الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7367، الأموال لأبي عبيد 1886]، ويؤيده رواية مسلم [983]:«وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ، وَمِثْلُهَا مَعَهَا» ، ولقول عمر السابق:«اعْقِلْ عَلَيْهِمْ عِقَالَيْنِ» .
- فرع: ترك التعجيل أفضل، خروجًا من خلاف من منعه.
وقال في الفروع: (ويتوجه احتمال يعتبر المصلحة).
فصل في أهل الزكاة
- مسألة: (وَلَا) يجوز أن (تُدْفَعَ) الزكاة (إِلَّا إِلَى الأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ)؛ الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: (إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ الله وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ الله وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[سورة التوبة: 60]، فدلت على حصر الزكاة في هؤلاء.
فلا يجوز صرفها إلى غيرهم، من بناء المساجد، وإقامة الجسور، وتكفين الموتى، وغيرها من جهات الخير، قال في الشرح الكبير:(لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في أنه لا يجوز دفع هذه الزكاة إلى غير هذه الأصناف، إلا ما روي عن أنس والحسن أنهما قالا: ما أعطيت في الجسور والطرق فهي صدقة قاضية).
- فرع: (وَ) هؤلاء الأصناف (هُمْ):
الصنف الأول: (الفُقَرَاءُ): وهم من لا يجدون شيئاً من الكفاية، أو يجدون أقل من نصفها.
(وَ) الصنف الثاني: (المَساكِينُ): وهم الذين يجدون أكثر كفايتهم أو نصفها.
- فرع: يعطى الفقير والمسكين تمام كفايته مع عائلته سنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخر أكثر من قوت سنة؛ لحديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَمَا بَقِيَ يَجْعَلُهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، عُدَّةً فِي سَبِيلِ الله» [مسلم: 1757]، لأن وجوب الزكاة يتكرر كل حول فينبغي أن يأخذ ما يكفيه إلى مثله.
واختار شيخ الإسلام: جواز إعطاء الفقير ما يصير به غنيًّا ولو كثر، بحيث يخرجه من الفقر إلى الغنى؛ لحديث قبيصة بن مخارق رضي الله عنه مرفوعاً، وفيه:«وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ» . [مسلم: 1044]، فأباح له أن يأخذ من الزكاة حد القوام والسداد، وذلك لا يكون إلا بإعطاء المحتاج حتى يستغني.
- فرع: اختار شيخ الإسلام: جواز دفع الزكاة لمن يَعْجِز عن شراء ما يحتاج إليه من كتب العلم التي لابد منها لمصلحة دِينه ودنياه؛ لكون ذلك من سائر حاجاته، كمطعمه.
(وَ) الصنف الثالث: (العَامِلونَ عَلَيْهَا): وهم كل من يحتاج إليه في أمر الزكاة؛ كالجباة والحفاظ والرعاة ونحوهم.
- فرع: يعطى العامل عليها قدر أجرته ولو كان غنياً؛ لحديث عمر رضي الله عنه قال: عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعَمَّلَنِي، وقال لي:«إِذَا أُعْطِيتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ، فَكُلْ وَتَصَدَّقْ» [البخاري: 7163، ومسلم: 1045]، وعمر لم يكن فقيراً، ولأننا نعطيه من أجل عمله، لا من أجل حاجته.
(وَ) الصنف الرابع: (المُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ) جمع مؤلف، وهو السيد المطاع في عشيرته.
- فرع: المؤلفة قلوبهم على قسمين:
الأول: الكفار: وهم من يُرجى بعطيتهم أحد أمرين:
1 -
إسلامُه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى صفوان بن أمية تأليفاً لقلبه، قال صفوان رضي الله عنه:«وَالله لَقَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَا أَعْطَانِي، وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ، فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ» [مسلم: 2313].
2 -
كفُّ شره وشر غيره؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «هُمْ قَوْمٌ كَانُوا يَأْتُونَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ أَسْلَمُوا، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَرْضَخُ لَهُمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ، فَإِذَا أَعْطَاهُمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ فَأَصَابُوا مِنْهَا خَيْرًا قَالُوا: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، عَابُوهُ وَتَرَكُوهُ» [تفسير الطبري: 16845]، ولما في
ذلك من المصلحة العامة للمسلمين.
الثاني: المسلمون: وهم من يرجى بعطيتهم أحد أمور خمسة:
1 -
قوة إيمانه؛ لما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بعث علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين الأربعة: الأقرع بن حابس الحنظلي، ثم المجاشعي، وعيينة بن بدر الفزاري، وزيد الطائي، ثم أحد بني نبهان، وعلقمة بن علاثة العامري، ثم أحد بني كِلاب، فغضبت قريش والأنصار، قالوا: يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا! فقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ» . [البخاري: 3344، ومسلم: 1064].
2 -
إسلام نظيره من المشركين؛ فإذا أُعطي هؤلاء رغب نظراؤهم في الإسلام؛ لأن أبا بكر أعطى الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، مع إسلامهما وحسن نيتهما. [أحمد في فضائل الصحابة: 383]، ولما في ذلك من مصلحة عامة للمسلمين.
3 -
جباية الزكاة ممن لا يعطيها؛ لما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين.
4 -
الدفع عن المسلمين، كمن هو في طرف بلاد الإسلام، إذا أُعطوا دفعوا عمن يليهم من المسلمين؛ لما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين.
5 -
كف شره، كالخوارج ونحوهم؛ لما سبق.
- فرع: يشترط في المؤلَّف قلبه أن يكون سيداً مطاعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعطى السادة والكبراء في عشائرهم وقبائلهم، ولم يعط عامة الناس، ولأن مصلحة إعطاء عامة الناس ليست كمصلحة إعطاء السادة، فلا يقاسون عليهم.
وقيل: لا يشترط أن يكون سيداً مطاعاً فيمن يرجى إسلامه من الكفار أو يرجى قوة إيمانه من المسلمين، أو إسلام نظيره؛ لأن مصلحة الإسلام وقوة الإيمان يستوي فيها السيد المطاع وغيره.
- فرع: يعطى المؤلف قلبه مقدار ما يحصل به التأليف فقط؛ لأنه هو المقصود.
(وَ) الصنف الخامس: (فِي الرِّقَابِ)؛ ويشمل هذا الصنف ثلاثة أنواع، وهو اختيار شيخ الإسلام:
1 -
المكاتب؛ لدخوله لغةً في قوله تعالى: (وَفِي الرِّقَابِ)، ولقوله:(فكاتبوهم إن علمتهم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) قال ابن جرير: (أي: إيتاؤهم سهمهم من الزكاة المفروضة)، وذكره عن الحسن وإبراهيم وزيد بن أسلم، فيعطى وفاء دينه؛ لعجزه عن وفاء ما عليه، ولو مع قدرته على التكسب.
2 -
شراءُ رقبة لا تعتق عليه فيعتقها؛ لعموم قوله: {وَفِي الرِّقَابِ} وهو ظاهر في تناوله للقن، ولأنه الوارد عن ابن عباس رضي الله عنهما [الأموال لأبي عبيد: 1966].
3 -
فِكَاك الأسير المسلم؛ لأنه فك رقبة من الأسر، أشبه المكاتَب، والحاجة داعية إليه؛ لأنه يخاف عليه القتل أو الردة لحبسه في أيدي العدو، فهو أشد من حبس القنِّ في الرق.
- فرع: يُعْطَى الغارم وفاءَ دَينه؛ لاندفاع حاجته بذلك.
- فرع: لا يجزئ في الزكاة أن يُعتق رقيقاً من رقيقه؛ لأن ذلك ليس فيه إيتاء للزكاة، ولأنه بمنزلة إخراج زكاة العُروض منها.
(وَ) الصنف السادس: (الغَارِمُونَ)، والغرم في اللغة: اللزوم، وسُمي به للزوم الدَّين له، وهو نوعان:
النوع الأول: الغارم لإصلاح ذات البين: وذلك بأن يقع بين جماعة عظيمة تشاجرٌ في أموال، ويحدث بسببها عداوة، ويتوقف الصلح على من يتحمل ذلك، فيلتزم رجل ذلك المال عوضاً عما بينهم؛ ليُطْفِئ الثائرة.
- فرع: لا يخلو المتحمل لذلك المال من ثلاث حالات:
1 -
أن يستقرض ويسدد لهؤلاء المتنازعين: فيُعْطى من الزكاة؛ لأنه غارم.
2 -
أن يتحمل ذلك المال في ذمته: فيُعْطى من الزكاة؛ لأنه غارم، ولحديث قبيصة السابق مرفوعاً، وفيه:«إِنَّ المَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ» .
3 -
أن يدفع من ماله: فلا يُعْطى من الزكاة ولو نوى الرجوع (1)؛ لأن الغرم قد سقط، فخرج عن كونه مدينًا بسبب الحمالة.
واختار ابن عثيمين: أنه يرجع على الزكاة إن نوى الرجوع، وعليه فلا يخلو من ثلاث حالات:
1) أن ينوي الرجوع على الزكاة: فله أن يرجع؛ لئلا ينسد باب الإصلاح.
2) أن ينوي التبرع: فلا يجوز له الرجوع؛ لأنه نوى التبرع، فلا يجوز أن يرجع في تبرعه؛ لحديث عمر رضي الله عنه قال: حَمَلْتُ على فرسٍ عتيق في سبيل الله، فأضاعه صاحبُه، فظننت أنه بائعه برخص، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال:«لَا تَبْتَعْهُ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» [البخاري: 2971، ومسلم: 1620].
(1) قاعدة المذهب: من أدى عن غيره واجباً، فلا يخلو من أمرين:
أن يحتاج إلى نية، كالزكاة والكفارة والنذر: فلا يرجع ولو نوى الرجوع.
ألا يحتاج إلى نية، كالقرض والنفقة والضمان وقيمة المتلف ونحوها: فلا يخلو من ثلاث حالات:
1 -
إن نوى الرجوع: فله أن يرجع، واختاره شيخ الإسلام.
2 -
إن نوى التبرع: فلا يجوز له الرجوع، واختاره شيخ الإسلام.
3 -
ألا ينوي شيئاً بل ذهل عن الرجوع والتبرع: فلا يرجع، واختار شيخ الإسلام وابن القيم: له الرجوع.
3) ألا ينوي شيئاً: فلا يعطى من الزكاة؛ لأن الأصل عدم إعطائه من الزكاة؛ لعدم تحقق وصف الغرم فيه.
- فرع: يُعطى المُصلِح بين ذات البين من الزكاة ولو كان غنيًّا؛ لأنه من المصالح العامة، فأشبه المؤلف والعاملَ.
النوع الثاني: الغارم لنفسه: وهو المدين لحظ نفسه، ولا يخلو الدَّين من أربعة أقسام:
1 -
أن يكون الدَّين في مباح: كمن تديَّن لنفقاته الشرعية أو حاجاته الأصلية، فيُعطى من الزكاة؛ لأنه غارم.
2 -
أن يكون الدَّين في معصية تاب منها: فيُعطى من الزكاة؛ لما فيه من الإعانة على التوبة، ولأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فيدخل في عموم قوله:{والغارمين} .
3 -
أن يكون الدَّين في معصية لم يتب منها: فلا يُعطى من الزكاة؛ لما فيه من الإعانة على المحرم.
4 -
أن يكون الدين في مكروه: كمن تديَّن لسفر مباح، أو لتنزه، أو لأمور كمالية، فقياس قول المذهب: لا يُعطى من الزكاة؛ كابن السبيل إذا سافر سفراً مكروهاً، لا يعطى من الزكاة.
- فرع: يعطى الغارم وفاء دينه؛ لاندفاع حاجته بذلك.
- فرع: إعطاء المدين من الزكاة لا يخلو من ستة أقسام:
1 -
أن يُعطي مدِيناً غير مدِينِه ليقضي دينه: فيصح؛ لظاهر الآية.
2 -
أن يدفعها المزكي إلى مدينه: فيجوز؛ لأنه من جملة الغارمين، فإن رده إليه فله أخذه، ما لم يكن حيلة؛ ومعنى الحيلة: أن يُعْطِيَه بشرط أن يردَّها عليه من دينه؛ لأن من شرطها أن يتملكها تملكاً صحيحاً.
3 -
أن يدفعَ المزكي إلى الدائن من الزكاة دون إذن المدين: فيصح؛ لأن الله تعالى قال: (والغارمين) معطوفةً على (وَفِي الرِّقَابِ)، ولم يقل للغارمين، فلم يشترط فيه التمليك كباقي أهل الزكاة، ولأنه دفع الزكاة في قضاء دَين المدِين، أشبه ما لو دفعها إليه فقضى بها دينه.
4 -
أن يُبرئ ربُّ المال غريمَه من دينَه بنية الزكاة: فلا يصح؛ لأن الزكاة أخذٌ وإعطاء، كما قال تعالى:{خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: 103]، وهذا ليس فيه أخذ، ولأنه بمنزلة إخراج الخبيث من الطيب، لأنه سيخرج هذا الدَّين عن زكاة عين.
5 -
أن يسقط ربُّ المال عن المدِين مقدار ما على الدَّين من الزكاة: فلا يصح؛ لما تقدم.
واختار شيخ الإسلام: يصح؛ لأن الزكاة مواساة، فإذا كان المال ديناً، جاز أن تكون زكاته ديناً، ولا يكلف غيره، ولم يتيمم الخبيث لينفق، بل زكاه من جنس ماله المزكى وهو الدين.
6 -
أن يدفع دَين الميت من الزكاة: فلا يجوز؛ لعدم أهليته، ولأن الزكاة تكون مدفوعة إلى الدائن لا إلى المدين.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: أنه يجوز؛ لأنه لا يشترط تمليكه، قال تعالى:(والغارمين)، ولم يقل: وللغارمين.
(وَ) الصنف السابع: (فِي سَبِيلِ الله): وهم:
1 -
الغزاة؛ لأن السبيل عند الإطلاق هو الغزو، قال تعالى:(قاتلوا في سبيل الله)، ولا يصح جعله في جميع وجوه الخير؛ لأن ذلك يلغي الحصر المذكور في الآية.
ويُعطون من الزكاة بشرطين:
الأول: أن تكون الزكاة للغزاة دون عُدَّتِهم، فلا يشترى بها ما يحتاج إليه الغازي ثم يصرفه إليه.
واختار ابن عثيمين: أنها تعم الغزاة وأسلحتهم وكل ما يعين على الجهاد؛ لأنها معطوفة على قوله: (وَفِي الرِّقَابِ)، فلا يشترط تمليكهم.
الثاني: أن يكون الغزاة متطوعة لا ديوان لهم، أو لهم دون ما يكفيهم؛ لأن من له راتب من الديوان يكفيه فهو مستغن به.
- فرع: يُعطَى الغازي ثمنَ السلاح والفرس إن كان فارساً، وما يحمله
من بعير ونحوه، وثمن درعه، وسائر ما يحتاج إليه من آلات، ونفقةَ ذهاب، وإقامة بأرض العدو، ورجوع إلى بلده، ولو غنيًّا؛ لأنه مصلحة عامة.
2 -
حج فرض الفقير وعمرته؛ لحديث أم معقل رضي الله عنها مرفوعاً: «فَإِنَّ الحَجَّ فِي سَبِيلِ الله» [أحمد: 27107، وأبو داود: 1989]، ولما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:«الحَجُّ فِي سَبِيلِ الله» [ابن أبي شيبة: 30837]، وصح نحوه عن ابن عباس رضي الله عنهما [أبو عبيد في الأموال: 1966].
واختاره شيخ الإسلام في فرض الحج فقط؛ لعدم إيجابه العمرة.
(وَ) الصنف الثامن: (ابْنُ السَّبِيلِ) أي: الطريق، وسمي بذلك لملازمته له، ولا يخلو هذا الصنف من أمرين:
1 -
المسافر المنقطع به في سفره: فيُعطى من الزكاة بشرط أن يكون سفره مباحاً، فلا يعطى في السفر المحرم؛ لأنه إعانة على معصية، ولا في السفر المكروه؛ لأنه لا حاجة به إلى هذا السفر.
2 -
المنشئ للسفر من بلده إلى غيرها: لا يعطى من الزكاة؛ لأن اسم ابن السبيل لا يتناوله حقيقة، لكن إن كان محتاجاً للسفر فيُعطى لفقره، لا لكونه ابن سبيل، كالسفر لعلاج ونحوه.
- فرع: يُعطى ابن السبيل من الزكاة ما يوصله إلى غرضه ثم يرجعه إلى بلده؛ لأن فيه إعانة على بلوغ الغرض الصحيح، ولو مع غناه ببلده؛ لأنه
عاجز عن الوصول لماله.
- مسألة: (وَيَجُوزُ الاقْتِصَارُ) في الزكاة (عَلَى) صنف (وَاحِدٍ) من الأصناف الثمانية؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)[البقرة: 271]، ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن قال:«فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» [البخاري: 1496، ومسلم: 19]، فاقتصر في الآية والحديث على صنف واحد.
- مسألة: يجوز الاقتصار على واحد (مِنْ صِنْفٍ) واحد من تلك الأصناف الثمانية؛ كأن تُعطى الزكاة لفقير واحد، أو غارم واحد؛ لحديث سلمة بن صخر رضي الله عنه لمَّا ظاهر من امرأته وعجز عن الكفارة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم:«انْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ» [أحمد: 16421، وأبو داود: 2213، والترمذي: 3299، وابن ماجه: 2062]، ولما فيه من العُسر، وهو منفي شرعاً، والآية إنما سيقت لبيان من تصرف إليه، لا لتعميمهم.
- فرع: (وَالأَفْضَلُ) في دفع الزكاة (تَعْمِيمُهُمْ) أي: تعميم الأصناف الثمانية إن وُجدوا، (وَ) الأفضل (التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ) أي: بين تلك الأصناف بدون تفضيل؛ خروجاً من خلاف من أوجبه.
واختار شيخ الإسلام: أنه لا يجب تعميم الأصناف الثمانية ولا