المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل)في صوم التطوع وما يكره منه - الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات - جـ ١

[عبد العزيز العيدان]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أحكام الآنية

- ‌(فَصْلٌ) في آداب دخول الخلاء وأحكام الاستنجاء

- ‌فصل في أحكام الاستنجاء

- ‌(فَصْلٌ) في السواك وما ألحق به من الادهان وسنن الفطرة

- ‌(فَصْلٌ) في فروض الوضوء

- ‌(فَصْلٌ) في المسح على الخفين وغيرهما من الحوائل

- ‌(فَصْلٌ) في نواقض الوضوء

- ‌(فَصْلٌ) في الغسل

- ‌(فَصْلٌ) في التيمم

- ‌(فَصْلٌ) في النجاسات وكيفية تطهيرها

- ‌(فَصْلٌ فِي الحَيْضِ) والاستحاضة، والنفاس

- ‌فصل في أحكام النفاس

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)في الأذان والإقامة

- ‌(فَصْلٌ)في شروط صحة الصلاة

- ‌فصل في مكروهات الصلاة

- ‌(فَصْلٌ) في أركان الصلاة وواجباتها وسننها

- ‌(فَصْلٌ)في أحكام سجود السهو

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة التطوع

- ‌فصلفي سجود التلاوة والشكر

- ‌فصلفي أوقات النهي

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة الجماعة

- ‌(فَصْلٌ)في الأولى بالإمامة، ومن لا تصح إمامته

- ‌فصلٌفي موقف الإمام والمأمومين

- ‌فصلٌفي أحكام الاقتداء

- ‌فصلٌفي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة أهل الأعذار

- ‌(فَصْلٌ)في قصر الصلاة

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة الجمعة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة العيدين

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة الكسوف

- ‌فصلفي صلاة الاستسقاء

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ)في غُسْلِ الميت

- ‌فصلفي الكفن

- ‌(فَصْلٌ)في الصلاة على الميت

- ‌فصل في حمل الميت ودفنه

- ‌فصلفي زيارة القبور، وأحكام المصاب والتعزية

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌فصلفي زكاة بهيمة الأنعام

- ‌فصلفي زكاة البقر

- ‌فصلفي زكاة الغنم، وتشمل المعز والضأن

- ‌(فَصْلٌ)في زكاة الخارج من الأرض

- ‌(فَصْلٌ)في زكاة الذهب والفضة وحكم التحلي بهما

- ‌فصلفي أحكام التحلي

- ‌(فَصْلٌ) في زكاة الفِطْر

- ‌(فَصْلٌ) في إخراج الزكاة، وما يتعلق به

- ‌فصل في أهل الزكاة

- ‌فصل في موانع الزكاة

- ‌(كِتَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(فَصْلٌ)في المفطرات

- ‌فصل في الجماع في نهار رمضان

- ‌فصلفي ما يكره وما يستحب في الصوم، وأحكام القضاء

- ‌(فَصْلٌ)في صوم التطوع وما يُكره منه

- ‌(فَصْلٌ) في الاعتكاف

الفصل: ‌(فصل)في صوم التطوع وما يكره منه

يقضي عنه ما وجب عليه؛ لأنه في حكم الدَّين على الميت.

- فرع: (لَا) يجب (مُبَاشَرَةُ وَلِيٍّ) القضاءَ، بل يستحب؛ لأنه أحوط لبراءة الميت، فإن دفع إلى من يفعله عنه، أو فعله غيره عنه تبرعاً؛ جاز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالدَّين، والدَّين يصح قضاؤه من الأجنبي.

- فرع: الولي هو الوارث؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: «أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» [البخاري: 6732، ومسلم: 1615].

(فَصْلٌ)

في صوم التطوع وما يُكره منه

وفيه فضل عظيم؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ الله عز وجل: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي» [مسلم 1151]، وهذه الإضافة للتشريف والتعظيم.

- مسألة: (يُسَنُّ صَوْمُ):

ص: 576

1 -

ثلاثة أيام من كل شهر، قال في الشرح:(بغير خلاف نعلمه)؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال:«أَوْصَانِي خَلِيلي صلى الله عليه وسلم بِثَلاثٍ: صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» [البخاري 1981، ومسلم 721]، وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً:«وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ» [البخاري 1976، ومسلم 1159].

والأفضل كونها (أَيَّامَ) الليالي (البِيضِ)، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، اتفاقاً؛ لما روى أبو ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَصُمْ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ» [أحمد 21350، والترمذي 761، والنسائي 2422].

2 -

(وَ) يسن صوم يوم (الخَمِيسِ)؛ لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [أحمد 21753، والنسائي 2358].

3 -

(وَ) يسن صوم يوم (الاثْنَيْنِ)؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين فقال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ أُنْزِلَ- عَلَيَّ فِيهِ» [مسلم 1162].

4 -

(وَ) يسن صوم (سِتَّ) ـة أيام (مِنْ شَوَّالٍ)؛ لحديث أبي أيوب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ

ص: 577

الدَّهْرِ» [مسلم 1164]، قال أحمد: (هو من ثلاثة أوجه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو متفرقاً؛ لإطلاق الحديث، ويستحب تتابعها، وكونها عقب العيد؛ لما فيه من المسارعة إلى الخير.

5 -

(وَ) يسن صوم (شَهْرِ الله المُحَرَّمِ)؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ الله الْمُحَرَّمُ» [مسلم 1163]، والمراد أفضل شهر تطوع فيه كاملاً بعد رمضان شهر الله الحرام؛ لأن بعض التطوع قد يكون أفضل من أيامه، كعرفة وعشر ذي الحجة.

وقال شيخ الإسلام: (يحتمل أنه يريد بشهر الله المحرم أول العام، وأنه يريد به الأشهر الحرم، والله أعلم).

(وَآكَدُهُ) أي: المحرم: عاشوراء، وهو اليوم (العَاشِرُ)؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه: قال صلى الله عليه وسلم: «وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» [مسلم 1162].

(ثُمُّ) تاسوعاء، وهو اليوم (التَّاسِعُ)؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» [مسلم 1134]، أي: مع العاشر.

- فرع: مراتب صيام عاشوراء:

أأن يصوم قبله يومًا وبعده يومًا، وهذا إذا اشتبه عليه أول الشهر؛

ص: 578

ليتيقن صومهما، ولما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفاً:«أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ قَبْلَهُ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا» ، وعنه أيضاً:«أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ فِي السَّفَرِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَيُوَالِي بَيْنَ اليَوْمَيْنِ مَخَافَةَ أَنْ يَفُوتَهُ» [تهذيب الآثار 660، 661].

ب أن يصوم التاسع والعاشر معاً؛ لحديث ابن عباس السابق.

ت أن يفرد العاشر بالصوم، ولا يكره؛ لحديث أبي قتادة السابق، واختاره شيخ الإسلام.

6 -

(وَ) يسن صوم (تِسْعِ ذِي الحِجَّةِ)؛ لحديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ««كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ» [أحمد 22334، وأبو داود 2437، والنسائي 2372، وصححه الألباني]، ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟ » قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «وَلَا الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» [البخاري 969].

- فرع: (وَآكَدُهُ) أي: التسع من ذي الحجة: اليوم التاسع، وهو (يَوْمُ عَرَفَةَ)، ولا يخلو صيامه من ثلاثة أحوال:

1 -

صيامه (لِغَيْرِ حَاجٍّ)، فيسن له اتفاقاً؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه:«صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» [مسلم 1162].

2 -

الحاج الواقف (بِهَا) أي: بعرفة، فلا يستحب له الصيام، وفطره

ص: 579

أفضل؛ لحديث أم الفضل رضي الله عنها: «أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَرِبَهُ» [البخاري 1661، ومسلم 1123]، وسئل ابن عمر رضي الله عنهما عن صوم يوم عرفة بعرفة، فقال:«حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَأَنَا لا أَصُومُهُ، وَلا آمُرُ بِهِ، وَلا أَنْهَى عَنْهُ» [البخاري 1661، ومسلم 1123]، ولأنه يضعف عن الدعاء، فكان تركه أفضل، إلا لمتمتعٍ وقارنٍ عدمَا الهدي، فيصومانه مع اليومين قبله، ويأتي في الحج.

وعلل شيخ الإسلام كراهية صوم عرفة؛ لأنه يوم عيد لأهل عرفة.

3 -

الحاج إذا لم يكن واقفاً بعرفة نهاراً، كمن دخل عرفة بعد الغروب: فظاهر كلام الأصحاب: يستحب له الصيام؛ لعموم حديث أبي قتادة السابق.

7 -

(وَأَفْضَلُ) التطوع في (الصِّيَامِ: صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ)؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عليه السلام، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ» ، قال قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» [البخاري 1976، ومسلم 1159].

وشرطه: ألا يضعف البدن حتى يعجز عما هو أفضل من الصيام، كالقيام بحقوق الله تعالى وحقوق عباده اللازمة، وإلا فتركه أفضل.

وقال شيخ الإسلام: (متى كانت العبادة توجب له ضرراً يمنعه عن فعل واجب أنفع له منها؛ كانت محرمة، مثل أن يصوم صوماً يضعفه عن الكسب الواجب).

ص: 580

- مسألة: (وَكُرِهَ) من الصيام:

1 -

(إِفْرَادُ رَجَبٍ) بالصوم؛ لقول خَرَشة بن الحُرِّ: «رَأَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَضْرِبُ أَكُفَّ النَّاسِ فِي رَجَبٍ حَتَّى يَضَعُوهَا فِي الْجِفَانِ، وَيَقُولُ: كُلُوا، فَإِنَّمَا هُوَ شَهْرٌ كَانَ يُعَظِّمُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ» [مصنف ابن أبي شيبة 9758، وجود إسناده ابن كثير]، ولأن فيه إحياءً لشعار الجاهلية.

قال شيخ الإسلام: (ومن صام رجباً معتقداً أنه أفضل من غيره من الأشهر أثم وعزر، وعليه يحمل فعل عمر رضي الله عنه).

وقال أيضاً: (وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات).

- فرع: تزول الكراهة بأمرين:

أبفطره فيه، ولو يوماً، عن عطاء قال:«كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَنْهَى عَنْ صِيَامِ رَجَبٍ كُلِّهِ؛ لئلا يُتَّخَذَ عِيدًا» [مصنف عبد الرزاق 7854].

ب أو بصومه شهراً آخر من السنة معه؛ لما ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يصوم الأشهر الحرم [مصنف عبد الرزاق 7856]، قال المجد:(وإن لم يلِ الشهرَ الآخرَ رجبٌ).

- فرع: لا يكره إفراد شهر غير رجب بالصوم، اتفاقاً، قاله في المبدع.

ص: 581

2 -

(وَ) يكره تعمد إفراد يوم (الجُمُعَةِ) بصيام؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَخُصُّوا يَوْمَ الجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» [مسلم 1144]، والصارف من التحريم إلى الكراهة: جواز صيامه إن وافق يوماً يعتاد صومه.

واختار شيخ الإسلام: أنه لا يجوز تخصيص يوم الجمعة بصيام؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ، أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ» [البخاري 1985، ومسلم 1144].

- فرع: تزول كراهة صوم يوم الجمعة بأمرين:

أإن وافق يوماً يعتاد صومه، كما لو وافق يوم عرفة أو يوم عاشوراء، فلا يكره؛ لحديث أبي هريرة السابق:«إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» ، ولأن العادة لها تأثير في ذلك.

ب إذا صام يوماً قبله أو يوماً بعده، فلا يكره؛ لحديث أبي هريرة السابق.

3 -

(وَ) يكره تعمد إفراد يوم (السَّبْتِ) بصوم؛ لحديث الصماء بنت بسر رضي الله عنها مرفوعاً: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضَغْهُ» [أحمد 27075، وأبو داود 2421، والترمذي 744، وابن ماجه 1726]، ولأنه يوم عيد لأهل الكتاب؛ فقصده بالصوم دون غيره يكون تعظيماً له، فكره ذلك.

ص: 582

واختار شيخ الإسلام: أنه (لا يكره صيامه مفرداً، وأنه قول أكثر العلماء، وأنه الذي فهمه الأثرم من روايته، وأن الحديث شاذ، أو منسوخ)؛ لحديث عبد الله بن عمرو السابق، وفيه:«صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا» ، لأنه يلزم منه صوم يوم السبت مفرداً، ولحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت:«كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصُومُ يَوْمَ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ مِنَ الْأَيَّامِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمْ» [أحمد 26750، والنسائي في الكبرى 2789].

- فرع: تزول كراهة صوم يوم السبت بأمرين:

أإن وافق يوماً يعتاد صومه، كما لو وافق يوم عرفة أو يوم عاشوراء، فلا يكره؛ لحديث عبد الله بن عمرو السابق، وفيه:«صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا» ، ولأن العادة لها تأثير في ذلك.

ب إذا صام يوماً قبله أو يوماً بعده، فلا يكره؛ لحديث أبي هريرة السابق:«لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ، أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ» .

4 -

(وَ) يكره صوم يوم (الشَّكِّ) تطوعاً، ولو صامه بنية رمضان احتياطاً؛ لقول عمار بن ياسر رضي الله عنهما:«مَنْ صَامَ هَذَا الْيَوْمَ، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم» [أبو داود 2334، والترمذي 686، والنسائي 2186، وابن ماجه 1645].

وقيل: يحرم؛ لحديث عمار السابق؛ لأن المعصية لا تكون إلا على أمرٍ محرَّم.

ص: 583

- فرع: يوم الشك هو: يوم الثلاثين من شعبان إن لم يكن في السماء في مطلع الهلال علة من غيم أو قتر ونحوهما ولم ير الهلال، أو شهد به من رُدَّت شهادته لفسق ونحوه.

وعنه، واختاره ابن عثيمين: أنه يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو قتر؛ لأن الشك يكون إذا وُجد ما يمنع رؤية الهلال، وأما مع الصحو فلا شك.

- فرع: تزول كراهة صوم يوم الشك بثلاثة أمور:

أإذا وافق يوماً اعتاد على صيامه، كمن عادته صوم يوم الخميس والاثنين، فوافق يوم الشك أحدهما، فلا كراهة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» [البخاري 1914، ومسلم 1082].

ب إذا وصل يوم الشك بصيام قبله، فلا كراهة؛ لحديث أبي هريرة السابق، فقد دل بمفهومه: أنه لو تقدم صومَ رمضان بأكثرَ من يومين ووصله بيوم الشك جاز.

ت إذا صام يوم الشك عن قضاء أو نذر أو كفارة؛ فلا كراهة؛ لأن صومه واجب إذاً.

ص: 584

5 -

(وَ) يكره صيام (كُلِّ) يوم (عِيدٍ للكُفَّارِ)، وكل يوم يفردونه بالتعظيم؛ لما فيه من موافقة الكفار في تعظيمه، إلا إن وافق عادة، كأن يكون يوم خميس أو اثنين وعادته صومهما، أو يصومه عن قضاء رمضان، أو نذر ونحوه فلا كراهة.

وقال شيخ الإسلام: لا يجوز تخصيص صوم يوم أعيادهم؛ لتحريم التشبه بهم.

6 -

(وَ) يكره (تَقَدُّمُ رَمَضَانَ بِـ) صوم (يَوْمٍ أَوْ) بصوم (يَوْمَيْنِ، مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةً)؛ لحديث أبي هريرة السابق: «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» .

ولا يكره لأكثرَ من يومين؛ لظاهر الخبر، وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ، فَلَا تَصُومُوا» [أحمد 9707، أبو داود 2337، والترمذي 738، وابن ماجه 1651] فقد ضعفه أحمد وغيره.

ومال صاحب الفروع إلى تحريم تقدُّم رمضان بصوم يوم أو يومين؛ لظاهر النهي في الحديث السابق.

- فروع: تزول كراهة الصوم إذا وافق العادة (فِي الكُلِّ)، أي: في كل ما سبق، من إفراد الجمعة، والسبت، ويوم الشك، ويوم عيد الكفار، وتقدم رمضان بيوم أو يومين، وسبق بيانه.

ص: 585

- مسألة: (وَحَرُمَ صَوْمُ):

1 -

يومي (العِيدَيْنِ) بالإجماع، ولا يصح صيامهما (مُطْلَقاً)، أي: سواء صام فرضاً أو نفلاً؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْأَضْحَى، وَيَوْمِ الْفِطْرِ» [البخاري 1993، ومسلم 1138]، والنهي يقتضي الفساد؛ لأنه يعود إلى ذات العبادة.

2 -

(وَ) حرم صوم (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ)، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، ولا يصح فرضاً ولا نفلاً، لحديث نُبَيْشَة الهُذلي رضي الله عنه:«أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِله» [مسلم 1141]، (إِلَّا عَنْ دَمِ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ)، فيصح صوم أيام التشريق لمن عَدِمَ الهدي؛ لقول ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم:«لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ» [البخاري 1997].

- مسألة: (وَمَنْ دَخَلَ فِي فَرْضِ) كفاية؛ كصلاة الجنازة، أو دخل في فرضِ عينٍ (مُوَسَّعٍ) كقضاء رمضان قبل رمضان الثاني، والمكتوبة في أول وقتها؛ (حَرُمَ قَطْعُهُ بِلَا عُذْرٍ)، بغير خلاف، كفرض العين المضيق، ولأن الخروج من عهدة الواجب متعين، ودخلت التوسعة في وقته رفقاً ومَظِنَّةً للحاجة، فإذا شرع فيها تعينت المصلحة في إتمامه.

ص: 586

- فرع: يجب قطع الفرض في أحوال، كما لو قطعه لردِّ معصوم عن هلكة، وإنقاذ غريق ونحوه؛ للضرورة.

- مسألة: (أَوْ) دخل في (نَفْلٍ) فأراد قطعه، لم يخل من ثلاثة أقسام:

1 -

أن يكون النفل حجًّا أو عمرة: فيجب إتمامهما اتفاقاً؛ لقوله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله)[البقرة: 196]، ولأن الوصول إليهما لا يحصل في الغالب إلا بعد كلفة عظيمة ومشقة شديدة وإنفاق مال كثير، ففي إبطالهما تضييع لماله وإبطال لأعماله الكثيرة.

2 -

أن يكون النفل قراءة أو أذكاراً أو صدقة بالمال: فيجوز قطعها إجماعاً.

3 -

أن يكون النفل (غَيْرَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ)، وغيرَ القراءة والأذكار والصدقة، كالصلاة والصوم والوضوء وغيرها: فلا يجب إتمامه؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ » فقلنا: لا، قال:«فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ» ، ثم أتانا يومًا آخر فقلنا: يا رسول الله، أُهدي لنا حيسٌ، فقال:«أَرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا» فأكل [مسلم 1154]، و (كُرِهَ) قطعه (بِلَا عُذْرٍ)؛ لما فيه من تفويت الأجر، واختاره شيخ الإسلام.

- فرع: إن أفسد التطوع فلا قضاء عليه، بل يستحب، واختاره شيخ الإسلام؛ لحديث عائشة رضي الله عنها السابق، ولأن القضاء يتبع المقضي عنه، فإذا لم يكن واجباً لم يكن القضاء واجباً.

ص: 587