الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ» [البخاري 901، ومسلم 699].
8 -
(أَوْ) خائف من (مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ، وَلَا وَفَاءَ لَهُ)؛ لأن حبس المعسر ظلم، فإن كان حالًّا، وقَدَر على وفائه لم يعذر؛ لأنه ظالم.
9 -
(أَوْ) خائف من (فَوْتِ رُفْقَتِهِ) بسفر مباح، أنشأه أو استدامه؛ لأن عليه في ذلك ضرراً.
(وَنَحْوِهِمْ) أي: ونحو ذلك من الأعذار، كمن له ضائع يرجو وجوده، وخاف إن لم يمض إليه سريعًا انتقل إلى غيره، أو غلبه نعاس يخاف به فوت الصلاة في الوقت إذا انتظر الجماعة، وغيرها من الأعذار، والأصل في ذلك: حديث ابن عباس السابق.
(فَصْلٌ) في صلاة أهل الأعذار
أولاً: المريض.
- مسألة: مراتب صلاة المريض ستة:
المرتبة الأولى: يجب أن (يُصَلِّيَ المَرِيضُ) الصلاة المكتوبة (قَائِماً)
إجماعاً؛ لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعاً: «صَلِّ قَائِماً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» [البخاري 1117]، ولو كان كراكع، أو معتمداً أو مستنداً على حائط ونحوه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» [البخاري 7288، ومسلم 1337].
المرتبة الثانية: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ) القيام، بأن كان عاجزاً عنه، أو شق عليه القيام لضرر يلحق به، أو زيادة مرض أو تأخر برء، (فَقَاعِداً)؛ لحديث عمران السابق، ويكون متربعاً حال القعود استحباباً؛ لقول عائشة رضي الله عنها:«رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مُتَرَبِّعاً» [النسائي 1661، والدارقطني 1481]، ويَثْني رجليه في ركوع وسجود، وكيف قعد جاز.
وقال ابن عثيمين: يجوز أن يصلي قاعداً إذا شق عليه مشقة يزول معها الخشوع؛ لقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، ولأن الخشوع لب الصلاة، تُترك له الجمعة والجماعة، فترك القيام كذلك.
المرتبة الثالثة: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ) القعود أو شق عليه، كما تقدم في القيام، (فَـ) ـإنه يصلي (عَلَى جَنْبٍ)؛ لحديث عمران السابق.
- فرع: (وَ) صلاته على الجنب (الأَيْمَنِ أَفْضَلُ) من الصلاة على الجنب الأيسر؛ لعموم حديث عائشة رضي الله عنها: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ، فِي تَنَعُّلِهِ،
وَتَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» [البخاري: 168، ومسلم 268]، ولحديث علي رضي الله عنه مرفوعاً:«يُصَلِّي المَرِيضُ قَائِماً إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى قَاعِداً، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ أَوْمَأَ، وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِه، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِداً صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ صَلَّى مُسْتَلْقِياً وَرِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ» » [الدارقطني 1706، قال الذهبي: حديث منكر]، فإن صلى على الأيسر صح؛ لظاهر حديث عمران السابق، ولأن المقصود استقبال القبلة، وهو حاصل بذلك.
- مسألة: (وَكُرِهَ) صلاة المريض (مُسْتَلْقِياً) على ظهره ورجلاه إلى القبلة (مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى) الصلاة على (جَنْبٍ)؛ للاختلاف في صحة صلاته إذن، وتصح؛ لأنه نوع استقبال، ولهذا يوجه الميت كذلك عند الموت.
وعنه، واختاره ابن قدامة وابن عثيمين: لا يصح؛ لأنها هيئة نص عليها الشارع، كما في حديث عمران السابق:«فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» .
المرتبة الرابعة: وأشار إليها بقوله: (وَإِلَّا) بأن لم يستطع الصلاة على جنب، (تَعَيَّنَ) أن يصلي مستلقياً على ظهره ورجلاه إلى القبلة، لما سبق.
- مسألة: (وَيُومِئُ) العاجز عن الركوع والسجود (بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) ما
أمكنه؛ لحديث أبي هريرة السابق: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ، (وَيَجْعَلُهُ) أي: الإيماءَ بالسجود (أَخْفَضَ) من ركوعه، وجوباً؛ لحديث علي السابق، وليتميز أحدهما عن الآخر.
- فرع: قال ابن عثيمين: (إذا صلى على جنبه: فإنه يومئ برأسه إلى صدره بالركوع والسجود، ولا يكون إيماؤه إلى الأرض؛ لأن الإيماء إلى الأرض فيه نوع التفات عن القبلة، بخلاف الإيماء إلى الصدر، فإن الاتجاه باق إلى القبلة).
المرتبة الخامسة: (فَإِنْ عَجَزَ) عن الإيماء برأسه (أَوْمَأَ بِطَرْفِهِ) أي: بعينه، (وَنَوَى بِقَلْبِهِ؛ كَأَسِيرٍ خَائِفٍ) أن يعلموا بصلاته؛ لما روى زكريا الساجي عن علي رضي الله عنه مرفوعاً:«فَإنْ لَم يَسْتَطع أَوْمَأَ بطَرفِه» [لم نقف عليه مسنداً].
واختار شيخ الإسلام: لا يلزمه الإيماء بطرفه؛ لعدم ثبوته.
المرتبة السادسة: (فَإِنْ عَجَزَ) عن الإيماء بطرفه، (فَـ) ـإنه يصلي (بِقَلْبِهِ مُسْتَحْضِرَ القَوْلِ) إن عَجَزَ عنه بلفظه، (وَ) مستحضرَ (الفِعْلِ) بقلبه؛ لأن الصلاة عبارة عن أقوال وأفعال ونية، فإن عَجَزَ عن بعضها لم يسقط بعضها الآخر، قال تعالى:(فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ)، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ، (وَلَا يَسْقُطُ فِعْلُهَا) أي: الصلاة عن المكلف (مَا دَامَ العَقْلُ ثَابِتاً)؛ لقدرته على أن ينوي