المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي صلاة الاستسقاء - الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات - جـ ١

[عبد العزيز العيدان]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أحكام الآنية

- ‌(فَصْلٌ) في آداب دخول الخلاء وأحكام الاستنجاء

- ‌فصل في أحكام الاستنجاء

- ‌(فَصْلٌ) في السواك وما ألحق به من الادهان وسنن الفطرة

- ‌(فَصْلٌ) في فروض الوضوء

- ‌(فَصْلٌ) في المسح على الخفين وغيرهما من الحوائل

- ‌(فَصْلٌ) في نواقض الوضوء

- ‌(فَصْلٌ) في الغسل

- ‌(فَصْلٌ) في التيمم

- ‌(فَصْلٌ) في النجاسات وكيفية تطهيرها

- ‌(فَصْلٌ فِي الحَيْضِ) والاستحاضة، والنفاس

- ‌فصل في أحكام النفاس

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)في الأذان والإقامة

- ‌(فَصْلٌ)في شروط صحة الصلاة

- ‌فصل في مكروهات الصلاة

- ‌(فَصْلٌ) في أركان الصلاة وواجباتها وسننها

- ‌(فَصْلٌ)في أحكام سجود السهو

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة التطوع

- ‌فصلفي سجود التلاوة والشكر

- ‌فصلفي أوقات النهي

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة الجماعة

- ‌(فَصْلٌ)في الأولى بالإمامة، ومن لا تصح إمامته

- ‌فصلٌفي موقف الإمام والمأمومين

- ‌فصلٌفي أحكام الاقتداء

- ‌فصلٌفي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة أهل الأعذار

- ‌(فَصْلٌ)في قصر الصلاة

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة الجمعة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة العيدين

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة الكسوف

- ‌فصلفي صلاة الاستسقاء

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ)في غُسْلِ الميت

- ‌فصلفي الكفن

- ‌(فَصْلٌ)في الصلاة على الميت

- ‌فصل في حمل الميت ودفنه

- ‌فصلفي زيارة القبور، وأحكام المصاب والتعزية

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌فصلفي زكاة بهيمة الأنعام

- ‌فصلفي زكاة البقر

- ‌فصلفي زكاة الغنم، وتشمل المعز والضأن

- ‌(فَصْلٌ)في زكاة الخارج من الأرض

- ‌(فَصْلٌ)في زكاة الذهب والفضة وحكم التحلي بهما

- ‌فصلفي أحكام التحلي

- ‌(فَصْلٌ) في زكاة الفِطْر

- ‌(فَصْلٌ) في إخراج الزكاة، وما يتعلق به

- ‌فصل في أهل الزكاة

- ‌فصل في موانع الزكاة

- ‌(كِتَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(فَصْلٌ)في المفطرات

- ‌فصل في الجماع في نهار رمضان

- ‌فصلفي ما يكره وما يستحب في الصوم، وأحكام القضاء

- ‌(فَصْلٌ)في صوم التطوع وما يُكره منه

- ‌(فَصْلٌ) في الاعتكاف

الفصل: ‌فصلفي صلاة الاستسقاء

- مسألة: لا يصلي لغير الكسوف من الآيات؛ لعدم نقله عنه وعن أصحابه صلى الله عليه وسلم، مع أنه وجد في زمانهم انشقاق القمر وهبوب الرياح والصواعق، إلا الزلزلةَ فيصلى لها إن دامت؛ لثبوته عن ابن عباس [عبد الرزاق: 4929]، وعن علي رضي الله عنهم [البيهقي: 6382].

وعنه، واختاره شيخ الإسلام: أنه يُصلى لكل آية؛ لحديث أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه مرفوعاً: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ الله، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ الله تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ» [البخاري: 1048]، فدل على أن كل آيةِ تخويفٍ يصلى لها، وأما ما حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من رياح وصواعق فقد تكون معتادة.

‌فصل

في صلاة الاستسقاء

الاستسقاء: الدعاء بطلب السقيا على صفة مخصوصة.

- مسألة: (وَ) تسن صلاة (اسْتِسْقَاءٍ)، والاستسقاء على ثلاثة أنواع:

1 -

الاستسقاء بالصلاة، وهو أكملها، وهو سنة مؤكدة؛ لقول عبد الله بن زيد رضي الله عنه:«خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إِلَى القِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالقِرَاءَةِ» [البخاري: 1024، ومسلم: 894].

ص: 401

2 -

استسقاء الإمام يوم الجمعة في خطبتها، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنس رضي الله عنه [البخاري: 933، ومسلم: 897].

3 -

الاستسقاء بالدعاء المجرد دون صلاة؛ لما روى عُمير مولى آبِي اللحمِ رضي الله عنه: " أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَسْتَسْقِي عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ قَرِيباً مِنَ الزَّوْرَاءِ قَائِماً، يَدْعُو يَسْتَسْقِي رَافِعاً كَفَّيْهِ، لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَهُ، مُقْبِلٌ بِبَاطِنِ كَفَّيْهِ إِلَى وَجْهِهِ "[أحمد: 21944، وأبو داود: 1168، والترمذي: 557، والنسائي: 1514].

- مسألة: تشرع صلاة الاستسقاء (إِذَا أَجْدَبَتِ الأَرْضُ) أي: أمحلت، والجدب نقيض الخصب، (وَقُحِطَ المَطَرُ) أي: احتبس فلم ينزل وضر ذلك، أو غار ماء الأنهار، أو نَقَصَ ماء العيون، وهي سنة مؤكدة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأَمر بمنبر، فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، ثم قال:«إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ» الحديث. [أبو داود: 1173].

- مسألة: (وَصِفَتُهَا) أي: صلاة الاستسقاء (وَأَحْكَامُهَا)، وموضعها ووقتها (كَـ) صلاة وأحكام وموضع صلاة (عِيدٍ)؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما:«سُنَّةُ الِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةُ الصَّلَاةِ فِي الْعِيدَيْنِ» [الحاكم: 1217، والدارقطني: 1800، والبيهقي: 6405، وفيه ضعف]، وقال ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً: «صَلَّى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 402

رَكْعَتَيْنِ، كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ» [أحمد: 2039، وأبو داود: 1165، والترمذي: 558، والنسائي: 1508، وابن ماجه: 1266].

- فرع: ليس لصلاة الاستسقاء وقت محدد، إلا أنها لا تفعل أوقاتَ النهي، والأفضل فعلها في وقت صلاة العيد؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:«خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ» [أبو داود: 1173].

- مسألة: (وَهِيَ) أي: صلاة الاستسقاء، كونها تصلى في جماعة أفضل؛ لظاهر حديث عبد الله بن زيد السابق، (وَ) كذا (الَّتِي قَبْلَهَا) أي: صلاة الكسوف، كونها تصلى في (جَمَاعَةٍ أَفْضَلُ)؛ لقول عائشة رضي الله عنها:«خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ وَكَبَّرَ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ» [البخاري: 1046، ومسلم: 901]، وتصح فرادى؛ كسائر النوافل.

- مسألة: (وَإِذَا أَرَادَ الإِمَامُ الخُرُوجَ لَهَا) أي: صلاة الاستسقاء:

1 -

(وَعَظَ النَّاسَ) أي: ذَكَّرَهُم بما يُلَيِّنُ قلوبهم من الثواب والعقاب.

2 -

(وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ وَالخُرُوجِ مِنَ المَظَالِمِ) وذلك بِرَدِّها إلى مُستحِقِّيها؛ لأن المعاصيَ سبب القحط، والتقوى سبب البركات، قال تعالى:(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض).

ص: 403

3 -

(وَ) أمرهم بـ (تَرْكِ التَّشَاحُنِ)، من الشحناء، وهي العداوة، لأنها تحمل على المعصية، وتمنع نزول الخير؛ لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرفوعاً:«خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلَاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ» [البخاري: 2023].

4 -

(وَ) أمرهم بـ (الصِّيَامِ)؛ لأنه وسيلة إلى نزول الغيث، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«ثَلَاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ» الحديث. [أحمد: 8043، والترمذي: 3598، وابن ماجه: 1752].

قال ابن عثيمين: (فيه نظر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، لكن لو اختار يوم الاثنين ولم يجعله سنة راتبة؛ ليصادف صيام بعض الناس، لم يكن به بأس).

5 -

(وَ) أمرهم بـ (الصَّدَقَةِ)؛ لأنها متضمنة للرحمة، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً:«وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ» [ابن ماجه: 4019].

6 -

(وَيَعِدُهُمْ) أي: يُعيِّن لهم (يَوْماً يَخْرُجُونَ فِيهِ)؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْماً يَخْرُجُونَ فِيهِ» [أبو داود: 1173]، وليتهيؤوا للخروج على الصفة المسنونة.

7 -

(وَيَخْرُجُ) الإمام وغيره (مُتَوَاضِعاً) أي: متقصداً التواضع، وهو ضد الكبر، (مُتَخَشِّعاً) أي: خاضعاً، بسكون الأعضاء، ورمي البصر إلى

ص: 404

الأرض، وخفض الصوت، (مُتَذَلِّلاً) من الذل وهو الهوان، استكانةً وتعظيماً لله، (مُتَضَرِّعاً) أي: مستكيناً لله تعالى؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُتَوَاضِعاً مُتَبَذِّلاً، مُتَخَشِّعاً، مُتَضَرِّعاً» [أحمد: 2039، والترمذي: 558، والنسائي: 1521، وابن ماجه: 1266]،

8 -

ويخرج الإمام وغيره (مُتَنَظِّفاً) لها؛ لئلا يؤذي، والمراد بالتنظف ثلاثة أمور:

أ) إزالة ما ينبغي إزالته شرعاً؛ كتقليم الأظفار، ونتف الإبْط، وحلق العانة، وقص الشارب.

ب) إزالة ما ينبغي إزالته طبعاً؛ كقطع العرق، والرائحة الكريهة.

ت) الغسل، وسبق في باب الغسل.

9 -

و (لَا) يخرج (مُطَيَّباً)؛ لأنه يوم استكانة وخضوع.

وقيل: لا يمنع من الطيب؛ لعدم ورود المانع، والطيب مسنون كل وقت؛ وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيبٌ فَلَا يَرُدَّهُ، فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ، خَفِيفُ الْمَحْمَلِ» [أحمد: 8264، وأبو داود: 4172، والنسائي: 5259]، ولا منافاة بين الطيب وبين الخضوع والاستكانة.

10 -

ويخرج الإمام (وَمَعَهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ، وَالشُّيُوخُ)؛ لأن عمر

ص: 405

استسقى بدعاء العباس رضي الله عنهما [البخاري: 1010]، ولأنه أسرع لإجابتهم، (وَ) يخرج معه (مُمَيّزُ الصِّبْيَانِ)؛ لأنهم لا ذنوب لهم، فترجى إجابتهم.

11 -

(فَيُصَلِّي) بهم ركعتين كالعيد؛ لما تقدم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

12 -

(ثُمَّ يَخْطُبُ) خطبة (وَاحِدَةً)؛ لأنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بأكثر منهما.

13 -

وتكون الخطبة بعد الصلاة؛ كما في خطبة العيد؛ لقول ابن عباس السابق: «وَصَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ» .

وعنه: يخطب قبل الصلاة كالجمعة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَبَّرَ صلى الله عليه وسلم، وَحَمِدَ الله عز وجل، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ» الحديث، «ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ» [أبو داود: 1173].

والأقرب أن يقال: هذا من السنن المتنوعة، فيخطب قبل الصلاة أحياناً، ويخطب بعدها أحياناً.

14 -

و (يَفْتَتِحُهَا) أي: الخطبة (بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ عِيدٍ)، وهو من المفردات؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما:«فَصَنَعَ فِيهِ كَمَا يَصْنَعُ فِي الفِطْرِ وَالْأَضْحَى» [الحاكم: 1218، والدارقطني: 1806، والبيهقي: 6404].

ص: 406

وعنه، وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام: يفتتحها بالحمد، كما تقدم في خطبة العيد.

15 -

(وَيُكْثِرُ فِيهَا) أي: في الخطبة من (الاسْتِغْفَارِ، وَقِرَاءَةِ الآيَاتِ الَّتِي فِيهَا الأَمْرُ بِهِ)؛ لأن الاستغفار سبب نزول الغيث، لقوله تعالى:{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يرسل السماء عليكم مدراراً} [نوح: 10].

16 -

(وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) استحباباً في الدعاء؛ لقول أنس رضي الله عنه: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» [البخاري: 1031، ومسلم: 895].

17 -

(وَ) تكون (ظُهُورُهُمَا) أي: يديه (نَحْوَ السَّمَاءِ)؛ لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى، فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ» [مسلم: 895].

وفي وجه اختاره شيخ الإسلام: أن دعاء الاستسقاء كغيره، فتكون بطون أصابعه نحو السماء، وإنما صار كفهما نحو السماء لشدة الرفع.

18 -

(فَيَدْعُو بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تأسياً به، (وَمِنْهُ):

أ) (اللهمَّ اسْقِنَا غَيْثًا) والغيث: المطر، (مُغِيثاً) أي: منقذاً من الشدة،

ص: 407

(إِلَى آخِرِهِ) أي: آخر الدعاء: «مَرِيئاً مَرِيعاً، نَافِعاً غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ» [أبو داود: 1169]. مريئاً: هو السهل النافع المحمود العاقبة، ومريعاً: مخصبًا كثير النبات.

ب) «اللهمَّ اسْقِ عِبَادَكَ، وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ» [أبو داود: 1176].

ت) «اللهمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا بَلَاءٍ، وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ» [البيهقي: 6443].

19 -

ويسن أن يحوِّل الإمام رداءه، فيجعلَ الأيمنَ على الأيسر، والأيسرَ على الأيمن؛ لحديث عبد الله بن زيد السابق:«وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ» ، وفي رواية البخاري:«جَعَلَ اليَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ» ، ويفعل الناس كذلك؛ لأن الأصل التأسي، ويتركونه حتى يَنْزِعُوه مع ثيابهم؛ لعدم نقل إعادته.

- مسألة: (وَإِنْ كَثُرَ المَطَرُ حَتَّى خِيفَ) منه (سُنَّ قَوْلُ: اللهمَّ حَوَالَيْنَا) أي: أنزله حوالَيِ المدينة في مواضع النبات، (وَلَا عَلَيْنَا) في المدينة ولا في غيرها من المباني، (اللهمَّ عَلَى الظِّرَابِ) أي: الروابي الصغار، (وَالآكَامِ) على وزن آصال وجبال، قال مالك: هي الجبال الصغار، (وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ) أي: الأمكنة المنخفضة، (وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ) أي: أصولها؛ لأنه أنفع لها؛ لما

ص: 408

روى أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك [البخاري: 1014، ومسلم: 897]، (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) أي: لا تُكلِّفْنا من الأعمال ما لا نُطيق، (الآيَةَ) أي:{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286].

قال ابن عثيمين: (لو قالها على سبيل الدعاء فلا بأس، أما على سبيل السنية فلا؛ لعدم وروده).

- فرع: لا يصلي إذا كثر المطر حتى خيف منه؛ لعدم وروده، ويدعو؛ لأنه أحد الضررين، فاستحب الدعاء لانقطاعه.

ص: 409