الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال في الفروع: (وظاهر كلام جماعة: لا يكره)؛ لقول عمر رضي الله عنه: «إِنَّ الجُمُعَةَ لَا تَمْنَعُكَ السَّفَرَ مَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُهَا» [عبد الرزاق 5536].
فصل
- مسألة: (وَشُرِطَ لِصِحَّتِهَا) أي: الجمعة أربعة شروط:
الشرط الأول: (الوَقْتُ)(1)؛ لأنها صلاة مفروضة، فاشترط لها الوقت كبقية الصلوات، فلا تصح قبل الوقت، ولا بعده إجماعًا، قاله في المبدع.
- فرع: (وَهُوَ) أي: وقت الجمعة:
بدايته: على قسمين:
1 -
وقت الجواز: يبدأ من (أَوَّلِ وَقْتِ) صلاة (العِيدِ)، وهو من المفردات؛ لقول عبد الله بن سِيدان:" شَهِدْتُ الْجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ شَهِدْنَا مَعَ عُمَرَ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ: انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ شَهِدْنَا مَعَ عُثْمَانَ، فَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ: زَالَ النَّهَارُ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً عَابَ ذَلِكَ، وَلا أَنْكَرَهُ "
(1) قالوا هنا في صلاة الجمعة: (الوقت)، ولم يقولوا:(دخول الوقت) كما قالوا في أوقات الصلوات الخمس، لأن الجمعة لا تصح بعد الوقت ولو لعذر، بل تصلى ظهراً بخلاف الصلوات الخمس.
[الدارقطني 1623]، ولحديث سهل بن سعد رضي الله عنه:«مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الجُمُعَةِ» [البخاري 2349، ومسلم 859]، واحتج بهما أحمد، وعن عبد الله بن مسعود ومعاوية رضي الله عنهما:(أَنَّهُمْ صَلَّوُا الجُمُعَةَ ضُحًى)[ابن أبي شيبة 2/ 107].
وعنه، واختاره ابن قدامة: يجوز فعلها في الساعة السادسة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» [البخاري 881، ومسلم 850]، وعليه تحمل الأحاديث والآثار السابقة، قال ابن قدامة:(ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه أنهم صَلَّوْا أولَ النهار)، وأما حديث عبد الله بن سيدان فقال عنه البخاري:(لا يتابع على حديثه، بل عارضه ما هو أقوى منه).
2 -
وقت الاستحباب: بعد الزوال، وفاقاً؛ لما روى سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال:«كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ» [مسلم 860]، وروي ذلك عن علي والنعمان بن بشير وعمرو بن حريث رضي الله عنهم [ابن أبي شيبة 2/ 107 - 108]، وخروجاً من الخلاف.
وآخر وقت الجمعة: يمتد (إِلَى آخِرِ وَقْتِ) صلاة (الظُّهْرِ) بلا خلاف.
قاله في المبدع، ولأنها بدل منه أو واقعةٌ موقعَه، فوجب الإلحاق؛ لما بينهما من المشابهة.
- مسألة: تدرك صلاة الجمعة بإدراك تكبيرة الإحرام في الوقت، (فَإِنْ خَرَجَ) وقت الجمعة (قَبْلَ التَّحْرِيمَةِ) أي: قبل أن يكبروا للإحرام بالجمعة، (صَلَّوْا ظُهْراً)؛ لأنها لا تقضى، قال في الشرح:(لا نعلم فيه خلافاً).
(وَإِلَّا)، بأن أحرموا بها في الوقت، فيصلونها (جُمُعَةً)، وهو من المفردات؛ لأنها تدرك بإدراك تكبيرة الإحرام، قياسًا على بقية الصلوات، على ما تقدم.
وعنه، واختاره ابن قدامة وشيخ الإسلام: إن أدركوا منها ركعة أتموها جمعة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» [البخاري 580، ومسلم 607]، وفي رواية:«مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى» [ابن ماجه 1121].
فإن خرج الوقت قبل إدراك ركعة لم يتموها جمعة، وهل يتمونها ظهراً أو يستأنفونها؟ المذهب: يتمونها ظهراً؛ لأنهما صلاتا وقت، فجاز بناء إحداهما على الأخرى، كصلاة السفر والحضر.
(وَ) الشرط الثاني: (حُضُورُ أَرْبَعِينَ بِالإِمَامِ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا) أي: وجوب صلاة الجمعة؛ لقول كعب بن مالك رضي الله عنه: «أسْعَدُ بْن زُرَارَةَ أَوَّلُ مَنْ
جَمَّعَ بِنَا فِي هَزْمِ النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي نَقِيعٍ، يُقَالُ لَهُ: نَقِيعُ الخَضَمَاتِ، قيل: كَمْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: أَرْبَعُونَ» [أبو داود 106]، واحتج به أحمد.
وعنه واختاره شيخ الاسلام: تنعقد بثلاثة؛ لأن الخطاب ورد بصيغة الجمع في قوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله)[الجمعة: 9]، ولا بد من جماعة تستمع إلى الخطيب، وأقل الجماعة اثنان، ولحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً:«إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» [مسلم 672]، وأما تجميع أسعدَ بن زرارة فهذا وقع اتفاقاً، لا قصداً.
- مسألة: (فَإِنْ نَقَصُوا) عن العدد المشترط (قَبْلَ إِتْمَامِهَا) لم يتموها جمعة؛ لفقد شرطها، و (اسْتَأْنَفُوا جُمُعَةً إِنْ أَمْكَنَ) إعادتُها جمعةً بشروطها؛ لأنها فرض الوقت، (وَإِلَّا)، بأن لم يمكن استئنافها لفقد بعض شروطها، استأنفوا (ظُهْراً).
واختار الموفق: أنهم إن صَلَّوْا ركعة أتموها جمعة، وإلا فلا؛ لحديث أبي هريرة السابق:«مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» .
- مسألة: (وَمَنْ) أحرم بالجمعة في الوقت و (أَدْرَكَ مَعَ الإِمَامِ) منها (رَكْعَةً أَتَمَّهَا جُمُعَةً)؛ لحديث أبي هريرة السابق: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» .
وإن أدرك أقل من ركعة أتمها ظهراً بشرطين:
1 -
أن يدخل وقت الظهر بالزوال.
2 -
إذا نوى الظهر عند الدخول؛ لحديث عمر رضي الله عنه: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» .
واختار ابن عثيمين: أنه يدخل مع الإمام، فإن تبين أنه لم يدرك ركعة، فإنه يتمها ظهراً؛ لأن الظهر فرع عن الجمعة، فإذا انتقل من الجمعة إلى الظهر، فقد انتقل من أصل إلى بدل، وكلاهما فرض الوقت.
الشرط الثالث: أن يكونوا بقرية مستوطنين بها، بما جرت به العادة، وقد سبق إيضاحه.
(وَ) الشرط الرابع: (تَقْدِيمُ خُطْبَتَيْنِ)؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله)، والذِّكر: هو الخطبة، فأمر بالسعي إليها، فيكون واجباً؛ إذ لا يجب السعي لغير واجب، ولمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما، قال ابن عمر رضي الله عنهما:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا» [البخاري 928، ومسلم 861].
- مسألة: و (مِنْ شَرْطِهِمَا) أي: من شرط صحة الخطبتين، والمراد بالشرط هنا: ما تتوقف عليه الصحة، أعم من أن يكون داخلاً أو خارجاً، فيعم الأركان والشروط (1):
(1) خطبتا الجمعة عند الأصحاب لهما أركان وشروط، والمؤلف دمج بينهما، ولذلك قلنا:(المراد بالشرط هنا: ما تتوقف عليه الصحة أعم من أن يكون داخلًا أو خارجًا) تبعًا للبهوتي.
أما أركان الخطبتين فستة: حمد الله، والصلاة على رسول الله، وقراءة آية من كتاب الله، والوصية بتقوى الله، والموالاة بين الخطبتين وبينهما وبين الصلاة، والجهر بحيث يسمع العدد المعتبر حيث لا مانع.
وأما شروط صحتهما، فخمسة: الوقت، والنية، ووقوعهما حضراً، وحضور الأربعين، وأن يكونا ممن تصح إمامته فيها.
1 -
(الوَقْتُ) أي: وقت الجمعة، فلا تصح واحدة منهما قبله؛ لأنهما بدل ركعتين، والصلاة لا تصح قبل وقتها.
2 -
(وَحَمْدُ الله) تعالى بلفظ: (الحمد لله)؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الجُمُعَةِ، يَحْمَدُ الله، وَيُثْنِي عَلَيْهِ» [مسلم 867]، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالحَمْدِ لِلهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» [أبو داود 4840].
ولا يجزئ غير لفظ (الحمد لله)؛ لما روى ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد قال: «الحَمْدُ لِلهِ نَسْتَعِينُهُ
…
» [أبو داود 1097].
3 -
(وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ عَلَيْهِ) الصلاة (السَّلَامُ)؛ لأن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر رسوله صلى الله عليه وسلم، كالأذان، ويتعين لفظ الصلاة، ولا يجب السلام عليه مع الصلاة عملًا بالأصل.
واختار شيخ الإسلام: وجوب الشهادتين، لا الصلاة عليه (1)؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ، فَهِيَ كَاليَدِ الجَذْمَاءِ» [أبو داود 4841، والترمذي 1106]، ولأن الشهادة إيمان به، وما عللوا به ينتقض بالذبح، فإنه يفتقر إلى ذكر الله تعالى، ولا يفتقر إلى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4 -
(وَقِرَاءَةُ آيَةٍ) كاملة، واختاره شيخ الإسلام؛ لقول الله تعالى:(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الأعراف: 204]، نزلت في الصلاة والخطبة، ووجه الدلالة: أنَّ (إذا) إنّما تقولها العرب فيما لا بد من وقوعه، لا فيما يحتمل الوقوع وعدمه، ولقول جابر بن سمرة رضي الله عنه:«كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيُذَكِّرُ النَّاسَ» [مسلم 862].
5 -
(وَحُضُورُ العَدَدِ المُعْتَبَرِ) للجمعة، لسماع القدر الواجب؛ لأنه ذكر اشترط للصلاة، فاشترط له العدد؛ كتكبيرة الإحرام.
6 -
(وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِقَدْرِ إِسْمَاعِهِ) أي: العددِ المعتبر للقدر الواجب من الخطبة، إن لم يعرض مانع من السماع، كنوم أو صمم بعضهم، فإن لم يسمعوا الخطبة لخفض صوته أو بعده عنهم لم تصح؛ لعدم حصول المقصود بها.
(1) قال في الاختيارات (120): (وتردد في وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والمثبت في الأصل هو كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (22/ 390).
7 -
(وَالنِّيَّةُ)؛ لحديث عمر رضي الله عنه مرفوعاً: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» [البخاري 1، ومسلم 1907].
8 -
(وَالوَصِيَّةُ بِتَقْوَى الله) عز وجل؛ لأنه المقصود، (وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا)، أي: الوصية، وأقله: اتقوا الله، وأطيعوا الله، ونحوه.
وقال شيخ الإسلام: (ولا يكفي في الخطبة ذم الدنيا وذكر الموت، بل لا بد من مسمى الخطبة عرفاً، ولا تحصل باختصار يفوت به المقصود).
9 -
(وَأَنْ تَكُونَا) أي: الخطبتين (مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا) أي: في الجمعة، وهو من تجب عليه بنفسه، بأن يكون مكلفًا ذكراً حرًّا مستوطناً، فلا تصح من أنثى وعبد ومسافر ونحوهم؛ لأن الجمعة تصح منهم تبعًا، فلو كانوا أئمة صار التابع متبوعاً.
ويمكن أن يقال: أما إمامة المرأة والمجنون وغير المميز، فلا تصح اتفاقاً، وأما إمامة الصبي المميز، والعبد، والمسافر، فتصح إمامتهم فيها، وهي رواية في المذهب، ؛ لعموم الأدلة، ولما تقدم في أحكام الإمامة أن من صحت صلاته صحت إمامته، إلا لدليل.
10 -
الموالاة بينهما وبين الصلاة، والموالاة بين أجزاء الخطبتين؛ للقاعدة: أن كل عبادة مركبة من أجزاء يشترط فيها الموالاة إلا لدليل.
11 -
وقوعهما حضراً، أي: أن الاستيطان شرط لصحة الخطبتين؛
لاشتراطه في صحة صلاة الجمعة، والخطبتان في مقام الركعتين.
- فرع: (لَا) يشترط لمن يتولى الخطبتين أن يكون (مِمَّنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ)، بل يستحب، ؛ لأن الخطبة منفصلة عن الصلاة، أشبها الصلاتين.
- مسألة: (وَتُسَنُّ) في (الخُطْبَةِ) سنن، منها:
1 -
أن تكون (عَلَى مِنْبَرٍ)؛ لحديث سهل رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة: «مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلْ لِي أَعْوَاداً، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ» [البخاري 917، ومسلم 544]، وحكاه النووي إجماعاً، (أَوْ) يجلس على (مَوْضِعٍ عَالٍ) إن لم يكن منبر؛ لأنه في معناه؛ لاشتراكهما في المبالغة في الإعلام.
2 -
(وَ) يسن (سَلَامُ خَطِيبٍ إِذَا خَرَجَ) على المأمومين، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ» وذكر منها: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ
…
» [البخاري 1240، ومسلم 2162، واللفظ له].
3 -
(وَ) يسن أيضًا سلامه على المأمومين (إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ)؛ لما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذَا صَعِدَ المِنْبَرَ سَلَّمَ» [ابن ماجه 1109]، وصح ذلك عن عثمان رضي الله عنه [ابن أبي شيبة 5196].
4 -
(وَ) يسن (جُلُوسُهُ) أي: الخطيب على المنبر (إِلَى فَرَاغِ الأذَانِ)؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ إِذَا صَعِدَ المِنْبَرَ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ» [أبو داود 1092].
5 -
(وَ) يسن جلوسه (بَيْنَهُمَا) أي: بين الخطبتين (قَلِيلاً)؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَائِماً، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ» [البخاري 928، ومسلم 861]، ولا يجب الجلوس، ولكن الواجب الفصل بين الخطبتين بسكتة يحصل بها التمييز؛ لأن جماعة من الصحابة منهم علي رضي الله عنهم [عبد الرزاق 5267] سردوا الخطبتين من غير جلوس، ولأنه ليس في الجلسة ذكر مشروع.
6 -
(وَ) تسن (الخُطْبَةُ قَائِماً)؛ لقوله تعالى: (وَتَرَكُوكَ قَائِمًا)[الجمعة: 11]، ولحديث ابن عمر السابق، فإن خطب جالساً جاز؛ لأنه ذكر، ولأنه ورد عن ابن الزبير رضي الله عنهما:«أنه كان يجلس فيخطب جالساً، ثم يقوم فيخطب أيضاً، وكان جلوسه أكثر ذلك» [عبد الرزاق 5268].
7 -
ويسن أن يكون الخطيب (مُعْتَمِداً) بإحدى يديه (عَلَى سَيْفٍ، أَوْ عَصاً) أو قوس؛ لحديث الحَكَمِ بن حَزْنٍ رضي الله عنه قال: «شَهِدْنَا الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصاً، أَوْ قَوْسٍ» [أحمد 17856، وأبو داود 1096].
وقال ابن القيم: (ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيره، وإنما كان يعتمد على قوس أو عصًا قبل أن يتخذ المنبر)، وعليه: فإن كان على منبر لم يسن، وإلا سن أن يعتمد على قوس أو عصًا.
8 -
وأن يكون (قَاصِداً تِلْقَاءَهُ) أي: تلقاء وجهه؛ قال الموفق: (لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك)، لأنه أبلغ في سماع الناس، وأعدل بينهم، فلا يلتفت يميناً ولا شمالاً، قال النووي:(واتفق العلماء على كراهة هذا الالتفات، وهو معدود من البدع المنكرة).
9 -
(وَ) يسن (تَقْصِيرُهُمَا) أي: الخطبتين؛ لحديث عمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ» [مسلم 769]، (وَ) يسن أن تكون الخطبة (الثَّانِيَةُ أَكْثَرَ) تقصيراً من الأولى؛ قياساً على الصلاة، وكالإقامة مع الأذان.
وقال ابن القيم: (وكان يقصر خطبته أحياناً، ويطيلها أحياناً، بحسب حاجة الناس، وكانت خطبته العارضة أطولَ من خطبته الراتبة).
10 -
(وَ) يسن (الدُّعَاءُ لِلمُسْلِمِينَ)؛ لما ورد عن عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه: أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه، فقال:«قَبَّحَ الله هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ» [مسلم 874]، زاد البيهقي [5775]:«يَوْمَ الجُمُعَةِ» ، ولحديث أنس رضي الله عنه: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ،