الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في أحكام الاستنجاء
- مسألة: الاستنجاء والاستجمار على مرتبتين:
1 -
أن يجمع بين الحجارة والماء، وهو الأفضل، وحكي الإجماع عليه، وأشار إليه بقوله:(وَسُنَّ اسْتِجْمَارٌ) بحجر أو خشب أو نحوه (ثُمَّ اسْتِنْجَاءٌ بِمَاءٍ)؛ لقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «إِنَّهُمْ كَانُوا يَبْعَرُونَ بَعْراً، وَأَنْتُمْ تَثْلِطُونَ ثَلْطاً، فَأتْبِعُوا الحِجَارَةَ الماءَ» [ابن أبي شيبة: 1634]، ولأنه أبلغ في الإنقاء.
2 -
الاقتصار على أحدهما، وأشار إليه بقوله:(وَيَجُوزُ الاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا) مع وجود الآخر؛ لحديث أنس رضي الله عنه: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ الخَلَاءَ، فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً، فَيَسْتَنْجِي بِالمَاءِ» [البخاري: 152، ومسلم: 271]، ولحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً:«إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ لِحَاجَتِهِ، فَلْيَسْتَطِبْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ» [أحمد: 24771، والنسائي: 44].
(لَكِنِ المَاءُ أَفْضَلُ حِينَئِذٍ)؛ لأنه يزيل العين والأثر والله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ
…
(222)} البقرة: 222.
- مسألة: (وَلَا يَصِحُّ اسْتِجْمَارٌ إِلَّا) بشروط عشرة:
الشرط الأول: أن يكون الاستجمار (بِطَاهِرٍ)، فلا يصح بنجس؛ لقول ابن مسعود رضي الله عنه:«أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ» يعني: نجس. [البخاري: 156].
الشرط الثاني: أن يكون بشيء (مُبَاحٍ)، فلا يصح بمغصوب؛ لأن الاستجمار رخصة، والرخص لا تستباح على وجه محرم، وهذا من المفردات.
وعنه، وفاقاً للثلاثة: يصح؛ لأن النهي يعود إلى شرط العبادة على وجه لا يختص.
الشرط الثالث: أن يكون بشيء (يَابِسٍ)، فلا يصح بليِّنٍ لا يُنقِي.
الشرط الرابع: أن يكون بشيء (مُنْقٍ)، فلا يصح بأملسَ كزجاج؛ لأن المقصود من الاستجمار الإنقاء، وهذا لا يُنقي.
(وَ) الشرط الخامس: ألا يكون روثاً أو عظماً، ولو طاهرين، وإليه أشار بقوله:(حَرُمَ الاستجمار بِرَوْثٍ وَعَظْمٍ)؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: «لَا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ، وَلَا بِالعِظَامِ، فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الجِنِّ» [الترمذي: 18].
- مسألة: إن استجمر بالروث أو العظم لم يجزئه؛ لأن النهي يقتضي الفساد.
واختار شيخ الإسلام: الإجزاء مع الإثم؛ لأنه لم ينه عنه لكونه لا ينقي، بل لإفساده، ولأن العلة النجاسة وقد زالت، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
(وَ) الشرط السادس: ألا يكون بـ (طَعَامٍ) ولو لبهيمة؛ لأنه عليه السلام علل المنع من الروث والعظم بأنه زاد الجن، فزادُنا وزاد بهائمنا أوْلى.
(وَ) الشرط السابع: ألا يكون بـ (ذِي حُرْمَةٍ)؛ ككتب علم؛ لما فيه من هتك الشريعة، والاستخفاف بحرمتها، والله تعالى يقول:(وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32].
(وَ) الشرط الثامن: ألا يكون بـ (مُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ)؛ كذَنَب البهيمة وصوفها المتصل بها؛ لأن الحيوان له حرمة.
(وَشُرِطَ) شرط تاسع (لَهُ) أي: للاستجمار بحجر ونحوه: وهو (عَدَمُ تَعَدِّي خَارِجٍ مَوْضِعَ العَادَةِ)، فإن انتشر الخارج على شيء من الصفحة، أو امتد إلى الحشفة امتداداً غير معتاد؛ فلا يجزئ فيه إلا الماء؛ لأن الاستجمار رخصة، فتقدر بقدرها.
وحَدَّ شيخ الإسلام في شرح العمدة ما يتجاوز موضع العادة: بأن ينتشر الغائط إلى نصف باطن الألية فأكثر، والبول إلى نصف الحشفة فأكثر.