الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(5) شروط الجمعة
اعلم أن للجمعة شروط افتراض زائدة على شروط سائر الصلوات من الاسلام والتكليف والطهارة من الحيض والنفاس، وشروط صحة زائدة على شروط سائر الصلوات من الطهارة وغيرها مما تقدم.
(أ) فشروط افتراضها: الذكورة المحققة والحرية والصحة والقدرة على السهى إليها والإقامة بمحل تقام فيه الجمعة أو بفنائه وعدم العذر الموجب للتخلف عنها " لحديث" جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة، إلا امرأة أو مسافراً أو عبداً أو مريضاً ". أخرجه البيهقى والدارقطنى. وفى سنده أبو لهيعة ومعاذ بن محمد، وهما ضعيفان (1). [165].
لكن له شواهد (منها) حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خمسة لا جمعة عليهم: المرأة والمسافر والعبد والصبى وأهل البادية ". اخرجه الطبرانى فى الأوسط. وفى سنده إبراهيم بن حماد ضعفه الدارقطنى (2). [166].
(وحديث) أبى الدرداء أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " الجمعة واجبة إلا على امرأة أو بى أو مريض أو عبد أو مسافر".أخرجه الطبرانى فى الكبير. وفى سنده ضرار بن عمرو الملطى، وهو ضعيف (3). [167].
(وحديث) محمد بن كعب أنه سمع رجلا من بنى وائل يقول: قال النبى صلى الله عليه وسلم: " تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبياً أو مملوكاً ".أخرجه الشافعى (4).
[168]
.
(1) ص 184 ج 3 سنن البيهقى (من لا تلزمه الجمعة) وص 163 سنن الدارقطنى.
(2)
ص 170 ج 2 مجمع الزوائد (فرض الجمعة ومن لا تجب عليه).
(3)
ص 170 ج 2 مجمع الزوائد (فرض الجمعة ومن لا تجب عليه).
(4)
انظر ص 152 ج 1 بدائع المنن.
وعلى الجملة فالجمعة لا تفترض على ثمانية: الصبى والأنثى والخنثى والرقيق والمريض والعاجز عن السعى إليها والمسافر والمعذور.
(1 - 4) أما الصبى والأنثى والخنثى، فلا تلزمهم الجمعة بالإجماع، وكذا الرقيق عند الأئمة الأربعة والجمهور. وللسيد منعه عن الجمعة والجماعة والعيد، وغذا أذنه فالظاهر أنه لا يلزمه الأداء، وإن لم يأذنه فله الخروج للاتها عن علم رضا سيده وإلا فلا (وأما الأجير) فليس للمستأجر منعه منها ولكن يسقط عنه من الأجرة بقدر اشتغاله بذلك إن كان طويلاً، وإلا فلا يسقط عنه شئ.
(وقال) الشيخ إبراهيم الحلبى: فلا تجب على العبد، وعليه الإجماع، وفيما إذا حضر باب الجامع لحفظ الدابة خلاف، والأح أنه يصلى إذ 1 لم يخل بالحفظ. والمكاتب تجب عليه، وكذا معتق البعض. ولا تجب على العبد المأذون له فى التجارة (1).
(وقال) النووى: أكثر العلماء على أن العبد المدبر والمكاتب لا جمعة عليهم، وهو قول عطاء والحسن البصرى ومالك وأهل المدينة والنووى وأهل الكوفة وأحمد وإسحاق وابى ثور. وقال بعضهم: تجب الجمعة على العبد، فإن منعه السيد فله التخلف. وعن الحسن وقتادة والأوزاعى وجوبها على عبد يؤدى الضريبة وهو الخراج. وقال داود: تجب عليه مطلقاً، وهى رواية عن أحمد. دليلنا الأحاديث السابقة. وأما من بعضه حر وبعضه رقيق فلا جمعة عليه على الصحيح، وبه قطع الجمهور (2).
(واستدل) داود بدخول الرقيق فى عموم الخطاب فى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ (} .
(ورد) بأن الاية مجملة والحديث مبين، وقد رح بأن العبد لا تجب عليه الجمعة.
(1) انظر ص 558 غنية المملى بشرح منية المصلى (صلاة الجمعة).
(2)
انظر ص 485 ج 4 شرح المهذب (لا تجب على المسافر ولا على العبد .. ).
(واراجح) ما ذهب إليه الأئمة والجمهور من أنها لا تلزم العبد ولو كان مدبراً أو مكاتباً لعموم الأحاديث، والحكمة فى ذلك ان فى حضوره الجمعة تعطيلا لأعمال سيده، فإن اذن له فى حضورها حضر وصحت منه.
(5)
وأما المريض الذى لا يقدر على الذهاب إلفى محل الجمعة أو يقدر ولكن يخاف زيادة المرض أو بطء البرء او يقدر بمشقة ظاهرة، فلا تلزمه الجمعة دفعاً للحرج والمشقة. ويلحق به من يعوله إذا كان المريض يضيع بخروجه، ومن به إسهال كثير. وكذا يلحق به الشيخ الكبير الضعيف عن السعى عند أبى حنيفة ومالك (وقال) أبو يوسف ومحمد والشافعى وأحمد: إن وجد مركوباً ملكاً أو بأجرة أو إعارة وجبت عليه الجمعة وإلا فلا.
(6)
وأما العاجز عن السعى إليها، كمقعد، ومقطوع الرجلين، وأعمى لا يهتدى إلى محل الجمعة بنفسه ولم يجد قائداً، فلا تلزمهم الجمعة إجماعاً: أما العمى الذى يهتدى إلى محلها بنفسه فتلزمه اتفاقاً. وكذا من وجد قائداً متبرعاً او بأجر قادر عليه عند الثلاثة وابى يوسف ومحمد، لما تقدم عن عمرو بن أم مكتوم أنه قال: يا رسول الله، إنى رجل ضرير البصر شاسع الدار ولى قائد لا يلائمنى، فهل لى رخصلة أن أُصلى فى بيتى؟ قال: هل تسمع النداء؟ قال: نعم. قال: لا أجد لك رخصة. اخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم (1). [169].
وهذا فى مطلق الجماعة، ففى الجمعة أولى.
(وقال) أبو حنيفة: لا تفترض الجمعة على الأعمى الذى لا يهتدى إلى محلها بنفسه وإن وجد قائداً متبرعاً أو مملوكاً لأن الشخص لا يعد قادراً بقدرة الغير. والحديث ظاهر فى لزومها عليه متى كان قادراً على الوصول إلى محلها بأى حال.
(7)
أما المسافر فلا تلزمه الجمعة عند الشافعية، ولو كان سفره
(1) تقدم رقم 59 ص 35 ج 3 الدين الخالص (حكم الجماعة).
قصيراً (وقال) الحنفيون وأحمد: لا تجب على المسافر سفر قصر. وكذا لا تجب عند الحنفيين على من كان خارجاً عن فناء المصر ولو سمع النداء منها.
وقالت المالكية: لا تجب على مسافر ولو سفراً قصيراً إذا بعد عن البلد بأكثر من فرسخ.
(والراجح) أنها لا تجب على المسافر ما لم ينو إقامة تقطع السفر وتوجب إتمام الصلاة على ما تقدم بيانه.
(قال) ابو عبد الله بن قدامة: وأما المسافر فأكثر اهل العلم يرون أنه لا جمعة عليه. وحكى عن الزهرى والنخعى أنها تجب عليه، لأن الجماعة عليه، فالجمعة أولى. ولنا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يسافر فلا يصلى الجمعة فى سفره، وكان فى حجة الوداع بعرفة يوم الجمعة فصلى الظهر والعصر جمع بينهما ولم يصل جمعته، والخلفاء الراشدون رضى الله عنهم كانوا يسافرون فى الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة فى سفره. وكذلك غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم. وأقام أنس بنيسابور سنة أو سنتين فكان لا يجمع. ذكره ابن المنذر. وهذا إجماع مع السنة الثابتة فيه، فلا يسوغ مخالفته (1).
(8)
وأما المعذور بعذر يوجب التخلف عنالجماعة، كمطر ووحل شديد وغيرهما مما تقدم فى بحث " أعذار ترك الجماعة" فلا تفرض عليه الجمعة اتفاقاً (لحديث) أبى المليح بن أسامة عن أبيه قال: اصاب الناس فى يوم جمعة- يعنى مطراً- فأمر النبى صلى الله عليه وسلم ان الصلاة اليوم أو الجمعة اليوم فى الرحال. اخرجه أحمد وابو داود والنسائى والبيهقى والحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد (2). [170].
(1) ص 193 ج 2 مغنى (لا جمعة على مسافر). و (نيسابور) بفتح فسكون: مدينة عظيمة فى بلاد العجم.
(2)
ص 33 ج 6 الفتح الربانى. وص 203 ج 6 المنهل العذب (الجمعة فى اليوم المطر) وص 186 ج 3 سنن البيهقى (ترك إتيان الجمعة بعذر المطر .. ) وص 293 ج 1 مستدرك. و (أن الصلاة) أن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن. و (الرحال) جمع رحل وهو المنزل. والمعنى: أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر مؤذنه ان يعلم الناس بان يصلوا فى رحالهم رحمة بهم ودفعاُ للحرج بعدم تحمل مشقة المطر.
(وروى) عبد الرحمن بن سمرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " إذا كان مطر وابل فليصل أحدكم فى رحله ". أخرجه ابن أحمد والحاكم. وفى سنده ناصح بن العلاء، ضعفه ابن معين والبخارى، ووثقه ابو داود والحاكم (1). [171].
(ولا تفترض) على مدين معسر يخاف الحبس (قال) الشيخ إبراهيم الحلبى: وإنما اختصت الجمعة بهذه الشروط، لعدم تأديها فى أى مكان واختصاصها بمكان وصفه يحصل بهما الحرج كالمشقة بسبب العجز والضعف فى المريض ونحوه، وبسبب فوات مصلحة نفسه أو مولاه فى حق المسافر والعبد، والحرج مرفوع رحمة من الله ولطفاً، فلم تجب على هؤلاء لذلك، وكفاهم أداء الظهر. ولو حضروا وصلوا الجمعة أجزأتهم ولم يلزمهم الظهر، لأن سقوط الوجوب عنهم للرفق بهم، فإذا تحملوا المشقة وقعت فرضاً وأجزأت كحج الفقير (2).
(وقال) أبو عبد الله بن قدامة: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم أن لا جمعة على النساء وعلى أنهن إذا حضرن فلين الجمعة أن ذلك يجزئ عنهنّ؛ لأن إسقاط الجمعة للتخفيف عنهن؛ فإذا تحملن المشقة وصلين أجزأهنّ كالمريض. والأفضل للمسافر حضور الجمعة لأنها أكمل.
(فأما العبد) فإن اذن له سيده فى حضورها فهو أفضل لينال فضل الجمعة وثوابها ويخرج من الخلاف. وإن منعه سيده لم يكن له حضورها إلا أن نقول بوجوبها عليه.
(1) ص 194 ج 2 مجمع الزوائد (التخلف عن الجمعة للمطر) وص 292 ج 1 مستدرك.
(2)
ص 594 غنية المتملى بشرح منية المصلى (صلاة الجمعة) ..
(وأما المرأة) فإن كانت مسنة فلا بأس بحضورها، وإن كانت شابة جاز حضورها وصلاتهما فى بيوتهما خير لهما، كما روى فى الخبر: وبيوتهنّ خير لهنّ.
(وقال) أبو عمرو الشيبانى: رأيت ابن مسعود يخرج النساء من الجامع يوم الجمعة، ويقول: اخرجن إلى بيوتكنّ خير لكنّ (1). (40).
(وتقدم) بيان هذا وافياً فى بحث " حضور النساء المساجد" وأن جواز خروجهن إلى المساجد مشروط بأمن الفتنة وإلا مُنِعْنَ الخروج كما هو الحال فى زماننا (2).
(فائدة) أجمع العلماء على أن من كان مقيماً ببلدة وتحققت فيه شروط افتراض الجمعة لزمته وإن لم يسمع النداء للأحاديث المتقدمة، وأما من كان خارجها فإن أمكنه سماع النداء من مؤذن بطرف بلد الجمعة والأصوات هادئة والريح ساكنة وهو يستمع، لزمته الجمعةوسعى لها وإلا فلا، عند الشافعى وأحمد ومحمد بن الحسن.
(روى) ابن عمرو أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " الجمعة على كل من سمع النداء ". أخرجه البيهقى والدارقطنى وابو داود وقال: روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصوراً على عبد الله بن عمرو، ولم يرفعوه، وإنما اسنده قبيصة (3). [172].
(1) ص 196 ج 2 مغنى (صحة الجمعة ممن لا تجب عليهم).
(2)
تقدم بص 42 ج 2 الدين الخالص.
(3)
ص 173 ج 3 سنن البيهقى (وجوب الجمعة على من كان خارج المصر .. ) وص 165 سنن الدارقطنى. وص 200 ج 6 المنهل العذب (من تجب عليه). و (قبيصة) هو ابن عقبة راوى الحديث عنالثورى. قال ابن معين وغيره: قبيصة ثقة إلا فى حديث النووى.