الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: مقومات الصهيونية
المبحث الأول: المقومات الدينية
أولًا: امتلاك فلسطين والأقطار المجاورة لها
يعتقد اليهود أن مُلْكَ فلسطين حقٌّ مشروع لهم، حيث وعد الله به ذرية إبراهيم عليه السلام في التوراة:"واجتاز إبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة مورة، وكان الكنعانيون حنيئذٍ في الأرض، وظهر الرب لإبرام، وقال: لنسلك أعطي هذه الأرض، فبنى هناك مذبحًا للربِّ الذي ظهر له1".
ثم وجه هذا الوعد، ولما يتحقق بعد، إلى إسحق بن إبراهيم، عليهما السلام:"وكان في الأرض جوع غير الجوع الأول الذي كان في أيام إبراهيم، فذهب إسحق إلى أبي مالك ملك الفلسطينيين إلى جرار، وظهر له الرب وقال: لا تنزل إلى أرض مصر، اسكن في الأرض التي أقول لك، تغرب في هذه الأرض، فأكون معك، وأباركك، لأني لك ولنسلك أعطي جميع هذه البلاد، وأفي بالقسم الذي أقسمت لإبراهيم أبيك2".
ومفهوم هذا النص أن الله قد اختص اسحق عليه السلام، ونسله بجماع ما وعد به أباه إبراهيم ونسله، فيما عدا مصر التي أمره بعدم النزول فيها، والتي ينبغي أن تؤول بناءً على هذا إلى إسماعيل عليه السلام، لولا أن الله قد استثناه من ذرية إبراهيم عليه السلام فيما وعد به -كما يزعم محرفو التوراة.." وقال إبراهيم لله: ليت إسماعيل يعيش أمامك، فقال الله: بل أمراتك تلد لك ابنًا وتدعو
1 الإصحاح الثاني عشر من سفر التكوين 6، 7.
2 الاصحاح السادس والعشرين من سفر التكوين 1-3.
اسمه إسحق، وأقيم عهدي معه أبديًّا لنسله من بعده، وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرًا جدًّا، اثني عشر رئيسًا بلد، وأجعله أمة كبيرة، ولكن عهدي أقيمه مع إسحق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الآتية1".
ثم وجَّه هذا الوعد مرةً أخرى إلى يعقوب، ثم إسحق عليهما السلام، في صورة حلمٍ تراءى ليعقوب وهو نائم في أرض حاران، وورد ذكر تمليك أرض كنعان لموسى وهارون -عليهما السلام2، وبعد وفاة موسى وجَّه الله وعده إلى خليفته يوشع بن نون في صورة أكثر تفصيلًا:"موسى عبدي قد مات، فالآن قم اعبر هذا الآردن، أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم -أي: لبني إسرائيل، كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته، كما كلمت موسى، من البرية ولبنان، هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات، جميع أرض الحيثيين، وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخومكم3".
وجاء الوعد الإلهيّ أخيرًا إلى داود عليه السلام، ونسله، على لسان ناثان النبيّ4، وتكرر ذكر الوعد الإلهيّ في أسفار شتَّى، كما أوردته المزامير في أكثر من موضع، ومن ذلك:"لأن الله يخلص صهيون، وبين مدن يهوذا، فيسكنون هنالك ويرثونها، ونسل عبيده يملكونها، ومحبو اسمه يسكنون فيها5".
هكذا تكررت الوعود الإلهية بملك اليهود لفلسطين، وكأنما وجهت متتالية لمجرد التشويق والإثارة لا للتنفيذ، فهي توجه لهذا تارةً ولآخر تارةً أخرى، من غير أن تتحقق لا لهذا ولا لذاك.
1 الإصحاح السابع عشر من سفر التكوين 18-22.
2 في الإصحاح الرابع عشر من سفر اللاويين 33، 34.
3 الإصحاح الأول من سفر يشوع 2-4.
4 الإصحاح السابع سفر صموئيل الثاني 4-6 و12-16.
5 المزمور التاسع والستين.