الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: إسقاط الخلافة الإسلامية
ولم يكن عبثًا، ولم يكن تدبير مصطفى كمال أتاتورك، ولا حزب الاتحاد والترقي، وما كان هؤلاء إلّا "النعل" الذي تلبسه القدم الغليظة الكارهة الكريهة!
وإلّا ففيم توقع نيلوس منذ سنة 1319هـ-1901م؟
وفيم قول مؤتمر التبشير: "أنا الشجرة لابد أن يقطعها أحد أعضائها؟ "
وفيم تهديد الزعيم اليهوديّ قرصو للسلطان عبد الحميد، بعد أن رفض إعطاء فلسطين لليهود..؟
فيم ذلك كله، وفيم قبله فكرة فصل الدين عن الدولة، ومصدرها المباشر الصليبية، ومصدرها الغير مباشر الصهيونية، كما يقرر وليام غاي كار.
وفيم قبله نشر القومية العربية على يد لورانس، الجاسوس الإنجليزي، ومن جرهم من أذقانهم وراء قدمه؟
وفيم شروط كيرزون الأربعة لاستقلال تركيا، وتسليمها للكماليين وهي:
1-
قطع كل صلة بالإسلام.
2-
إلغاء الخلافة.
3-
إخراج أنصار الخلافة والإسلام من البلاد.
4-
اتخاذ دستور علمانيّ بدلًا من الدستور القديم1.
فيم ذلك كله..
وإذا صحّ أن الخلافة كانت أشبه بالرجل المريض - وهم أول من أمرضوا- فهل يصح المريض بالعلاج؟
وماذا فعلوا بعد أن أجهزوا على الرجل المريض بخسةٍ ونذالةٍ، هل استبدلوا نظامًا خيرًا منه؟
وهل صاروا في مصاف الدول العظمى، بعد أن انسلخوا من إسلامهم.
إن تركيا وبعد مرور نصف قرن من إلغاء الخلافة فيها، لا توضع في الدرجة
1 يشير إليها الزميل الدكتور عبد المعطي بيومي، نقلًا عن الأستاذ أنور الجندي، في كتابه "العالم الإسلاميّ - الاستعمار السياسي والثقافي والاجتماعي" ص46، 47.
ويؤكد النية إزاء الإسلامية، والقصد من وراء إسقاطها، ما جاء في كتاب "مائة مشروع لتقسيم تركيا" المسيو جوفار الإماني، ملخصًا في كتاب "حاضر العالم الإسلاميّ" -المرجع السابق، وأقوال رجال الدين في أوربا، وكتابهم، وساستهم مجمعًا على وجوب القضاء على الخلافة الإسلامية، وتقسيم التركة بين ملوك أوربا.
الثانية ولا الثالثة ولا الرابعة بين دول العالم، وكانت قبلها في الدرجة الأولى!.
أهذا هو الترقي يا حزب الترقي؟
ولقد سبقت إلغاء الخلافة تمثيلية لا يزال يتكرر مثلها في السنوات القريبة، كان لابد من صنع البطل "الذي يقطع الشجرة"1.
وبعد أن تغلغلت قوات اليونان والحلفاء داخل أراضي تركيا.
وبينما الخليفة حبيس الأستانة، بل وجيوش انجلترا، وتتبدل الهزيمة نصرًا، وينخدع العالم الإسلاميّ المسكين بالغازي العظيم، ثم يعلن بعدها إلغاء الخلافة الإسلامية.
ويعقبها سلسلة من الإجراءات، تنتهي إلى سلخ تركيا من إسلامها، وتحريم الأذان فيها، وتحريم الكتابة بلغة القرآن العظيم! ويقبل العالم الإسلاميّ على المصيبة! ولكن ولات حين مناص!.. فقد فات الأوان..؟
ويندب العالم الإسلاميّ خلافته وإسلامه.
يقول الشاعر أحمد شوقي:
يا أخت أندلس عليك سلام
…
هوت الخلافة عنك والإسلام
طوى الهلال عن السماء فليتها
…
طويت وعم العالمين ظلام
خفت الأذان فما عليك موحد
…
يسعى ولا الجمع الحسان تقام
ويقول في أبيات من قصيدة أخرى:
بكت الصلاة، وتلك فتنة عابث
…
بالشرع، عربيد القضاء وقاح
أفتى خزعبلة وقال ضلالة
…
وأتى بكفر في البلاد بواح
ضجت عليك مآذن ومنابر
…
وبكت عليك ممالك ونواحي
الهند والهة ومصر حزينة
…
تبكي عليك بمدمع سحاح
والشام تسأل والعراق وفارس
…
أمحا من الأرض الخلافة ماحي
1 راجع تحت عنوان: صناعة الزعيم في كتاب "عندما يحكم الطغاة" للدكتور جريشة، الناشر: دار الاعتصام، مصر.
حسب أتى طول الليالي دونه
…
قد طاح بين عشية وصباح
وعلاقة فصمت عرى أسبابها
…
كانت أبر علائق الأرواح
نظمت صفوف المسلمين وخطوهم
…
في كل غدوة جمعة ورواح
استغفر الأخلاق لست بجاحد
…
من كنت أدفع دونه وألاحي
أأقول من أحيا الجماعة ملحد؟
…
وأقول من رد الحقوق أباحي
فلتسمعن بكل أرض داعيًا
…
يدعو إلى الكذاب أو لسجاح
ولتشهدن بكل أرض فتنة
…
فيها يباع الدين بيع سماح
يفتي على ذهب المعز وسيفه
…
وهوى النفوس وحقدها الملحاح