الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 -
المدرسة الصالحية
بتربة أم الصالح الملك غربي الطيبة والجوهرية الحنفية وقبلي الشامية الجوانية بشرق. قال ابن كثير في سنة ثمان وأربعين وستمائة: الصالح أبو الجيش إسماعيل بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر وهو واقف تربة أم الصالح وقد كان الصالح ملكا عادلا عاقلا حازما تقلبت به الأحوال أطوارا كثيرة وقد كان الأشرف موسى أوصى له بدمشق من بعده فملكها شهورا ثم انتزعها منه أخوه الكامل ثم ملكها من الصالح خديعة ومكرا فاستمر بها أزيد من أربع سنين ثم استعادها منه الصالح أيوب عام الخوارزمية سنة ثلاث وأربعين وستمائة واستقرت بيده بعلبك وبصرى ثم أخذتا منه ولم يبق له بلد يأوي إليه فلجأ إلى المملكة الحلبية في جوار الناصر يوسف صاحب حلب الشبهاء فلما كان في هذه السنة كما ذكرنا عدم بالديار المصرية فلا يدرى ما فعل الله به والله سبحانه وتعالى أعلم وهو واقف التربة والمدرسة ودار الحديث والاقراء بدمشق انتهى. ثم قال في سنة ثلاث وثمانين وستمائة: وفيها توفي الملك السعيد فتح الدين عبد الملك ابن الملك الصالح أبي الجيش إسماعيل ابن الملك العادل وهو والد الملك الكامل ناصر الدين محمد في ليلة الاثنين ثالث شهر رمضان ودفن من الغد بتربة أم الصالح وكان من خيار الأمراء محترما كبيرا رئيسا روى الموطأ عن يحيى بن بكير1 عن مكرم بن أبي الصقر2 وسمع من ابن اللتي وغيره انتهى. وقال في سنة ثمان وثمانين وستمائة: الملك المنصور شهاب الدين محمود ابن الملك الصالح إسماعيل بن العادل توفي يوم الثلاثاء ثامن عشر شعبان وصلي عليه بالجامع ودفن من يومه بتربة جده وكان ناظرها وقد سمع الحديث الكثير وكان يحب أهله وكان فيه لطف وتواضع انتهى.
وقال في سنة سبع وعشرين: الملك الكامل ناصر الدين أبو المعالي محمد ابن
1 شذرات الذهب 2: 59.
2 شذرات الذهب 5: 174.
الملك السعيد فتح الدين عبد الملك ابن السلطان الملك الصالح إسماعيل أبي الجيش ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب أحد أكابر الأمراء وأبناء الملوك كان من أحاسن الناس ذكاء وفطنة وحسن عشرة ولطافة كلام بحيث يسرد الكثير من الكلام بمنزلة الأمثال من قوة ذهنه ولطافة فهمه وكان رئيسا من أجود الناس توفي عشية الأربعاء عشرين جمادى الأولى وصلي عليه ظهر الخميس في صحن الجامع تحت النسر ثم أرادوا دفن عند جده لأمه الملك الكامل فلم يتيسر ذلك فدفن بتربة أم الصالح سامحه الله تعالى وكان له سماع كثير سمعنا عليه منه وكان يحفظ تاريخا جيدا وقام ولده الأمير صلاح الدين مكانه في أمره الطبلخانات وجعل أخوه في عشرته ولبسا الخلع السلطانية بذلك انتهى.
وقال في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: الخاتون المصونة خاتون بنت الملك الصالح إسماعيل بن العادل بن أبي بكر بن أيوب بن شادي توفيت بدارها وتعرف بدار كافور وكانت رئيسة محترمة ولم تتزوج قط وليس في طبقتها من بني أيوب غيرها في هذا الحين توفيت يوم الخميس الحادي والعشرين من شعبان ودفنت بتربة أم الصالح رحمها الله تعالى انتهى. درَّس بها القاضي العلامة نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن خلف بن راجح بن بلال ابن هلال بن عيسى المقدسي الحنبلي ثم الشافعي ولد في شعبان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وقرأ المقنع على مؤلفة سنة ثلاث عشرة واشتغل في مذهب الأمام أحمد ودرس في مدرسة الشيخ أبي عمر رحمه الله تعالى وسافر إلى بغداد وله سبع عشرة سنة فسمع من ابن الجوزي وغيره ورحل إلى همذان فأخذ عن الركن الطاوسي ولازمه مدة حتى صار معيده وبرع في علم الخلاف وصار له صيت بتلك البلاد ومنزلة رفيعة ثم اشتغل في مذهب الشافعي وعاد إلى دمشق وله جلالة ومكانة وكان لا يترك الاشتغال ليلا ونهارا ويطالع كثيرا ويشتغل ودرس بالشامية البرانية كما تقدم وبأم الصالح هذه وبالعذراوية وبالصارمية كما سيأتي وناب في القضاء قال أبو شامة:
وكان يعرف بالحنبلي وكان فاضلا دينا بارعا في علم الخلاف وفقه الطريقة حافظا للجمع بين الصحيحين للحميدي1 توفي في سادس شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة. قال ابن كثير في تاريخه: وناب في الحكم عن جماعة من القضاة إلى أن توفي وهو نائب الرفيع الحيلي ودفن بقاسيون ورأيت بخط الأسدي الصالحية بتربة أم الصالح درس بها شهاب الدين بن المجد لما ولي القضاء سنة اثنتين وثلاثين ثم درس بها ناصر الدين بن المقدسي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الرواحية وقال ابن كثير في سنة تسع وثمانين وستمائة: ودرس بأم الصالح بعد ابن المقدسي القاضي إمام الدين القزويني وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الرواحية ورأيت بخط الأسدي الصالحية بتربة أم الصالح درس بها شهاب الدين بن المجد لما ولي القضاء سنة اثنتين وثلاثين.
وقال البرزالي في سنة خمس وثلاثين: وفي مستهل المحرم يوم الخميس ذكر الدرس بالمدرسة الصالحية المعروفة بتربة أم الصالح الفقيه شمس الدين ابن خطيب يبرود عوضا عن قاضي القضاة شهاب الدين بمقتضى انتقاله إلى المدرسة العادلية والغزالية والأتابكية وتولية الحكم بدمشق واستمراره على تدريس الإقبالية انتهى كلامه. وقد تقدمت ترجمة الشيخ شمس الدين هذا في المدرسة الدماغية. ثم درس بها آخر عمره الشيخ الإمام سعد الدين سعد بن يوسف بن إسماعيل بن يوسف النواوي الدمشقي ميلاده سنة تسع بتقديم التاء وعشرين وسبعمائة قدم دمشق صغيرا وسمع الحديث واشتغل ولازم الشيخ تاج الدين المراكشي2 مدة وتفقه على الشيخ شمس الدين ابن قاضي شهبة وقرأ على الشيخ عماد الدين ابن كثير علوم الحديث الذي ألفه وأذن له بالفتوى واشتغل بالجامع وأعاد بالناصرية والقيمرية وكتب في الإجازات وعلى الفتاوى وناب في القضاء وحصل له بعد الفتنة فاقة بعد ما كان مثريا توفي في شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانمائة ببلد الخليل على نبينا
1 شذرات الذهب 3: 392.
2 شذرات الذهب 6: 172.
وعليه الصلاة والسلام قاضيا بها وكان قد ولي ذلك مدة يسيرة. وقال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في ذيله في جمادى الأولى سنة تسع عشرة: الشيخ الإمام العالم شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن نشوان بن محمد بن أحمد الحواري الشافعي مولده في المحرم سنة سبع وخمسين وسبعمائة بقرية حوار قدم دمشق وقرأ القرآن الكريم بالسنجارية ثم أقرأ ولدي الشيخ شهاب الدين الزهري واشتغل في العلم معهما وبسببهما على الشيخ شهاب الدين ولازمه كثيرا وأخذ عن علاء الدين المجدلي وقال إنه انتفع به واشتغل عند مشايخ ذلك العصر إلى أن نبه وفضل وحضر الدروس مع الفقهاء وظهر فضله وأذن له الشيخ سراج الدين في الإفتاء لما قدم دمشق ثم نزل له الشيخ شهاب الدين بن حجي عن إعادة الشامية البرانية بعوض وجلس للاشتغال بالجامع الأموي وانتفع به الطلبة واشتهر اسمه وقد درس في آخر عمره بالعذراوية وكان عاقلا ذكيا يتكلم في العلم كلاما حسنا ويكتب على الفتاوى كتابة جيدة وعنده إنصاف ومحاضرة حسنة وفي آخر عمره لم يكن بقي في أقرانه من يناضره في العلم والرواج سوى الشيخ شهاب الدين الغزي وكان في يده جهات كثيرة ومات ولم يحج وكان قد اشتغل علي كثيرا ولم يكن له مختصر يحفظه وإنما كان يستحضر من التمييز لأنه علق بعضه بخاطره لما أقرأه لولدي مولانا الشيخ وقد مرض بالاستسقاء وطال مرضه حتى رأى في نفسه العبر وذلك بالخانقاة النجيبية ثم انتقل في آخر مرضه عند تيقنه الموت إلى البيمارستان النوري لغرض الصلاة عليه بالجامع الأموي ولغير ذلك توفي يوم الأربعاء خامسه بعد العصر وصلي عليه من الغد بالجامع الأموي وحضر جنازته خلق كثير من القضاة والفقهاء والأعيان ودفن بمقبرة الصوفية عند قبر شيخه القاضي شهاب الدين الزهري ومحقت تركته ولم يظهر لها عصارة ونزل عن وظائفه للقاضي تاج الدين الزهري ولولديه ثم قال الشيخ تقي الدين في ذيله لتاريخ شيخه الحافظ ابن حجي في سنة تسع عشرة وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء تاسع عشره درس القاضي تاج الدين بن
الزهري بالمدرسة العذراوية وبالشامية البرانية عوضا عن الشيخ شهاب الدين بن نشوان نزل له ولولديه عن جهاته ومنها هذه المدرسة أم الصالح وثلث العزيزية وإعادته بالشامية البرانية وإعادة العادلية الصغرى وتصدير الجامع وذلك مضافا إلى ما بيده من تدريس الشامية البرانية والعادلية الصغرى وإفتاء دار العدل وقضاء العسكر وتصدير الجامع وغير ذلك من الوظائف والأنظار انتهى.
وقد مر في الشامية البرانية أن من شروط واقفها أن لايجمع المدرس بها بينها وبين غيرها فلا قوة إلا بالله وباشر مشيخة الإقراء بهذه المدرسة الشيخ الإمام العلامة علم الدين أبو الفتح علي بن محمد بن عبد الصمد الهمذاني السخاوي المصري شيخ القراء والنحاة والفقهاء في زمانه بدمشق ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة. قال الذهبي في العبر في سنة ثلاث وأربعين وستمائة: وعلم الدين السخاوي أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد ابن عبد الأحد الهمذاني المقرىء النحوي ولد قبل الستين وخمسمائة وسمع من السلفي وجماعة وقرأ القراآت على الشاطبي والغزنوي1 وأبي الجود2 والكندي وانتهت إليه رياسة الإقراء والأدب في زمانه بدمشق وقرأ عليه خلق لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى وما علمت أحدا في الإسلام حمل عنه القراآت أكثر مما حمل عنه وله رحمه الله تعالى تصانيف سائرة متقنة توفي رحمه الله تعالى ورحمنا به بمسكنه بتربة أم الصالح المذكورة في ثاني عشر جمادى الآخرة ودفن بتربته بجبل قاسيون. ثم قال الذهبي فيها في سنة إحدى وثمانين: وقال الصفدي أبو الفتح الأنصاري الملوني محمد بن علي ابن محمد بن موسى شمس الدين لم يشتهر إلا بكنيته كان فاضلا عارفا بالقراآت تفرد بذلك في وقته وكان يقرىء بتربة أم الصالح هذه بدمشق توفي في سابع عشر صفر سنة سبع وخمسين وستمائة وانتفع به الناس انتهى. ثم قال الذهبي في العبر سنة إحدى وثمانين وستمائة: والشيخ زين الدين الزواوي
1 شذرات الذهب 4: 343.
2 شذرات الذهب 5: 17.
الإمام ابو محمد عبد السلام بن علي بن عمر ابن سيد الناس المالكي القاضي المقريء شيخ المقرئين ولد ببجاية سنة تسع وثمانين وقرأ القرآن الكريم بالإسكندرية على عيسى1 وبدمشق على السخاوي وبرع في الفقه وعلوم القرآن والزهد والإخلاص ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح اثنتين وعشرين سنة وقرأ عليه عدد كثير وولي القضاء تسعة أعوام ثم عزل نفسه يوم موت رفيقه القاضي شمس الدين بن عطاء2 واستمر على التدريس والإفراء بتربة أم الصالح إلى أن توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب منها ثم قال فيها في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: والقاضي جمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن داود بن ظافر العسقلاني ثم الدمشقي المقرىء صاحب السخاوي ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح مدة وسمع من ابن الزبيدي وجماعة وكتب الكثير توفي في جمادى الأولى انتهى. ثم وليها شيخ القراء والنحاة مجد الدين أبو بكر بن محمد بن قاسم التونسي الشافعي أخذ القراآت والنحو عن الشيخ جسن الراشدي وتصدر بتربة الأشرفية الآتية وبأم الصالح هذه وتخرج به الفضلاء وكان دينا صيتا ذكيا حدث عن الفخر علي مات بدمشق في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وسبعمائة عن اثنتين وستين سنة قاله الذهبي. وقال ابن كثير في هذه السنة المذكورة: وفي يوم الأربعاء ثاني عشرين شوال بكرة باشر بدر الدين محمد بن بضحان مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح عوضا عن الشيخ مجد الدين التونسي توفي وحضر عنده الأعيان وقد حضرته يومئذ انتهى. ثم وليها العالم المفنن شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم البعلبكي المعروف بابن النقيب سمع بدمشق من ابن الشحنة والشيخ برهان الدين الفزاري وعلاء الدين بن العطار وطائفة وبالقاهرة من جماعة وأخذ القراآت عن الشيخ شهاب الدين الكفري والنحو عن الشيخين مجد الدين التونسي وأبي حيان والأصول عن الأصفهاني وولي مشيخة الإقراء بأم الصالح هذه ومشيخة الأشرفية ودرس
1 شذرات الذهب 5: 132.
2 شذرات الذهب 5: 340.
بالعادلية الصغرى والقليجية وولي إفتاء دار العدل وناب في الحكم عن ابن المجد. وقال ابن كثير: وكان بارعا في القراآت والنحو والتصريف وله يد في الفقه وغيره توفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة أربع وستين وسبعمائة ودفن بمقبرة الصوفية. ثم وليها الشيخ الإمام شهاب الدين أحمد بن بلبان بن عبد الله البعلبكي الشافعي المقرىء المجود النحوي المتقن شيخ وظيفة الإقراء بتربة أم الصالح هذه وبالأشرفية ومدارس القليجية والعادلية الصغرى وكان مولده ببعلبك في سنة ثمان وتسعين وستمائة وانتقل إلى دمشق فاشتغل بالعلم وتلا بالسبع على الشيخ شهاب الدين الحسين بن سليمان الكفري الحنفي وأخذ النحو عن الشيخ مجد الدين التونسي وناب في الحكم لقاضي القضاة شهاب الدين ابن المجد وسمع من الشيخ شهاب الدين محمود بن سلمان الحلبي1 وعلاء الدين علي بن إبراهيم بن داود العطار وغيرهما وباشر وظيفة إفتاء دار العدل بدمشق مدة وخلفه فيها صهره شهاب الدين الزهري المتقدم ذكره توفي في شهر رمضان سنة أربع وستين وسبعمائة قاله السيد شمس الدين الحسيني. ثم وليها بعده الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الإمام العلامة شمس الدين بن اللبان المصري سمع الحديث من جماعة ونفقه على ابن الرفعة وغيره وصحب في التصوف الشيخ ياقوت الملثم2 بالإسكندرية صاحب أبي العباس المرسي صاحب الشيخ أبي الحسن الشاذلي توفي شهيدا في شوال سنة تسع وأربعين وسبعمائة. ثم وليها العلامة شمس الدين ابن الجزري المقرىء مع مشيخة العادلية وقد تقدمت ترحمته في دار القرآن الجزرية ثم انتقلنا إلى ولده فتح الدين وقد تقدمت ترجمته بالمدرسة الأتابكية. ثم نزل عنها قبيل وفاته في صفر سنة أربع عشرة للشيخ شرف الدين صدقة المقريء الضرير. ثم تلقاهما عنه الشيخ فخر الدين بن الصلف وهو عثمان بن محمد بن خليل بن أحمد بن يوسف الشيخ الإمام العلامة أبو
1 شذرات الذهب 6: 69.
2 شذرات الذهب 6: 103.