الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه: أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«زَادَكَ الله حِرْصاً وَلا تَعُدْ» [البخاري 783].
ب أن يركع فذًّا لغير عذر، بأن كان لا يخاف فوت الركعة: فإن دخل في الصف أو وقف معه آخر قبل رفع الإمام رأسه من الركوع صحت صلاته، وإلا لم تصح؛ لأن الرخصة وردت في المعذور.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام وابن القيم: صحة صلاة المنفرد خلف الصف للعذر، كما لو لم يجد موقفاً في الصف؛ لحديث أنس رضي الله عنه، وفيه:«وَالعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا» ، ولأن غاية المصافَّة أن تكون واجبة، فتسقط للعذر.
فصلٌ
في أحكام الاقتداء
- مسألة: اقتداء المأموم بالإمام لا يخلو من قسمين:
القسم الأول: أن يكون المأموم داخل المسجد: وأشار إليه بقوله: (وَإِذَا جَمَعَهُمَا) أي: الإمامَ والمأمومَ (مَسْجِدٌ؛ صَحَّتِ القُدْوَةُ) أي: الاقتداء (مُطْلَقاً)، سواء رأى المأمومُ الإمامَ أو من وراءه أم لم يرهم، وسواء اتصلت الصفوف أم لا، حكاه النووي والمجد إجماعاً؛ لأن المسجد بُني للجماعة
فكل من حصل فيه حصل في محل الجماعة، (بِشَرْطِ):
1 -
(العِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ الإِمَام) بسماع التكبير، أو بمشاهدة الإمام أو من خلفه، لتمكنه من الاقتداء.
2 -
زوالِ الفَذِّيَّة؛ لما سبق.
القسم الثاني: (وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُما) أي: الإمامَ والمأمومَ مسجدٌ، بأن كانا خارجًا عنه، أو المأمومُ وحده خارجاً عنه، (شُرِطَ) لصحة الاقتداء:
1 -
(رُؤْيَةُ الإِمَامِ، أَوْ) رؤية (مَنْ وَرَاءَهُ أَيْضاً)، ولو لم تتصل الصفوف، فإن لم ير أحدَهما لم يصح اقتداؤه به، ولو سمع التكبير؛ لما ورد عن الشافعي أنه قال:(قد صلى نسوة مع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في حجرتها فقالت: لا تصلين بصلاة الإمام، فإنكن دونه في حجاب)[البيهقي معلقاً 5028]، ولأنه لا يمكن الاقتداء به في الغالب.
وعنه: يصح إن سمع التكبير، ولو لم يره؛ لإمكان الاقتداء.
وتكفي الرؤية (وَلَوْ فِي بَعْضِهَا)، أي: في بعض الصلاة أو من شباك ونحوه، إن أمكن الاقتداء؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ، وَجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ» [البخاري 378، ومسلم 411]، والظاهر أنهم كانوا يرونه حال قيامه.
2 -
عدم الفاصل من نهر تجري فيه السفن أو طريق؛ لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال في الرجل يصلي بصلاة الإمام: «إِذَا كَانَ بَيْنَهُما نَهْرٌ أَوْ طَرِيقٌ أَوْ جِدَارٌ فَلا يَأْتَمُّ بِهِ» [عبد الرزاق 4880]، إلا إذا اتصلت الصفوف في هذا الطريق حيث صحت فيه، كالجمعة والعيد ونحوهما؛ للحاجة، أما الصلوات الخمس فلا تصح؛ لما تقدم من عدم صحة الصلاة في قارعة الطريق.
وعنه واختاره ابن قدامة: تصح ولو وجد فاصل من نهر تجري فيه السفن أو طريق، وقيده شيخ الاسلام بالحاجة؛ لأنه لا يمنع الاقتداء.
ويمكن أن يقال: يجوز اقتداء المأموم بالإمام إن كان خارج المسجد بشرطين:
1 -
اتصال الصفوف، قال شيخ الإسلام:(فإن كانت الصفوف متصلة جاز باتفاق الأئمة)، فإن لم تتصل الصفوف لم تصح الصلاة، واختاره شيخ الإسلام.
2 -
إمكان الاقتداء بالإمام برؤية أو سماع، لحديث عائشة السابق.
- مسألة: (وَكُرِهَ):
1 -
(عُلُوُّ إِمَامٍ عَلَى مَأْمُومٍ ذِرَاعاً فَأَكْثَرَ)؛ لأن عمار بن ياسر رضي الله عنهما صلى
بالمدائن على دكان والناسُ أسفلَ منه، فتقدم حذيفة رضي الله عنه فأخذ على يديه، فاتَّبَعَه عمار، حتى أنزله حذيفة، فلما فرغ عمار من صلاته قال له حذيفة رضي الله عنهما: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ» ، قال عمار:«لذلك اتَّبَعْتُك حين أخذتَ على يدي» [أبو داود 598]، ولا تبطل؛ لأن عماراً أتم صلاته؛ ولو كانت فاسدة، لاستأنفها.
ولا بأس بعلو يسير، كدرجة منبر ونحوها مما دون ذراع؛ جمعاً بين ما تقدم وبين حديث سهل رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى على المنبر، ثم نزل القهقرى فسجد وسجد معه الناس، ثم عاد حتى فرغ، ثم قال:«أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي» [البخاري 917، ومسلم 544]، والظاهر أنه كان على الدرجة السفلى؛ لئلا يحتاج إلى عمل كثير في الصعود والنزول، فيكون الارتفاع يسيراً.
2 -
(وَ) تكره (صَلَاتُهُ) أي: الإمامِ (فِي مِحْرَابٍ يَمْنَعُ مُشَاهَدَتَهُ)؛ لأنه يستتر عن بعض المأمومين أشبه ما لو كان بينه وبينهم حجاب، وعليه يحمل قول ابن مسعود رضي الله عنه:" اتَّقُوا هَذِهِ الْمَحَارِيبَ "[ابن أبي شيبة 4735]، إلا من حاجة: كضيق المسجد وكثرة الجمع، فلا يكره لدعاء الحاجة إليه.
وعنه: لا تكره، كسجوده فيه؛ لجريان عمل المسلمين عليه، ولما روي عن أم عمرو المرادية، أنها قالت:" رأيت البراء بن عازب يصلي في الطاق "[ابن أبي شيبة 4742].
3 -
(وَ) يكره (تَطَوُّعُهُ) أي: الإمام (مَوْضِعَ المَكْتُوبَةِ)؛ لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ فِي مُقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ المَكْتُوبَةَ حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ» [ابن ماجه 1428]، ولقول علي رضي الله عنه:" إِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ لَمْ يَتَطَوَّعْ حَتَّى يَتَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ، أَوْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِكَلامٍ "، وورد أيضاً عن ابن عمر، وعبدالله بن عمرو رضي الله عنهم [ابن أبي شيبة 2/ 209]، ولأن في تحوله من مكانه إعلاماً لمن أتى المسجد أنه قد صلى، فلا ينتظره ويطلب جماعة أخرى، فإن احتاج إلى ذلك كضيق المسجد لم يكره.
وأما المأموم فلا بأس أن يتطوع مكانه؛ لما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كره إذا صلى الإمام أن يتطوع في مكانه، ولم ير به لغير الإمام بأساً [ابن أبي شيبة 6022، وفيه ضعف]، وتركه أولى؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ، أَوْ يَتَأَخَّرَ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ فِي الصَّلَاةِ» يعني: في السبحة [أحمد 9496، وأبو داود 1106، وابن ماجه 1427].
4 -
(وَ) كرهت (إِطَالَتُهُ) أي: الإمام (الاسْتِقْبَالَ) للقبلة (بَعْدَ السَّلَامِ)؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: اللهمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» [مسلم 592]، ولأنه خلاف السنة، وفيه حبس للمأمومين؛ لنهيهم عن الانصراف حتى ينصرف الإمام.
ويستثنى من الكراهة:
أ) إن كان هناك نساء، فإنه يلبث قليلاً لينصرفن؛ لما روت أم سلمة رضي الله عنها:«كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، وَيَمْكُثُ هُوَ فِي مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ» قال الزهري: (نُرَى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء، قبل أن يدركهن أحد من الرجال)[البخاري 870].
ب) أن يكون ذلك لحاجة؛ لأن الحاجة ترفع الكراهة.
ت) القعود اليسير؛ لظاهر حديث عائشة السابق.
5 -
(وَ) كره (وُقُوفُ مَأْمُومٍ) لا إمام (بَيْنَ سَوَارٍ تَقْطَعُ الصُّفُوفَ عُرْفاً)؛ لقول أنس رضي الله عنه: «كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم» [أحمد 12339، وأبو داود 673، والترمذي 229، والنسائي 820]، (إِلَّا لِحَاجَةٍ) كضيق مسجد، وكثرة جماعة، فلا يكره.
وكذا تزول الكراهة للحاجة (فِي الكُلِّ) أي: في كل ما سبق ذِكْرُه من علوِّ إمام، وصلاتِه في محراب، وتطوعِه موضعَ مكتوبة، وإطالتِه الاستقبالَ بعد الإمام، والقاعدة:(أن الكراهة تزول عند الحاجة).
6 -
(وَ) كره (حُضُورُ مَسْجِدٍ، وَ) حضورُ (جَمَاعَةٍ) ولو بغير مسجد (لِمَنْ رَائِحَتُهُ كَرِيهَةٌ)، كآكل (مِنْ بَصَلٍ أَوْ غَيْرِه)، كثوم أو كراث، أو من له صُنانٌ