الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ابن أبي شيبة 17236]، ولأن بها أذى فحرم وطؤها كالحائض، ولا كفارة فيه لعدم الدليل.
وعنه، وفاقاً: يباح وطؤها؛ لأن حَمْنَةَ كانت تُستحاض، وكان زوجها طلحة بن عبيد الله يجامعها، وأم حبيبة كانت تستحاض، وكان زوجها عبد الرحمن بن عوف يغشاها [أبو داود 309، 310]، ولأن الأصل الإباحة، ولم يَرِدْ ما يدل على التحريم، وأما أثر عائشة رضي الله عنها فرجَّح البيهقي أنه من قول الشعبي، وعليه يدل كلام أحمد.
فصل في أحكام النفاس
النفاس: دم تُرْخِيهِ الرحم للولادة وبعدها، وهو بقية الدم الذي احتبس في الرحم مدة الحمل لأجله، وأصله لغة: من النفس، وهو الخروج من الجوف، أو مِن: نفَّس الله كربته، أي: فرَّجها.
مسألة: (وَأَكْثَرُ مُدَّةِ النِّفَاسِ: أَرْبَعُونَ يَوْماً) من ابتداء خروج بعض الولد؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كَانَتِ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْماً» [أبوداود 311، والترمذي 139، وابن ماجه 648]، وحكاه أحمد عن: عمر [عبد الرزاق 1197]، وابن عباس [الدارمي 962]، وأنس [عبد الرزاق 1198]، وعثمان بن أبي العاص [عبد الرزاق 1201]،
وعائذ بن عمرو [الدارمي 961]، وأم سلمة رضي الله عنهم، ولا يعرف لهم مخالف في عصرهم، قال الترمذي:(أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك).
ولا حد لأقل النفاس؛ لأنه لم يَرِدْ تحديده.
واختار شيخ الإسلام: أنه لا حد لأقل النفاس ولا لأكثره؛ لأنه لم يرد ما يدل على التحديد، والأصل:(أن ما يخرج بسبب الولادة أنه نفاس)، ولكن إن اتصل فهو دم فساد، وأما الآثار فهي مبنية على غالب النفاس.
- مسألة: يثبت حكم النفاس بوضع ما يتبين فيه خلق الإنسان، فلو وضعت علقة، أو مضغة لا تخطيط فيها، لم يثبت لها بذلك حكم النفاس، وأقل ما يتبين فيه خلق الإنسان: واحد وثمانون يوماً، وغالبها: ثلاثة أشهر.
- مسألة: (وَالنَّقَاءُ زَمَنَهُ) أي: زمنَ النفاس وكذا الحيض (طُهْرٌ)؛ لأن الله تعالى وصف الحيض بكونه أذى، فإذا ذهب الأذى زال حكمه، والنفاس مثله.
- مسألة: (يُكْرَهُ الوَطْءُ فِيهِ) أي: في النقاء من النفاس قبل الأربعين بعد الغسل، وهو من المفردات؛ لأن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه كان يقول للمرأة من نسائه إذا نفست:" لا تقربيني أربعين ليلة "[عبد الرزاق 1202]، ولأنه لا يأمن عود الدم في زمن الوطء.
وعنه، وفاقاً للثلاثة: لا يكره، ؛ لأن علة تحريم الوطء وجود الأذى، فإذا ارتفع الأذى ارتفع حكمه، وما ورد عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه لا يصح، ولو صح فهو على سبيل الاحتياط منه خوفاً من أنها لم تتيقن الطهر.
- مسألة: الدم الذي يخرج من المرأة عند الولادة لا يخلو:
1 -
أن يكون خروجه بعد الولادة: فنفاس بالاتفاق.
2 -
أن يكون خروجه مع الولادة: فنفاس.
3 -
أن ترى الدم قبل الولادة: فنفاس بشرطين: أن تراه قبل الولادة بيومين أو ثلاثة مع أمارة نفاس، وأما قبله بأكثر من ثلاث فليس بنفاس.
- مسألة: (وَهُوَ) أي: النفاس (كَحَيْضٍ فِي) جميع (أَحْكَامِهِ)، فهو كالحيض:
فيما يحل: كالاستمتاع بما دون الفرج.
وفيما يحرم به: كالصلاة والصوم والوطء في الفرج.
وفيما يجب به: كالغسل، والكفارة بالوطء.
وفيما يسقط به: كسقوط قضاء الصلاة، ووجوب الصوم.
ويختلف النفاس عن الحيض في مسائل، أشار المصنف إلى بعضها بقوله:
1 -
(غَيْرَ عِدَّةٍ): فإن المفارَقَةَ في الحياة تعتد بالحيض، وكل حيضة تحسب من العدة، ولو طُلِّقت في نفاسها اعتدت بثلاث حِيَضٍ، ولا يحسب دم النفاس من العِدة.
2 -
(وَ) غيرَ (بُلُوغٍ)، فيثبت البلوغ بالحيض دون النفاس؛ لحصول البلوغ بالإنزال السابق للحمل.
3 -
أن النفساء يكره لزوجها أن يطأها إذا طهرت قبل الأربعين، بخلاف الحائض فلا يكره وطؤها إذا طهرت قبل زمن العادة.
4 -
أن مدة النفاس لا تُحسب على المُولِي، فتضاف مدة النفاس على الأربعة أشهر، بخلاف مدة الحيض فإنها تحسب على المولي.
5 -
أن دم النفاس لاحد لأقله، بخلاف دم الحيض.