الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الظَّاهِرَةُ .. إلى متى
؟
تقول الرواية: "مرضت فتاة مرضًا شديدًا أعيا الأطباء، وفي ذات ليلة بكت حتى جاءها النوم، وهي على تلك الحال، فرأت أم المؤمنين زينب، فوضعت في فمها شيئًا من القطران، وطلبت منها أن تكتب أذكارًا معينة ثلاث عشرة مرة، وتطلب من الناس أن يكتبوها، فلما استيقظت الفتاة وجدت نفسها قد شُفِيَتْ من المرض تمامًا، وقامت بكتابة الورقة ثلاث عشرةَ مرة، ووزعتها، فحدث التالي:
- أول ورقة: وقعت في يد رجل فقير فكتبها ثلاث عشرة مرة، ووزعها، فجاءته أموال طائلة بعد ثلاثة عشر يومًا.
- والورقة الثانية: وقعت في يد غني، فمزقها، فذهبت أمواله كلها بعد ثلاثة عشر يومًا.
- والورقة الثالثة: وقعت في يد رجل على رأس عمل كبير، فسخر منها، ففُصِلَ من العمل بعد ثلاثة عشر يومًا.
تقول الرواية: فعليك أخي المسلم، أختي المسلمة، أن تقوموا بكتابة هذه الورقة، وتوزيعها؛ لتنالوا من اللَّه كل ما تحبون في إرادته".
- ويعلق الشيخ سلمان العودة على هذه "الخرافة" قائلًا:
(إنه نوع من "الإرهاب الفكري" المدمِّر.
لا تستخدم عقلك، ولا تناقش؛ لئلا يصيبك ما أصاب هؤلاء، واحذر أن تمزق تلك الورقة "الأسطورة"؛ لئلا تفقد عملك، أو تفقد مالك .. وربما تفقد دينك -هكذا يزعمون-.
إن الوحي قد انتهى فلا يتنزل على أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك؛ فإن من المسلمين من يشرِّعون تشريعات جديدة، لم ترد في الوحي،
ويُحَذِّرون من يخالفها بالعقاب والعذاب، ويُبَشِّرونَ من يفعلها بالتوفيق ..
فكيف تنطلي هذه الألاعيب السخيفة على مسلم قرأ في التنزيل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
إننا نعلم يقينًا أن الإنسان قد يترك أعظم شعائر الدين العملية -وهي الصلاة، ومع ذلك يظل مرزوقًا معافى في دنياه؛ لأن الدنيا ليست دار جزاء ولا حساب، والأصل أن الجزاء والحساب في الآخرة، بل نجد قومًا كفارًا لا يؤمنون باللَّه، ولا باليوم الآخر، ومع ذلك: وَسَّعَ الله عليهم في الرزق، وأعطاهم من العلم المادي، والحضارة المادية، ما لم يُعْطِ غيرهم.
فالدنيا دار بلاء، وليست دار جزاء.
فكيف يأتي من يستخف بعقول بعضنا، ويزعم أن من لم يَفْعَلْ كذا أصابه بعد أيام معدودة ما يكره، ومن فعله لَقِي ما يحب؟!
وهذا الفعل المطلوب ليس واجبًا، ولا مُسْتَحَبًّا، بل ولا مباحًا، إنما هو بدعة منكرة، وخرافة غليظة.
ثم لنتساءل: هل هذه الكتابة "عبادة"، أم أنها "عمل دنيوي محض"؟
فإذا كانت عبادة، فهي مردودة؛ لأن الإنسان أراد بها الدنيا، وحفظ المال، والوظيفة، والصحة، ولم يُرِدْ بها وجهَ الله -تَعَالى-.
وإذا كانت عَمَلًا دنيويًّا فهي -أيضًا- مرفوضة؟ لأنها ليست من الأسباب المادية، والذي يُرِيدُ المحافظة على الوظيفة عليه ألَّا يتأخر عن وقت الدوام، وأن يؤدي مسئولياته، وأن يُحْسِنَ استقبال المراجعين، ويبني علاقته مع رؤسائه على أساس صحيح.
وهكذا حفظ المال والصحة وغيرهما له أسبابه المادية المعروفة، وليس هذا العمل منها بحال.