الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وسلم-، فلو ظهر لهم وأخبرهم بأن الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه لانقطع النزاع، فكيف لا يظهر في اليقظة لأفضل الناس بعده في أمر مهم؟
2 -
اختلاف أبي بكر رضي الله عنه مع فاطمة الزهراء رضي الله عنها على الميراث، واشتداد حزنها على أبيها صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته.
3 -
جمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه المصحف الشريف، يقول فيه الألوسي -رحمه اللَّه تعالى-:"وليت شعري! لِمَ كان عثمان يطلب شاهدين من كل من أتاه بآية يشهدان على أنها من القرآن، وهلا رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة وسأله عن تلك الآية، وهو وسائر الصحابة أحق ممن ذكر بهذه الفضيلة"(1).
4 -
ما وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة، وعلي بن أبي طالب من جهة أخرى، حتى وقعت حرب الجمل، فقُتل فيها خلق كثير من الصحابة.
5 -
خلاف على رضي الله عنه مع الخوارج، وما وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما من النزاع (2).
ففي كل هذه الحوادث لم يُرْوَ أن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر لأصحابه يقظة؛ ليفصل بينهم مع أنهم أصحابه، فكيف يظهر لمن دونهم منزلة وتقوى؟ واللَّه أعلم.
دَليلُهُمُ الخَامِسُ:
أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة قد قال بها علماء كثيرون قبل التجاني؛ كالإمام السيوطي (3)، وابن أبي جمرة، والشيخ يوسف بن إسماعيل
(1)"غاية الأماني"(1/ 225، 226).
(2)
"شرح المواهب اللدنية"(5/ 295)، و"غاية الأماني في الرد على النبهاني"(1/ 226).
(3)
ألف السيوطي كثيرًا من الكتب المستقلة، بلغ عدد منها شهرة واسعة، ولكن بعض أعماله كراسات =
النبهاني، وابن حجر المكي الهيتمي، والغزالي، وابن الحاج، والسبكي، والعفيف اليافعي.
قال السيوطي -بعد أن ذكر حديث البخاري: "مَن رَآنِي في المَنَامِ فَسَيَرانِي في اليقَظَةِ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشيْطَانُ بِي"، وبعضَ النقول عن بعض العلماء- قال:"فحصل من مجموع هذه النقول والأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حي بجسده وروحه، وأنه يتصرف ويسير حيث شاء في أقطار الأرض والملكوت، وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته، لم يتبدل منه شيء، وأنه مغيب عن الأبصار كما غُيِّبت الملائكة مع كونهم أحياء بأجسادهم، فإذا أراد اللَّه -تعالى- رفع الحجاب عمن أراد إكرامه برؤيته رآه على هيئته التي هو عليها، لا مانع من ذلك، ولا داعي للتخصيص برؤية المثال"(1).
وقال الغزالي -بعد أن مدح الصوفية، ووصفهم بأنهم خير خلق الله-:
"حتى إنهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء، ويسمعون منهم أصواتهم، ويقتبسون منهم فوائد، ثم يترقى الحال من مشاهدة الصورة والأمثال
= صغيرة، وبعضها ضعيف المحتوى، وقيل في محصوله:، إنه لا يقدم جديدًا، وإنما يتوفر على نقل ما وصله"، وقال مؤيدوه: "إنه عوض بذلك المسلمين عن الكتب التي ضاعت في الحروب والاضطرابات"، وقد جمع رحمه الله ما لا يتفق جمعه بسهولة، وانظر: "الخصومة في مهدية السودان" ص (43).
"لقد ذهب السيوطي إلى القول برؤية النبي والمَلَك في اليقظة والمنام، وإلى أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من سبعين مرة، وصحح عليه الأحاديث، وهذا أيضًا ألَّب العلماء عليه، ويقال إنه رجع في النهاية عن معتقده الصوفي وهاجمه، ولكن الذي انتشر عنه هو ما كان في محيط التصوف ودعاوى أهله". اهـ. من "الخصومة" ص (42).
وقد ألف السيوطي كتابه "تنوير الحلك بإمكان رؤية النبي والملَك" رَدَّ به على منكري رؤيته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في اليقظة، وقال فيه الألوسي:"وكل ما أتى به لا دليل فيه"، إلى أن قال:"والسيوطي رحمه الله كان فيما ألفه من الكتب حاطب ليل، في كل كتاب له مذهب ومشرب، وما أتى به في كتابه هذا لا يُعول عليه". اهـ. من "غاية الأماني"(1/ 51).
(1)
"الحاوي للفتاوى"(2/ 435).