المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في صلاة العيدين - الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات - جـ ١

[عبد العزيز العيدان]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أحكام الآنية

- ‌(فَصْلٌ) في آداب دخول الخلاء وأحكام الاستنجاء

- ‌فصل في أحكام الاستنجاء

- ‌(فَصْلٌ) في السواك وما ألحق به من الادهان وسنن الفطرة

- ‌(فَصْلٌ) في فروض الوضوء

- ‌(فَصْلٌ) في المسح على الخفين وغيرهما من الحوائل

- ‌(فَصْلٌ) في نواقض الوضوء

- ‌(فَصْلٌ) في الغسل

- ‌(فَصْلٌ) في التيمم

- ‌(فَصْلٌ) في النجاسات وكيفية تطهيرها

- ‌(فَصْلٌ فِي الحَيْضِ) والاستحاضة، والنفاس

- ‌فصل في أحكام النفاس

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)في الأذان والإقامة

- ‌(فَصْلٌ)في شروط صحة الصلاة

- ‌فصل في مكروهات الصلاة

- ‌(فَصْلٌ) في أركان الصلاة وواجباتها وسننها

- ‌(فَصْلٌ)في أحكام سجود السهو

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة التطوع

- ‌فصلفي سجود التلاوة والشكر

- ‌فصلفي أوقات النهي

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة الجماعة

- ‌(فَصْلٌ)في الأولى بالإمامة، ومن لا تصح إمامته

- ‌فصلٌفي موقف الإمام والمأمومين

- ‌فصلٌفي أحكام الاقتداء

- ‌فصلٌفي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة أهل الأعذار

- ‌(فَصْلٌ)في قصر الصلاة

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة الجمعة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في صلاة العيدين

- ‌(فَصْلٌ)في صلاة الكسوف

- ‌فصلفي صلاة الاستسقاء

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ)في غُسْلِ الميت

- ‌فصلفي الكفن

- ‌(فَصْلٌ)في الصلاة على الميت

- ‌فصل في حمل الميت ودفنه

- ‌فصلفي زيارة القبور، وأحكام المصاب والتعزية

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌فصلفي زكاة بهيمة الأنعام

- ‌فصلفي زكاة البقر

- ‌فصلفي زكاة الغنم، وتشمل المعز والضأن

- ‌(فَصْلٌ)في زكاة الخارج من الأرض

- ‌(فَصْلٌ)في زكاة الذهب والفضة وحكم التحلي بهما

- ‌فصلفي أحكام التحلي

- ‌(فَصْلٌ) في زكاة الفِطْر

- ‌(فَصْلٌ) في إخراج الزكاة، وما يتعلق به

- ‌فصل في أهل الزكاة

- ‌فصل في موانع الزكاة

- ‌(كِتَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(فَصْلٌ)في المفطرات

- ‌فصل في الجماع في نهار رمضان

- ‌فصلفي ما يكره وما يستحب في الصوم، وأحكام القضاء

- ‌(فَصْلٌ)في صوم التطوع وما يُكره منه

- ‌(فَصْلٌ) في الاعتكاف

الفصل: ‌(فصل) في صلاة العيدين

2 -

(وَمَنْ كَلَّمَهُ) الخطيب (لِحَاجَةٍ)، فلا يحرم عليهما؛ لحديث جابر رضي الله عنه: بينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخطُبُ يومَ الجمعة، إذ جاء رجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ» قال: لا، قال:«قُمْ فَارْكَعْ» [مسلم 875].

- مسألة: (وَمَنْ دَخَلَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ: صَلَّى) ركعتي (التَّحِيَّةِ) أي: تحية المسجد، قبل أن يجلس، استحباباً، ولو كان وقتَ نهي، (فَقَطْ)، فلا تجوز الزيادة عليهما، (خَفِيفَةً)؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» ، وزاد مسلم:«وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» [البخاري 1170، ومسلم 875].

(فَصْلٌ) في صلاة العيدين

سمي يومُ العيد بذلك؛ لأنه يعود ويتكرر لأوقاته، وفي الاصطلاح: يوما الفطر والأضحى.

- مسألة: (وَصَلَاةُ العِيدَيْنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ)؛ لقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، قال قتادة: هي صلاة العيد [تفسير الطبري 24/ 654].

ص: 383

والأمر يقتضي الوجوب، وكونها على الكفاية؛ لحديث طلحة رضي الله عنه مرفوعاً:«خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» ، فقال الأعرابي: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» [البخاري: 46، ومسلم: 11]، ولأنها من الشعائر الظاهرة فلا تتعين، كالأذان.

واختار شيخ الإسلام: أنها فرض عين؛ لحديث أم عطية رضي الله عنها: «أَمَرَنَا - تَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ» [البخاري: 974، ومسلم: 890]، فإذا كانت المرأة مأمورة فالرجل من باب أولى، وحديث الأعرابي محمول على الصلوات اليومية التي تتكرر.

- مسألة: (وَ) أول (وَقْتِهَا) أي: صلاة العيد (كَـ) أول وقت (صَلَاةِ الضُّحَى)؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ومن بعده لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس، ذكره في المبدع، فعن عبد الله بن بُسْر رضي الله عنه: أنه خرج مع الناس في يوم عيد فطر أو أضحى، فأنكر إبطاء الإمام، فقال:«إِنَّا كُنَّا قَدْ فَرَغْنَا سَاعَتَنَا هَذِهِ» ، وذلك حين التَّسْبيح. [البخاري معلقاً بصيغة الجزم 2/ 19، وأبو داود: 1135، وابن ماجه: 1317].

(وَآخِرُهُ) أي: آخر وقت صلاة العيد، عند (الزَّوَالِ) أي: زوال الشمس؛ لحديث أبي عمير الآتي.

ص: 384

- مسألة: (فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِالعِيدِ إِلَّا بَعْدَهُ) أي: بعد زوال الشمس (صَلَّوْا مِنَ الغَدِ قَضَاءً)؛ لما روى أبو عمير بن أنس، عن عمومة له من الأنصار، قالوا:«غُمَّ عَلَيْنَا هِلَالُ شَوَّالٍ، فَأَصْبَحْنَا صِيَاماً، فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، فَشَهِدُوا عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الناسَ أَنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ، وَأَنْ يَخْرُجُوا لِعِيدِهِمْ مِنَ الْغَدِ» [أحمد: 20584، وأبو داود: 1157، والنسائي: 1557، وابن ماجه: 1653].

- مسألة: (وَشُرِطَ لِوُجُوبِهَا) أي: وجوب صلاة العيد ما تقدم من (شُرُوطِ) وجوب صلاة (جُمُعَةٍ)؛ لأنها صلاة لها خطبة راتبة أشبهت الجمعة.

- مسألة: (وَ) شُرِط (لِصِحَّتِهَا) أي: صحة صلاة العيد: (اسْتِيطَانٌ، وَعَدَدُ الجُمُعَةِ)، فلا تقام إلا حيث تقام الجمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وافق العيد في يوم حجته ولم يصل.

- مسألة: (لَكِنْ يُسَنُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ) صلاة العيد (أَوْ) فاته (بَعْضُهَا أَنْ يَقْضِيَهَا) في يومها، قبل الزوال أو بعده؛ لما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه:«أَنَّهُ كَانَ يَكُونُ فِي مَنْزِلِهِ بِالزَّاوِيَةِ، فَإِذَا لَمْ يَشْهَدِ الْعِيدَ بِالْبَصْرَةِ جَمَعَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَمَوَالِيَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ مَوْلَاهُ عَبْدَ الله بْنَ أَبِي عُتْبَةَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ»

ص: 385

[البخاري معلقاً بصيغة الجزم 2/ 23، ووصله ابن أبي شيبة: 5855].

- فرع: القضاء له صفتان:

1 -

صفة مستحبة وأشار إليه بقوله: (وَ) قضاؤها (عَلَى صِفَتِهَا) الآتي ذكرُها (أَفْضَلُ)؛ لأن القضاء يحكي الأداء.

2 -

صفة مجزئة: أن يقضيها كسائر النوافل.

واختار شيخ الإسلام: لا يشرع قضاؤها؛ لأن إخراج ذوات الخدور إليها يدل على أنها صلاة لا تفعل إلا جماعة، وقياساً على صلاة الجمعة، وأما أثر أنس ففيه نعيم بن حماد وهو ضعيف.

- مسألة: في سنن صلاة العيد:

1 -

(وَتُسَنُّ) صلاة العيد (فِي صَحْرَاءَ) قريبةٍ عرفاً؛ لقول أبي سعيد رضي الله عنه: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى» [البخاري: 956، ومسلم: 889].

وتكره صلاة العيد في الجامع، إلا:

أ) في مكة، فإن الأفضل أن تكون فيه؛ قال الشافعي: (بلغَنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة، وكذلك من كان بعده، وعامة أهل البلدان، إلا أهلَ مكة فإنه لم يبلغنا أن أحداً من السلف

ص: 386

صلى بهم عيداً إلا في مسجدهم، وأحسب ذلك والله تعالى أعلم؛ لأن المسجد الحرام خير بقاع الدنيا، فلم يحبوا أن يكون لهم صلاة إلا فيه ما أمكنهم).

ب) لعذر، كمطر ونحوه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه:«أَنَّهُ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ» [أبو داود: 1160، وابن ماجه: 1313]، ولأثر علي أنه استخلف أبا مسعود البدري رضي الله عنهما يصلي بالناس. [النسائي: 1561].

2 -

(وَ) يسن (تَأْخِيرُ صَلَاةِ) عيد (فِطْرٍ) قال في الشرح: (لا أعلم فيه خلافاً)؛ لما روى الشافعي مرسلًا: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ بِنَجْرَانَ: عَجِّلِ الْأَضْحَى، وَأَخِّرِ الْفِطْرَ، وَذَكِّرِ النَّاسَ» [البيهقي: 6149، وهو ضعيف]، ولِيَتمكَّنَ مَن لم يُخرج زكاةَ الفطر من إخراجها قبل الصلاة.

3 -

(وَ) يسن (أَكْلٌ قَبْلَهَا) أي: قبل الخروج لصلاة عيد الفطر، قال ابن قدامة:(لا نعلم فيه خلافاً)؛ لحديث أنس رضي الله عنه: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ» [البخاري: 953]، ولحديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلا يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ» [أحمد: 22984، والترمذي: 542، وابن ماجه: 1754].

4 -

(وَ) يسن (تَقْدِيمُ) صلاة عيد (أَضْحَى)؛ لما تقدم من حديث كتاب عمرو بن حزم رضي الله عنه، ولِيتَّسِعَ وقت الأضحية لأنها لا تجوز إلَّا بعد الصلاة.

ص: 387

5 -

(وَ) يسن (تَرْكُ أَكْلٍ قَبْلَهَا) أي: قبل صلاة الأضحى (لِمُضَحٍّ)؛ حتى يأكل من أضحيَّتِه بعد الصلاة؛ لما تقدم من حديث بُريدة، فإن لم يضحِّ فإنه يأكل قبل الصلاة.

- مسألة: (وَ) صفة صلاة العيد:

1 -

أن (يُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ) إجماعاً، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا» [البخاري: 964، ومسلم: 884].

2 -

ويشترط أن تكون الصلاة (قَبْلَ الخُطْبَةِ)؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما يُصَلُّونَ العِيدَيْنِ قَبْلَ الخُطْبَةِ» [البخاري: 963، ومسلم: 888]، فلو قدم الخطبة لم يعتد بها.

3 -

و (يُكَبِّرُ فِي الأُولَى بَعْدَ) تكبيرة الإحرام وبعد (الاسْتِفْتَاحِ)؛ لأن تكبيرة الإحرام والاستفتاح لأول الصلاة، (وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ وَالقِرَاءَةِ)؛ لأن الاستعاذة للقراءة وليست للصلاة، فتكون ملحقة بالقراءة، (سِتًّا) زوائدَ، (وَ) يكبر (فِي) الركعة (الثَّانِيَةِ قَبْلَ القِرَاءَةِ خَمْساً) زوائدَ؛ لما روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً،

ص: 388

سَبْعاً فِي الْأُولَى، وَخَمْساً فِي الْآخِرَةِ، وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا، وَلَا بَعْدَهَا» [أحمد: 6688، وأبو داود: 1152، وابن ماجه: 1279].

وعنه: يكبر في الأولى خمساً، وفي الثانية أربعاً؛ لما صح عن عبد الله بن الحارث قال:«صلى بنا ابن عباس يوم عيد، فكبر تسع تكبيرات، خمساً في الأولى، وأربعاً في الآخرة، والى بين القراءتين» [ابن أبي شيبة: 5708].

قال أحمد: (اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير وكله جائز).

قال شيخ الإسلام: (وأكثر الصحابة والأئمة يكبرون سبعاً في الأولى، وخمساً في الثانية).

- فرع: التكبيرات الزوائد سنة، قال في الشرح:(بغير خلاف بين العلماء).

4 -

(رَافِعاً يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ)؛ لقول وائل بن حُجْرٍ رضي الله عنه: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ» [أحمد: 18848] قال أحمد: (فأرى أن يدخل فيه هذا كلُّه)، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفاً:«أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْجِنَازَةِ» [ابن أبي شيبة: 11380]، فتكون تكبيرات العيد مثل ذلك.

5 -

(وَيَقُولُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ: «الله أَكْبَرُ كَبِيراً، وَالحَمْدُ لِلهِ كَثِيراً،

ص: 389

وَسُبْحَانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلاً، وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً»، أَوْ) يقول (غَيْرَهُ) من الذِّكْر، فليس الذكر مخصوصاً بذكر معين؛ لما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:«تَبْدَأُ فَتُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً تَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ، وَتَحْمَدُ رَبَّكَ، وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ تَدْعُو وَتُكَبِّرُ، وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ» الحديث [البيهقي: 6186]، واختاره شيخ الإسلام.

واختار ابن القيم: أنه يسكت سكتةً يسيرة ولا يقول شيئاً؛ لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. (1)

6 -

(ثُمَّ يَقْرَأُ) جهراً؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الِاسْتِسْقَاءِ» [الدارقطني: 1803، وهو ضعيف]، ولأن الصحابة رضي الله عنهم نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بالأعلى والغاشية كما سيأتي، فالظاهر أنه كان يجهر بها.

7 -

فيقرأ استحباباً (بَعْدَ الفَاتِحَةِ فِي) الركعة (الأُولَى) سورة (سَبِّحْ) أي: سورة الأعلى، (وَ) في الركعة (الثَّانِيَةِ) يقرأ سورة (الغَاشِيَةِ)؛ لقول سمرة رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» [أحمد: 20080].

(1) ثم قال ابن القيم بعد ذلك: (ولكن ذُكِر عن ابن مسعود أنه قال: يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره الخلال)[زاد المعاد 1/ 427].

ص: 390

وورد في السنة أيضاً: أنه يقرأ في الأولى بعد الفاتحة بسورة (ق) وفي الركعة الثانية بسورة (القمر)؛ فعن عمر بن الخطاب أنه سأل أبا واقدٍ اللَّيثِيَّ رضي الله عنهما: مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ: «كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِـ (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)، وَ (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)» [مسلم: 891].

8 -

(ثُمَّ) بعد السلام من الصلاة (يَخْطُبُ) قائماً خطبتين اتفاقاً (كَخُطْبَتَيِ الجُمُعَةِ) في أحكامها؛ لقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: «السُّنَّةُ أَنْ يَخْطُبَ الإِمَامُ فِي العِيدَيْنِ خُطْبَتَيْنِ، يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ» [مسند الشافعي ص 77، وهو ضعيف لإرساله]، وقياساً على خطبة الجمعة.

- فرع: الخطبتان سنة؛ لما روى عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال: شَهِدْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قَضَى الصلاة قال:«إِنَّا نَخْطُبُ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ» [أبو داود: 1155، وابن ماجه: 1290]، ولو وجبت لوجب حضورها واستماعها.

وقيل: واجبة على الإمام دون غيره؛ لأنه هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولئلا ينصرف الناس بلا تذكير ولا موعظة.

- فرع: (لَكِنْ) تخالف خطبةَ الجمعة في أنه (يَسْتَفْتِحُ الأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ) نسقاً، (وَ) يستفتح الخطبة (الثَّانِيَةَ بِسَبْعِ) تكبيرات كذلك؛ لقول

ص: 391

عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة: «السُّنَّةُ التَّكْبِيرُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْعِيدِ، يَبْدَأُ خُطْبَتَهُ الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ، وَيَبْدَأُ الْآخِرَةَ بِسَبْعٍ» [عبد الرزاق: 5673، وهو ضعيف لإرساله].

واختار شيخ الإسلام وابن القيم: أنه يفتتح كل الخطب بالحمد، العيدَ وغيرَها؛ لأن كل من وصف خطب النبي صلى الله عليه وسلم يذكر أنه ابتدأها بالحمد لا غيره، والحديث المذكور ضعيف.

- فرع: (وَيُبَيِّنُ لَهُمْ فِي) خطبة عيد (الفِطْرِ مَا يُخْرِجُونَ) جنساً، وقدراً، والوجوبَ، والوقتَ؛ لأن وقت زكاة الفطر باقٍ إلى انتهاء يوم العيد، على ما يأتي في زكاة الفطر.

وسيأتي أن آخر وقتها: إلى صلاة العيد؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» [أبو داود: 1609]، وعليه فلا حاجة إلى أن يبين لهم ما يخرجون في زكاة الفطر؛ لخروج وقتها.

- فرع: (وَ) يبين لهم (فِي) خطبة عيد (الأَضْحَى مَا يُضَحُّونَ) به، وأحكامَ الأضحية؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في خطبة الأضحى كثيراً من أحكامها؛ كما في حديث البراء بن عازب [البخاري: 955، ومسلم: 1961]، وغيره رضي الله عنهم.

ص: 392

- مسألة: (وَسُنَّ التَّكْبِيرُ) في العيدين، وهو على قسمين:

القسم الأول: التكبير (المُطْلَقُ) أي: الذي لم يُقَيَّدْ بأدبار الصلوات، وذلك في مواطن:

1 -

في (لَيْلَتَيِ العِيدَيْنِ) في البيوت والأسواق والمساجد وغيرها، ويبدأ من غروب شمس ليلة العيد؛ لقوله تعالى:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا الله} [البقرة: 185]، فرتب التكبير على إكمال العدة أي: انتهاء شهر رمضان، إلى فراغ الإمام من خطبته؛ لما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه يكبر حتى يبلغ الإمام. [ابن أبي شيبة: 5619]، واختاره شيخ الإسلام.

- فرع: (وَ) التكبير في عيد (الفِطْرِ آكَدُ) من التكبير المطلق في عيد الأضحى؛ لثبوته بالنص، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا الله} [البقرة: 185].

واختار شيخ الإسلام (1): أن التكبير في الفطر أوكد لكونه أمر الله به، وفي النحر أوكد من جهة أنه يشرع أدبار الصلوات، ومتَّفق عليه، ويجتمع فيه الزمان والمكان.

(1) هكذا في مجموع الفتاوى (24/ 222)، ومختصر الفتاوى المصرية (ص 79)، والاختيارات الفقهية (ص 123).

ونقل عنه المرداوي أخذاً من الفتاوى المصرية: أن التكبير في النحر أوكد. الإنصاف (5/ 369)، خلافاً لظاهر كلامه المتقدم.

ص: 393

2 -

(وَ) الثاني: (مِنْ) فجر (أَوَّلِ) يوم من (ذِي الحِجَّةِ)؛ لقوله تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات)، والأيام المعلومات هي أيام عشر ذي الحجة، ولما ورد عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم:«أَنَّهُمَا كَانَا يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا» [البخاري معلقًا بصيغة الجزم 2/ 20، قال ابن حجر: لم أره موصولًا].

وآخر وقت التكبير: (إِلَى فَرَاغِ الخُطْبَةِ) من يوم العيد؛ لما تقدم.

واختار ابن عثيمين: أن آخر وقتها إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق؛ لقوله تعالى {وَاذْكُرُوا الله فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} ، والأيام المعدودات هي أيام التشريق ، ولحديث نُبيشة الهُذَلي رضي الله عنه مرفوعاً:«أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ» [مسلم: 1141]، ولأن ابن عمر رضي الله عنهما:«كان يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ، تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعاً» . [علقه البخاري بصيغة الجزم 2/ 20، ووصله الفاكهي في أخبار مكة: 4/ 228].

(وَ) القسم الثاني: التكبير (المُقَيَّدُ) وهو الذي يكون (عَقِبَ كُلِّ فَرِيضَةٍ)؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حِينَ يُسَلِّمُ مِنَ الْمَكْتُوبَاتِ» [الدارقطني: 1735، والبيهقي: 2494، وفيه ضعف]، قال الحافظ: (ولم يثبت فيه شيء عن

ص: 394

النبي صلى الله عليه وسلم، وأصح ما ورد فيه عن الصحابة، علي وابن مسعود رضي الله عنهما [ابن أبي شيبة 2/ 165].

- فرع: يشرع التكبير إذا صلى (فِي جَمَاعَةٍ) من عيد الأضحى، لا الفطر، أما إن صلى وحده فلا يكبر؛ لما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما:«أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يُكَبِّرْ» [الأوسط: 2212]، وقال ابن مسعود رضي الله عنه:«إِنَّمَا التَّكْبِيرُ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ» [الأوسط: 2213].

- فرع: وقت التكبير المقيد:

- أوله: (مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ لِمُحِلٍّ)؛ وقيل لأحمد: (بأي حديث تذهب في ذلك قال: بإجماع عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود)[ابن أبي شيبة: 5631، فما بعده، وأثر ابن عباس أخرجه الحاكم: 1114]، واختاره شيخ الإسلام.

(وَ) أول التكبير المقيد (لِمُحْرِمٍ: مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ)؛ لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية.

وقيل: لا فرق بين المُحِلِّ والمُحْرِمِ، فالمحرم يخلط بين التلبية والتكبير؛ لحديث أنس رضي الله عنه:«كَانَ يُلَبِّي المُلَبِّي، لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ المُكَبِّرُ، فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ» [البخاري: 970، ومسلم: 1285].

- آخره: (إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ)، سواء كان محلاً أم محرماً؛ لما

ص: 395