الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: الرؤيا قد تصحح مسار حياة الإنسان
عن جعفر الصائغ قال: كان في جيران أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رجل ممَّن يمارس المعاصي والقاذورات، فجاء يومًا إلى مجلس أحمد يسلم عليه، فكأن أحمد لم يردَّ عليه ردًّا تامًّا، وانقبض منه، فقال له: يا أبا عبد الله، لِمَ تنقبض مني؟! فإني قد انتقلتُ عما كنت تعهدني برؤيا رأيتُها، قال: وأي شيءٍ رأيتَ؟ قال: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في النوم كأنَّه على علوٍّ من الأرض، وناسٌ كثير أسفل جلوسٌ، قال: فيقوم رجل منهم إليه، فيقول:"ادعُ لي"، فيدعو له، حتى لم يبق من القوم غيري، قال: فأردتُ أن أقوم، فاستحييتُ من قبيح ما كنتُ عليه، قال لي:"يا فلان، لِمَ لا تقومُ إليَّ فتسألني أن أدعو لك؟ " قال: قُلْتُ: يا رسول الله، يقطعني الحياءُ لقبيح ما أنا عليه، فقال:"إن كان يقطعك الحياء؛ فقم فسلني أدعُ لك؛ فإنك لا تسب أحدًا من أصحابي"، قال:"فقمتُ، فدعا لي، فانتبهتُ وقد بَغَّضَ اللَّهُ إليَّ ما كنتُ عليه"، قال: فقال لنا أبو عبد الله: "يا جعفر، يا فلان، حدِّثوا بهذا، واحفظوه؛ فإنه ينفع"(1).
وحكى أحمد بن كامل الشَّجَري -القاضي- تلميذ الإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري - قال:
قال لي أبو جعفر: رأى لي أبي في النوم أنني بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم، وكان معي مِخلاة مملوءة حجارة، وأنا أرمي بين يديه، فقال المُعَبّر:"إنه إن كبُر نصح في دينه، وذَبَّ عن شريعته"، فحرِص أبي على معونتي على طلب العلم، وأنا حينئذ صغير (2).
(1)"كتاب التوابين" ص (264، 265).
(2)
"رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام" لمحمد شومان الرملي ص (89).
- وكان من أسباب توجه الإمام العجلوني إلى طلب العلم أنه لما كان في بلاده، وكان صغيرًا يقرأ في "المكتب" رأى في عالم الرؤيا أن رجلًا ألبسه جوخة خضراء مركبة على فرو أبيض في غاية الجودة والبياض، وقد غمرته لكونها سابغة على يديه ورجليه، فأخبر والده بالمنام، فحصل له بذلك السرور التام، وقال له:"إن شاء الله يُجعل لك يا ولدي من العلم الحظ الوافر"، ودعا له بذلك (1).
* * *
(1)"أغرب وأظرف الرؤى والأحلام" للدكتور محمد غنيم ص (87).