الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: ماذا فعلت الماركسية بالمسلمين
المبحث الأول: المسلمون في الاتحاد السوفيتي
…
الفصل الثالث: ماذا فعلت الماركسية بالمسلمين؟
المأساة أَجَلُّ من أن تكتب في فصل، نكتفي فيها بالإشارة، ونطلب فيها من القارئ، بل نُلِحُّ أن يقرأ المزيد.
المبحث الأول: المسلمون في الاتحاد السوفيت ي 2
الأرض الإسلامية -ميراث محمد عليه الصلاة والسلام أضعاف أرض روسيا؛ فأقاليم الإسلام في الاتحاد السوفيتي تشمل:
1-
الأورال.
2-
استرخان.
3-
سيبيريا.
4-
القرم -وهي أغنى المناطق بالحاصلات الزراعية.
5-
القوقاز -وهي أغنى المناطق بالبترول وبعض المعادن.
6-
التركستان، بلاد ما وراء النهر -منها إماما السنة: البخاريّ ومسلم، والمفسران: الزمخشريّ والنسفي، وأئمة البلاغة وإعجاز القرآن، عبد القاهر الجرجاني، وسعد الدين التفتازاني، ويوسف السكاكي، ومنها
1 أما ماذا فعلت في غير المسلمون، فمذابح المجر سنة 1956، وتشيوسلوفاكيا سنة 68 أقرب مثال وخير مثال، وأما ما فعلته في نفسها فاقرأ فيه: آثرت الحرية، لفيكتور كرانتشيسكو روسي هارب من جحيم رومانيا.
2 هذا عنوان فصل في كتاب "الإسلام في وجه الزحف الأحمر" وجدناه أفضل ما كتب عن حال المسلمين في الاتحاد السوفيتي، للداعية الإسلاميّ الشيخ: محمد الغزالي.
الفارابي وابن سينا، ومن علماء الرياضة والفلك: خالد والبلخيّ، ومن علماء الهندسة بن موسى، ومنها البيروني، والماتريدي الخوارزمي، والسرخسيّ، والجوهريّ، وغيرهم.
ومن الثروات المعدنية:
250 منجمًا للذهب، 16 للفضة، 46 للحديد، 32 للرصاص، 34 للبترول، 70 للفحم، 13للكبريت، 63 للصوديوم، عدا الأورانيوم والفرام والزئبق والنحاس والقصدير والبلاتين.
وهذه الأقاليم تمثل الشمال الشرقيّ من العالم الإسلاميّ، وهي تمثل من حيث المساحة: تسعة أعشار مساحة الاتحاد السوفيتي، كانت 400 ألف كيلومترًا، فصارت بعد ضم البلاد الإسلامية 14 مليون كليو مترًا.
بعد الثورة البلشفية أصدر مجلس قوميسيري الشعب البلشفيّ، نداءً موجهًا إلى شعوب روسيا من المسلمين، كان من بين من وقعة لينين وستالين، جاء فيه "مؤرخا 7 ديسمبر 1917": أن إمبراطورية السلب والعنف الرأسمالية توشك أن تنهار، والأرض التي تستند عليها أقدام اللصوص والاستعماريين تشتعل نارًا، وفي وجه هذه الأحداث الجسام نتجه بأنظارنا إليكم أنتم يا مسلمي روسيا والشرق، أنتم يا من تشقون وتكدحون، وعلى الرغم من ذلك تحرمون من كل حق أنتم له أهل.
أيها المسلمون في روسيا..أيها التتر على شواطئ الفولجا وفي القرم..أيها الكرغيز والسارتيون في سيبيريا والتركستان..أيها التتر والأتراك في القوقاز..أيها الجبليون في اتحاد القوقاز..
أنتم يا من انتهكت حرمات مساجدكم، وقبوركم، واعتُدِيَ على عقائدكم وعاداتكم، وداس القياصرة والطغاة الروس على مقدساتكم:
ستكون حرية عقائدكم وعاداتكم، وحرية نظمكم القومية، ومنظماتكم الثقافية، مكفولة لكم منذ اليوم، لا يطغى عليها ولا يعتدي عليها معتدٍ..
هبوا إذن فابنوا حياتكم القومية كيف شئتم، فأنتم أحرار لا يحول بينكم وبين ما تشتهون حائل.. إلى أن قال البيان:
لنتقدم سويًّا في عزم وصلابة نحو سلم عادل ديمقراطيّ، إن رايتنا تحمل معها الحرية للشعوب المظلومة في أرجاء العالم.
أيها المسلمون في روسيا، أيها المسلمون في الشرق، إننا ونحن نسير في الطريق الذي يؤدي بالعالم إلى بعث جديدٍ، نتطلع إليكم لنلتمس عندكم العطف والعون، واستجابت البلاد الإسلامية، وأعلنت استقلالها عن الحكم الروسي القديم.
فهل تركها الحكم الذي يحمل الحرية للشعوب المظلومة في أرجاء العالم؟.
في أبريل سنة 1918، أي: بعد أربعة شهور من البيان السابق، أصدر لينين أمرًا بالزحف على البلاد الإسلامية، وسارت الجيوش الروسية بالدبابات والطائرات والمدافع تدمر وتحصد ما في طريقها، وفي نهاية العام تَمَّ لها الاستيلاء على جمهورية إيديل أورال، وشمال القوقاز، وحكومة خوقند، وتأخر استيلاؤها على شبه جزيرة القرم؛ لعنف المقاومة فيها.
وفي سنة 1919 تَمَّ الاستيلاء على جمهورية الأش أوردو، وفي أبريل سنة 1920 انتهت من احتلال القرم، واستأنف الهجوم على جمهورية أذربيجان، واستطاعت إخضاعها.
وفي نهاية سنة 1920 استولت على جمهورية خيوة، بعد أن ظلت تدافع دفاع المستميت..
وفي سنة 1921 استأنفت الهجوم على جمهورية بخارى، ودارَ فيها قتالٌ مريرٌ، ودافع أحفاد الإمام البخاريّ رضي الله عنه، عن ميراث محمد عليه الصلاة والسلام، لكنهم وحدهم لم يستطيعوا الوقوف في وجه الزحف الأحمر الثقيل؛ فهزمت جيوشهم المنظمة، لكنهم ظلّوا يحاربون حرب عصاباتٍ مدة عشر سنوات دون أن يتلقوا أية معونة من العالم الإسلاميّ1، ونشرت جريدة أزفسيتا في عددها الصادر 15 يولية سنة 1922 تقريرًا للرفيق كالينين عن مجاعة القرم، نتيجة نقل الروس ما في الجزيرة من أقوات ليضطروهم للتسليم.
بلغ عدد الذين أصابتهم محنة الجوع في شهر يناير 302.000، مات منهم 14.413، ارتفع عددهم في شهر مارس إلى 379.000، مات منهم 19.902، بلغ في أبريل 377.000، مات منهم 12.754، وفي يونية 392.072، ولم يذكركم مات في هذا الشهر.
وقد كان سكان القرم في سنة 1917، 5 ملايين، فأصبحوا في سنة 1940، 400 ألف فقط، أقل من عشر السكان، وكانت المساجد 1558 مسجدًا، لم يبق منها إلّا عشرات.
لجأت الثورة الشيوعية بعد أن استتب لها الأمر إلى نفي شعوب
1 كان العالم الإسلاميّ قد قُطِّعَ إربًا، وكانت دولة الخلافة الإسلامية خارجةً من الحرب العالمية الأولى، وكان زعيمها مصطفى كمال أتاتورك -لعنه الله- يتأهب لإلغاء الخلافة الإسلامية.
بأكملها ليحلَّ محلها الروس، وفي بيانٍ لوكيل الجامع الأزهر، ورئيس جماعة الكفاح الإسلاميّ، أُرْسِلَ إلى الأمم المتحدة، قدم بعض المهاجرين من الحكم البلشفيّ الغاشم بعض الحقائق، نذكر منها:
أ- في التركستان وحدها، قتل الشيوعيون سنة 1934 مائة ألف مسلم، ونفوا ثلاثمائة ألف مسلم، ومات ثلاثة ملايين جوعًا نتيجة استيلاء الروس على محاصيلهم، وإعطائها للصليبيين ليحلوا محلهم، وفيما بين سنة 1937-1939 ألقت القبض على 500 ألف مسلم، أعدمت منهم فريقًا ونفت الباقي.
وقتلوا من علماء الدين: الشيخ برهان البخاريّ، قاضي القضاة، والشيخ خان مروان، مفتى بخارى، والشيخ عبد المطلب داملا، والشيخ محسوم متولي، والشيخ عبد الأحد دارخان، والشيخ الحاج ملا يعقوب، والشيخ ملا عبد الكريم، وغيرهم كثيرون، ومن الساسة: خدمة نياز رئيس الجمهورية، ومولانا ثابت رئيس الوزراء، وشريف حاج، قائد مقاطعة ألما أتا، وعثمان أوراز، قائد مقاطعة كاشغر، ويونس بك، وزير الدولة، والحاج أبو محسن، وزير التجارة، وطاهر بك، رئيس مجلس النواب، وعبد الله داملا، وزير الأشغال.
وفي سنة 1949 هرب 2000 ألفًا شخص، منهم 1200 لقوا حتفهم في الطريق.
وفي سنة 1950 هرب 20000 مسلم، وقتلت روسيا منهم سبعة آلاف.
ب- في القرم قتلوا:
سنة 1921 مائة ألف مسلم جوعًا.
سنة 1928 قتلوا: وليّ إبراهيم، رئيس الجمهورية مع وزرائه.
سنة 1930 قتلوا: محمد قوباشي، رئيس الجمهورية وجميع وزرائه.
سنة 1937 قتلوا: إلياس طرخان، رئيس الجمهورية وجميع وزرائه، بعد استدعائهم إلى موسكو أثناء محاكمة المارشال تحاتشنفسكي.
نصوص في الاتحاد السوفيتي:
في دستور سنة 1918 نصّ على أن حرية الدعاية الدينية واللادينية مكفولة للجميع.
عدل في سنة 1919 إلى حرية إقامة الشعائر الدينية، وحرية الدعاية اللادينية مكفولتان لجميع المواطنين.
وفي دستور سنة 1836 "م 124" لكي يستمتع المواطنون بحرية الضمير تفصل الكنيسة في الاتحاد السوفيتي عن الدولة، والمدرسة عن الكنيسة، ويكفل لجميع المواطنين حرية الدعوة ضد الدين..
وفي المادة 122 من القانون الجنائيّ السوفيتيّ، تحريم تلقين الأطفال الأحداث العقائد الدينية في مدارس الحكومة، أو المدارس الخاصة، أو المعاهد التعليمية المختلفة.
وواضح من هذه النصوص:
1-
التفرقة الظالمة بين حرية التدين وحرية الإلحاد؛ فالأولى قاصرة على مباشرة الشعائر -إن صدقوا فيها، والثانية ممتدة إلى حرية الدعوة والدعاية ضد الدين..
2-
تنتهي حرية التدين إلى مجرد شعائر بغير مضمون ولا تطبيق؛ إذا وعينا النص الجنائي الذي يحرم تلقين الأطفال العقائد الدينية في مدارس الحكومة أو المدارس الخاصة أو المعاهد التعليمية المختلفة، فمن أين يأتي لهم التدين الذي يسمح الدستور -المحترم- بممارسة شعائره..