الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصلى أربعاً لكانت صلاته للظهر أربعاً أولى من أن يصلى ركعتين فرضاً وركعتين سنة (1).
(والنصوص) فى ذلك كثيرة، صريحة فى أن الحق أن الجمعة لا سنة لها قبيلية وليس بعد الحق إلا الضلال. نسأله تعالى أن يهدينا جميعاً إلى معرفة الدين، وأن يوفقنا للعمل به مخلصين له الدين.
(16) بدع الجمعة
تقدم أن يوم الجمعة أفضل ايام الأسبوع، وله مزايا وفضائل ليست لغيره، فكان ينبغى أن يحترم ولا يرتكب فيه ولا فى صلاته ما لا يرضاه عقل ولا يقره نقل، ولكن وللأسف قد ارتكب فيه المسلمون بدعاً ومخالفات كثيرة.
(منها) ما تقدم، كرفع الصوت بقراءة سورة الكهف فى المسجد، والتذكير المعروف بالأولى والثانية، والأذان داخل المسجد، وحديث الدنيا فيه، وعلو المنبر، وفرشه بسجاد ونحوه، ووضع العلمين بجانيه والستارة على بابه، ودق درجه حال صعود الخطيب، ورفع الصوت بالدعاء وغيره حال الخطبة، وتخطى الرقاب، والجهر بالنية، والتبليغ عند عدم الحاجة.
(ومنها) إفراد يومها بصيام وليلتها بقيام (لما يأتى) عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالى، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون فى صوم يصومه أحدكم. اخرجه مسلم والبيهقى (2). [255].
(والمراد) بالقيام كل طاعة يتحقق بها إحياء الليل. وحكمة النهى عن ذلك
(1) ص 136 ج 1 فتاوى ابن تيمية (مسألة 126).
(2)
يأتى رقم 79 ص 307 ج 8 (صوم يوم الجمعة).
أنه يقلل مننشاط الإنسان لليام بوظائف الجمعة من الغسل والتبكير وغيرهما مما تقدم بيانه فى " فصل ما يطلب ليلة الجمعة ويومها "(1) ولأن الجمعة عيد الأسبوع، والعيد لا يصام مخالفة لليهود، فإنهم يفردون عيدهم بالصوم، فنهينا عن التشبيه بهم فى ذلك، وأذن لنا فى صيامه إذا وصل بصيام قبله أو بعده، والله الموافق.
(ومنها) الدكة يصعد عليها المؤذنون والمبلغون وقارئ سورة الكهف يوم الجمعة. أما الأذان ورفع الصوت بقراءة السورة، فقد علمت أنهما يمنعان داخل المسجد، فلا تضع لهما دكة فيه، لما فيه من شغل موضع من المسجد وهو وقف على المصلين (ومن ذلك) وضع كرسى فى المسجد للتشويش بالقراءة عليه كما تقدم فى " بدع المساجد".
(ومنها) الترقية بعد أذان الجمعة أمام المنبر، وهى قراءة " إن الله وملائكته يصلون على النبى" وما تقدم من قوله صلى اللهعليه وسلم: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت (2).
(قال) العلامة ابن نجيم: اعلم أن ما تعورف من أن المرقى للخطيب يقرأ الحديث النبوى، وأن المؤذنين يؤمنون عند الدعاء، ويدعون للصحابة بالرضا، وللسلطان بالنصر، إلى غير ذلك، فكله حرام على مقتضى مذهب ابى حنيفة رحمه الله، وأغرب منه أن المرقى ينهى عن الأمر بالمعروف بمقتضى الحديث الذى يقرؤه ثم يقول: أنصتوا رحمكم الله (3).
(وقال) العلامة ابن عابدين فى " منحة الخالق على البحر الرائق ": نقل الخير الرملى عن الرملى الشافعى أن والده افتى بأنه ليس له اصل فى السنة وأنه لم يفعل بين يديه صلى الله عليه وسلم، بل كان يمهل حتى يجتمع الناس،
(1) تقدم ص 126.
(2)
تقدم رقم 26 ص 30 (هل تقضى الفائتة فى وقت النهى)؟
(3)
انظر ص 156 ج 2 البحر الرائق (وإذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام).
فإذا اجتمعوا خرج إليهم وحده من غير شاويش يصيح بين يديه، وكذلك الخلفاء الثلاثة بعده (1).
(وقال) العلامة الشيخ على العدوى فى حاشيته على الخرشى: ومن البدع المكروهة التى ابتدعها أهل الشام وهم بنو أمية، الترقية (وما) يقوله المرقى من صلوا عليه، وآمين، ورضى الله عنهم (فهو) مروه وكذا قوله الحديث عند فراغ المؤذن قبل الخطبة، إنما تبعوا فى ذلك أهل الشام، وخالفوا أهل المدينة من عدم فعلهم ذلك، وهو من أعجب العجاب (2).
(وما قيل) من أنها بدعة حسنة، لأن فى قراءة الاية ترغيباً فى الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وفى قراءة الحديث تبسيطاً لاجتناب الكلام، ولتوافر الأمة وتظاهرها عليه (رده) العلامة ابن عابدين بان كون ذلك متعارفاً لا يقتضى جوازه عند الإمام القائل بحرمة الكلام ولو أمراً بمعروف أو رد سلام استدلالا بما مر. ولا عبرة بالعرف الحادث غذا خالف النص، لأن التعارف إنما يصلح دليلا على الحل إذا كان عاماً من عهد الصحابة والمجتهدين كما صرحوا به. وقياس خطبة الجمعة على خطبة منى، قياس مع الفارق، فإن الناس فى يوم الجمعة قاعدون فى المسجد ينتظرون خروج الخطيب متهيئون لسماعة بخلاف خطبة منى (3).
(1) انظر هامش ص 156 ج 2 البحر الرائق.
(2)
ص 103 ج 2 حاشية العدوى هامش شرح الخرشى على مختصر خليل.
(3)
(ص 606 ج 1 رد المحتار 0 حكم المرقى بين يدى الخطيب) وهو يرد بذلك قول ابن حجر الهيثمى فى التحفة. يستدل لذلك أيضاً بأنه صلى الله عليه وسلم أمر من يستنصت له الناس عند إرادته خطبة منى فى حجة الوداع، فقياسه أنه يندب للخطيب أمر غيره بالاسنصات. وهذا هو شأن المرقى، فلم يدخل ذكره للخير فى حيز البدعة أصلا. أهـ. ص 460 ج 1 تحفة المحتاج لشرح المنهاج (اتخاذ مرق للخطيب).
(وقد) سئل الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده مفتى مصر بإفادة من مديرية المنوفية فى 24 مايو سنة 1904 نمرة 765 عن مسائل:
(منها) ما اشتهر من الترقية قبل الخطبة مع مراعاة فى الآداب فى الإقلاء، وحديث إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب
…
إلخ (ومنها) ما يحصل من الأذان قب الوقت يوم الجمعة بما يشتمل على استغاثات وصلوات علىالنبى صلى الله عليه وسلم لتنبيه الفلاحين الموجودين بالغطيان الغافلين عن مكان الجمعة (ومنها) الأذان داخل المسجد بين يدى الخطيب (ومنها) الذكر جهراً أمام الجنازة بكيفية معتدلة خالية عن التلحين
…
هل ذلك كله جار على السنن القويم، أو فيه إخلال بالدين؟
(فأجاب) بقوله: إن كل عبادة لم يرد بها نص عنالنبى صلى الله عليه وسلم، ولم تأت فى عمله صلى الله عليهوسلم، ولا فى عمل اصحابه اقتداء به، وإن لم نعرف وجه الاقتداء فهى بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار، فهى ممقوتة للشارع يجب منعها.
(وهذه) الأمور صور عبادات محدثة لم تكن على عهد النبى صلى اللهعليه وسلم، ولا أصحابه ولا التابعين ولا تابعيهم، ولا يعرف بالتحقيق من أحدثها.
(وما ينقل) عن بعض العلماء فى الترقية مثلا من أنها بدعة مستحسنة (لا يصح) التعويل عليه، لأنه لم يفرق بين ما يستحدث فى العادات كالأكل والشرب واللباس والمسكن وما يستحدث فى العبادات. فكل ما يحدث منالنوع الأول مما لا ضرر فيه بالدين ولا بالبدن، وكان مما يخفف مشقة أو يدفع اذى أو يفيد منفعة، فهو مستحسن ولا مانع منه إذا لم يكن ممنوعاً بالنص، كاستعمال الذهب والفضة والحرير للرجال، ونحو ذلك.
(وأما) ما يحدث من القسم الثانى، أعنى قسم العبادات، فالحديث فيه على عمومه، أعنى كل ما حدث منه بدعة، والبدعة ضلالة، والضلالة فى النار بلا شبهة.
ونقل عن ابن نجيم ما تقدم عنه فى الترقية (وقال) وما قاله بعضهم من حمل الرتقية على الكلام بأخروى عند محمد (لا يصح) الالتفات إليه، لأن الترقية عمل وقت بوقت مخصوص يؤدى على نحو مخصوص. فهو ليس من قبيل الكلام الذى يعرض لقائله فى أمر بمعروف أو نهى عن منكر، أو ذكر الله، خصوصاً والترقية على حالها المعهودة فى القرى والمدن، لا يقول أحد من الأئمة بجوازها، لما فيها من التلحين والتغنى، ولو زعم السائلون أنه لا يلحن فيها، لأنها لم تخترع إلا للتلحين؛ فإذا ذهب منها لم تعد تسمى ترقية ولم تبق لهم بها حاجة؛ فالصواب منعها على كل حال؛ لأنها بدعة.
(أما) الذكر جهراً أمام الجنازة ففى الفتح والأنقروية من باب الجنائز: يكره للماشى أمام الجنازة رفع الصوت بالذكر، فإن أراد أن يذكر الله فليذكره فى نفسه.
(وعلى ذلك) فجميع الشياء التى سألتم عنها مما يلزم منعه ولا يصح الإبقاء عليه، لأن جميعه من مخترعات العام ولا يتمسك به إلا جهالهم، وليس من الجائز أن يؤخذ فى الدين بشئ لم تتقدم فيه اسوة حسنة معروفة، ولا سنة مقررة منقولة. وكيف يجوز اتباع مخترعين مجهولين لا يمكن الثقة بهم فى غير عبادة الله، فضلا عن شئ فى دين الله. والله أعلم (1).
(ومنها) رفع الصوت بالصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم،
(1) صورة بعض فتوى منقولة عن مضبطة دار إفتاء الديار المصرية رقم 31 جزء ثالث، بتاريخ 22 ربيع الأول سنة 1322 هـ. " وتقدم" تمامها:
(أ)
…
حكم الجهر بالصلاة والسلام عقب الأذان، ص 90 ج 2 دين:
(ب)
…
حكم الجهر بقراءة الكهف فى المسجد، ص 128 ج 4.
وبالترضى عن الصحابة، والتأمين حال الخطبة، وبالدعاء بين الخطبتين، وقول جهلة الأئمة حينئذ: ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة (1). [256].
وقولهم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2). [257].
والدعاء للسلطان عند دعاء الخطيب له.
(قال) المرحوم الشيخ محمد سعيد الحنفى: وما نراه اليوم من ترقية وصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، وترديد اذان، ورفع صوت بالدعاء بين الخطبتين، وترض عن الصحابة، ودعاء للسلطان من المرقى: كل هذا من محدثات الأمور، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار، ولأنه يخل بالسماع المطلوب (3).
(وقال) العلامة الدرديرى فى شرح أقرب المسالك: ومن البدع المحرمة ما يقع بدكة المبلغين بالقطر المصرى من الصريخ على صورة الغناء والترنم، ولا ينكر عليهم أحد من أهل العلم ز ومن البدع المذمومة أن يقول الخطيب الجهول فى آخر الخطبة الأولى: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. ثم يجلس فتسمع من الجالسين ضجة عظيمة يستمرون فيها حتى يكاد الإمام أن يختم
(1) هو مصدر حديث. وتمامه: واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه. أخرجه الترمذى والحاكم عن أبى هريرة: انظر رقم 316 ص 228 ج 1 فيض القدير. تفرد به صالح المزى وهو ضعيف تركه أبو داود والنسائى. وقال البخارى: منكر الحديث.
(2)
أخرجه ابن ماجه من طريق أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه. انظر رقم 2358 ص 276 ج 3 فيض القدير. وهو حديث ضعيف. فقد رواه ابن أبى سعيد عن يحيى بن خالد، وهما مجهولان. وعزاه المنذرى لابن ماجه والطبرانى وقال: رواه الطبرانى رواه الصحيح، لكن أبو عبيدة لم يسمع منأبيه وحسنه ابن حجر باعتبار شواهده.
(3)
ص 129 - أحسن الغايات (آخر صلاة الجمعة).
الثانية، وعلى دكة التبليغ جماعة يرفعون أصواتهم جداً بقولهم: آمين آمين يا مجيب السائلين، إلى آخر كلام طويل، وهكذا. فإنا لله وإنا إليه راجعون (1).
(وكتب) عليه العلامة الصاوى ما نصه: (قوله الخطيب الجهول) صيغة مبالغة، لأن جهله مركب لزعمه أنه يأمر بالمعروف، وهو يأمر بالمنكر، لأن اصل قراءة الحديث لم يكن مأموراً بها فى الخطبة أصلا، فهو منالبدع كما تقدم. والإنصات ولو بين الخطبتين واجب. ورفع الأصوات الكثيرة ولو بالذكر حرام. فهذا الخهطيب ضل فى نفسه وأضل غيره (2).
(وقد سئل) الأستاذ الشيخ محمد عبده مفتى الديار المصرية عن الترقية والدعاء عند جلوس الخطيب والدعاء للسلطان عند دعاء الخطيب.
(فأجاب) بقوله: صرحوا بكراهة ما يفعله المؤذن (وهو المعروف بالترقية) من الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عند صعود الخطيب، وما يفعله من الدعاء حال جلسته، والدعاء للسلطان بالنصر ونحو ذلك بأصوات مرتفعة، وصرحوا بأن الإمام يجهر وجوباً بحسب الجماعة، فإن زاد عليه أساء. وقال الزاهدى: لو زاد على الحاجة فهو أفضل. وصرح فى الفتح عن الخلاصة بأنه إذا كان رجل يكتب الفقه وبجانبه رجل يقرأ القرآن ولا يمكن للكاتب استماع القرآن، فلإثم على القارئ، وعلى هذا لو قرأ على السطح والناس نيام يأثم. أهـ. لأن ذلك يكون سبباً لإعراضهم عن استماعه، أو لأنه يؤذيهم بإيقاظهم. وقالوا: إنه يجب على القارئ احترام القرآن بألا يقرأ فى الأسواق ومواضع الاشتغال، فإذا قرأه فيها كان هو المضيع لحرمته، فيكون الإثم عليه دون أهل الاشتغال، دفعاً للحرج (3).
(1) ص 155 ج 1 صغير الدردير وحاشية الصاوى عليه.
(2)
انظر ص 155 ج 1 صغير الدردير وحاشية الصاوى عليه.
(3)
هذا بعض فتوى صادرة من المفتى بتاريخ 2 رجب سنة 1319 هـ مسجلة بسجل رقم 2 نمرة 380 مسلسلة: وتقدم تمامها:
(أ)
…
حكم الجهر بقراءة الكهف فى المسجد.
(ب)
…
حكم التبليغ خلف الإمام بهامش ص 262 ج 2 دين (وقال) العلامة القاسمى فى كتاب إصلاح المساجد: من المقرر أن الخطيب إذا ارتقى المنبر فلا تبتدأ صلاة ولا يجهر بدعاء تأهباً لسماع الخطبة وإجلالا للمقام وتخشعاً لهذه العبادة الأسبوعية. وقد اتفق الفقهاء على الحظر من الجهر بالذكر أو الاستغفار أو الدعاء أو النداء فى تلك الحالة استدلالا بما صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت "50"(تقدم رقم 26 ص 30) فاثبت له اللغو بذلك مع أنه ينهى عنمنكر، فكيف بمن لا يكون قوله كذلك؟ لا جرم أنه اشد منه لغواً وإثماً. إذا تحقق ذلك تبين أن ما يقوله بعض المؤذنين يوم الجمعة بين يدى الخطيب إذا جلس من الخطبة الأولى غفر الله لك ولوالديك ولنا ولوالدينا والحاضرين .. إلخ، منكر يلزم إنكاره، لأنه ذكر غير مشروع فى وقت هو وقت الصمت أو التفكر القلبى للاتعاظ. فتفريق جمعية قلوب الحاضرين برفع الصوت بذلك والجراءة على الجهر به فى هذا الموضع الرهيب، لا يختلف فقيه فى نكارته، فلذلك يلزم للخطيب ومن قدر على إزالته أن ينهى عنه أسوة بكل منكر. أ. هـ.
(ومن البدع) جلوس من دخل المسجد حال الخطبة الأولى، وإذا شرع الخطيب فى الثانية قام وصلى التحية، فإنه جهل ومخالف لما تقدم عن جابر ابن عبد الله قال: جاء سليك الغطفانى يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال به: يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما. أخرجه مسلم (1). [258].
(ومنها) تمسح بعض العوام بالخطيب بعد نزوله منالمنبر، فإنه لا يشرع التمسح إلا بالحجر الأسود فى الكعبة، والتمسح بغيره بدعة.
(ومن البدع) المنكرة كتب بعض الناس أوراقاً يسمونها حفائظ فى آخر جمعة منرمضان حال الخطبة، لما فيه من الاشتغال عن استماعها والاتعاظ بها، ولما فيه من التهويش على الخطيب وغيره، وهذا ممنوع شرعاً وقد يكتب فيها
(1) تقدم رقم 335 ص 234 ج 3 دين (تحية المسجد).
ما لا يعرف معناه كعسبلوان، وقد يكون دالا على ما ليس صحيح ولا مشروع ولم ينقل ذلك عن أحد منأهل العلم. أفاده فى كشاف القناع (1).
(ومن) أفظع المنكرات قيام الحرس- حال صلاة الأمير أو السلطان أو الرئيس أو الملك الجمعة- حاملى السلاح يحرسونه ولا يصلون مع المصلين، كأنهم ما خلقوا إلا لحراسة عبد من العبيد، وما كلفوا بطاعة الرب المجيد، ولم يسمعوا قول النبى صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لأحد فى معصية الله، إنما الطاعة فى المعروف. أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائى عن على رضى الله عنه (2). [259].
فليتق الملوك والرؤساء ربهم فى رعيتهم، وليقفوا بهم عند حدود الواحد المعبود، لينجو يوم العرض على العزيز الجبار، يوم ينادى المنادى: لمن الملك اليوم؟ فيقال: لله الواحد القهار (3).
(1) ص 357 ج 1 كشاف القناع.
(2)
انظر رقم 9902 ص 432 ج 6 فيض القدير.
(3)
وفى عهد الملكالسابق (فاروق) أبطلت هذه البدعة المنكرة التى ترتب عليها ترك بعض المصلين لصلاة الجمعة التى فرضها الله عليهم.
(وقد) أبان فضل ذلك حضرة الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ عبد الجليل عيسى ناصر عميد كلية اللغة العربية السابق فى كلمة بليغة نشرت فى الأهرام يوم السبت 24 منذى القعدة 1355 هـ. تحت عنوان:
إحياء السنن الدينية
قالك لو يعلم الناس ما فى هذا الصنيع الحسن لشكروا الله تعالى إذ فيه القضاء على بدع أحدثتها المماليك فأخذت تنخر فى عظام الدين من أمد بعيد، وبه صار جميع الحرس فى المسجد عند أمر الله لا عند أمرغيره: فإن المساجد لله وحده فيصلون مع المصلين، ويعبدون مع العابدين، ويتضرعون مع المتضرعين، إن هذا لهو الفوز العظيم، ولمثل هذا فليعمل العاملون. وكم كان جميلا رهيباً أن يسمع الناس اذان الجمعة خالصاً مما كان يشوبه من التغنى والتمطيط الذى جعله بالموسيقى أشبه منه بالأذان، فأصبح خالصاً لله تتجلجل فيه عظمة الله، فتبعث فى النفوس الخشية منه تعالى. فيقبل العبد على الصلاة ممتلثاً رهبة وخشوعاً لتنجح صلاته ويفلح فى عبادته (قد أفلح المؤمنو الذين هم فى صلاتهم خاشعون).
(ومن)(البدع): اعتياد المصافحة بعد الجمعة وسائر الصلوات، فإنه لم يرد عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه ولا السلف الصالح، ولو كان خيراً ما تركوه.
(قال) العلامة الحاج رجب الحنفى: واعلم أم ما يفعله اللناس فى هذا الزمان من المصافحة بعد أداء الصلوات والجمعة والعيدين، بدعة مكروهة، لأنها مافعلها الصحابة ولا التابعون.
قال النووى فى شرح مسلم: مصافحة الناس بعد العصر والفجر لا أصل لها (1).
وقال ابن الحاج فى المدخل: وينبغى له- أى لإمام المسجد- أن يمنع ماأحدثوه منالمصافقحة بعد صلاة الصبح وصلاة العصر، وبعد صلاة الجمعة، بل زاد بعضهم فى هذا الوقت فعل ذلك بعد الصلوات الخمس، وذلك كله منالبدع. والمصافحة فى الشرع إنما تكون عند لقاء المسلم لأخيه، لا فى أدبار الصلواتنفينهى عن ذلك ويزجر صاحبه لما أتى من خلاف السنة (2).
(ومنها) قول بعض العوام بعد الجمعة: الفاتحة لأن هاشم، أو لسيدنا الحسين، أو لشيخ العرب السيد البدوى، أو الولى العلانى، أو الفاتحة على
هذه النية.
(1) ص 86 ج 1 الوسيلة الأحمدية هامش بريقة محمودية (بيان البدع).
(2)
انظر ص 84 ج 2 مدخل (المصافحة عفب الصلوات).