الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
أن الْخَضِرَ يلتقي بالأولياء، ويُعَلِّمُهُمْ من هذه الحقائق، ويأخذ لهم العهود الصوفية.
6 -
أن الحقائق تَخْتَلِفُ عن الشريعة المحمدية، فلكل ولي طريقته المستقلة، وكشفه الخاص، وعلمه اللدني الذي قد يختلف مع الوحي المحمدي (1).
يقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق -حفظه اللَّه تعالى-:
"باختصار لقد تَحَوَّلَ الْخَضِرُ إلى قصة خُرَافِيَّةٍ كبيرة أشبهَ بقصة ما يُسَمُّونَهُ "بالسوبرمان"، الذي يطير في كل مكان، ويلتقي بالأصدقاء والخِلان في كل البلدان، ويشرع للناس ما شاء من عبادات وقربان، ويلقن الأذكار، وينشئ الطرق الصوفية، ويُعَمِّدُ الأولياء والأقطاب، ويولِّي من يشاء، ويعزل من يشاء، وما عليك إذا أردت لقاء الْخَضِرَ إلا أن تذكر مجموعة من الأذكار، فيأتيك الْخَضِرُ في الحال، ويبشرك بما تشاء من البشارات، ويجعلك وليًّا من الأولياء، ويعطيك علومًا لدنية لم يعلمها الرسل أنفسهم، ولا خَطَرَتْ لهم على بال"(2).
نُقُولٌ عَنِ الصُّوفِيَّة فيِ لُقيَا الخَضِرِ والتَّلَقِّي عَنهُ
- قال أحمد بن إدريس الشاذلي:
"اجتمعْتُ بالنبي صلى الله عليه وسلم اجتماعًا صوريًّا، ومعه الْخَضِرُ عليه السلام، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الخَضِرَ أن يلقنني أذكار الطريقة الشاذلية، فلقنني إياها بحضرته"، ويَسْتَطْرِدُ قائلًا:"ثم قال صلى الله عليه وسلم للخَضِرِ عليه السلام: يا خَضِرُ، لَقِّنْهُ ما كان جامعًا لسائر الأذكار، والصلوات، والاستغفار"(3).
(1) انظر: "الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة" ص (133).
(2)
"نفس المصدر" ص (134).
(3)
"مفاتيح كنوز السماوات والأرض"، لصالح محمد الجعفري، ص (8) نقلًا عن "الفكر الصوفي" ص (139).
- وقال الشيخ أحمد بن عمر الأنصاري، أبو العباس المُرْسِيُّ (1):
"وأما الخضر عليه السلام فهو حي، وقد صافحته بكفي هذه .. وعرَّفني بنفسه"، وقال بعد كلام:"فلو جاءني الآن ألف فقيه يجادلونني في ذلك، ويقولون بموت الخضر، ما رجعتُ إليهم"(2).
- وقال شيخهم ابن عربي:
"اعلم أَيَّدَكَ اللَّه -أيها الولي الحميم- أن هذا الوتد هو خضر صاحب موسى عليه السلام، أطال اللَّه عمره إلى الآن، وقد رأينا من رآه، واتفق لنا في شأنه أمر عجيب، وذلك أن شيخنا أبا العباس العريبي رحمه الله تَعَالَى- جرت بيني وبينه مسألة في حق شخص كان قد بَشَّرَ بظهوره رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال لي: "هو فلان ابن فلان"، وَسَمَّى لي شخصًا أعرفه باسمه، وما رأيته، ولكن رأيت ابن عمته، فربما توقفت منه، ولم آخذ بالقبول؛ أعني قول الشيخ العريبي فيه؛ لكوني على بصيرة في أمره، ولاشك أن الشيخ رجع سهمه عليه، فتأذى في باطنه، ولم أشعر بذلك؛ فإني كنت في بادية الطريق.
فانصرفت عنه إلى منزلي، فنمت في الطريق، فلقيني شخص لا أعرفه، فسلَّم عليَّ ابتداءً سلامَ مُحِبٍّ مشفق، وقال لي:"يا محمد، صدِّق الشيخَ أبا العباس فيما ذكره لك عن فلان"، وسَمَّى لنا الشخص الذي ذكره أبو العباس العريبي، فقلت:"نعم"، وعلمت ما أراد، ورجعت من حيني إلى الشيخ لأُعَرِّفه بما جرى، فعندما دخلت عليه، قال لي:"يا أبا عبد اللَّه، أحتاج معك إذا ذكرت لك مسألة يقف خاطرك عن قبولها إلى الْخَضِرِ يتعرض إليك، يقول لك: صَدِّق فلانًا فيما ذكره لك؟! ومن أين يتفق لك هذا في كل مسألة تسمعها مني، فتتوقف؟ "،- فقلت:"إن باب التوبة مفتوح"، فقال: "وقبول التوبة
(1) فقيه متصوف، من أهل الإسكندرية، ومات فيها سنة (686 هـ)، أصله من مرسية في الأندلس.
(2)
"جامع كرامات الأولياء" ليوسف النبهاني (1/ 521).
واقع"، فعلمت أن ذلك الرجل كان الْخَضِرَ، ولا شَك أني استفهمت الشيخ عنه: أهو هو؟ قال: نعم، هو الْخَضِرُ"(1)
- وزعم ابن عربي أيضًا: "أنه اجتمع بالخضر، وأنه -أي الخضر- ألبسه خرقة الصوفية، وأن ذلك تم تجاه الحجر الأسود في مكة، وأنه أخذ عليه العهد بالتسليم لمقامات الشيوخ "أهل التصريف" وأنه كان مترددًا في لبس الخرقة من الخضر حتى أعلمه الخضر أنه لبسها من يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالمدينة المشرفة منبع الفيض الأتم"(2).
- وذكر الشعراني في "معارج الألباب" عن بعض شيوخه، ذكر له أن الْخَضِرَ عليه السلام كان يحضر مجلس فقه أبي حنيفة في كل يوم بعد صلاة الصبح يتعلم منه الشريعة، فلمَّا مات -أي أبو حنيفة- سأل الْخَضِرُ ربه أن يرد روح أبي حنيفة إلى قبره؛ حيث يتم له علم الشريعة، وأن الْخَضِرَ كان يأتي إليه كل يوم على عادته يسمع منه الشريعة داخل القبر، وأقام على ذلك خمس عشرة سنة؛ حتى أكمل علم الشريعة (3).
- وحلف الإمام عبد اللَّه بن أسعد اليافعي الشافعي اليماني على حياة الخضر، والتقائه بالناس، وقال: "وواللَّهِ لقد أخبرني غير واحد من الأولياء
(1)"الفتوحات المكية"(3/ 180).
(2)
"الكتاب التذكاري، لابن عربي" ص (304).
(3)
"معارج الألباب" ص (44)، نقلًا عن "الفكر الصوفي" ص (137، 138)، وانظر:"الإنصاف" للصنعاني ص (52)، وقد أورد البرزنجي الحكاية كاملة في "الإشاعة لأشراط الساعة" ص (222 - 225)، وأبطلها من وجوه، وفيها ركاكة ولحن، ولا تروج إلا على ذوي العقول السخيفة.
والعجب أن القوم يثبتون حياة الخضر وأنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يتعلم منه شريعته صلى الله عليه وسلم، ولا من صحابته الكرام رضي الله عنهم، كعلي وزيد وأُبي ومعاذ، ولا من عظماء التابعين كالفقهاء السبعة، وسعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، ومكحول، ثم يؤخر طلب العلم قرنًا ونصف قرن كي يتلقاه على يد إمام مجتهد يصيب ويخطئ، حتى خالفه صاحبه في أكثر من ثلث أقواله، ويُعرض عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن هذه الأكاذيب والافتراءات لا يرضاها أبو حنيفة نفسه -رحمه اللَّه تعالى-.