المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: بالنسبة للهدف - أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي

[علي جريشة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌باب تمهيدي:

- ‌الباب الأول: الإتجاه الغربي

- ‌الفصل الأول: مراحل الغزو الفكري الغربي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: مرحلة ما قبل إسقاط الخلافة الإسلامية

- ‌أولا: الحروب الصليبية

- ‌ثانيًا: الاستشراق

- ‌ثالثًا: التبشير

- ‌رابعًا: تقطيع أوصال دولة الخلافة

- ‌المبحث الثاني: مرحلة إسقاط الخلافة الإسلامية

- ‌أولا: فصل الدين عن الدولة

- ‌ثانيًا: نشر القومية في مواجهة الخلافة

- ‌ثالثًا: إسقاط الخلافة الإسلامية

- ‌المبحث الثالث: مرحلة ما بعد إسقاط الخلافة الإسلامية

- ‌الفصل الثاني: التغيير السياسيّ والاجتماعيّ في المنطقة الإسلامية

- ‌المبحث الأول: التغيير السياسيّ

- ‌المبحث الثاني: التغيير الاجتماعيّ

- ‌المبحث الثالث: أساليب التغيير الإجتماعي "أو التغريب

- ‌مدخل

- ‌أولًا: العلمانية

- ‌ثانيًا: القومية

- ‌ثالثًا: تحرير المرأة

- ‌المبحث الرابع: ما يفعل بنا الصليبيون

- ‌مدخل

- ‌أولًا: بالنسبة للأسلوب

- ‌ثانيًا: بالنسبة للهدف

- ‌الباب الثاني: الإتجاه الماركسي

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: الوعاء

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: البيئة

- ‌المبحث الثاني: مؤسس للفكرة

- ‌الفصل الثاني: المبدأ

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: المبدأ في أساسه

- ‌أولا: المادة

- ‌ثانيًا: الجدل

- ‌المبحث الثاني: الماركسية والدين

- ‌مدخل

- ‌أولًا: موقف الماركسية من الدين

- ‌ثانيا: موقف الدين من الماركسية

- ‌الفصل الثالث: ماذا فعلت الماركسية بالمسلمين

- ‌المبحث الأول: المسلمون في الاتحاد السوفيتي

- ‌المبحث الثاني: المسلمون في غير الاتحاد السوفيتي من البلاد الماركسية

- ‌أولا: من الصين

- ‌ثانيًا: من يوغسلافيا

- ‌ثالثًا: من بلغاريا

- ‌رابعًا: من ألبانيا

- ‌خامسًا: من الصومال

- ‌المبحث الثالث: كيف يعملون الآن في العالم الإسلاميّ

- ‌الباب الثالث: الصهيونية "اليهودية العالمية

- ‌الفصل الأول: التعريف بالصهيونية ومنشؤها

- ‌المبحث الأول: التعريف بالصهيونية

- ‌المبحث الثاني: منشأ الصهيونية

- ‌الفصل الثاني: مقومات الصهيونية

- ‌المبحث الأول: المقومات الدينية

- ‌أولًا: امتلاك فلسطين والأقطار المجاورة لها

- ‌ثانيًا: فكرة المسيح المنتظر:

- ‌ثالث: اخضاع العالم لسلطان اليهود-شعب الله المختار

- ‌التعاليم السرية في التلمود والكبالا:

- ‌المبحث الثاني: المقومات السياسية

- ‌الفصل الثالث: مناهج الصهيونية ووسائلها

- ‌المبحث الأول: مناهج الحركة الصهيونية

- ‌السيطرة الفكرية

- ‌ السيطرة المالية:

- ‌ السيطرة السياسية:

- ‌ السيطرة العسكرية:

- ‌المبحث الثاني: وسائل تنفيذ المناهج الصهيونية

- ‌مدخل

- ‌بروتوكولات صهيون:

- ‌محاربة الصهيونية للإسلام:

- ‌الفصل الرابع: المنظمات الصهيونية

- ‌مدخل

- ‌منظمات يهودية علنية:

- ‌المنظمات السرية

- ‌المحافل الماسونية

- ‌الباب الرابع: اتجاهات إسلامية

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: إتجاهات قاصرة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: اتجاهات نحو العقيدة

- ‌أولا: صواب البدء بالعقيدة

- ‌ثانيًا: خطأ وخطر:

- ‌المبحث الثاني: الاقتصار على النسك

- ‌المبحث الثالث: مدارس العقل والعقلاء

- ‌الفصل الثاني: محاولة لخطٍّ إسلاميٍّ أصيل

- ‌المبحث الأول: ضلال وقصور

- ‌أولًا: ضلال الاتجاهات الدخيلة

- ‌المبحث الثاني: أين الطريق

- ‌مدخل

- ‌أولًا: الإنسان كله:

- ‌ثانيًا: الشريعة كلها

- ‌الفصل الثالث: جوانب شريعة الله

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: العقيدة والأخلاق والشعائر

- ‌أولًا: جانب العقيدة

- ‌ثانيًا: جانب الأخلاق

- ‌ثالثًا: جانب الشعائر

- ‌المبحث الثاني: بقية الجوانب

- ‌مدخل

- ‌النظام الاقتصاديُّ الإسلاميُّ:

- ‌النظام السياسيّ الإسلاميّ:

- ‌المراجع:

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌ثانيا: بالنسبة للهدف

‌ثانيًا: بالنسبة للهدف

كان الغرب ذكيًّا حين أدرك في وقت مناسب أو متأخر أن التنصير كهدف لحملته الفكرية المؤيدة بالقوة العسكرية خارجيةً أو داخليةً، أن ذلك الهدف فشل، وأنه برغم الجهود الضخمة البشرية والمالية والإعلامية والتعليمية فإن النسبة التي تَمَّ تنصيرها من المسلمين نسبة تافهة، يمكن أن تلحق بالعدم لتكون النتيجة سلبية تمامًا!

لذا كان البديل عن التنصير وإخراج المسلمين عن دينهم، هو التغيير والاكتفاء بإبعاد المسلمين عن دينهم،

وهو ما تبذل له الجهود اليوم؛ من تعليم علمانيّ، وإعلام علمانيّ، وقانونٍ علمانيّ، وتحرير للمرأة من زيها ومن بيتها، ثم ما يبذل من حَطٍّ لقيمة الدين وقيمة علمائه ودعاته.

فهل يا ترى، نجح الهدف الجديد؟

نجاح أمر يتعلق بالأمم والشعوب لا يحكم عليه في سنين، ولا في جيل، فقد لا تظهر نتيجة إلّا بعد أجيال، وقد تكون النتيجة الواضحة أن التغريب نجح في إبعاد المسلمين عن دينهم بما فيه من قيم إيمانية، وقيم أخلاقية، وقيم قانونية، وأن المسلمين استبدلوا به من قيم الغرب، حتّى في عاداتهم، وفي لبسهم، وفي طريقة أكلهم وشرابهم، وفي تعاملهم، و"أتيكيتهم"!

لكن هذه النتيجة مشكوك في صحتها.

ص: 97

إنه على قدر عمق التغيير الاجتماعيّ الذي حدث استبدالًا بقيم الإسلام قيم الغرب وتقاليده، فلقد حدث على نفس العمق أكبر استمساك وإصرار على النظام الإسلاميّ؛ عقيدةً وأخلاقًا وعبادةً وقانونًا، وماج العالم الإسلاميّ بحركاتٍ كثيرةٍ عميقةٍ، وأحيانًا عنيفةٍ تدعو إلى الإسلام كمنهجٍ متكامل للفرد والأسرة والمجتمع والدولة، وبدا أن الجمر يتقد تحت الرماد، فهل يتركونه حتى يكون نارًا تحرق؟ وفي نفس الوقت نور يضيء؟

أم يحاولون أن يأخذوا نوره، وأن يتقوا ناره؟

على الذين يمارسون التغيير أن يحذروا، فقد تصيبهم النار قبل أن يغشى عيونهم النور، وعليهم أن يغيروا من هدفهم، فلقد انكشف للناس، وخير للغرب أن يبتعد عن فتنة المؤمنين عن دينهم، فإن السهم قد يرتد أول ما يرتد إلى صدره، وقد تصيبه النار قبل أن يرى النور، خير أن يحتفظ بصداقة الشرق الإسلاميّ، ويحافظ على مصالحه الاقتصادية والتجارية فيه، من أن يُصِرَّ على التغيير؛ فيفقد هذه المصالح، ويجني العداء إلى الأبد.

إن المسلمين لا يعادون الذي لا يقاتلونهم في الدين ولا يخرجونهم من ديارهم، بل إنهم على العكس يسالمونهم، ويبرونهم، ويقسطون إليهم، فذلك أمر دينهم {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} 1.

لكنهم في نفس الوقت ينقلبون مع الزمن، طال أو قصر، إلى أسود غضاب إزاء من يقاتلهم في دينهم، ويفتنهم فيه، وإزاء من يخرجهم من ديارهم ويسلبهم أوطانهم؛ ذاك أمر ربهم {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} 2.

1 الممتحنة 8.

2 الممتحنة 9.

ص: 98

خير للغرب أن يدرك أنه يمكن لحضارته أن تعيش إذا تركت حضارة الإسلام كذلك لتيعش، وأنه يمكن للحضارتين أن يتعايشا {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين} 1 وأنه خيرٌ أن تتعايش الحضارتان من أن تصر حضارتهم على العيش وحدها؛ فتفنى بإذن الله وحدها؛ لأننا نؤمن أن الله حافظ دينه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِه} {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} 4، فأي الطريقين تختارون؟

ولا يخشى الغرب أن يغزوه الإسلام مرةً أخرى؛ فحسبنا اليوم وسائل الإعلام، وحسبنا اليوم وعي الناس، وحسبنا اليوم أن نترك لهم الخيار، فإنه {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} 5.

وحسبنا درس الامتداد العضويّ الذي مارسته تركيا من غير بسطٍ فكريٍّ ولا عقائديِّ؛ فارتد المد جزرًا أصاب الأمة في كبدها وفي قلبها..

حسبنا الدرس التاريخيّ أن نكرره مرةً أخرى، وحسبنا أن ننظم بيتنا، ونضمد جروحنا، ونستعيد أنفسنا، فأمامنا لذلك سنين، إن لم يكن قرون!

ولا نترك هذا التعقيب حتى نقول لأبنائنا وإخوتنا ممن لا يزالون منخدعين -وإن كانوا قلة، فإنهم أعزاء علينا أن يفارقونا، ويفارقوا قومهم، نقول لهم:

1 الكافرون 6.

2 الحجر 9.

3 الصف 8.

4 التوبة 32.

5 البقرة 256.

ص: 99

إن في الغرب بضاعتين؛ بضاعة يزجيها إليكم، وبضاعة يَضِنُّ بها عليكم؛ فأما التي يزجي، فإنها تسلبكم أخلاقكم، وقيمكم، وتاريخكم، وشخصيتكم.

وأما التي يَضِنُّ، فهي سر تفوقه الماديّ عليكم؛ هي علمه وفنون صناعته "تكنولوجيته".

فما بالكم أقبلتم على التي يزجي، وتركتم التي بها يَضِنُّ، فما حصلتم غير القشور؛ غير الزبد، وتركتم ما ينفع الناس!

إن في خزائننا الجواهر، وإن علاها التراب من طول الزمن وكثرة الكيد1، وإن ما عندهم سرابٌ خادعٌ، أو معدنٌ برَّاق، لكنه غير أصيل، فلا ينبغي أن نترك الجواهر في خزائننا؛ لنمد أيدينا للمعادن غير الأصيلة.

ما ينبغي أن تكون اليد المتوضئة هي السفلى، واليد الأخرى هي العليا.

فكيف إذا كانت اليد المتوضئة تملك الجواهر، كيف ترضى أن تمتد، وأن تكون هي السفلى، وذلك لا يمنع من أن نستفيد بعلم الغرب وتجربته، من غير أن نهجر قيمنا، ومبادئا، وأخلاقنا، وعقيدتنا، من غير أن نترك ديننا، فلا نبيع ديننا ولو كان بالدنيا كلها!

1 يقول الشاعر:

إن الجواهر في التراب جواهر

والأسد في قفص الحديد أسود

ص: 100