الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: خطأ وخطر:
الذين نادوا بالعقيدة على ذلك النحو أصابوا كل إصابة، لكنهم أخطأوا من جانبين:
إنهم وقفوا عندها، أو أنهم غالوا فيها، أو فعلوا الخطأين معًا:
أما خطؤهم في الوقوف عندها:
فإن العقيدة أساس لايقوم بناء بغيره، وهذه أهميتها، لكن، أيصح لعاقلٍ أن يقيم الأساس ويكتفي؟ فلا يقيم بعده البناء؟..
وما يجديه الأساس إن أصابته حرارة الصيف، أو مسَّه برد الشتاء؟
وأما خطأ المغالاة فيها:
فقد جاء من اعتبارهم الائتمار بالأمر، والانتهاء عن النهي، جزء من العقيدة، وترتيبهم نفس النتيجة التي تترتب على تخلف الأجزاء الأخرى؛ كشهادة اللسان، أو اعتقاد القلب، واعتبار العمل -بتفصيله السابق- جزءًا من الإيمان صحيح.
لكن الترتيب نفس النتيجة عليه غير الصحيح، ذلك أن للإيمان درجات، كما أن في الجنة درجات، وللكفر دركات، كما أن في جهنم دركات1
أو هو كالكائن الحيّ، لا يستوي فصل رأسه مع فصل رجله أو يده، ومن ثَمَّ فلا يستوي في شرع الله تارك الشهادة: لا إله إلّا الله، مع تارك إطعام المسكين، ولا يستوي من داس مصحفًا، أو أنكر شيئًا ما فيه، مع مَنْ اغتاب، أو سعى بالنميمة، أو حتى قتل!.
والقرآن يسمي تارك الهجرة: "مؤمنًا"{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} 1.
وسمى من قاتل أخاه: "مؤمنًا"{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} 2.
وتداعي الناس وتتابعهم في المعاصي، لا يدفعنا إلى خطأ آخر، هو تكفيرهم، إنما ينبغي على المسلم أن يمسك في أحلك الظروف بالميزان الدقيق، يزن به الأفعال والأشخاص {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} 3.
1 الأنفال 72.
2 الحجرات 9.
3 الشورى 17.