المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل)في الأولى بالإمامة، ومن لا تصح إمامته - الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات - جـ ١

[عبد العزيز العيدان]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أحكام الآنية

- ‌(فَصْلٌ) في آداب دخول الخلاء وأحكام الاستنجاء

- ‌فصل في أحكام الاستنجاء

- ‌(فَصْلٌ) في السواك وما ألحق به من الادهان وسنن الفطرة

- ‌(فَصْلٌ) في فروض الوضوء

- ‌(فَصْلٌ) في المسح على الخفين وغيرهما من الحوائل

- ‌(فَصْلٌ) في نواقض الوضوء

- ‌(فَصْلٌ) في الغسل

- ‌(فَصْلٌ) في التيمم

- ‌(فَصْلٌ) في النجاسات وكيفية تطهيرها

- ‌(فَصْلٌ فِي الحَيْضِ) والاستحاضة، والنفاس

- ‌فصل في أحكام النفاس

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)في الأذان والإقامة

- ‌(فَصْلٌ)في شروط صحة الصلاة

- ‌فصل في مكروهات الصلاة

- ‌(فَصْلٌ) في أركان الصلاة وواجباتها وسننها

- ‌(فَصْلٌ)في أحكام سجود السهو

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة التطوع

- ‌فصلفي سجود التلاوة والشكر

- ‌فصلفي أوقات النهي

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة الجماعة

- ‌(فَصْلٌ)في الأولى بالإمامة، ومن لا تصح إمامته

- ‌فصلٌفي موقف الإمام والمأمومين

- ‌فصلٌفي أحكام الاقتداء

- ‌فصلٌفي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة أهل الأعذار

- ‌(فَصْلٌ)في قصر الصلاة

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة الجمعة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة العيدين

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة الكسوف

- ‌فصلفي صلاة الاستسقاء

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ)في غُسْلِ الميت

- ‌فصلفي الكفن

- ‌(فَصْلٌ)في الصلاة على الميت

- ‌فصل في حمل الميت ودفنه

- ‌فصلفي زيارة القبور، وأحكام المصاب والتعزية

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌فصلفي زكاة بهيمة الأنعام

- ‌فصلفي زكاة البقر

- ‌فصلفي زكاة الغنم، وتشمل المعز والضأن

- ‌(فَصْلٌ)في زكاة الخارج من الأرض

- ‌(فَصْلٌ)في زكاة الذهب والفضة وحكم التحلي بهما

- ‌فصلفي أحكام التحلي

- ‌(فَصْلٌ) في زكاة الفِطْر

- ‌(فَصْلٌ) في إخراج الزكاة، وما يتعلق به

- ‌فصل في أهل الزكاة

- ‌فصل في موانع الزكاة

- ‌(كِتَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(فَصْلٌ)في المفطرات

- ‌فصل في الجماع في نهار رمضان

- ‌فصلفي ما يكره وما يستحب في الصوم، وأحكام القضاء

- ‌(فَصْلٌ)في صوم التطوع وما يُكره منه

- ‌(فَصْلٌ) في الاعتكاف

الفصل: ‌(فصل)في الأولى بالإمامة، ومن لا تصح إمامته

(فَصْلٌ)

في الأولى بالإمامة، ومن لا تصح إمامته

- مسألة: الأولى بالإمامة لا يخلو من أمرين:

1 -

أن يكون له ولاية: كساكن البيت، وإمام المسجد، فهو أحق من غيره إذا كان ممن تصح إمامته، وإن كان غيرُهما أفضلَ منهما، قال في المبدع:(بغير خلاف نعلمه)؛ لحديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» [مسلم 673]، إلا من ذي سلطان، فإنه يُقَدَّمُ عليهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمَّ عِتْبانَ بنَ مالك رضي الله عنه في بيته [البخاري 425، ومسلم 33]، ولعموم ولايته.

2 -

ألا يكون لأحدهما ولاية، وذلك على تسع مراتب:

المرتبة الأولى: يقدم الأجود قراءة؛ لحديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه مرفوعًا: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً» [مسلم 673]، ويقدم الأجود قراءةً على الأكثر قرآناً؛ لأنه أعظم أجراً.

المرتبة الثانية: إن استووا في الجودة: يقدم الأكثر قرآناً، ويُقدَّم قارئ لا

ص: 309

يعلم فقه صلاته بل يأتي بها عادةً على فقيه أُمِّيٍّ؛ للحديث السابق، ويأتي تعريف الأمي.

وقيل: يقدم الأكثر قرآناً على الأجود قراءة؛ لحديث عمرِو بن سَلِمةَ رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً» [البخاري 4302].

المرتبة الثالثة: إن استووا في القراءة وعدمها: يُقدَّم الأفقه والأعلم بأحكام الصلاة؛ لمزية الفقه.

فـ (الأَقْرَأُ العَالِمُ فِقْهَ صَلَاتِهِ أَوْلَى مِنَ الأَفْقَهِ)؛ فإن لم يكن الأقرأ عالمًا فقه صلاته؛ لأنه لا يُؤْمَنُ أن يُخِلَّ بشيء مما يعتبر فيها.

المرتبة الرابعة: إن استووا في القراءة والفقه: يقدم الأسن، أي: الأكبر سنًّا؛ لحديث مالك بن الحويرث مرفوعًا: «وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» [البخاري 2848، ومسلم 674].

وعنه واختاره ابن قدامة: يقدم الأقدم هجرة على الأسن؛ لحديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه السابق، وأما حديث مالك بن الحويرث فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّم الأكبر؛ لأنهما متساويان في الهجرة والإسلام، ففي رواية أبي داود [589]:«وَكُنَّا يَوْمَئِذٍ مُتَقَارِبَيْنِ فِي العِلْمِ» .

المرتبة الخامسة: إن استووا في السن: يقدم الأَشْرفُ، وهو القرشي؛ إلحاقًا للإمامة الصغرى بالكبرى؛ لحديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً: «الأَئِمَّةُ مِنْ

ص: 310

قُرَيْشٍ» [أحمد 12307].

المرتبة السادسة: إن استووا في الشرف: يقدم الأقدم هجرة بنفسه لا بآبائه؛ لحديث أبي مسعود السابق.

المرتبة السابعة: إن استووا في الهجرة: يقدم الأسبق في الإسلام؛ لأن في بعض ألفاظ حديث أبي مسعود رضي الله عنه: «فَإِنْ كَانُوا فِي الهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا» [مسلم 673].

وفي وجه واختاره شيخ الاسلام: يقدم الأقدم هجرة، على الأشرف؛ لحديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه السابق.

المرتبة الثامنة: إن استووا فيما سبق: يقدم الأَتقى والأَورع؛ لقوله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13].

واختار شيخ الإسلام: تقديم الأتقى على الأشرف؛ لأن شرف الدين خير من شرف الدنيا، وقد قال الله تعالى:{إن أكرمكم عند الله أتقاكم} .

المرتبة التاسعة: إن استووا في كل ما تقدم وتشاحوا: يقدم من قَرَع صاحبَه (1)؛ قياسًا على الأذان؛ لأن سعد رضي الله عنه أقرع بين الناس في القادسية [البيهقي 2013].

(1) هذا المذهب، وفي الإقناع وشرحه (2/ 45): ثم من يختاره الجيران، ثم قرعة.

ص: 311

وعنه: يقدم من يختاره الجيران ثم يقرع؛ لما يحصل من الائتلاف والاجتماع على الإمام.

- مسألة: فيمن لا تصح إمامته:

أولاً: إمامة الفاسق: وهو من فعل كبيرة، أو داوم على صغيرة، سواء كان فسقه بفعل كالزنى، أم باعتقاد كالخوارج؛ وإمامة الفاسق على قسمين:

1 -

إمامته في غير الجمعة والعيد: وأشار إلى ذلك بقوله: (وَلَا تَصِحُّ) الصلاة (خَلْفَ) إمام (فَاسِقٍ)؛ لحديث جابر رضي الله عنه مرفوعاً: «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلاً، وَلَا يَؤُمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِراً، وَلَا يَؤُمَّ فَاجِرٌ مُؤْمِناً، إِلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَيْفَهُ وَسَوْطَهُ» [ابن ماجه 1081]، ولأن الفاسق لا يُؤْمَنُ على شرائط الصلاة.

وعند شيخ الإسلام: أنها لا تصح خلف أهل الأهواء والبدع والفسقة مع القدرة؛ لما في ذلك من النهي عن المنكر، لا لأجل فساد صلاتهم.

وعنه: تصح مع الكراهة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَؤُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ» [البخاري 694].

2 -

إمامته في الجمعة والعيد: وأشار إلى ذلك بقوله: (إِلَّا فِي جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) فيصحان خلفه؛ لأنهما يختصان بإمام واحد، فالمنع منهما خلفه يؤدي

ص: 312

إلى تفويتها دون سائر الصلوات، قال شيخ الاسلام:(تفعل خلف كل بر وفاجر باتفاق أهل السنة والجماعة، وإنما تُدَع مثل هذه الصلوات خلف الأئمة أهل البدع كالرافضة ونحوهم ممن لا يرى الجمعة والجماعة)، إن (تَعَذَّرا) أي: الجمعة والعيد (خَلْفَ غَيْرِهِ)، فإن لم تتعذر الصلاة خلف غيره لم تصح، كغير الجمعة والعيد.

ثانياً: (وَلَا) تصح (إِمَامَةُ مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ)، كجرح لا يرقأ دمه، أو به سلس بول أو نجو ونحوه إلا بمثله؛ لأن في صلاته خللاً غيرَ مجبور ببدل، لكونه يصلي مع خروج النجاسة التي يحصل بها الحدث من غير طهارة، أشبه ما لو ائتم بمُحْدِثٍ يعلم حدثه، وإنما صحت صلاته في نفسه للضرورة.

واختار السعدي: صحة إمامته؛ لعموم حديث أبي مسعود السابق: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله» ، فإنه يَشْمَلُ العاجز وغيره، ولأنه ترك شرطاً من شروط الصلاة وهو معذور.

ثالثاً: (وَ) لا تصح إمامة (أُمِّيٍّ) بقارئ؛ لحديث أبي مسعود السابق: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله» ، ولأن القراءة ركن مقصود في الصلاة، فلم يصح اقتداء القادر عليه بالعاجز عنه؛ كالطهارة والسترة، ولأن الإمام يتحملها عن المأموم، وليس هو من أهل التحمل.

ص: 313

- مسألة: (وَ) الأمي: نسبة إلى الأم، كأنه على الحالة التي ولدته أمه عليها، وفي الاصطلاح:(هُوَ):

1 -

(مَنْ لَا يُحْسِنُ الفَاتِحَةَ) أي: لا يحفظها، أو لا يحفظ بعضها.

2 -

(أَوْ يُدْغِمُ فِيهَا حَرْفاً لَا يُدْغَمُ)، بأن يدغم حرفاً فيما لا يماثله أو يقاربه، وهو الأرَتُّ، أو يبدل حرفًا بغيره كالألثغ، الذي يبدل الراء غينًا، إلا ضادَ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}

(الفاتحة: 7) لو قلبها ظاء؛ لأنه لا يصير أمّيًّا بهذا الإبدال؛ لتقارب مخرجهما.

3 -

(أَوْ يَلْحَنُ فِيهَا لَحْناً يُحِيلُ المَعْنَى)، كفتح همزة (اهدنا)؛ لأنه يصير بمعنى طلب الهَدِيَّة، لا الهِدَاية، وكسر كاف (إياك). فإن لم يُحِلِ المعنى، كفتح دال (نعبد)، ونونِ (نستعين) فليس أميًّا.

- فرع: لا تصح إمامة الأمِّي (إِلَّا بِمِثْلِهِ، وَكَذَا) لا تصح إمامة (مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ) ونحوه ممن حدثه دائم إلا بمثله؛ لأنه يساويه، فصحت إمامته به، كالعاجز عن القيام.

رابعاً: إمامة العاجز عن ركن أو شرط من شروط الصلاة، ولا يخلو من أقسام:

ص: 314

الأول: أن يكون عاجزاً عن ركنٍ غيرِ القيام: وأشار إليه بقوله: (وَ) لا تصح إمامة (عَاجِزٍ عَنْ رُكُوعٍ، أوْ سُجُودٍ، أَوْ قُعُودٍ، وَنَحْوِهَا) كرفع من ركوع، إلا بمثله.

الثاني: (أَوْ) كان عاجزاً عن شرط من شروط الصلاة، كـ (اجْتِنَابِ نَجَاسَةٍ، أَوِ اسْتِقْبَالِ) قِبلةٍ، فلا تصح إلا بمثله.

فلا تصح إمامته في القسمين؛ لأنه أخل بركن أو شرط، فلم يجز؛ كائتمام القارئ بالأمي، ولا فرق بين إمام الحي أو غيره، وتصح إمامتهم بمثلهم؛ لحديث يَعْلَى بن مُرَّةَ رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم " صَلَّى بِأصحابه في المَطَر بالإِيمَاء، يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ"[الترمذي 411].

الثالث: (وَلَا) تصح إمامة (عَاجِزٍ عَنْ قِيَامٍ بِـ) مأموم (قَادِرٍ) عليه؛ لأنه عَجَز عن ركن من أركان الصلاة، فلم يصح الاقتداء به، كالعاجز عن القراءة إلا في حالتين:

1 -

بمثله؛ لحديث يعلى بن مرة السابق.

2 -

و (إِلَّا) أن يجتمع في الإمام شرطان، وهو من المفردات:

الشرط الأول: أن يكون إمامًا (رَاتِباً)؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِساً، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَاماً،

ص: 315

فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فلما انصرف قال:«إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً» [البخاري 688، ومسلم 412]، ولأن إمام الحي يحتاج إلى تقديمه، بخلاف غيره، والقيام أخف؛ بدليل سقوطه في النفل.

الشرط الثاني: إذا (رُجِيَ زَوَالُ عِلَّتِهِ) التي منعته القيامَ؛ لئلا يُفضيَ إلى ترك القيام على الدوام، والأصل فيه: فعله صلى الله عليه وسلم، وكان يرجى زوال علته.

واختار شيخ الإسلام: جواز إمامة العاجز عن شرط من شروط الصلاة، وعن ركن من أركانها، سواء كان قياماً أم غيرَه؛ لعموم حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه:«يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله» ، فيشمل القادر والعاجز، ولحديث عائشة السابق، ولا فرق بين القيام أو غيره، ولا بين الإمام الراتب أو غيره، ولا بين من تُرجى زوال علته أو غيره.

- فرع: إن صلى الإمام الراتب المرجو زوال علته قاعدًا فإنهم يصلون وراءه قعوداً ندباً، وهو من المفردات، فلو صَلَّوْا خلفه قياماً صحت صلاتهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر من صلى خلفه قائماً بالإعادة، ولأن القيام هو الأصل.

وعنه، واختاره ابن عثيمين: لا تصح الصلاة خلفه قيامًا مع القدرة على الجلوس؛ للأمر الوارد في الحديث السابق.

خامساً: إمامة الصبي المميز، ولا تخلو من أحوال:

ص: 316

1 -

إمامته بصبي مثله، فتصح: لأنه متنفِّل يؤم متنفِّلًا.

2 -

إمامته للبالغ في نفل: فتصح؛ للتعليل السابق.

3 -

(وَلَا) تصح إمامة (مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي فَرْضٍ)؛ لحديث علي رضي الله عنه مرفوعًا: «لَا تُقَدِّمُوا صِبْيانَكُم فِيِ صَلَاتِكُمْ» [قال ابن عبدالهادي: لا يعرف له إسناد صحيح]، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما:" لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ "[عبد الرزاق 3847].

وعنه: تصح؛ لحديث عمرِو بن سَلِمَة رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً» ، فنظروا فلم يكن أحدٌ أكثرَ قرآنًا، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ستِّ سنينَ أو سبعِ سنين [البخاري 4302]، وأما أثر ابن عباس فمِنْ رواية داودَ بن الحُصين عن عكرمة، وأحاديثه عن عكرمة منكرة.

سادسًا: إمامة المرأة، ولا تخلو من أحوال:

1 -

إمامة المرأة لنساء: فتصح؛ لما ورد عن أم ورقة رضي الله عنها: " أَنَّ رَسُولَ اللَّه أَمَرَها أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا "[أحمد 27283، وأبو داود 592].

2 -

(وَلَا) تصح إمامة (امْرَأَةٍ لِرِجَالٍ)؛ لحديث أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه مرفوعاً: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» [البخاري 7099]، ولحديث جابر السابق:«لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلاً» .

ص: 317

3 -

(وَ) لا تصح إمامة امرأة لـ (خَنَاثَى)؛ لاحتمال كونهم رجالاً.

سابعاً: إمامة المُحْدِث، ولا تخلو من أقسام:

الأول: ألا يعلم الإمام والمأموم بالحدث إلا بعد فراغ الصلاة: فتصح صلاة المأمومين دون الإمام؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَؤُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ» ، وورد ذلك عن عمر وعلي رضي الله عنهما [ابن أبي شيبة 2/ 44].

إلا في الجمعة إذا كانوا أربعين بالإمام، فإنها لا تصح إذا كان الإمام محدثاً، وكذا لو كان أحد المأمومين محدثاً؛ فيعيد الكل؛ لأن المحدث وجوده كعدمه.

الثاني: أن يعلم الإمام في أثناء الصلاة بالحدث دون المأمومين: فتبطل صلاة الإمام والمأمومين، ولا استخلاف، لارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام، واستثني القسم الأول للأدلة السابقة.

وعنه: أن صلاة الإمام تبطل دون صلاة المأمومين، فيستخلفون، أو يُتِمُّونها فرادى؛ لحديث أبي هريرة السابق، ولأن عمر رضي الله عنه لما طعن استخلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فصلى بهم صلاة خفيفة [البخاري: 3700]، وتقدمت المسألة في شروط الصلاة.

الثالث: أن يعلم بعض المأمومين بحدث الإمام في أثناء الصلاة: فتبطل

ص: 318

صلاة الجميع، الإمامِ وكلِّ المأمومين؛ لأن الحدث منافٍ للصلاة، فلا تصح مع وجوده.

واختار ابن قدامة: أنه لا تبطل إلا صلاة من يعلم بحدث الإمام؛ لحديث أبي هريرة السابق: «فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَؤُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ» ؛ ولأن المأموم لم يحصل منه حدث، فلا تبطل صلاته، وحدث الإمام ليس حدثاً للمأموم.

الرابع: أن يعلم الإمام أو بعض المأمومين بالحدث قبل الصلاة، وينسون ذلك، ثم يتذكرونه بعد الصلاة: أعاد الكل (1).

واختار ابن قدامة: أنه يعيد العالم فقط؛ لحديث أبي هريرة السابق.

وأشار المصنف إلى الأقسام الثلاثة الأخيرة بقوله: (وَلَا) تصح الصلاة (خَلْفَ) إمام (مُحْدِثٍ) حدثاً أكبرَ أو أصغرَ.

(1) جاء في الروض المربع (1/ 350) قوله: (وإن علم معه واحد أعاد الكل) وهي عبارة موهمة، وجاء توضيحه في هامش النسخة المخطوطة المقروءة على المؤلف كما في نسخة ابن سيف المخطوطة (54/أ):(المراد: أنه إذا علم أحد المأمومين المصلين معه، فالظرف متعلق بمحذوف، لا بعلم، فتبطل صلاة الكل بعلم واحد من المأمومين الذين معه، وفهم منه: أنه لو علم واحد أو أكثر ممن ليس مع الإمام لم تبطل صلاة المأمومين، والله تعالى أعلم). وهذا التوضيح موافق لما قاله البهوتي في شرح المنتهى (1/ 568): (وإن علم الإمام أو بعض المأمومين قبل الصلاة أو فيها؛ أعاد الكل، ظاهره: ولو نسي بعد علمه).

ص: 319

ثامناً: إمامة المتنجِّس، وأشار إليه بقوله:(أَوْ نَجِسٍ)، ولا تخلو إمامته من أقسام:

الأول: ألا يعلم الإمام والمأمومون بنجاسة الإمام إلا بعد الصلاة، فتصح صلاة مأموم؛ لما تقدم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولا تصح صلاة الإمام؛ لأنه ترك شرطًا من شروط الصلاة، ولذلك قال:(فَإِنْ جَهِلَا) أي: جهل الإمام حدث نفسه، كما سبق في القسم الأول من إمامة المُحْدِث، أو جهل نجاسته كما هنا، مع جهل المأموم، (حَتَّى انْقَضَتِ) الصلاة، (صَحَّتِ) الصلاة (لِمَأْمُومٍ) فقط دون الإمام، إلا في الجمعة إن كانوا أربعين بالإمام، فيعيد الكل؛ لفقد شرط العدد، ويأتي في صلاة الجمعة.

وعنه، واختاره شيخ الإسلام: تصح صلاة الإمام والمأموم إذا لم يعلما بنجاسة الإمام إلا بعد الصلاة؛ لحديث أبي سعيد رضي الله عنه: «لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بنعليه وفيهما أذًى، فأخبره جبريل، فخلعهما وبنى على صلاته» [أحمد 11877، وأبو داود 650]، ولأن اجتناب النجاسة من باب النواهي، فيعذر فيها بالجهل والنسيان.

الثاني: أن يعلم الإمام بالنجاسة في أثناء الصلاة وحده، دون بقية المأمومين: فتبطل صلاة الإمام والمأمومين، ولا استخلاف.

ويمكن أن يقال: إن صلاة المأمومين صحيحة، أما صلاة الإمام: فإن أمكن إزالة النجاسة دون الإخلال بشيء من شروط الصلاة أو واجباتها؛

ص: 320

أزالها وبنى، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد، وإن لم يمكنه: استخلف، أو أتم المأمومون فرادى، كما سبق.

الثالث: أن يعلم بعض المأمومين في الصلاة بنجاسة الإمام، فتبطل صلاة الجميع، الإمامِ وكلِّ المأمومين؛ لأن النجاسة منافية للصلاة، فلا تصح الصلاة مع وجودها.

ويمكن أن يقال: يجب على من علم نجاسة الإمام إعلامُه بإشارة أو نحوها، فإن لم يستطع صحت صلاة الجميع، الإمامِ لكونه معذورًا بالجهالة، والمأمومين لاقتدائهم بإمام يعتقدون صحة صلاته.

الرابع: أن يعلم الإمام أو بعض المأمومين بالنجاسة قبل الصلاة وينسون ذلك، ثم يتذكرونها بعد الصلاة: فيعيد الكل، وتقدمت المسألة في الحدث.

- ضابط على الراجح: (كل من صحت صلاته صحت إمامته، إلا: الأميَّ والمرأةَ، فلا تصح إمامتُهما إلا بمثلهما).

- مسألة: (وَتُكْرَهُ إِمَامَةُ لَحَّانٍ) أي: كثير اللحن، ولا يخلو اللحن من أمرين:

الأول: ألا يُحِيلَ المعنى، مثل:«الحمد لله» ، بفتح الدال، فتصح إمامته؛ لأنه أتى بفرض القراءة، ولكن تكره؛ لحديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه:«يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله» .

الثاني: أن يُحِيلَ المعنى، وهو على قسمين:

ص: 321