر شهر رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة ودفن بمقبرة باب الصغير في الحجرة التي فيها معاوية رضي الله تعالى عنه ثم تولاها بعده ولده الحافظ المسند بهاء الدين أبو محمد القاسم.

قال الأسدي في تاريخه في سنة ستمائة: القاسم بن عساكر مولده في جمادى الأولى سنة سبع بتقديم السين وعشرين وخمس مائة وسمع أباه ومحمد الصائن هبة الله وجد أبويه القاضي أبا الفضل يحيى بن علي القرشي7 وابنه القاضي أبا

1 شذرات الذهب 4: 23.

2 شذرات الذهب 4: 29.

3 شذرات الذهب 4: 205.

4 شذرات الذهب 5: 50.

5 شذرات الذهب 4: 231.

6 شذرات الذهب 6: 273

7 شذرات الذهب 4: 105.

ص: 75

المعالي محمد بن يحيى1 وجمال الإسلام بن المسلم2 وأبا الفتح نصر الله المصيصي3 وهبة الله بن طاووس4 وأبا القاسم بن البحر وأبا سعد السمعاني وخلقا كثيرا وأجاز له عامة مشايخ خراسان الذين لقيهم أبوه في سنة ثلاثين منهم زاهر الشحامي5 أبو عبد الله الفراوي6 وهبة الله السيدي7 وأجاز له القاضي أبو بكر الأنصاري8 قاضي المارستان وجماعة من بغداد وكان محدثا فهما ثقة حسن المعرفة شديد الورع كريم النفس مكرما للغرباء ذا أنسة لمن يقرأ عليه وخطه وحش لكنه كتب الكثير وكتب تاريخ أبيه يعني الثمانين المجلدة مرتين وصنف وشرح وعني بالكتابة والمطالعة فبالغ إلى الغاية وكان ظريفا كثير المزاح وقال المفسر النسابة كان أحب ما إليه المزاح.

وقال ابن نقطة9: هو ثقة إلا أن خطه لا يشبه خط أهل الضبط وقال الحافظ عبد العظيم قلت للحافظ أبي الحسن المقدسي10 أقول حدثنا القاسم ابن علي الحافظ بالكسر نسبة إلى والده فقال بالضم فأني اجتمعت به في المدينة فأملى علي أحاديث من حفظه ثم سير إلى الأصل فقابلتها فوجدتها كما أملاها وفي بعض هذا يطلق عليه الحفظ.

قال الذهبي: وليس هذا هو الحفظ العرفي، وقد صنف كتاب "المستقصى في فضائل المسجد الأقصى" وكتاب "الجهاد" وأملى مجالس وكان يتعصب لمذهب الأشعري ويبالغ من غير أن يحققه وقد خلف أباه في إسماع الحديث بالجامع وولي بعده دار الحديث النورية ولم يتناول من معلومه شيئا بل جعله مرصدا لمن يرد عليه من الطلبة وقيل أنه لم يشرب من مائها ولا توضا منه وسمع منه خلق كثير وحدث بمصر والشام وروى عنه أبو المواهب بن

1 شذرات الذهب 4: 116.

2 شذرات الذهب 4: 102.

3 شذرات الذهب 4: 131.

4 شذرات الذهب 4: 114.

5 شذرات الذهب 4: 102.

6 شذرات الذهب 4: 96.

7 شذرات الذهب 4: 103.

8 شذرات الذهب 4: 108.

9 شذرات الذهب 5: 133.

10 شذرات الذهب 6: 153.

ص: 76

صصري1 وأبو الحسن بن الفضل وعبد القادر الرهاوي ويوسف بن خليل2 والتقي اليلداني والشيخ عز الدين بن عبد السلام والتاج عبد الوهاب بن زين الأمناء والخطيب عماد الدين بن الحرستاني توفي رحمه الله تعالى يوم الخميس ثاني صفر ودفن بعد العصر على أبيه بمقابر باب الصغير شرقي قبور الصحابة رضي الله تعالى عنهم خارج الحضيرة ثم وليها أخوه زين الأمناء بن عساكر.

قال الذهبي في تاريخه في سنة سبع وعشرين وستمائة: زين الأمناء الشيخ الصالح أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي الشافعي روى عن أبي العشائر محمد بن خليل3 وعبد الرحمن الداراني والعلكي4 وطائفة وكان صالحا خيرا من سروات الناس حسن السمت تفقه على جمال الأئمة محمد بن الماسخ وولي نظر الخزانة والأوقاف ثم تزهد عاش ثلاثا وثمانين سنة وتوفي في صفر.

وقال ابن كثير في سنة سبع وعشرين وستمائة: زين الأمناء ابن عساكر سمع الحديث عن عميه الحافظ أبي القاسم والصائن وغير واحد وعمر وتفرد بالرواية وجاوز الثمانين بنحو من ثلاث سنين وأقعد في آخر عمره فكان يحمل في محفة إلى الجامع ولي دار الحديث النورية لأسماع الحديث وانتفع الناس به مدة طويلة ولما توفي حضر الناس جنازته ودفن عنه أخيه الشيخ فخر الدين بن عساكر بمقابر الصوفية:

وقال الصلاح خليل بن أيبك الصفدي في وافيه: الحسن بن محمد بن عبد الله زين الأمناء أبو البركات بن عساكر ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة وتوفي رحمه الله تعالى سنة سبع وعشرين وستمائة سمع الكثير وكان شيخا جليلا خيرا متعبدا حسن الهدى والسمت مليح التواضع ولي نظر الخزانة وولي نظر الأوقاف ثم ترك ذلك وأقبل على شأنه وكان كثير الصلاة حتى

1 شذرات الذهب 5: 316.

2 شذرات الذهب 5: 243.

3 شذرات الذهب 4: 154.

4 شذرات الذهب 4: 188.

ص: 77

لقب السجاد وأقعد في آخر عمره وكان يحمل في محفة إلى الجامع وإلى دار الحديث النورية وعاش ثلاثا وثمانين سنة وسمع من عبد الرحمن بن أبي الحسن الدارمي وأبي المظفر سعيد الفلكي وأبي المكارم بن هلال وعميه الصائن هبة الله وأبي القاسم الحافظ وأبي محمد الحسن الحسين بن الغنى وعبد الواحد ابن إبراهيم ابن القرة والخضر بن شبل الحارثي1 وإبراهيم بن الحسن الحصني وجماعة وروى عنه البرزالي وعز الدين علي بن2 محمد بن الأثير والذكي المنذري والكمال القوصي والشهاب الأبرقوهي وتفقه على جمال الأئمة أبي القاسم علي بن الحسن بن الماصح وقرأ برواية ابن عامر على أبي القاسم العمري وتأدب على علي بن عثمان السلمي وبالغ في وصفه ابن الحاجب وقال السيف: إلا أنه كثير الالتفات في الصلاة ويقال أنه كان يشير بيده في الصلاة ويشاري بيده لم يبتاع منه وقال ابن الحاجب: سألت البرزالي عنه فقال ثقة نبيل كريم صين انتهى. ثم درس بها بعده ابنه التاج بن زين الأمناء.

قال الذهبي في سنة ستين وستمائة: والتاج عبد الوهاب بن زين الأمناء أبي البركات الحسن بن محمد الدمشقي بن عساكر سمع الكثير من الخشوعي وطبقته وولي مشيخة النورية بعد والده أمين الدين عبد الصمد وجاور قليلا ثم توفي في حادي عشرين جمادى الأولى بمكة انتهى. ثم قال الذهبي في سنة ست وثمانين وستمائة عن عبد الصمد المذكور: وابن عساكر الإمام الأوحد أمين الدين أبو اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن زين الأمناء الدمشقي المجاور بمكة روى عن جده والشيخ الموفق وكان صالحا خيرا قوي المشاركة في العلم بديع النظم لطيف الشمائل صاحب توجه وصدق ولد سنة أربع عشرة وستمائة وجاور أربعين سنة وتوفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى انتهى.

ثم درس بها بهاء الدين النابلسي وقال ابن كثير في سنة ثلاث وستين وستمائة: وممن توفي فيها الشيخ زين الدين خالد بن يوسف بن سعد

1 شذرات الذهب 4: 205.

2 شذرات الذهب 5: 137.

ص: 78

النابلسي الحافظ شيخ دار الحديث النورية بدمشق وكان عالما بصناعة الحديث حافظا لأسماء الرجال اشتغل عليه في ذلك الشيخ محيي الدين النواوي رحمهما الله تعالى وتولى بعده مشيخة النورية تاج الدين الفزاري وكان الشيخ زين الدين حسن الأخلاق فكه النفس كثير المزاج على طريقة المحدثين وكان قد رحل إلى بغداد واشتغل بها وسمع الحديث وكان فيه خير وصلاح وعبادة وكانت جنازته حافلة ودفن بمقابر باب الصغير انتهى.

وقال الصفدي: خالد بن يوسف بن سعد بن الحسن بن مفرج بن بكار الحافظ المفيد زين الدين أبو البقاء النابلسي ثم الدمشقي ولد بنابلس سنة خمس وثمانين وتوفي سنة ثلاث وستين وستمائه وقدم دمشق ونشأ بها وسمع من القاسم بن عساكر ومحمد بن الخصيب1 وابن طبرزد وحنبل وطائفة وسمع ببغداد من الأخضر2 وابن شنيف3 وكتب وحصل الأصول النفيسة ونظر في اللغة والعربية وكان إماما ذكيا فطنا ظريفا حلو النادرة لطيف المزاح وكان يعرف قطعة كبيرة من الغرائب والأسماء والمختلف والمؤتلف وله حكايات متداولة بين الفضلاء وكان الناس يحبونه وكذلك الملك الناصر كان يحبه ويكرمه روى عنه الشيخ محيي الدين النواوي والشيخ تاج الدين الفزاري وأخوه الخطيب شرف الدين وتقي الدين بن دقيق العيد والبرهان الذهبي وأبو عبد الله الملقن وجماعة وكان ضعيف الكتابة جدا ويعرج من رجله حدث الشرف الناسخ أنه كان بحضرة الملك الناصر بن العزيز فأنشد شاعر قصيدة يمدحه فيها فقلع الزين خالد المذكور سراويله وخلعه على الشاعر فضحك الناصر وقال ما حملك على هذا فقال: لم يكن معي ما أستغنى عنه غيره فعجب منه ووصله وولي مشيخة النورية وكان قصيرا شديد السمرة يلبس قصيرا ومن شعر قوله:

أيا حسرتا إني إليك وإن نأت

ركابي إلى بغداد ما عشت تائق

1 شذرات الذهب 5:6.

2 شذرات الذهب 5: 46.

3 شذرات الذهب 5: 42.

ص: 79

ولو عنت الأقدار قبلي لعاشق

لما عاقني عن حسن وجهك عائق

وقال أيضا:

يا رب بالمبعوث من هاشم

وصهره والبضعة الطهر

لا تجعل اليوم الذي لا ترى

عيني تاج الدين من عمري

انتهى. وتاج الدين الفزاري الذي وليها بعده هو الإمام العلامة مفتي الإسلام تاج الدين أبو محمد عبد الرحمن ابن الشيخ المقري برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري البدري المصري الأصل الدمشقي الفركاح ولد في شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة وسمع البخاري من ابن الزبيدي وسمع من ابن اللتي وابن الصلاح ومن السخاروي1 وخرج له البرزالي عشرة أجزاء صغار عن مائة نفس وخرج من تحت يده جماعة من القضاه والمدرسين والمفتين وتفقه في صغره على الشيخين ابن الصلاح وابن عبد السلام وبرع في المذهب وهو شاب وجلس للاشتغال وله بضع وعشرون سنة وكتب في الفتاوى وقد كمل ثلاثين سنة ولما قدم الشيخ النواوي من بلده أحضروه ليشتغل عليه فحمل همه وبعث به إلى المدرسة الرواحية ليحصل له بها بيت ويرتفق بمعلومها ولم يشتغل إلى أن مات وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار وأعاد بالناصرية أول ما فتحت ودرس في المجاهدية ثم تركها.

وقال القطب اليونيني: انتفع به جم غفير ومعظم قضاة دمشق وما حولها وقضاة الأطراف تلامذته وكان عنده من الكرم المفرط وحسن العشرة وكثر الصبر والاحتمال وعدم الرغبة في التكثير والقناعة والإيثار والمبالغة في اللطف ولين الكلمة وقلة الأذى ما لا مزيد عليه مع الدين المتين وملازمة قيام الليل والورع وشرف النفس وحسن الخلق والتواضع والعقيدة الحسنة في الفقراء والصالحين وزيارتهم له وله تصانيف مفيدة تدل

1 شذرات الذهب 5: 222.

ص: 80

على محله من العلم وتبحره فيه، وكانت له يد في النظم وفي النثر.

وقال الذهبي: فقيه الشام درس وناظر وصنف وانتهت إليه رئاسة المذهب وكان من أذكياء العالم وممن بلغ رتبة الاجتهاد ومحاسنه كثيرة وهو آجل ممن ينبه عليه مثلي وكان يلثغ بالراء غينا فجل من له الكمال وكان لطيف اللحية قصيرا أسمر حلو الصورة مفركح الساقين وكان يركب البغلة ويحتف به أصحابه ويخرج بهم إلى الأماكن النزهة ويباسطهم وله في النفوس عظمة لدينه وتواضعه وخيره ولطفه وجوده وكان أكبر من الشيخ النواوي رحمه الله تعالى بسبع سنين وكان أفقه نفسا وأذكى قريحة وأقوى مناظرة من الشيخ محيي الدين بكثير ولكن كان الشيخ محيي الدين أنقل للمذهب وأكثر محفوظا منه وكان قليل المعلوم كثير البركة وكان مدرس البادرائية ولم يكن في يده سواها إلا ما له على المصالح.

وقال الذهبي في المعجم المختص: شيخ الإسلام كبير الشافعية جمع تاريخا مفيدا رأيته أنا وسمعت كلامه في حلقة إقرائه وكان بينه وبين النواوي وحشة كعادة النظراء وله في تاريخه عجائب توفي رحمه الله تعالى بالبادرائية في جمادى الأولى سنة تسعين وستمائة ودفن بمقبرة باب الصغير في القبة البهائية بشمال شرقي أوائل المصلى مصلى العيدين ثم وليها الحافظ جمال الدين وهو أيضا قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة إحدى وسبعين وستمائة والشرف ابن النابلسي الحافظ أبي المظفر يوسف بن الحسن بن بدر الدمشقي ولد بعد الستمائة وسمع من ابن اللتي1 وطبقته وفي الرحلة من عبد السلام الداهري وعمر بن كرم وطبقتهما وكتب الحديث الكثير وكان فهما يقظا حسن الخلق مليح النظم ولي مشيخة دار الحديث النورية وتوفي في حادي عشر المحرم انتهى ثم الجمال بن الصابوني وهو قال الذهبي في عبره الجمال ابن الصابوني الحافظ أبو حامد محمد بن علي بن محمود شيخ دار الحديث

1 شذرات الذهب 5: 117.

ص: 81

النورية ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من أبي القاسم بن الحرستاني وخلق كثير وكتب العالي والنازل وبالغ وحصل الأصول وجمع وصنف واختلط قبل موته بسنة أو أكثر وتوفي في ذي القعدة انتهى.

قال الصلاح الصفدي في المحمدين في تاريخه الوافي: المحدث جمال الدين ابن الصابوني محمد بن علي بن محمود بن أحمد الحافظ أبو حامد ابن الشيخ علم الدين المحمودي شيخ دار الحديث النورية ولد سنة أربع وستمائة وتوفي رحمه الله تعالى سنة ثمانين وستمائة سمع الحديث من ابن الحرستاني وابن ملاعب وابن البنا1 وأبي القاسم العطار وابن أبي لقمة وعني بالحديث وكتب وقرأ وصار له فهم ومعرفة وسمع من ابن اللتي وابن صصري وهذه الطبقة بدمشق وكان صحيح النقل مليح الخط حسن الأخلاق صنف مجلدا سماه تكملة الإكمال ذيل به على ابن نقطة فأجاد وأفاد وهو من رفاق ابن الحاجب2 والشريف ابن المجد وابن الذخميسي وابن الجوهري3 وطال عمره وعملت رتبته وروايته وروى الكثير بمصر ودمشق روى عن الدمياطي وابن العطار والبرزالي والدواداري والبرهان الذهبي وابن رافع جمال الدين وقاضي القضاة ابن صصري وكان له إجازة من المؤيد الطوسي وابن طبرزد وحصل له قبل موته بسنة أو أكثر تغير في عقله وساء حفظه وأجاز الشيخ شمس الدين مروياته ودفن بسفح قاسيون انتهى.

وقال ابن كثير في تاريخه في سنة خمس وثمانين وستمائة: الشيخ مجد الدين يوسف بن محمد بن محمد بن عبد الله المصري ثم الدمشقي الشافعي الكاتب المعروف بابن المهتار كان فاضلا في الحديث والأدب يكتب كتابة حسنة جدا وتولى مشيخة دار الحديث النورية وقد سمع الكثير وانتفع الناس به وبكتابته توفي في عاشر ذي الحجة ودفن بباب الفراديس انتهى وقال فيه سنة ثمان وثمانين وستمائة: الشيخ فخر الدين الحنبلي شيخ دار الحديث النورية،

1 شذرات الذهب 5: 53.

2 شذرات الذهب 5: 234.

3 شذرات الذهب 5: 218.

ص: 82

وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث العروية. وقال فيه في سنة أربع وتسعين وستمائة: شرف الدين أحمد بن نعمة المقدسي الإمام العلامة أقضى القضاة خطيب الشام ولد في سنة ثنتين وعشرين وستمائة وولي درس دار الحديث النورية والشامية البرانية والغزالية توفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان.

وقال فيه في هذه السنة: وفي شوال باشر مشيخة دار الحديث النورية الشيخ علاء الدين بن العطار عوضا عن شرف الدين وقد تقدمت ترجمة الشيخ علاء الدين هذا في دار الحديث الدوادارية ثم وليها بعده الإمام الحافظ المؤرخ المفيد علم الدين أبو محمد القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البرزالي الاشبيلي الأصل الدمشقي ولد سنة ثلاث والصحيح سنة خمس وستين وستمائة وسمع الجم الغفير وكتب بخطه ما لا يحصى كثرة وتفقه بالشيخ تاج الدين الفزاري وصحبه وأكثر عنه ونقل عن الشيخ تاج الدين في تاريخه وولي مشيخة دار الحديث النورية هذه ومشيخة النفيسية وصنف التاريخ ذيلا على تاريخ أبي شامة بدأ فيه من عام مولده وهو السنة التي مات فيها أبو شامة رحمه الله تعالى وهي سنة خمس والمعجم الكبير وجمع لنفسه أربعين بلدانية وبلغ ثبته بضعة وعشرين مجلدا أثبت فيه كل من سمع منه وانتفع به المحدثون من زمانه إلى أخر القرن ذكره الذهبي في معجمه وقال الإمام الحافظ المتقن الصادق الحجة مفيدنا ومعلمنا ورفيقنا محدث الشام ومؤرخ العصر ومشيخته بالإجازة والسماع فوق الثلاثة آلاف وكتبه وأجزاؤه الصحيحة الفصيحة مبذولة لمن قصده وتواضعه وبشره مبذول لكل غني وفقير توفي رحمه الله تعالى محرما بخليص في رابع ذي الحجة سنة تسع بتقديم التاء وثلاثين وسبعمائة ووقف كتبه وكتب ابن حبيب1 على معجمه هذه الأبيات:

يا طالبا نعت الشيوخ وما رووا

فيه على التفصيل والإجمال

دار الحديث أنزل تجد ما تبتغي

هـ بارزا في معجم البرزالي

1 شذرات الذهب 6: 262.

ص: 83