الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للَّه أحمده، والتوفيق للحمد من نعمه، وأشكره، والشكر كفيل بالمزيد من فضله وكرمه، وأستغفره، وأتوب إليه من الذنوب التي توجب زوالَ نعمه، وحلولَ نِقَمِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخِيرتُه من خلقِه، افترض اللَّه على العباد طاعته ومحبته والقيامَ بحقوقه، وسدَّ الطرق كلَّها إليه وإلى جنته، فلم يَفتح لأحدٍ إلا من طريقه، فهو الميزان الراجح الذي على هديه توزن الأخلاق، والأقوال، والأعمال، والفرقان المبين الذي باتباعه يُمَيَّزُ أهلُ الهدى من أهل الضلال، فصلى اللَّه وملائكته وأنبياؤه ورسلُه والصالحون من عباده عليه وآلِهِ وأصحابِه، كما وحَّد اللَّه، وعَرَّف به، ودعا إليه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ:
فإنه -باستقراء أحوال مدَّعي المهدية في مختلف العصور- نجد أن الجانب التنظيري لدعواهم استند إلى أصول بَنَوْهَا على شفا جُرُفٍ هارٍ، وتحكَّموا بها في الشريعة بدل أن يتحاكموا إليها، وقفزوا فوق المعايير الشرعية والعقلية؛ فأثمرت دعواهم فِتَنًا، وجرَّت على أهل الإسلام مِحَنًا، ومِن هنا انبعثت الهمة إلى محاولة زيادة المناعة -لدى الشباب بعامة وطلاب العلم بخاصة- ضد ما نُسَمِّيهِ "ظاهرة العبث بمصادر التلقي".
* وهذا العبث والعدوان تتعدد مظاهره وأشكاله:
- فمنها ما يكون بالحذف والإبطال؛ كإنكار حُجِّيَّة السنة، أو غيرها من الأدلة الشرعية المرجعية.
- ومنها ما يكون بالزيادة؛ باعتماد مصادر لتلقي الأحكام مُغَايِرَة للأدلة الشرعية المعصومة؛ كالكتاب والسنة والإجماع، وإضفاء الحجية على هذه المصادر المزعومة، الأمر الذي يترتب عليه فتنة في الأرض، وفساد كبير.
وبالرغم من تعدد مظاهر "العدوان على مصادر التلقي" على يد الصوفية بصفة عامة، إلا أننا نخص بالذكر هنا ما تورط فيه مُدَّعُو المهدية بصفة خاصة، وكان له أثر في تدعيم دعواهم؛ كاعتماد بعضهم على المنامات، أو التلبيس على الناس بخوارق العادات، أو ادِّعاء التلقي المباشر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو دعاوى الإلهام والتحديث والكشف، أو زعم لقيا الخَضِرِ عليه السلام والأولياء، والتلقي عنهم.
إن تكرار ظاهرة "ادعاء المهدية" -المقترن بالاستجابة العاطفية الجارفة، والمندفعة من أتباع مُدَّعِيهَا- يعكس قصورًا أو تقصيرًا في هؤلاء الأتباع؛ حيث لم يُحْسنُوا ميزان النقد، والتمحيص والتفتيش الدقيق، قبل التورط في هذه الضلالات، "والعاقل ينظر قبل أن يمشيَ، والأحمق يمشِي قبل أن ينظُرَ"، كما أن هذا "التَّكْرَارَ" يعني أن فِئَاتٍ من الأمة لا تستنبط دروس وعبر التاريخ، وأنها تُلْدَغُ من نفس الجُحْرِ مرَّاتٍ ومرَّاتٍ؛ فأين هي من قول المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم:"لا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحر وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ"(1)؟!
أسأل اللَّه -تعالى- أن ينفع بها أهل الحق والإيمان، وأن يقمع بها أهل البدع والبهتان، إنه كريمٌ منَّان، والحمد لله رب العالمين.
محمد بن أحمد إسماعيل المقدَّم
ثغر الإسكندرية في
الجمعة 15 من جمادى الأولى 1429 هـ
الموافق 15 من مايو 2008 م
(1) أخرجه البخاري (10/ 439) في "الأدب"، ومسلم (2998) في"الزهد".
عُدوَانُ مُدَّعِي المَهدِيَّةِ عَلَى مَصَادِر التَّلَقِّي
* الفَصْلُ الأَوَّلُ: سُلْطَانُ المَنَامَاتِ.
* الفَصْلُ الثَّانِي: فِى دِلَالَاتُ خَوَارِقِ العَادَاتِ
* الفَصْلُ الثَّالِثُ: دَعْوَى رُؤْيَةِ النّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بَعْدَ وَفَاتِهِ يَقَظَةً، وَالتَّلَقِّي عَنْهُ مُبَاشَرَةً.
* الفَصْلُ الرَّابعُ: الإِلْهَامُ والتَّحْدِيثُ والكَشْفُ.
* الفَصْلُ الخَامِسُ: ادِّعَاءُ لُقْيَا الخَضِرِ عليه السلام والتلَقِّي عَنْهُ.