الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع: اتجاهات إسلامية
مدخل
…
الباب الرابع: إتجاهات إسلامية
اتجاهات إسلامية:
نحن نتحدث عن العالم المعاصر، ومن ثَمَّ فإننا نتحدث عن القرن العشرين، ولئن كنَّا أوغلنا قرنًا أو بعض قرنٍ حين تحدثنا عن الاتجاهات الدخيلة: غربية وشرقية، فذلك لنبين جذورها ليعلم قومنا أن ما هم فيه ليس قصدًا إلى تمدينهم ولا إلى رقيهم، إنما هو عروةٌ من عرى حربٍ ضروسٍ شنها أعداؤهم عليهم، فلمَّا لم تفلح حرب السلاح، لجأوا إلى حرب الفكر والعقيدة.
وكانوا في الثانية أخبث وأنجح، بيد أنهم وإن نجحوا، فإن نجاحهم محدود..محدود كمًّا، فلا تزال القاعدة العريضة من المسلمين بعيدة عن تأثيرهم، لا تزال الفطرة في البادية وفي الريف هي الغالبة، برغم كل ما بذله الغرب والشرق من فساد وإفساد.
وهو كذلك محدود كيفًا:
فإن ما غيروه قليلٌ إلى جوار ما بقي، حتى في نفوس أتباعهم، ولا يزال الإسلام في كلِّ يومٍ يضم إلى صفوفه كثيرين ممن كانوا عندهم روادًا، وهذا محمد حسين هيكل يعلن عودته لحظيرة الإسلام، وهذا طه حسين يتجه في أخريات حياته إلى الإسلام، وإن بقي فكره مشوبًا بكثير من المؤثرات الأولى.
وهذا جلال كشك، ومصطفى محمود، وغيرهم كثير.
يفتح الإسلام ذراعيه فرحًا بهم، أشد فرحًا من فرحة الأم بعودة وحيدها الغائب، أو أشد فرحًا من ظاعنٍ بالصحراء وجد بعد لأي بعيره الشارد، وهذا النجاح لا يأمن بعد ذلك رد الفعل إن لم ينتهوا ويتركوا أرض الإسلام وأبناء الإسلام، وبعض الذي سنقدم إن لم يكن أكثره كان رد الفعل، وقد بدأ، أو بدا أثره قاصرًا،
لكنه يوشك بإذن الله أن يعرف طريقه، وأن يبلغ غايته؛ ليتم الله نوره ولو كره المشركون.
ونحن نكتفي في الحديث عن الاتجاهات الإسلامية بما كان منها في هذا القرن الرابع عشر الهجريّ؛ لأن هذا هو معنى المعاصرة الذي نقصد إليه، ولن نشغل أنفسنا، ولا نشغل الناس بالحركات التي لبست ثياب الإسلام وهي تضمر له الشر، وتحمل له الحقد، فإن صبغها بصبغة الإسلام خطأ كبير1.
لكنا قد نشغل أنفسنا، ونشغل الناس بالحركات والاتجاهات القاصرة؛ لأنها وإن كانت لا تمثل الإسلام الصحيح، فإنها خطوات إليه، حَسْبُ أصحابها منها حسن النية، وحسبهم اجتهادهم، وإن أخطأوا فلهم الأجر -إن شاء الله، ثم لابد من دراستها لنتبين ما فيها من خير فنستثمره، وما فيها من سوء فنرفضه، ثم لندعوا أصحابها أن هلموا إلى الإسلام الصحيح {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} 2.
ونبدأ -بإذن الله- بهذه الاتجاهات، ثم نثني -بإذن الله- بالاتجاه الصحيح، والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليِّ العظيم.
1 مثل القاديانية، التي قامت في الهند عمليةً للاستعمار البريطانيّ، محاولة تحريف العقيدة الإسلامية، وهي وغيرها من الحركات المشبوهة موضع دراسة مادة الأديان والفرق.
2 آل عمران 105، 106.