الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعًا: من ألبانيا
وننتقل هنا عن اتحاد الطلبة المسلمون في شرق أوربا:
إذ كانت هنالك معانٍ كثيرةٍ ومختلفةٍ توصف بها حالة شعب من الشعوب؛ لكي تترجم معاني التضحية والصبر ومعاناة الاضطهاد، وتحمل كل ذلك بنوع كبير من التحدي لكل شيء، وإن شعب ألبانيا المسلم لجديرٌ بأن تطلق عليه تلك المعاني والصفات.
وهنا نبدأ بنظرةٍ سريعةٍ مختصرةٍ لتاريخ ألبانيا القريب، وذلك إلى ما قبل خمسين عامًا، كانت ألبانيا في حوالي العشرينات من هذا القرن تحكم بواسطة أحمد زوقر؛ حيث كان ملكًا عليها، وكان الشعب في ذلك الوقت يمارس طقوسه الدينية بحريةٍ؛ سواء المسلمين أو المسيحيين، وفي هذا التاريخ بدأت عواصف الشَّرِّ تَهُبُّ من بعد؛ حيث وقعت ألبانيا تحت الحكم الإيطالي في عهد "فكتور أمناولي" وانتدب "دوتشه موسيليني" ليحكم ألبانيا، أما الملك أحمد زوقو، فقد نقل إلى إيطاليا.
ثُمَّ بدأت الحرب العالمية الثانية، وكانت ألبانيا مثل جارتها يوغسلافيا، ترزح تحت السيطرة الألمانية، ولأسباب الحرب مع الألمان، فقد اندمجت كلٌّ من يوغسلافيا وألبانيا تحت قيادة واحدة، برئاسة "تيتو" وكان من ضمن القادة البارزين في حرب العصابات كل من "أنور خوجه" و"محمد شيخو" الألبانيين اللذين هما الآن يسيطران على الحكم في ألبانيا، استمر الاتحاد الائتلافي بين يوغسلافيا وألبانيا من عام 1944 إلى 1948، حيث ظهرت سياسة تيتو المعتدلة مع الشيوعيين، والتي لم ترق للقادة الألبانيين، فانفصلوا عن يوغسلافيا، وتبنوا الحكم الشيوعي الماركسي المتطرف.
تلك نظرة سريعة، الهدف منها الوصول إلى معرفة الوسائل التي أوصلت الحكم إلى ما هو عليه الآن.
ألبانيا يبلغ تعداد سكانها المليونين، نسبة المسلمين 80-90%، وباقي السكان مسيحيون، ويتركز السكان المسلمون في وسط ألبانيا، ورغم أن المسلمين نسبتهم كبيرة، إلّا أنهم يلاقون أشد المصاعب والاضطهاد من عنت الحكم الشيوعي الحاقد.
حيث قام الحكام الحاقدون بهدم المساجد، ومنع المسلمين من أداء شعائر دينهم، كما أن مواليدهم الجدد لا يتم تسجيلهم وإعطاؤهم الجنسية إلّا بأسماءٍ غير إسلامية، وكذلك الموتى لا يتركونهم لأهليهم لميارسوا عليهم الشعائر الإسلامية، من غسلٍ وكفنٍ وصلاة، كذا لا يدعونهم يدفنونهم في مقابرهم الخاصة، بل يجبرونهم بدفنهم في المقابر العامة مع الشيوعيين، أما عند عقد الزواج فيستحيل ذكر الديانة، ويتم العقد تحت اسم مواطن ألباني فقط، وأما بالنسبة للمناهج الدراسية فهي حقلهم الخصب في زرع الإلحاد في نفوس الأطفال الصغار، منذ نعومة أظفارهم إلى أن يستوي عودهم، وذلك بمختلف الوسائل التعليمية، والإعلامية.
وقد حدثنا أحد أولئك الذين اشتغلوا بمهنة التدريس حيث يقول بأن الوزارة أمرت المدرسين بأن يهتموا بغرس فكرة عدم وجود الله في عقول الأطفال، وقد حدث مرةً أن سأل طالب عن الله، هل هو موجود؟ فأجاب الأستاذ: نعم، إن الله موجود، وبسبب هذه الإجابة قضى الأستاذ ستة أشهر في السجن، ثم طرد من مهنة التدريس بتهمة أنه يعلِّم الأطفال أشياء تضر بمستقبلهم، ويذكر الأستاذ بأن الإجابة المتعارف عليها عن الله ورسوله، هي أن الله والعياذ بالله هو "أنور خوجه" ربهم ومالك نعمتهم، وأن "محمد شيخو" رسوله والمتصرف بأمره.
هذا جزء بسيط، وقطرة من بحر عميق مما يلاقيه المسلمون في ألبانيا المسلمة.
1 مجلة روز اليوسف، 2 فبراير سنة 1976م.