المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل)في الأذان والإقامة - الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات - جـ ١

[عبد العزيز العيدان]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أحكام الآنية

- ‌(فَصْلٌ) في آداب دخول الخلاء وأحكام الاستنجاء

- ‌فصل في أحكام الاستنجاء

- ‌(فَصْلٌ) في السواك وما ألحق به من الادهان وسنن الفطرة

- ‌(فَصْلٌ) في فروض الوضوء

- ‌(فَصْلٌ) في المسح على الخفين وغيرهما من الحوائل

- ‌(فَصْلٌ) في نواقض الوضوء

- ‌(فَصْلٌ) في الغسل

- ‌(فَصْلٌ) في التيمم

- ‌(فَصْلٌ) في النجاسات وكيفية تطهيرها

- ‌(فَصْلٌ فِي الحَيْضِ) والاستحاضة، والنفاس

- ‌فصل في أحكام النفاس

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)في الأذان والإقامة

- ‌(فَصْلٌ)في شروط صحة الصلاة

- ‌فصل في مكروهات الصلاة

- ‌(فَصْلٌ) في أركان الصلاة وواجباتها وسننها

- ‌(فَصْلٌ)في أحكام سجود السهو

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة التطوع

- ‌فصلفي سجود التلاوة والشكر

- ‌فصلفي أوقات النهي

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة الجماعة

- ‌(فَصْلٌ)في الأولى بالإمامة، ومن لا تصح إمامته

- ‌فصلٌفي موقف الإمام والمأمومين

- ‌فصلٌفي أحكام الاقتداء

- ‌فصلٌفي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة أهل الأعذار

- ‌(فَصْلٌ)في قصر الصلاة

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة الجمعة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة العيدين

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة الكسوف

- ‌فصلفي صلاة الاستسقاء

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ)في غُسْلِ الميت

- ‌فصلفي الكفن

- ‌(فَصْلٌ)في الصلاة على الميت

- ‌فصل في حمل الميت ودفنه

- ‌فصلفي زيارة القبور، وأحكام المصاب والتعزية

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌فصلفي زكاة بهيمة الأنعام

- ‌فصلفي زكاة البقر

- ‌فصلفي زكاة الغنم، وتشمل المعز والضأن

- ‌(فَصْلٌ)في زكاة الخارج من الأرض

- ‌(فَصْلٌ)في زكاة الذهب والفضة وحكم التحلي بهما

- ‌فصلفي أحكام التحلي

- ‌(فَصْلٌ) في زكاة الفِطْر

- ‌(فَصْلٌ) في إخراج الزكاة، وما يتعلق به

- ‌فصل في أهل الزكاة

- ‌فصل في موانع الزكاة

- ‌(كِتَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(فَصْلٌ)في المفطرات

- ‌فصل في الجماع في نهار رمضان

- ‌فصلفي ما يكره وما يستحب في الصوم، وأحكام القضاء

- ‌(فَصْلٌ)في صوم التطوع وما يُكره منه

- ‌(فَصْلٌ) في الاعتكاف

الفصل: ‌(فصل)في الأذان والإقامة

وإن ادعى الجهل كحديث الإسلام، عُرِّف وجوبَها ولم يُحْكَمْ بكفره؛ لأنه معذور، فإن أصر كفر.

الثاني: أن يترك الصلاة تهاوناً أو كسلاً، لا جحوداً، فيكفر كذلك، وهو من المفردات؛ لما روى جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» [مسلم 134]، ولإجماع الصحابة على ذلك، قال عبد الله بن شَقِيقٍ:«كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لا يَرَوْنَ شَيْئاً مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلاةِ» [الترمذي 2622].

(فَصْلٌ)

في الأذان والإقامة

(الأَذَانُ) وهو لغة: الإعلام، وشرعاً: التعبد لله بالإعلام بدخول وقت الصلاة أو قربه لفجر بذكر مخصوص.

(وَالإِقَامَةُ) لغة: مصدر أقام، وشرعاً: التعبد لله بالإعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص.

- مسألة: الأذان والإقامة (فَرْضَا كِفَايَةٍ)؛ لحديث مالك بن الحُوَيْرِثِ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ،

ص: 153

وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» [البخاري: 628، ومسلم: 674]، وهذا أمرٌ يفيد الوجوب، وقوله (أَحَدُكُمْ) يدل على أنه على الكفاية، وهو من المفردات. ظظ لو ينقل كلام شيخ في معنى فرض كفاية.

- مسألة: ليس الأذان والإقامة بشرط للصلاة، فتصح الصلاة بدونهما؛ لأنهما من غير ماهية الصلاة، فتركهما لا يؤدي إلى بطلانها.

- مسألة: يجب الأذان والإقامة (عَلَى) من اجتمعت فيهم ستة شروط:

الشرط الأول: أن يكونوا جماعةً اثنينِ فأكثَرَ، أما الواحد فلا يجب عليه بل يستحب، وهو اختيار شيخ الإسلام؛ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعاً:«يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ الْجَبَلِ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ الله عز وجل: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ يَخَافُ مِنِّي، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ» [أحمد: 17442، وأبو داود: 1203 والنسائي: 666]

الشرط الثاني: أن يكونوا من (الرِّجَالِ) دون الخُنَاثَى والنساء، ويكرهان لهما ولو بلا رفع صوت؛ قال إسحاق بن راهويه:(مضت السنة من النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس على النساء أذان ولا إقامة في حضر ولا سفر)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت:«كُنَّا نُصَلِّي بِغَيْرِ إِقَامَةٍ» [البيهقي: 1923].

الشرط الثالث: أن يكون الرجال من (الأَحْرَارِ) دون الأرقاء؛ لأن فرض الكفاية لا يلزم رقيقاً في الجملة.

واختار السعدي: أنه لا فرق بين الأحرار والأرقاء؛ لعموم الأدلة،

ص: 154

وللقاعدة الشرعية: «أن الأصل تَسَاوي الأرقاء والأحرار في العبادات البدنية المحضة إلا بدليل» .

الشرط الرابع: أن يكون الرجال من (المُقِيمِينَ) في القرى والأمصار، ويُسنَّانِ لمسافر ولا يجبان عليه؛ لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يؤذن في السفر ويقول:«إِنَّمَا الْأَذَانُ لِلْإِمَامِ الَّذِي يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ النَّاسُ» . [مالك: 237].

وعنه أن حكم السفر حكم الحضر فيهما، وهو من المفردات؛ لحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، وفي بعض ألفاظه:«إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» [النسائي: 634].

الشرط الخامس: أن يكون الأذان والإقامة (لِلـ) صلوات الـ (خَمْسِ) المكتوبات دون غيرها، فلا تشرع للصلاة المنذورة والجنازة والنوافل؛ لأن المقصود منهما الإعلام بدخول وقت الصلاة المفروضة على الأعيان والقيام إليها، وهذا لا يوجد في غير الخمس المؤداة.

الشرط السادس: أن تكون الصلوات من (المُؤَدَّاةِ) دون المقضيات؛ لأن المقصود منهما الإعلام بدخول الوقت وهذا لا يوجد في المقضية، وإنما يسنان للمقضية فقط؛ لحديث عمرو بن أمية رضي الله عنه في قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، وفيه:«ثُمَّ أَمَر بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ تَوَضَّؤُوا وَصَلَّوْا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الصُّبْحِ» [أبو داود: 444]، وأصله في الصحيحين من حديث أبي قتادة رضي الله عنه [البخاري: 344، ومسلم: 472].

ص: 155

وعنه: أنهما يجبان للمقضية أيضاً؛ للأمر الوارد في حديث عمرو بن أمية السابق، ولعموم حديث مالك بن الحويرث.

- فرع: تنقسم الصلاة باعتبار الأذان والإقامة إلى ثلاثة أقسام:

الأول: يشرع لها الأذان والإقامة: وهي الصلوات الخمس والجمعة.

الثاني: يشرع لها النداء فقط، بقول:(الصلاةَ جامعةً): وهي الكسوف والاستسقاء والعيد.

واختار شيخ الإسلام: الكسوف فقط اقتصاراً على مورد النص، ويأتي في الكسوف.

الثالث: لا يشرع لها أذان ولا إقامة ولا نداء: وهي بقية الصلوات، كالجنازة والتراويح وغيرها.

- مسألة: (وَ) يجب الأذان والإقامة أيضاً لصلاة (الجُمُعَةِ) بلا نزاع؛ لأنها من الخمس، قال في المبدع:(لا يحتاج إلى ذكر الجمعة؛ لدخولها في الخمس).

- مسألة: (ولَا يَصِحُّ) الأذان (إِلَّا) بثمانية شروط:

الشرط الأول: أن يكون الأذان (مُرَتَّباً)، فإن نكسه لم يصح؛ لأنه ذكر متعبد به، فلا يجوز الإخلال بنظمه كأركان الصلاة، وللقاعدة الشرعية: (أن

ص: 156

كل عبادة مركبة من أجزاء؛ يشترط فيها الترتيب والموالاة إلا لدليل).

والشرط الثاني: أن يكون الأذان (مُتَوَالِياً) عرفاً، فإن فرقه بفاصل فلا يخلو:

1 -

أن يكون الفاصل طويلاً عرفاً: فيبطل الأذان؛ للقاعدة السابقة.

2 -

أن يكون الفاصل يسيراً بكلام مباح: فيكره بلا حاجة ولا يبطل؛ لأن سليمانَ بن صُرَدٍ رضي الله عنه كان يؤذن في العسكر وكان يأمر غلامه بالحاجة في أذانه. [ابن أبي شيبة: 2211].

3 -

أن يكون الفاصل يسيراً بكلام محرم: فيبطل به الأذان؛ لأنه فعل محرماً فيه، وهو من المفردات.

وقيل: لا يبطل الأذان؛ لأن النهي لا يعود إلى شرط العبادة على وجه يختص، بل لأمر خارج.

والشرط الثالث: أن يكون الأذان (مَنْوِيًّا)؛ لحديث عمر رضي الله عنه مرفوعاً: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» [البخاري: 1، ومسلم: 1907].

والشرط الرابع: أن يكون الأذان من واحد، فلو أذَّن واحد بعضه، وكمله آخر؛ لم يعتد به، قال في الإنصاف:(بلا خلاف أعلمه).

والشرط الخامس: أن يكون الأذان (مِنْ ذَكَرٍ)؛ لأن الذي كان يتولَّى الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الرجال، فلا يعتد بأذان خنثى أو أنثى؛

ص: 157

لعدم مشروعيته في حقهن.

والشرط السادس: أن يكون الأذان من (مُمَيِّزٍ)، فلا يعتد بأذان غير المميز؛ لأنه ليس من أهل العبادات، ولا يشترط أن يكون بالغاً، بل يصح من المميز للبالغين؛ لقول عبد الله بن أبي بكر بن أنس:(كان عمومتي يأمروني أن أؤذن لهم وأنا غلام لم أحتلم، وأنسٌ شاهد فلم ينكر ذلك)[الأوسط 3/ 41]، ولصحة صلاته كالبالغ.

والرواية الثانية اختارها شيخ الإسلام: أن الأذان الذي يسقط به الفرض لا يجوز أن يباشره الصبي، ولا يسقط به، ولا يعتمد عليه في العبادات، وأما الأذان الذي يكون سنة مؤكدة، كالمساجد التي في المصر الواحد؛ فيجوز.

والشرط السابع: أن يكون الأذان من (عَدْلٍ)، فلا يعتد بأذان فاسق؛ لأنه لا يقبل خبره، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، وَالإِمَامُ ضَامِنٌ» [أحمد: 8909، وأبو داود: 517، والترمذي: 207]، فوصف المؤذنين بالأمانة، والفاسق غير أمين، (وَلَوْ ظَاهِراً) أي: ولو كانت العدالة في الظاهر فقط، فيصح الأذان من مستور الحال، قال في الشرح:(بغير خلاف علمناه).

وعنه: أنه لا تشترط العدالة، فيعتد بأذان الفاسق؛ لأن الأذان مشروع لصلاته، وهو من أهل العبادة.

ص: 158

(وَ) الشرط الثامن: أن يكون الأذان (بَعْدَ) دخول (الوَقْتِ)؛ لحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» [البخاري: 628، ومسلم: 674]، وحضور الصلاة بدخول وقتها، ولأنه شرع للإعلام بدخوله، وذلك إذا كان الأذان (لِغَيْرِ فَجْرٍ).

- فرع: يصح الأذان في الفجر بعد منتصف الليل؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» [البخاري: 617، ومسلم: 1092]، وعُلِّق بنصف الليل؛ لتعلق كثير من الأحكام الشرعية عليه، كخروج وقت العشاء المختار، والدفع من مزدلفة ونحوها.

وفي رواية: لا يصح للفجر قبل وقته إلا أن يعاود بعده؛ لما في الأذان قبل الوقت من التلبيس على الناس، ولقول ابن عمر رضي الله عنهما عن ابن أم مكتوم:«وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى، لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ» [البخاري: 617]، وأما حديث بلال فليس بأذان للفجر، بل «لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ» كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه [البخاري: 621، ومسلم: 1093].

وقال شيخ الإسلام: لا يستحب تقديم أذان الفجر قبل الوقت كثيراً؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم الأعمى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ بِلَالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» قَالَ: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقَى هذا. [مسلم: 1092].

ص: 159

- مسألة: (وَسُنَّ كَوْنُهُ) أي: المؤذن متصفاً بصفات:

الأولى: أن يكون (صَيِّتاً) أي: رفيع الصوت؛ لما روى أبو محذورة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر نحواً من عشرين رجلاً فأذنوا، فأعجبه صوت أبي محذورة، فعلمه الأذان. [ابن خزيمة: 377]، ولأنه أبلغ في الإعلام.

- فرع: رَفْع الصوت في الأذان ركن، ما لم يؤذن لحاضر فبقدر ما يسمعه، وإن شاء رفع صوته، وهو أفضل.

الثانية: أن يكون (أَمِيناً) أي: عدلاً؛ لأنه مؤتمن يُرجع إليه في الصلاة وغيرها.

واختار ابن عثيمين: أنه يجب أن يكون أميناً؛ لأن القوة والأمانة شرطان في كل عمل.

الثالثة: أن يكون (عَالِماً بِالوَقْتِ)، سواء علم بالوقت بنفسه أم بغيره؛ ليتحراه فيؤذن في أوله.

- مسألة: الأذان المختار أذان بلال، وهو خمسَ عشْرَةَ جملةً، والإقامة المختارة هي إقامة بلال وهي إحدى عشرة جملة؛ لحديث أنس رضي الله عنه قال:«أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ، إِلَّا الإِقَامَةَ» [البخاري: 605، ومسلم: 378].

ص: 160

- مسألة: (وَمَنْ جَمَعَ) بين صلاتين لعذر؛ أذَّن للأولى وأقام لكل منهما، سواء كان جمع تقديم أم تأخير؛ لحديث جابر رضي الله عنه في الحج قال:«حَتَّى أَتَى المُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ» [مسلم: 1218].

(أَوْ قَضَى) فرائض (فَوَائِتَ؛ أَذَّنَ لِلْأُولَى، وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ)؛ لحديث ابن مسعود قال: «إِنَّ المُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الخَنْدَقِ، فَأَمَرَ بِلَالاً فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى المَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاء» [أحمد: 3555، والنسائي: 662].

- مسألة: (وَسُنَّ لِمُؤَذِّنٍ) متابعة أذانه نصًّا؛ ليجمع بين ثواب الأذان والإجابة.

واختار ابن رجب: أن المؤذن لا يجيب نفسه.

- مسألة: (وَ) سن أيضاً لـ (سَامِعِهِ) أي: سامع المؤذن، ولو سمع مؤذناً ثانياً أو ثالثاً حيث سُنَّ؛ لأنه ذِكرٌ فاستحب، فيسن له ما يلي:

1 -

(مُتَابَعَةُ قَوْلِهِ) أي: أن يقول بمثل قول المؤذن، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً:«إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّنُ» [البخاري: 611، ومسلم: 383]، (سِرًّا) لا جهراً، (إِلَّا):

ص: 161

أ) (فِي الحَيْعَلَةِ) أي: عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح، (فَيَقُولُ) المؤذن وسامعه (الحَوْقَلَةِ) أي: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً، وفيه:«ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله» [مسلم: 385].

ب) (وَفِي التَّثْوِيبِ) وهو قول: الصلاةُ خير من النوم، مرتين، بعد حيعلة أذان الفجر فقط، فيقول:(صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ)؛ قياساً على باقي ألفاظ الأذان.

وقيل: يقول كما يقول المؤذن؛ لعموم الحديث السابق، وأما قول:(صدقت وبررت) فلا أصل له. قاله ابن حجر.

2 -

(وَ) تسن (الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام بَعْدَ فَرَاغِهِ)؛ لحديث عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما مرفوعاً: «إِذَا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا الله لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» [مسلم: 384].

3 -

(وَ) يسن بعد فراغه أيضاً (قَوْلُ مَا وَرَدَ)؛ وذلك فيما جاء في حديث جابر رضي الله عنه مرفوعاً: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللهمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً

ص: 162

الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ» [البخاري: 614].

4 -

(وَ) يسن (الدُّعَاءُ) بعد الأذان؛ لحديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً: «لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ» [أحمد: 12200، وأبو داود: 521، والترمذي: 212].

- مسألة: (وَحَرُمَ) على من وجبت عليه الصلاة (خُرُوجٌ مِنْ مَسْجِدٍ بَعْدَهُ) أي: بعد الأذان؛ لحديث أبي الشعثاء قال: كنا قعوداً في المسجد مع أبي هريرة رضي الله عنه، فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة:«أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم» [مسلم: 655].

ويستثنى من ذلك:

1 -

إذا خرج لعذر، أما إذا كان (بِلَا عُذْرٍ) فلا يجوز.

2 -

(أَوْ) كان خروجه بـ (نِيَّةِ رُجُوعٍ): فإن لم ينو الرجوع بخروجه لم يجز.

3 -

إذا كان قد صلى الفرض.

4 -

إذا كان الأذان للفجر قبل الوقت.

5 -

زاد بعض الأصحاب: إذا أراد أن يُصليَ في مسجد آخر.

ص: 163