الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من التقطع كالمحترق ونحوه، فلا يخلو من أمرين:
الأول: أن يتمكن من صب الماء عليه بحيث يعم بدنه بلا تقطع: فإنه يصب عليه الماء بلا حراك؛ لتعذره.
الثاني: ألا يمكنَ صب الماء عليه إلا بتقطع: فيُـ (يَمَّمُ) لما تعذر غسله؛ كالجنب إذا تعذر عليه الغسل.
وعنه: لا ييمم، بل يكفن ويصلى عليه بلا غسل؛ لأن المقصود بغسل الميت التنظيف، والتيمم لا يحصل به التنظيف.
فصل
في الكفن
- مسألة: عدد الأثواب التي يكفن فيها الميت تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: العدد المستحب: فلا يخلو من أربعة أمور:
الأمر الأول: الذكر البالغ، وأشار إليه بقوله:(وَسُنَّ تَكْفِينُ رَجُلٍ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ) من قطن؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ» [البخاري 1343، ومسلم 942].
- فرع: صفة التكفين:
1 -
تبسط اللفائف الثلاث بعضُها فوق بعض؛ ليوضع الميت عليها مرة واحدة.
2 -
ويجعل أوسعها وأحسنها أعلاها؛ لأن عادة الحي جعل الظاهر أفخر ثيابه.
3 -
ويكون ذلك (بَعْدَ تَبْخِيرِهَا) بعود ونحوه، ما لم يكن مُحْرِماً؛ لحديث جابر رضي الله عنه مرفوعاً:«إِذَا أَجْمَرْتُمُ المَيِّتَ، فَأَجْمِرُوهُ ثَلَاثًا» [أحمد 14540]، وقالت أسماء رضي الله عنها:«أَجْمِرُوا ثِيَابِي إِذَا أَنَا مِتُّ، ثُمَّ كَفِّنُونِي، ثُمَّ حَنِّطُونِي، وَلَا تَذُرُّوا عَلَى كَفَنِي حِنَاطًا» ، ونحوه عن أبي سعيد رضي الله عنه[مصنف عبدالرزاق 6152، 6205]، ولأن هذه عادة الحي، ويكون ذلك بعد رشها بماء ورد أو غيره؛ ليعلق به رائحة البخور.
4 -
(وَيُجْعَلُ الحَنُوطُ) وهو: أخلاط من طيب يُعدُّ للميت خاصة (1)، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مُحرِمٍ مات: «وَلا تُحَنِّطُوهُ» ، فدل على أن غير المُحْرم يحنّط، ولقول أسماء:«ثُمَّ حَنِّطُونِي» .
ويكون الحنوط في ستة مواضع:
(1) قال الأزهري في تهذيب اللغة (4/ 226): (كل ما يطيب به الميت من ذريرة أو مسك أو عنبر أو كافور وغيره من قصب هندي أو صندل مدقوق فهو كله حنوط وحناط).
الأول: (فِيمَا بَيْنَهَا)، أي: يذرُّ بين اللفائف؛ لحديث جابر رضي الله عنه مرفوعاً: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ» [مسلم 943]، ولأن عادة الحي تطييب بدنه وثوبه.
ولا يجعل من الحنوط على ظهر اللفافة العليا؛ لكراهة ابن عمر رضي الله عنهما [مصنف ابن أبي شيبة 11158]، ولقول أسماء رضي الله عنها:«وَلَا تَذُرُّوا عَلَى كَفَنِي حِنَاطًا» .
(وَ) الثاني: يُجعل (مِنْهُ) أي: من الحنوط (بِقُطْنٍ بَيْنَ أَلْيَيْهِ) أي: الميت؛ ليرد ما يخرج عند تحريكه، ويشد فوقها خرقة مشقوقة الطرف كالتُّبان، وهو: السراويل بلا أكمام، تجمع أَلْيَيه ومثانَته.
والثالث: يجعل من القطن المحنط في الجراح النافذة؛ ليرد ذلك ما يخرج، ويخفي ما ظهر من الروائح.
(وَ) الرابع: يجعل (البَاقِي) من القطن المحنط (عَلَى مَنَافِذِ وَجْهِهِ): عينيه، ومنخريه، وأذنيه، وفمه؛ لأن في جعلها على المنافذ منعًا من دخول الهوام.
(وَ) الخامس: يجعل من القطن المحنط على (مَوَاضِعِ سُجُودِهِ): ركبتيه، ويديه، وجبهته، وأَنفه، وأَطراف قدميه؛ تشريفًا لها، ولقول ابن مسعود رضي الله عنه:«يُوضَعُ الْكَافُورُ عَلَى مَوَاضِعِ سُجُودِ المَيِّتِ» [مصنف ابن أبي شيبة 10916، وفيه ضعف].
والسادس: على مغابنه، كطيِّ ركبتيه، وتحت إبطه، وكذا سرته؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما «كان يَتَّبِعُ مَغَابِنَ المَيِّتِ وَمَرَافِقَهُ بِالْمِسْكِ» [مصنف عبد الرزاق 6141].
وإن طُيِّب الميت كله فحسن؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما «كَانَ يُطَيِّبُ المَيِّتَ بِالْمِسْكِ، يَذُرُّ عَلَيْهِ ذَرُورًا» [مصنف عبد الرزاق 6140]، ويستثنى داخل عينيه فيكره؛ لأنه يفسدهما.
5 -
(ثُمَّ يَرُدَّ طَرَفَ العُلْيَا مِنْ الجَانِبِ الأَيْسَرِ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ) يرد طرفها (الأَيْمَنَ عَلَى) شقه (الأَيْسَرِ)؛ لأنه عادة الحي في لبس قَبَاءٍ ورداءٍ ونحوهما.
6 -
(ثُمَّ) يرد (الثَّانِيَةَ) من اللفائف كذلك، (وَ) يرد (الثَّالِثَةَ كَذَلِكَ)، كالأُولى؛ لأنهما في معناها.
7 -
(وَيَجْعَلُ أَكْثَرَ الفَاضِلِ) من الكفن (عِنْدَ رَأْسِهِ)؛ لشرفه، ولأنه أحق بالستر من رجليه، ويعيد الفاضل على وجهه ورجليه بعد جمعه؛ ليصير الكفن كالكيس فلا ينتشر.
الأمر الثاني: الذكر غير البالغ، فيكفن في ثوب واحد، ويجوز بثلاثة إلا أن يرثه غير مكلف من صغير ومجنون، فلا تجوز الزيادة على ثوب؛ لأنه تبرع.
وقيل: بثلاثة أثواب؛ كالذكر الكبير؛ لما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها.
الأمر الثالث: أن تكون أنثى بالغة، وأشار إليه بقوله:(وَسُنَّ لِامْرَأَةٍ) أن تكفن في (خَمْسَةِ أَثْوَابٍ) بيض من قطن: (إِزَارٌ، وَخِمَارٌ، وَقَمِيصٌ، وَلِفَافَتَانِ)؛ لحديث ليلى الثقفية رضي الله عنها قالت: «كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَ وَفَاتِهَا، فَكَانَ أَوَّلُ مَا أَعْطَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْحِقَاءَ، ثُمَّ الدِّرْعَ، ثُمَّ الْخِمَارَ، ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عِنْدَ الْبَابِ مَعَهُ كَفَنُهَا يُنَاوِلُنَاهَا ثَوْبًا ثَوْبًا» [أحمد 27135، وأبو داود 3157]، وقال الحافظ:(وروى الجوزقي من طريق إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن هشام عن حفصة، عن أم عطية قالت: «فَكَفَّنَّاهَا فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ، وَخَمَّرْنَاهَا كَمَا يُخَمَّرُ الحَيُّ»، وهذه الزيادة صحيحة الإسناد).
(وَ) الأمر الرابع: وسنَّ ثلاثةُ أثوابٍ (لِـ) أنثى (صَغِيرَةٍ) دون البلوغ: (قَمِيصٌ، وَلِفَافَتَانِ)؛ لعدم حاجتها إلى خمار في حياتها، فكذا في موتها.
وقيل: كالبالغة؛ لعدم الدليل على التفريق.
(وَ) القسم الثاني: العدد (الوَاجِبُ): يجب للميت مطلقاً، ذكراً كان أو أنثى، صغيراً كان أو كبيراً (ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ المَيِّتِ)؛ لحديث خبَّاب بن