الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الجماع في نهار رمضان
- مسألة: الجماع مفطر بالإجماع؛ لقوله تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم)، فدل على أنه ممنوع من النساء في النهار، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه الآتي.
- مسألة: (وَمَنْ جَامَعَ) بتغييب حشفة أصلية في فرج أصلي، قُبُلاً كان أو دُبراً، من حي أو ميت، آدمي أو بهيمة، وكان ذلك (بِرَمَضَانَ نَهَارًا)، سواء كان صائماً أو كان في يوم يلزمه إمساكه، (بِلَا عُذْرِ شَبَقٍ وَنَحْوِهِ)، كمن به مرض ينتفع بالوطء فيه، (فَـ) ـيجب (عَلَيْهِ):
1 -
(القَضَاءُ)؛ لأنه أفطر في يوم يجب عليه صيامه، ولقوله صلى الله عليه وسلم للمجامع:«وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ» [ابن ماجه: 1671]، وفي لفظ:«وَصُمْ يَوْمًا، وَاسْتَغْفِرِ الله» [أبو داود: 2393].
2 -
(وَالكَفَّارَةُ)؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت! قال: «مَا لَكَ؟ » قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ » ، قال: لا، قال:«فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» ، قال: لا، فقال:«فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا» ، قال: لا، قال: فمكث النبي
صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيها تمر - والعَرَق: المكْتَل - قال: «أَيْنَ السَّائِلُ؟ » فقال: أنا، قال:«خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ» ، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال:«أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» [البخاري: 1936، ومسلم: 1111].
- فرع: إذا خاف من به شبق تشقق أنثييه، ولم تندفع شهوته بغير الجماع، أو كان به مرض ينتفع فيه بوطء؛ جاز له الوطء، وعليه القضاء ولا كفارة؛ لقوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} البقرة: 185، مالم يتعذر عليه القضاء لشبق؛ كالكبير العاجز عن الصيام.
- فرع: يجب على المجامع في نهار رمضان القضاء والكفارة (مُطْلَقًا) أي: سواء كان عامداً أو ساهياً أو مخطئاً، عالماً أو جاهلاً، مختاراً أو مكرهاً، سواء أكره حتى فعل الجماع أو فُعِلَ به؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل من الأعرابي، ولو اختلف الحكم بذلك لاستفصله؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: أنه لا يجب القضاء ولا الكفارة على المعذور بجهل أو نسيان أو إكراه؛ قياساً على سائر المفطرات.
- فرع: المرأة المجامَعة لا تخلو من أمرين:
1 -
أن تكون مطاوِعة للرجل في الجماع: فتجب عليها الكفارة؛ لأنها هتكت حرمة صوم رمضان بالجماع، فلزمتها الكفارة كالرجل، وأما كون الشارع لم يأمر المرأة بها في حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ فلأنه جاء في بعض ألفاظه:«هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ» [الدارقطني: 2398]، فدل على أنها كانت مكرهة.
2 -
أن تكون معذورة بنسيان أو جهل أو إكراه: فلا كفارة عليها؛ لأنها معذورة، وأشار إليه بقوله:(وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا مَعَ العُذْرِ: كَنَوْمٍ، وَإِكْرَاهٍ، وَنِسْيَانٍ، وَجَهْلٍ).
- تنبيه: الفرق بين المرأة والرجل في العذر بالجهل والنسيان والإكراه: أن إكراه الرجل على الوطء غير ممكن، لأنه لا يطأ حتى ينتشر، ولا ينتشر إلا عن شهوة، فهو كغير المكره، وأما النسيان؛ فلأن المجامعة لا تكون إلا من جهة الرجل غالباً، بخلاف المرأة، فكان الزجر في حقه أقوى.
- فرع: (وَ) يجب (عَلَيْهَا) أي: على المرأة المجامَعة (القَضَاءُ) مطلقاً، سواء كانت معذورة أو غير معذورة؛ لأنه نوع من المفطرات، فاستوى فيه الرجل والمرأة كالأكل.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: لا يلزمها القضاء ولا الكفارة في حالة الجهل والنسيان والإكراه؛ لما سبق في الرجل.
- فرع: ولا تجب الكفارة بغير:
1 -
الجماع في نهار رمضان؛ لأنه لم يرد به نص، وغيره لا يساويه.
2 -
بالمساحقة في نهار رمضان، كما في التنقيح والمنتهى؛ لأنها في معنى الجماع.
وفي وجه، واختاره ابن قدامة: الإنزال بالمساحقة يفسد الصوم، ولا كفارة فيه؛ لأنه لا نص فيه ولا يصح قياسه على الجماع.
- مسألة: (وَهِيَ) أي: كفارة الوطء في نهار رمضان على الترتيب:
1 -
(عِتْقُ رَقَبَةٍ) مؤمنة سليمة من العيوب الضارة بالعمل، ويأتي تفصيلها في الظهار.
2 -
(فَإِنْ لَمْ يَجِدِ) الرقبة أو ثمنها (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ)، بشرط أن يكون الشهران (مُتَتَابِعَيْنِ)، فإن انقطع التتابع بالفطر، فلا يخلو:
أ) أن يكون الفطر لعذر شرعي، كمرض وحيض ونفاس: فلا ينقطع التتابع.
ب) أن يكون الفطر لغير عذر شرعي: فينقطع التتابع، ويستأنف الصيام.
3 -
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ) الصوم لكبر أو مرض أو نحوه (فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا)؛ لحديث أبي هريرة السابق، لكل مسكين مُدُّ بُرٍّ، أو نصف صاع تمر أو زبيب أو شعير أو أقط، ويأتي في الظهار.