الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتارة يسلم تسليمة واحدة، وتارة يسلم تسليمتين.
- فرع: التسليم من واجبات الصلاة على الجنازة؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، وقد قال:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .
8 -
(وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) ندباً (مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ)؛ لما صحَّ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه: «كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْجِنَازَةِ» [ابن أبي شيبة: 11380].
- فرع: واجبات صلاة الجنازة ستة: القيام في الفرض، وأربع تكبيرات، والفاتحة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعوة للميت، والسلام.
فصل في حمل الميت ودفنه
- مسألة: (وَسُنَّ) في حمل الميت:
1 -
(تَرْبِيعٌ فِي حَمْلِهَا)؛ لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَةً فَلْيَحْمِلْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ كُلِّهَا؛ فَإِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ فَلْيَتَطَوَّعْ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَدَعْ» [ابن ماجه: 1478، وهو منقطع]، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما من فعله [ابن أبي شيبة: 11277]، وكيف حملها جاز، بشرط عدم الإزراء بالميت.
- فرع: صفة التربيع في الحمل: أن يضع قائمة السرير اليسرى المقدمة
على كتفه اليمنى، ثم ينتقل إلى المؤخرة، ثم يضع قائمته اليمنى المقدمة على كتفه اليسرى، ثم ينتقل إلى المؤخرة.
2 -
(وَ) يسن (إِسْرَاعٌ) بالجنازة عند حملها، قال الشارح:(لا نعلم خلافاً بين الأئمة)، ما لم يخف عليها من الإسراع، ولم يشق على التابعين؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» [البخاري: 1315، ومسلم: 944].
3 -
(وَ) يسن (كَوْنُ مَاشٍ أَمَامَهَا) أي: أمام الجنازة؛ لقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ» [أحمد: 6042، وأبو داود: 3179، والترمذي: 1007، والنسائي: 1944، وابن ماجه: 1482].
وقيل: يمشي حيث شاء؛ لما ورد في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه مرفوعاً: «الرَّاكِبُ خَلْفَ الجنَازَةِ، وَالمَاشِي مِنْهَا حَيْثُ شَاءَ» [أحمد: 18207، والترمذي: 1031، والنسائي: 1942، وابن ماجه: 1481].
- مسألة: (وَ) يكره اتباع الجنازة وهو (رَاِكبٌ)؛ لما روى ثوبان رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أُتي بدابة وهو مع الجنازة، فأبى أن يركبها، فلما انصرف أتي بدابة فركب، فقيل له، فقال:«إِنَّ المَلَائِكَةَ كَانَتْ تَمْشِي، فَلَمْ أَكُنْ لِأَرْكَبَ وَهُمْ يَمْشُونَ، فَلَمَّا ذَهَبُوا رَكِبْتُ» [أبو داود: 3177، وصححه الألباني].
- فرع: يجوز الركوب عند اتباع الجنازة في حالتين:
الأولى: (لِحَاجَةٍ) كمرض؛ لأن الحاجة تزول معها الكراهة.
الثانية: عند العود من الجنازة؛ لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِفَرَسٍ مُعْرَوْرىً (1)، فَرَكِبَهُ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ جنَازَةِ ابْنِ الدَّحْدَاحِ، وَنَحْنُ نَمْشِي حَوْلَهُ» [مسلم: 965].
4 -
يسن سير راكب (خَلْفَهَا) أي: خلف الجنازة، قال الخطابي:(لا أعلم اختلفوا في أنه يكون خلفه)؛ لحديث المغيرة بن شعبة السابق، وفيه:«الرَّاكِبُ خَلْفَ الجنَازَةِ» .
5 -
(وَ) سن كون متبع الجنازة على (قُرْبٍ مِنْهَا)، وهو أفضل من كونه بعيداً؛ لأنها متبوعة فهي كالإمام.
أحكام دفن الميت
- مسألة: (وَ) يسن في الدفن:
1 -
(كَوْنُ قَبْرٍ لَحْداً) اتفاقاً، وهو أن يحفر إذا بلغ قرار القبر في حائط القبر مكاناً يسع الميت؛ لقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:«الحَدُوا لِي لحدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم» [مسلم: 966].
(1) معرورى: قال أهل اللغة: اعروريت الفرس إذا ركبته عُرْيًا.
والشق جائز اتفاقاً، وهو أن يُحْفَر وسط القبر كالنهر ويُبنى جانباه؛ لحديث أنس بن مالك، قَالَ:«لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالمَدِينَةِ رَجُلٌ يَلْحَدُ، وَآخَرُ يَضْرَحُ، فَقَالُوا: نَسْتَخِيرُ رَبَّنَا، وَنَبْعَثُ إِلَيْهِمَا، فَأَيُّهُمَا سُبِقَ تَرَكْنَاهُ، فَأُرْسِلَ إِلَيْهِمَا، فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ، فَلَحَدُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» [أحمد 12451، وابن ماجه 155].
لكن يكره الشق بلا عذر؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» [أبو داود: 3208، والترمذي: 1045، والنسائي: 2009، وابن ماجه: 1554].
2 -
(وَ) يسن (قَوْلُ مُدْخِلٍ) الميت للقبر: (بِاسْمِ الله، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أدخل الميت القبر قال: «بِاسْمِ الله، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله» [أبو داود: 3213، والترمذي: 1046، وابن ماجه: 1550]، وفي لفظ الترمذي:«بِاسْمِ الله وَبِالله، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله» .
3 -
(وَ) يسن (لَحْدُهُ) أي: الميت (عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ)؛ لأنه يشبه النائم، وهذه سنته، ففي حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما:«كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ» [البخاري: 6315].
- مسألة: (وَيَجِبُ اسْتِقْبَالُهُ) أي: الميت (القِبْلَةَ) عند دفنه؛ لحديث
عبيد بن عمير عن أبيه مرفوعاً -وكانت له صحبة-: «البَيْتُ الحَرَامُ قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» [أبو داود: 2875]، وعمل المسلمين على ذلك.
- مسألة: (وَكُرِهَ) في الدفن:
1 -
(بِلَا حَاجَةٍ جُلُوسُ تَابِعِهَا) أي: تابع الجنازة (قَبْلَ وَضْعِهَا) بالأرض للدفن؛ لحديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً: «إِذَا اتَّبَعْتُمْ جنَازَةً، فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ» [البخاري: 1310، ومسلم: 959]، فإن احتاج الجلوس لم يكره؛ لما فيه من المشقة حينئذ.
2 -
(وَ) كره (تَجْصِيصُ قَبْرٍ) أي: تبييضه بالجص، وتزيينه؛ لحديث جابر رضي الله عنه:«نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ» [مسلم: 970].
3 -
(وَ) كره (بِنَاءُ) شيء على القبر؛ لحديث جابر رضي الله عنه السابق.
وقيل: يحرم تجصيص القبر وتزيينه والبناء عليه؛ لظاهر النهي في حديث جابر رضي الله عنه السابق، والنهي يقتضي التحريم، ولأنه وسيلة إلى تعظيم القبور والافتتان بها.
قال ابن القيم: (يجب هدم القباب التي على القبور؛ لأنها أسست على معصية الرسول).
4 -
(وَ) كره (كِتَابَةٌ) على القبر؛ لحديث جابر السابق، وفي رواية الترمذي (1052):" وأن يكتب عليها ".
وقيل: تحرم الكتابة على القبر؛ لظاهر النهي في حديث جابر، والنهي يقتضي التحريم.
- فرع: لا بأس بوضع علامة غير الكتابة على القبر، كخشبة ونحوها؛ لحديث المطَّلِب قال: لما مات عثمان بن مظعون، أخرج بجنازته فدفن، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا أن يأتيه بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحسر عن ذراعيه، ثم حملها فوضعها عند رأسه، وقال:«أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» [أبو داود: 3206].
5 -
(وَ) كره (مَشْيٌ) على قبر، (وَ) كره (جُلُوسٌ عَلَيْهِ)؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» [مسلم: 971].
وقيل: يحرم؛ لظاهر حديث أبي هريرة السابق؛ ولأن حرمة المسلم ميتًا كحرمته حيًا.
6 -
(وَ) كره (إِدْخَالُهُ) أي: القبر (شَيْئاً مَسَّتْهُ النَّارُ) كآجُرٍّ، اتفاقاً؛ تفاؤلاً بألَّا تمسه النار، قال إبراهيم النخعي:«كانوا يكرهون الآجر في قبورهم» [مصنف ابن أبي شيبة: 11769].
7 -
(وَ) كره (تَبَسُّمٌ)، والضحك أشد، (وَ) كره (حَدِيثٌ بِأَمْرِ الدُّنْيَا عِنْدَه)
أي: عند القبر؛ لأنه غير لائق بالحال.
- مسألة: (وَحَرُمَ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ) معاً، أو واحداً بعد آخَرَ قبل بِلى السابق (فِي قَبْرٍ) واحد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدفن كل ميت في قبر، وعلى هذا استمر فعل الصحابة ومن بعدهم.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: أنه يكره؛ لعدم الدليل على التحريم، وإنما الوارد فعل، والفعل لا يدل على إيجاب ولا تحريم.
- فرع: لا يدفن اثنان في قبر واحد (إِلَّا) في حالتين:
1 -
(لِضَرُورَةٍ) ككثرة الموتى، وقلة من يدفنهم، وخوف الفساد عليهم؛ لحديث هشام بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أُحُد:«ادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ» [أحمد: 16261، وأبو داود: 3215، والترمذي: 1713، والنسائي: 2010].
2 -
إذا بَلِيَ الأولُ وصار رميماً، ويُرجع في ذلك إلى أهل الخبرة، فلا ينبش قبر ميت لميت آخر؛ لما فيه من هتك حرمته.
- مسألة: إهداء القرب للميت، وهي على قسمين:
القسم الأول: قُرب يجوز إهداؤها للميت اتفاقاً، وهي:
1 -
الدعاء والاستغفار؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ)[الحشر: 10]، ولحديث أبي
هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» [مسلم: 1631].
2 -
العبادات المالية، كالصدقة والعتق؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي افْتُلِتَت نفسُها ولم تُوصِ، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال:«نَعَمْ» [مسلم: 1004].
القسم الثاني: قُرب تُنُوزع في جواز إهدائها للميت، وهي باقي العبادات؛ كالصلاة والصوم والحج وغيرها، والمذهب الجواز، واختاره شيخ الإسلام؛ لحديث بُريدة رضي الله عنه قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أتته امرأة، فقالت: يا رسول الله، إنَّهُ كان عليها - أي: أمها - صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال:«صُومِي عَنْهَا» ، قالت: إنها لم تحج قط، أفأحج عنها؟ قال:«حُجِّي عَنْهَا» [مسلم: 1149]، ويقاس باقي العبادات على ما تقدم من النصوص، سواء كانت تدخلها النيابة كصوم وحج، أو لا تدخلها النيابة كالصلاة ونحوها، وإلى ذلك أشار المؤلف بقوله:(وَأَيُّ قُرْبَةٍ فُعِلَتْ) من مسلم (وَجُعِلَ ثَوَابُهَا لِمُسْلِمٍ) غيره (حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ نَفَعَهُ) ذلك، قال أحمد:(الميت يَصِل إليه كل شيء من الخير).
وأما قوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)، فالمعنى: أنه لا يملك سعي غيره، لكن هذا لا يمنع أن ينتفع بسعي غيره كما ينتفع الرجل بكسب غيره، وحديث:«إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ» ، دل