الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: وسائل تنفيذ المناهج الصهيونية
مدخل
…
المبحث الثاني: وسائل تنفيذ المناهج الصهيونية
من أبرز خصائص الصهيونية الالتزام بوصايا التوراة التزامًا حرفيًّا، والإيمان المطلق بتعاليم التلمود، ولهذا فهي تمعن في الشر، وتعرف في العنف والتنكيل والولوغ في الدماء بضراوة ووحشية، تبتغي من ذلك أولًا القضاء على كل مقاومة، وإبادة أعدائها، ثم إشاعة الهلع، وبث الرعب في القلوب؛ لتفتيت القوى المعنوية، ودفعها للاستسلام، فإن عجزت الصهيونية عن ممارسة هذا الأسلوب من العنف، اصطنعت الختل والنفاق والغدر والغيلة، وهي أسلحة خبيثة لا يلجأ إليها إلّا الضعيف المخذول.
واليهود هم أول من وضع قواعد الفلسفة الميكافيلية الوصولية، التي تبرر كل وسيلة تحقق الهدف، دون اعتداد بالقيم الخلقية أو الفضائل الإنسانية، كما يظهر ذلك من مطالعة تاريخ اليهود في أسفار التوراة، فالصفة المميزة لهم هي الاجتراء على كل قيمة مشروعة في سبيل مصالحهم، وكل وسيلة مهما كانت داميةً، أو ملتويةً، أو مشينةً مزريةً، فهي مشروعة، يمطئن إليها الضمير اليهوديّ، بل يسبغ عليها البركة.
ولقد تبلورت قاعدة الغاية تبرر الوسيلة في البروتوكولات التي سنعرض لها قريبًا، وكان الإغراء النسائيّ أقدم الوسائل التي سجلت التوراة -المحرفة طبعًا- على العبرانيين استغلالها لتحقيق مآربهم، ونسبت إلى إبراهيم عليه السلام -وحاشاه -استغلالها، فقد روت التوراة مع التأييد والإعجاب في الإصحاح الثاني عشر من سفر التكوين، كيف تخلى إبراهيم عليه السلام، عن شهامته وغيرته عن طيب خاطر، لقاء أجر؛ إذ قدَّم زوجته سارة إلى فرعون مصر، وأغراها بقبول التضحية بعرضها، وأمرها أن: "قولي إنك أختي؛ ليكون لي خير
بسببك، وتحيا نفسي من أجلك.. فأخذت المرأة إلى بيت فرعون، فصنع إلى إبراهيم خيرًا بسببها، وصار له غنم وبقر وحمير وإماء وأتن وجمال".
وينسب اليهود فيما سطروه في التوراة إلى أنبيائهم كل مخزية من الصفات والأعمال، مما هو معروف، كما تضمنت التوراة نصوصًا تدعوا إلى البطش بأعدائهم والتنكيل بهم، والتخلي عن الرحمة والشفقة في معاملتهم، ولو كفّوا أيديهم عنهم واستسلموا لحكمهم:"حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير، ويستعبد لك، وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربًا، فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلاهك إلى يدك، فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم، وكل ما في المدينة، كل غنيمتها فتغنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك، وهكذا تفعل بجميع المدن البعيدة جدًّا التي لست من مدن هؤلاء الأمم هنا، وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيها الرب إلاهك نصيبًا، فلا تستبق منها نسمة ما1"..
ولا يتسع المقام لذكر فظائع اليهود التي سجلها التاريخ، ويكفي أن نشير إلى ما قام ويقوم به اليهود من العدوان الصهيونيّ على الفلسطينيين، الذين طردوهم من ديارهم شر طردة، ونهبوا أموالهم، وانقضوا عليهم غيلة وغدرًا في مجازر مروعةٍ في دير ياسين سنة 1367، التي ذبح بها مائتان وخمسون من الرجال والنساء والأطفال، وفي قرى: ناصر الدين، وبلد الشيخ، وسكرير، وعيلوط، وغيرها، وفي سنة 1374 أعادوا الكرة في مدينة غزة، وفي سنة 1381 أباد الصهيونيون قرية التوافيق بمن فيما، وقرية السموع، وبعد ذلك استمرت الغارات الصهيونية على الجليل، والجولان، ومدن منطقة قناة السويس، وعلى معسكرات اللاجئين الفلسطينيين؛ حيث فتكت بهم ودمرت أكواخهم، وبعثرت أشلاءهم، مستخدمةً أشد الأسلحة الحديثة فتكًا2.
1 الإصحاح العشرين من سفر التثنية 10-17.
2 سجلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقريرها سنة 1967م-1386هـ، التي حملها عنف الصهيونيين وضراوة وحشيتها إلى إذاعة التقرير الذي سجلت فيه تلك الفظائع الرهيبة. راجع خلاصة هذا التقرير في كتاب "الصهيونية بين الدين والسياسة" ص77-78.