الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(20)
وإذا أُذن للجمعة وجب على المكلف بها السعى إليها وترك ما يشغل عنه من نحو بيع وأكل (لقوله) تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ} (1).
(والمراد) من البيع: ما يشغل عن السعى إليها. وفى عطف ترك البيع على السعى إشارة إلى أنه لو باع أو اشترى حال السعى فهو مكروه تحريماً مع انعقاد البيع على المعول عليه عند الحنفيين.
(وقالت) الشافعية: يحرم الاشتغال بنحو البيع والصنائع، فإن باع فالبيع صحيح مع الحرمة.
(وقالت) المالكية: يحرم البيع وقت الأذان ويفسخ ولو حصل فى حال السعى إليها إذا كان المتبايعان أو أحدهما ممن تلزمه الجمعة، وإن كانت لا تجب على واحد منهم كره البيع ولم يفسخ (2).
(وقالت) الحنبلية: البيع وقت الذان حرام ولا ينعقد، أما قبل الشروع فى الأذان فلا يجب السعى إلا على من كان بعيداً عن محل إقامة الجمعة، فإنه يجب عليه السعى فى وقت يدركها فيه ولو بعد طلوع الفجر.
(4) صلاة الجمعة
(3)
هى ركعتان بالإجماع لما تقدم عن عمر رضى الله عنه قال: صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم (4).
(1) سورة الجمعة: الآية 9 ..
(2)
ملخصاً ص 135 ج 1 مدونة (فى البيع والشراء يوم الجمعة)
(3)
هذا الفصل الرابع من فصول الجمعة.
(4)
تقدم رقم 54 ص 54 (قصر الصلاة).
(وهى) صلاة مستقلة ليست ظهراً مقصوراً على الصحيح لحديث عمر (وهى) فريضة محكمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة يكفر جاحدها، قال الله تعالى:
(أ)(أمر) الله تعالى بالسعى إلى الذكر، والظاهر أن المراد به الصلاة وقيل الخطبة، وعلى فهو يفيد افتراض الجمعة، لأن وجوب السعى إلى الشرط وهو مقصود لغيره فرع افتراض المشروط.
(ب)(نهى) الله عن مباح وهو البيع لئلا يشتغل به عنها، فلو لم تكن فرضاً لما نهى عنه من أجلها، والمراد بالسعى الذهاب إليها لا الإسراع. وقد ورد عن عمر أنه كان يقرؤها: فامضوا إلى ذكر الله.
(وقال) ابو سعيد الخدرى: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله تعالى قد كتب عليكم الجمعة فى مقامى هذا، فى ساعتى هذه، فى شهرى هذا، فى عامى هذا، إلى يوم القيامة، منتركها من غير عذر - مع إمام عادل أو جائر - فلا جمع الله له شمله، ولا بورك له فى أمره، ألا ولا صلاة له، ألا ولا حج له، ألا ولا برّ له، ألا ولا صدقة له. أخرجه الطبرانى فى الأوسط. قال الهيثمى: وفيه موسى بن عطية الباهلى ولم أجد من ترجمة وبقية رجاله ثقات (2)[161].
(وعن ابن مسعود) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: لقد همتأن آمر رجلا يصلى بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم. أخرجه أحمد ومسلم (3)[162].
(1) سورة الجمعة: الآية 9.
(2)
ص 169 ج 2 مجمع الزوائد (فر ض الجمعة).
(3)
ص 22 ج 6 الفتح الربانى. وص 155 ج 5 نووى مسلم (التشديد فى التخلف عن الجماعة).
(وعن) ابن عمر وابن عباس رضى الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال- وهو على أعواد منبره- لينتهين اقوام عن وَدْعهم الجمعات أو ليختمن الله عز وجل على قلوبهم وليكتبن من الغافلين. أخرجه أحمد والنسائى (1). [163].
(وقد) أجمع المسلمون على افتراض الجمعة على كل من استكمل شرائط وجوبها.
(فرضت) الجمعة فى ربيع الأول من السنة الأولى من الهجرة. وأول جمعة صلاها النبى صلى الله عليه وسلم كانت فى مسجد بنى سالم بن عوف فى السادس عشر من الشهر المذكور.
(قال) الشيخ منصور بن إدريس: وفرضت بمكة قبل الهجرة، لما روى الدارقطنى عن ابن عباس قال: أذن النبى صلى الله عليه وسلم فى الجمعة قبل أن يهاجر فلم يستطع أن يجمع بمكة، فكتب إلى مصعب بن عمير: أما بعد فانظر إلى اليوم الذى تجهر به اليهود بالزبور لسبتهم فأجمعوا نساءكم وأبناءكم فإذا مال النهار عن شطره، عند الزوال من يوم الجمعة، فتقربوا إلى الله بركعتين (2). [164].
فأول من جمع بالمدينة مصعب بن عمير حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فجمع عند الزوال من الظهر (3).
(1) ص 21 ج 6 الفتح الربانى. وص 202 ج 1 مجتبى (التشديد فى التخلف عن الجمعة) و (الختم) الطبع والتغطية واختلف فيه فقيل هو المنع من أسباب الخير وإعدام اللطف. وقيل: هو خلق الكفر والنفاق فى الصدور. وعليه أكثر أهل السنة و " ليكتبن " بضم الياء والباء ونون التوكيد.
(2)
لم أعثر على هذا الحديث بسنن الدارقطنى.
(3)
ص 341 ج 1 كشاف القناع (صلاة الجمعة) ..
(ويدل) لهذا أيضا قول ابى مسعود الأنصاري: اول من قدم من المهاجرين إلى المدينة مصعب بن عمير، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة جمعهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم وهم اثنا عشر رجلا. أخرجه الطبرانى فى الأوسط والكبير. وفى سنده صالح بن أبى الأخضر وهو ضعيف (1)(36).
(وأما) ما روى عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لسعد بن زرارة. قال: لأنه أول من جمع بنا فى هزم النبيت من حرة بنى بياضة فى نقيع يقال له نقيع الخضمات. قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون. اخرجه أبو داود وابن حيان والدارقطنى والحاكم وصححه، وابن ماجه والبيهقى وقال: هذا حديث حسن الإسناد صحيح (2)
(37)
.
(1) ص 176 ج 2 مجمع الزوائد (باب فى أول من صلى الجمعة بالمدينة).
(2)
ص 217 ج 6 المنهل العذب (الجمعة فى القرى) وص 164 سنن الدارقطنى:
وص 281 ج 1 مستدرك. وص 173 ج 1 سنن ابن ماجه (فرض الجمعة) وص 177 ج 3 سنن البيهقى (العدد الذين إذا كانوا فى قرية وجبت عليهم الجمعة) و (الهزم) بفتح فسكون: المنخفض من الأرض. و (النبيت) أبو حى باليمن اسمه عمرو بن مالك. (وحرة بنى بياضة) قرية على ميل من المدينة. وبنو بياضة بطن من الأنصار. و (النقيع) مستنقع يمكث فيه الماء مدة فإذا غار فى الأرض أنبت الكلأ. و (الخضمات) بفتح فكسر أو بفتحتين: موضع بناحية المدينة. والمعنى أن اسعد بن زرارة أول من أمر بصلاة الجمعة بهزم النبيت (وأول) من جمع فى الجاهلية بمكة كعب بن لؤى الجد السابع للنبى صلى الله عليه وسلم خطب وذكر وبشر بمبعث النبى صلى الله عليه وسلم وحض على اتباعه، ويقال إنه أول من سمى العروبة الجمعة. ومعنى العروبة الرحمة. وكانت قريش تجتمع إليه فيها فيخطبهم فيقول (أما بعد) فاعلموا وتعلموا إنما الأرض لله مهاد، والجبال أوتاد، والسماد بناء، والنجوم أعلام. ثم يأمرهم بصلة الرحم ويبشرهم بالنبى صلى الله عليه وسلم ويقول: حرمكم يا قوم عظموه فسيكون له نبأ عظيم، ويخرج منه نبى كريم. ثم يقو فى شعره:
على غفلة يأتى النبى محمد
…
فيخبر أخباراً صدوق خبيرها
روف رايناها تقلب أهلها
…
لها عقد ما يستحيل مريرها
ثم قال:
يا ليتنى شاهد نجواء دعوته
…
إذا قريش تبغى الحق خذلانا (*)
ذكره السهلى. ص 269 ج 1 الروض الأنف. وكان بين موت كعب بن لؤى ومبعث النبى صلى الله عليه وسلم وخمسمائة عام.
(فيجمع) بينه وبين ما تقدم بأن اسعد كان آمراً وكان مصعب إماماً (وقيل) صليت الجمعة بالمدينة قبل هجرة النبى صلى الله عليه وسلم على سبيل الجواز وفرضت بها بعد الهجرة (وهذا) هو الظاهر لأن سورة الجمعة مدنية.
(ولقول) محمد بن سيرين: جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة وقبل أن تنزل الجمعة. فقالت الأنصار: إن لليهود يوماً يجتمعون فيه كل سبعة أيام، والنصارى كذلك. فهلم فلنجعل يوماً نجتمع فيه فنذكر الله ونصلى ونشكره، فقالوا: يوم السبت لليهود، ويوم الأحد للنصارى، فجعلوه يوم العروبة، واجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم، فسموا الجمعة حين اجتمعوا إليه، فذبح لهم شاة، فتغدوا أو تعشوا من شاة، وذلك لقلتهم، فأنزل الله تعالى:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} .أخرجه عبد بن حميد وعبد الرزاق بسند صحيح مرسل رجاله ثقات (1). (38).
(1) مصحرين بضم فسكون: أى بارزين فى الصحراء.
وبه يجمع بين الأحاديث (قال) الحافظ: واختلف فى وقت فرضيتها، فالأكثر على أنها فرضت بالمدينة، وهو مقتضى قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ (} .
وقال الشيخ أبو حامد: فرضت بمكة، وهو غريب (1).
(وحكمة) مشروعيتها ما يترتب على الاجتماع لها: من جمع الكلمة والتحاب والتعاطف والتآلف والتعلم وتعود الصبر والامتثال.
ولذا أوجب الله على أهل المدينة والقرية بأسرهم ان يجتمعوا فى كل أسبوع يوماً بعينه فى مسجد يسعهم ليجمع شملهم فى كل أسبوع، كما اجتمع شمل أهل الدور والمنازل فى كل يوم، كما طلب أن يجتمع أهل المدينة مع أهل القرى المتقاربين فى كل سنة مرتين فى ملى بارزين مصحرين (2) ليسعهم المكان، ويتجدد الأنس بين كافتهم وتشملهم المحبة الناظمة لهم.
ثم أوجب بعد ذلك ان يجتمعوا فى العمر كله مرة واحدة فى الموضع المقدس بمكة، ولم يعين من العمر وقتاً مخصوصاً ليتسع لهم الزمان، وليجتمع أهل المدن المتباعدة كما اجتمع أهل المدينة الواحدة، ويصير حالهم فى الأنس والمحبة وشمول الخبر والسعادة كحال المجتمعين فى كل سنة وفى كل أسبوع وفى كل يوم، فيجتمع بذلك الأنس الطبيعى إلى الخيرات المشتركة، وتتجدد بينهم محبة الشريعة، وليكبروا الله على ما هداهم، ويغتبطوا بالدين القويم القيم الذى الفهم على تقوى الله وطاعته.
(1) ص 239 ج 2 فتح البارى (فرض الجمعة) ..
(2)
مصحرين بضم فسكون: أى بارزين فى الصحراء.