الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فضعيف) لإرسال دليله فلا يعارض الأحاديث الصحيحة المتصلة الدالة على طلب التصدق بدينار أو نصف دينار.
(15) راتبة الجمعة
للجمعة راتبة بعدية وهى ركعتان أو أربع (لقول) ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بعد الجمعة ركعتين فى بيته، أخرجه السبعة، وهو عند البخارى عجز حديث بلفظ: وكان لا يصلى بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلى ركعتين (1). [246].
(ولحديث) ابى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعاً. وأخرجه السبعة إلا البخارى (2). [247].
دل ما ذكر على أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد الجمعة وأمر الأمة بصلاة أربع. ولا تعارض بينهما، لما تقرر فى الأصول من أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة. فالمشروع فى حق الأمة أربع ركعات بعد الجمعة. ويجوز الاختصار على ركعتين اقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم.
(1) ص 114 ج 6 الفتح الربانى. وص 170 ج 6 نووى مسلم (الصلاة بعد الجمعة) وص 302 ج 6 المنهل العذب (الصلاة بعد الجمعة) وص 210 ج 1 مجتبى ابن ماجه. وص 290 ج 2 فتح البارى.
(2)
ص 115 ج 6 الفتح الربانى. وص 169 ج 6 نووى مسلم. وص 302 ج 6 المنهل العذب. وص 371 ج 1 تحفة الأحوذى. وص 210 ج 1 مجتبى. وص 179 ج 1 سنن ابن ماجه.
(ولأمر) فى هذه الأحاديث للاستحباب لا للوجوب (لحديث) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً. أخرجه مسلم وأبو داود والترمذى وقال: هذا حديث حسن صحيح (1). [248].
نبه بقوله: " من كان منكم مصلياً " على أنها سنة ليست بواجبة. وذكر الأربع لفضلها. وفعل الركعتين فى أوقات بياناً لأن أقلها ركعتان. وحكمة أمره صلى الله عليه وسلم بصلاة أربع بعد الجمعة لئلا يخطر على بال جاهل أنه صلى ركعتين لتكملة الجمعة، أو يتطرق أهل البدع إلى صلاتها ظهراً.
(وقالت) الحنبلية: أقل السنة بعد الجمعة ركعتان، وأكثرها ست.
(لما روى) عطاء عن ابن عمر أنه كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين، ثم تقدم فصلى أربعاً، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة، ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين ولم يصل فى المسجد. فقيل له. فقال: كان رسول اله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، أخرجه أبو داود (2). [249].
وقوله: " كان يفعل ذلك " أى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بعد الجمعة ستاً بمكة فى المسجد وركعتين فى بيته بالمدينة، وكانت صلاته صلى الله عليه وسلم الجمعة بمكة عام الفتح فإنه لم يصلها بمكة قبله.
(وقال) الترمذى: وروى عن علىّ بن أبى طالب أنه أن يصلى بعد الجمعة ركعتين ثم أربعاً. أ. هـ. وأخرجه أحمد بن الحسن البغدادى. وزاد: جعل التسليم فى آخرهن (3). (103).
(1) انظر ص 169 ج 6 نووى مسلم. وص 202 ج 6 المنهل العذب. وص 271 ج 1 تحفة الأحوذى (الصلاة قبل الجمعة وبعدها).
(2)
انظر ص 301 ج 6 المنهل العذب (الصلاة بعد الجمعة).
(3)
انظر ص 371 ج 1 تحفة الأحوذى.
(تنبيه) دلت الأحاديث السابقة على جواز صلاة سنة الجمعة البعدية فى المسجد وفى البيت وهو الأفضل، لأحاديث الترغيب فى النافلة فى البيوت، وقد تقدم بعضها فى بحث " مكان التطوع"(1) ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يصل الركعتين بعد الجمعة فى المسجد، خشية أن يظن أن هاتين الركعتين هما اللتان تركتا من الجمعة (وإن صلاها) فى المسجد فيسن تأديتها فى غير مكان الفرض، لما تقدم فى حبث (كراهة التنفل فى مكان الفرض)(2).
وأما سنة الجمعة القبلية فلم تثبت من طريق صحيح، بل الثابت أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا زالت الشمس يوم الجمعة خرج من حجرته ودخل المسجد وسلم وصعد المنبر واذن المؤذن خارج المسجد، فإذا انتهى المؤذن شرع النبى صلى الله عليه وسلم فى الخطبة من غير فصل، ولذا قال أكثر العلماء ومنهم المالكية والحنبلية وكثير من الشافعية: ليس للجمعة سنة قبلية.
(وقال) الحنفيون وبعض الشافعية: يسن أربع ركعات قبل الجمعة، وهو قول لأحمد (لقول) نافع: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلى بعدها ركعتين فى بيته، ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. اخرجه ابو داود (3). [250].
(ولما تقدم) عن عبد الله بن مغفل أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: بين كل اذانين صلاة. بين كل أذانين صلاة. ثم قال فى الثالثة: لمن شاء. أخرجه السبعة، وقال الترمذى: حسن صحيح (4). [251].
(ولقول) ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى قبل الجمعة أربعاً لا يفصل فى شئ منهن. اخرجه ابن ماجه بسند واه (5). [252].
(1) تقدم ص 309 ج 2 دين.
(2)
تقدم بص 360 منه.
(3)
ص 295 ج 6 المنهل العذب (الصلاة بعد الجمعة).
(4)
تقدم رقم 440 ص 307 ج 2 دين (راتبة العشاء).
(5)
ص 179 ج 1 سنن ابن ماجه (الصلاة قبل الجمعة).
(ولما) روى أن عبد الله بن مسعود كان يصلى قبل الجمعة أربعاً وبعدها أربعاً. اخرجه الترمذى (1)(104)، ولقياس الجمعة على الظهر.
(وأجاب) الجمهور:
(أولا) أن قول ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك. أى كان يطيل الصلاة قبل الجمعة قبل الزوال لا بعده (لما تقدم) من أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يصلى بعد الزوال وقبل الخطبة شيئاً، ولقول ابن المنذر: روينا أن ابن عمر كان يصلى قبل الجمعة اثنتى عشرة ركعة. (105).
وعن ابن عباس أنه كان يصلى ثمان ركعات. (106).
ولم يقل أحد إن سنة الجمعة القبلية اثنتا عشرة ركعة، أو ثمان. فتعين أن المراد بقوله: كان يطيل الصلاة. أنه كان يطيلها قبل الزوال. ويحتمل أن اسم الاشارة فى قوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، عائد إلى صلاة الركعتين بعد الجمعة فى بيته فقط (فقد) روى الليث عن نافع أن ابن عمر كان إذا انصرف من الجمعة إلى منزله فسجد سجدتين، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. اخرجه أحمد ومسلم والأربعة إلا أبا داود (2). [253].
(وثانياً) بأن (حديث) بين كل أذانين صلاة. ونحوه (من العام) المخصوص بغير الجمعة، لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلّ بين اذانها وإقامتها.
(وثالثاً) بأن (حديث) ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى قبل
(1) انظر ص 371 ج 1 تحفة الأحوذى.
(2)
ص 114 ج 6 الفتح الربانى. وص 169 ج 6 - روى مسلم. وص 210 ج 1 مجتبى. وص 371 ج 1 تحفة الأحوذى. وص 179 ج 1 سنن ابن ماجه.
الجمعة أربعاً، فى سنده:(أ) بقية ابن الوليد مدلس. (ب) مبشر بن عبيد كذاب منكر الحديث. (حـ) حجلج بن أرطاة مدلس. (د) عطية العوفى متفق على ضعفه. فلا يصح الاحتجاج بحديثهم. ولذا قال النووى فى الخلاصة: إنه حديث باطل، وعلى فرض صحته فيحمل على ما قبل الزوال.
(ورابعاً) بأن اثر ابن مسعود يحمل على النفل المطلق قبل دخول وقت الجمعة.
(وخامساً) بأن قياس الجمعة على الظهر قياس فى مقابلة النص، فلا يعول عليه، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة ولم يصلّ قبلها راتبة.
فكان تركها سنة وفعلها بدعة (ولا يقال) لعله صلى الله عليه وسلم صلاها فى بيته بعد زوال الشمس ثم خرج (لأنا نقول) لو كان كذلك لنقله أزواجه صلى الله عليه وسلم إلينا، كما نقلن سائر صلواته فى بيته ليلا ونهاراً. وحيث لم ينقل أنه صلى راتبة قبلية للجمعة، دل على أنها غير مشروعة.
(قال) الإمام أبو شامة الشافعى: جرت عادة الناس أنهم يصلون بين الأذانين يوم الجمعة متنفلين بركعتين أو أربع ونحو ذلك إلى خروج الإمام.
وذلك جائز ومباح وليس بمنكر من جهة كونه صلاة. وإنما المنكر اعتقاد العامة ومعظم المتفقهة منهم أن ذلك سنة للجمعة قبلها، كما يصلون السنة قبل الظهر، يصرحون فى نيتهم بأنها سنة الجمعة. وكل ذلك بمعزل عن التحقيق.
والجمعة لا سنة لها قبلها؛ لأن المراد من قولنا الصلاة المسنونة أنها منقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا. والصلاة قبل الجمعة لم يأت منها شئ عن النبى صلى الله عليه وسلم يدل على أنها سنة، ولا يجوز القياس فى شرعية الصلوات (1). ثم الدليل على صحة ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم كان
(1) ص 83 - الباعث على إنكار البدع والحوادث.
يخرج من بيته يوم الجمعة فيصعد منبره ثم يؤذن المؤذن. فغذا فرغ اخذ النبى صلى الله عليه وسلم فى خطبته. ولو كان للجمعة سنة قبلها، لأمرهم بعد الذان بصلاة السنة وفعلها هو صلى الله عليه وسلم، ولم يكن فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم غير هذا الأذان، وعلى ذلك مذهب المالكية إلى الآن (1).
ثم قال: وذكر صاحب شرح السنة رواية غير معروفة قال: وروى عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: صلى رسول الله صلى الله عليهوسلم قبل الجمعة ركعتين وبعدها ركعتين. [254].
(قلت) هذا غير محفوظ، وإنما هو قبل الظهر، فوهم منقال قبل الجمعة. والذى فى الصحيحين عن ابم عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى بعد الجمعة ركعتين (2) ولم يزد على ذلك.
(فإن قلت) ففى سنن أبى داود بالسند إلى نافع قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلى بعدها ركعتين فى بيته ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك (3).
(قلت) اراد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى الركعتين بعد الجمعة فى بيته ولا يصليهما فى المسجد، وذلك هو المستحب. وأرشد إلى هذا التأويل ما تقدم من الأدلة على أنه لا سنة للجمعة قبلها. وأما غطالة ابن عمر الصلاة قبل الجمعة فقد سبق الكلام عليه. وأن ذلك منه ومن أمثاله تطوع من عند أنفسهم، لأنهم كانوا يبكرون إلى حضور الجمعة فيشتغلون بالصلاة (4) وذكر الحافظ حديث ابن عمر (وقال) احتج به النووى على إثبات سنة الجمعة قبلها. وتعقب بأن قوله: وكان يفعل ذلك، عائداً على قوله: ويصلى
(1) انظر ص 85 - الباعث.
(2)
تقدم رقم 246 ص 297 (راتبة).
(3)
تقدم رقم 250 ص 299.
(4)
انظر ص 87 - الباعث.
بعد الجمعة ركعتين فى بيته. ويدل عليه رواية الليث عن نافع عن ابن عمر انه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين فى بيته، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك. أخرجه مسلم (1). وأما قوله: كان يطيل الصلاة قبل الجمعة. فإن كان المراد بعد دخول الوقت، فلا يصح أن يكون مرفوعاً، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إذا زالت الشمس فيشتغل بالخطبة ثم بصلاة الجمعة. وإن كان المراد قبل دخول الوقت، فذلك نافلة لا صلاة راتبة، فلا حجة فيه لسنة الجمعة التى قبلها، بل هو تنفل مطلق، وقد ورد الترغيب فيه كما تقدم (2).
(وقد سئل) شيخ الإسلام تقى الدين عن الصلاة بعد الأذان الأول يوم الجمعة (فأجاب) بقوله: أما النبى صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن يصلى قبل الجمعة بعد الأذان شيئاً، ولا نقل هذا عنه أحد، فإن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يؤذن على عهده إلا غذا قعد على المنب، ويؤذن بلال، ثم يخطب النبى صلى الله عليه وسلم الخطبتين، ثم يقيم بلال، فيصلى صلى الله عليه وسلم بالناس. فما كان يمكن أن يصلى بعد الأذان لا هو ولا أحد من المسلمين الذين يصلون معه صلى الله عليه وسلم. ولا نقل عنه أحد أنه صلى فى بيته قبل الخروج يوم الجمعة، ولا وقّت بقوله صلاة مقدّرة قبل الجمعة، بل ألفاظه صلى الله عليه وسلم فيها الترغيب فى الصلاة إذا قدم الرجل المسجد يوم الجمعة من غير توقيت، كقوله: من بكر وابتكر ومشى ولم يركب وصلى ما كتب له (3)، وهذا هو المأثور عن الصحابة، كانوا إذا أتوا المسجد يوم الجمعة يصلون من حين يدخلون ما تيسر. فمنهم من يصلى عشر ركعات. ومنهم من يصلى اثنتى عشرة ركعة. ومنهم من يصلى ثمانى ركعات.
(1) تقدم عند مسلم وغيره رقم 253 ص 300 (راتبة الجمعة).
(2)
ص 291 ج 2 فتح البارى الشرح (الصلاة بعد الجمعة).
(3)
هذا بعض حديث تقدم رقم 143 ص 137 (التبكير إلى صلاة الجمعة) وليس به: وصلى ما كتب له.
ومنهم من يصلى أقل من ذلك. ولهذا كان جماهير الأئمة متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة مؤقتة بوقت، مقدرة بعدد، لأن ذلك إنما يثبت بقول النبى صلى الله عليه وسلم أو فعله، وهو لم يبين فى ذلك شيئاً لا بقوله ولا فعله (وهذا) مذهب مالك والشافعى وأكثر أصحابه، وهو المشهور من مذهب أحمد.
(وذهب) طائفة من العلماء إلى أن قبلها سنة. منهم من جعلها ركعتين كما قاله طائفة من أصحاب الشافعى وأحمد. ومنهم من جعلها أربعاً كأبى حنيفة وطائفة من أصحاب أحمد. وهؤلاء منهم من يحتج بحديث ضعيف. ومنهم من يقول هى ظهر مقصورة، وتكون سنة الظهر سنتها. وهذا خطأ من وجهين:
(أحدهما) أن الجمعة مخصوصة بأحكام تفارق بها ظهر كل يوم باتفاق المسلمين، فإن الجمعة يشترط لها الوقت فلا تقضى والظهر تقضى، والجمعة يشترط لها العدد، والاستيطان، والإمام، وغير ذلك، والظهر لا يشترط لها شئ من ذلك. فلا يجوز أن تتلقى أحكام الجمعة من أحكام الظهر مع اختصاص الجمعة بأحكام تفارق بها الظهر، فإنه إذا كانت الظهر تشارك الجمعة فى حكم وتفارقها فى حكم، لم يمكن إلحاق مورد النزاع بأحدهما إلا بدليل، فليس جعل السنة من موارد الاشتراك بأولى من جعلها من موارد الافتراق.
(الوجه) الثانى: أن يقال هب أنها ظهر مقصورة، فالنبى صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلى فى سفره سنة للظهر المقصورة لا قبلها ولا بعدها، وإنما كحان يصليها إذا أتم الظهر فصلى أربعاً، فإذا كانت سنته التى قبلها فى الظهر المقصورة خلاف التامة، كان ما ذكروه حجة عليهم لا لهم، وكان السبب المقتضى لحذف بعض الفريضة أولى بحذف السنة الراتبة كما قال بعض الصحابة: لو كنت متطوعاً لأتممت الفريضة (1) فإنه لو استحب للمسافر أن
(1) هو عبد الله بن عمر، فقد قال فى حديث طويل تقدم رقم 70 ص 70: لو كنت مسبحاً أتممت صلاتى.