المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(9) ما تدرك به الجمعة - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ٤

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(الأول) مبطلات الصلاة

- ‌(الثاني) قضاء الفوائت

- ‌(الثالث) صلاة المريض

- ‌(الرابع) الأعذار المسقطة للصلاة

- ‌(الخامس) صلاة المسافر

- ‌(السادس) صلاة الخوف

- ‌(السابع) الجمعة

- ‌(1) فضل يوم الجمعة

- ‌(2) مزايا يوم الجمعة

- ‌(3) ما يطلب ليلة الجمعة ويومها

- ‌(4) صلاة الجمعة

- ‌(5) شروط الجمعة

- ‌(1) مكان الجمعة

- ‌(2) وقت الجمعة

- ‌(3) خطبة الجمعة

- ‌(6) منهاج الخطابة

- ‌(7) إمام الجمعة

- ‌(8) كيفية صلاة الجمعة

- ‌(9) ما تدرك به الجمعة

- ‌(10) ما يقال بعد صلاة الجمعة

- ‌(11) متى يصلى الظهر من لم تلزمه الجمعة

- ‌(12) ترك الجمعة

- ‌(13) اجتماع العيد والجمعة

- ‌(14) كفارة ترك الجمعة لغير عذر

- ‌(15) راتبة الجمعة

- ‌(16) بدع الجمعة

- ‌(الثامن) صلاة العيدين

- ‌(1) مشروعية صلاة العيد

- ‌(2) حكم صلاة العيدين

- ‌(3) من تطلب منه صلاة العيد

- ‌(4) خروج النساء إلى العيد

- ‌(5) ما يطلب للعيد

- ‌(6) وقت صلاة العيد

- ‌(7) مكان صلاة العيد

- ‌(8) ليس لصلاة العيد نداء

- ‌(9) التكبير فى صلاة العيد

- ‌(10) القراءة فى صلاة العيد

- ‌(11) كيفية صلاة العيد

- ‌(12) خطبة العيد

- ‌(13) الجماعة فى صلاة العيد

- ‌(14) تأخير صلاة العيد لعذر

- ‌(15) التهنئة بالعيد

- ‌(16) الرجوع بعد صلاة العيد

- ‌(17) هل للعيد راتبة

- ‌(18) تكبير التشريق

- ‌(19) اللعب والغناء يوم العيد

- ‌(20) بدع العيد

الفصل: ‌(9) ما تدرك به الجمعة

(والحكمة) في قراءة سورة الجمعة والمنافقين في الجمعة، ما في الأولى من الحث على حضورها والسعى إليها نوبيان فضيلة وحكمة بعثته صلى الله عليه وسلم المشار إليها بقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (1)، والحث على ذكر الله تعالى. وما فىالثانية من توبيخ المنافقين، وحثهم على التوبة، ودعائهم إلى طلب الاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يكثر اجتماعهم في صلاتها، ولما في آخرها من المواعظ البليغة، والحث على الصدقة. والحكمة في القراءة فيها بسبح والغاشية، ما فيهما من التذكير بأحوال الآخرة، والوعد والوعيد، فناسب قراءتهما في تلك الصلاة الجامعة.

(9) ما تدرك به الجمعة

لا تدرك الجمعة- عند مالك والشافعي وأحمد ومحمد بن الحسن وإسحاق - إلا بإدراك ركعة مع الإمام فيضيف لها ركعة، لمفهوم ما تقدم عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. أخرجه أحمد والأربعة والبيهقى. وفى رواية للنسائي ك فقد أدرك الصلاة كلها، إلا انه يقضى ما فاته (2). [233].

وبهذه الزيادة ظهر معنى الحديث (قال) الشافعى ك معناه لم تفته تلك الصلاة، وما لم تفته الجمعة صلاها ركعتين (3).

(وقال) ابن مسعود ك من أدرك من الجمعة ركعة، فليضيف غليها أخرى، ومن فاتته الركعتان فليصل أربعا. أخرجه الطبرانى في الكبير بسند حسن (4). (96).

(1) سورة الجمعة، الاية 2.

(2)

تقدم رقم 73 ص 46 ج 3 الدين الخالص (ما تدرك به الجمعة).

(3)

انظر ص 182 ج 1 كتاب الأم (من أدرك ركعة من الجمعة).

(4)

انظر ص 192 ج 2 مجمع الزوائد (من أدرك من الجمعة ركعة).

ص: 282

(وقال) ابن عمر: إذا أدركت من الجمعة ركعة فأضف إليها اخرى، وإن أدركتهم جلوسا فصل أربعاً. أخرجه البيهقى (1). (97).

(وقال) النعمان وابو يوسف والحكم وحماد: الجمعة تدرك بإدراك التشهد، فمن أدرك مع الإمام التشهد فقد ادرك الجمعة، فيصلى بعد سلام الإمام ركعتين وتمت جمعته، لعموم ما تقدم عن ابى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا اقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. اخرجه الشافعى والسبعة (2). [234].

وهو لعمومه يتناول الجمعة، فيشمل ما إذا أدرك الإمام في التشهد أو في سجود السهو.

(وأجاب) الأولون بأن عمومه مخصوص بما تقدم عن ابى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى، فإن أدركهم جلوساً صلى أربعاً. أخرجه البيهقى والدارقطنى (3). [235].

(وأجاب) النعمان ومن معه بأن في سنده يحيى بن المتوكل وصالح بن أبى الأخضر، ضعيفان فلا يقبل ما زيد في روايتهما من قوله: فإن أدركهم جلوسا

إلخ.

(واختلف) فيمن أدرك من الجمعة دون ركعة، هل يدخل مع الإمام بنية الجمعة ويتمها بعد سلامه جمعة؟ وبه قال النعمان وابو يوسف ومن معهما.

(وقال) مالك والشافعى ومحمد بن الحسن: ينوى جمعة ويتمها ظهراً.

(1) ص 204 ج 3 سنن البيهقى.

(2)

تقدم رقم 71 ص 45 ج 3 الدين الخالص (ما تدرك به الجماعة).

(3)

تقدم رقم 72 ص 46 ج 3 الدين الخالص.

ص: 283

(وقالت) الحنبلية: إن نواها ظهراً وكان بعد الزوال أتمها ظهراً وإلا بأن نواها جمعة أو كانت قبل الزوال حسبت له نافلة وصلى الظهر بعد (1).

(قال) أبو محمد عبد الله بن قدامة: وإذا صلى الإمام الجمعة قبل الزوال فأدرك المأموم معه دون الركعة لم يكن له الدخول معه، لأنها في حقه ظهراً؛ فلا يجوز قبل الزوال نفإن دخل معه كانت نفلا في حقه ولم تجزئه عن الظهر (2).

(فائدتان):

(الأولى) من أحرم مع الإمام ثم فاته الركوع أو السجود حتى سلم الإمام- لزحام أو غفلة أو نوم أو نسيان - كان مدركا للجمعة عند الحنفيين.

وهو رواية عن أحمد، وعنه أنه يستأنفها ظهراً، وهو قول الشافعي.

(قال) ابو الفرج عبد الرحمن بن قدامة: اختلفت الرواية عن أحمد فيمن أحرم مع الإمام ثم زحم فلم يقدر على الركوع حتى سلم الإمام، فروى أنه يكون مدركاً للجمعة، وهو قول الحسن وأصحاب الرأى ح لأنه أحرم بالصلاة مع إمامه في أولها؛ فأشبه ما لو ركع وسجد معه. ونقل عنه أنه يستقبل الصلاة اربعاً وهو قول الشافعى وابن المنذر، لأنه لم يدرك ركعة كاملة فلم يكن مدركاً للجمعة كالمسبوق (3).

(وحاصل) مذهب المالكية أن من أدرك الركعة الأولى مع الإمام وغفل عن الركوع أو زوحم عنه حتى سلم الإمام قضى ركعة ثانية وأتمها جمعة، ومن لم يدرك الأولى وغفل عن الركوع او زوحم عنه حتى سلم الإمام يتم الصلاة ظهراً، ومن غفل عن السجود أو زوحم عنه حتى سلم الإمام سجد وأتمها جمعة.

(1) ص 208 ج 1 زرقانى الموطأ (القراءة في الجمعة) وص 79 ج 1 بدائع المنن. وص 178 ج 1 سنن ابن ماجه. وص 363 ج 1 سنن الدارمى. وص 299 ج 3 سنن البيهقى.

(2)

انظر ص 163 ج 2 مغنى (من أدرك مع الإمام أقل من ركعة).

(3)

انظر ص 179 ج 2 الشرح الكبير (الزحام المانع من الركوع والسجود).

ص: 284

(الثانية) إذا اشتد الزحام في الجمعة وتمكن من السجود على ظهر غيره أو رجله لزمه ذلك، وأجزأه عند غير مالك (لقول) سياد بن المعرور: سمعت عمر وهو يخطب يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى هذا المسجد ونحن معه المهاجرون والأنصار. فإذا اشتد الزحام فليسجد الرجل منكم على ظهر أخيه ورأى قوماً يصلون في الطريق فقال: صلوا في المسجد. أخرجه أحمد والبيهقى بسند صحيح (1). (98).

(قال) ابو محمد عبد الله بن قدامة: ومتى قدر المزحوم على السجود على ظهر إنسان أو قدمه لزمه ذلك وأجزأه. قال أحمد في رواية: يسجد على ظهر الرجل والقدم، ويمكن الجبهة والأنف في العيدين والجمعة، وبهذا قال الثورى وأبو حنيفة والشافعى وأبو ثور وابن المنذر. وقال عطاء والزهرى ومالك: لا يفعل. قال مالك: وتبطل الصلاة إن فعل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومكن جبهتك من الأرض (2).

(ولنا) ما روى عن عمر رضى الله عنه وذكر الثر السابق وقال:

وهذا قاله بمحضر من الصحابة وغيرهم في يوم جمعة ولم يظهر له مخالف فكان إجماعاً، ولأنه أتى بما يمكنه حال العجز فصح، كالمريض يسجد على المرفقة، والخبر لم يتناول العاجز، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا يأمر العاجز عن الشيء يفعله. (وإن زحم) في الأول ولم يتمكن من السجود على ظهر ولا قدم، انتظر حتى يزول الزحام ثم يسجد ويتبع إمامه. فإذا قضى ما عليه وأدرك الإمام في القيام أو في الركوع اتبعه فيه وصحت له الركعة.

وكذا إذا تعذر عليه السجود مع إمامه بمرض أو نوم او نسيان، لأنه معذور

(1) انظر ص 108 ج 6 الفتح الربانى. وص 182 ج 3 سنن البيهقى (الرجل يسجد على ظهر من بين يديه في الزحام).

(2)

هو بعض حديث ذكره الشيرازى عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا سجدت فمكن جبهتك من الأرض ولا تنقر نقراً. قال النووى: غريب ضعيف (47) ص 422 ج 3 شرح المهذب (ويسجد على الجبهة .. ).

ص: 285

فى ذلك فأشبه المزحوم، فإن خاف أنه إن تشاغل بالسجود فاته الركوع مع الإمام فى الثانية، لزمه متابعته، وتصير الثانية أولاه، وهذا قول مالك.

وقال أبو حنيفة: يشتغل بقضاء السجود، لأنه قد ركع مع الإمام فيجب عليه السجود بعده كما زال الزحام والإمام قائم، والشافعى كالمذهبين، ولنا قول النبى صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا (1).

(فإن قيل) فقد قال: فإذا سجد فاسجدوا (قلنا) قد سقط الأمر بالمتابعة فى السجود عن هذا لعذره، وبقى الأمر بالمتابعة فى الركوع متوجهاً فمكانه، ولأنه خائف فوات الركوع فلزمه متابعة إمامه فيه كالمسبوق. فأما إذا كان الإمام قائماً فليس هذا اختلافاً كثيراً، وقد فعل النبى صلى الله عليه وسلم مثله بعسفان. إذا تقرر هذا فإنه إن اشتغل بالسجود معتقداً تحريمه، لم تصح صلاته، لأنه ترك واجباً عمداً، وفعل ما لا يجوز له فعله. وإن اعتقد جواز ذلك فسجد، لم يعتد بسجوده، لأنه سجد فى موضع الركوع جهلا، فأشبه الساهى. ثم إن أدرك الإمام فى الركوع ركع معه صحت له الثانية دون الأولى، وتصير الثانية أولاه، فإن فاته الركوع سجد معه، فإن سجد السجدتين معه، فقال القاضى: يتم بهما الركعة الأولى، وهذا مذهب الشافعى، وقال أبو الخطاب: إذا سجد معتقداً جواز ذلك اعتد له به وتصح له الركعة كما لو سجد وإمامه قائم. ثم إن أدرك الإمام فى ركوع الثانية صحت له الركعتان، وإن أدرك بعد رفع راسه من ركوعه فينبغى أن يركع ويتبعه، لأن هذا سبق يسير، ويحتمل أن تفوته بفوات الركوع، وإن أدركه فى التشهد تابعه وقضى ركعة بعد سلامه كالمسبوق.

(1) هو بعض حديث أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا ن ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد (48). تقدم ص 69 ج 3 الدين الخالص (متابعة مأموم الإمام).

ص: 286