الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دلالة رؤى الأنبياء على الأحكام
رؤى الأنبياء عليهم السلام:
لا خلاف في ترتب الأحكام الشرعية على رؤى الأنبياء -عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام- لأنها وحي من الله عز وجل، فالرؤى وسيلة من وسائل تلقي التكاليف الشرعية، والنواميس الإلهية التي بها تنتظم أمور العباد مما يتعلق بالمعاش والمعاد، وهذا مختص بالأنبياء -عليهم أفضل الصلاة والسلام- (1)، "فأول ما بُدئَ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح"(2).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُريتُ ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي، فنسيتُها، فالتمسوها في العشر الغوابر"(3).
- وإذا رأى بعض الصحابة رضي الله عنهم رؤيا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أقرَّه صلى الله عليه وسلم عليها، فإن الأحكام الشرعية تترتب عليها لا لذاتها، ولكن لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم إياها، كما وقع من عبد الله بن زيد رضي الله عنه عندما رأى من علَّمه ألفاظ الأذان، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألقِ عليه ما رأيت فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك" الحديث (4).
(1) وقد شرع خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام في ذبح ابنه إسماعيل عليه السلام لما رأى الرؤيا، كما قصَّه الله -تعالى- في سورة الصافات (الآيات 99 - 112)، فهذا النوع من الوحي يدخل تحت قوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشورى: 51]، فالوحي هنا يشمل الرؤيا والإلهام.
(2)
أخرجه البخاري (1/ 22)، ومسلم رقم (252)(1/ 139 - 142)، وغيرهما.
(3)
انظر: "فتح الباري"(4/ 259)، والحديث رواه مسلم (2/ 823)(207).
(4)
أخرجه أبو داود (1/ 135، 136)(499)، والترمذي (1/ 358 - 362)(189)، وقال: "حسن =
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالسجود في سورة "ص" اعتمادًا على رؤيا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لما رأى أنه يكتب سورة "ص"، فلما بلغ السجدة، سجدت الدواة والقلم وكل شيء بحضرته، فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد بها (1).
فالعمل بهذه الرؤى ليس من العمل برؤيا غير الأنبياء، بل هو من العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمكن أنه علم بحقيقة الرؤى بوحي أو إلهام، أو بأي وجهٍ كان -والله تعالى أعلم-.
* * *
= صحيح"، وابن ماجه (1/ 222، 223)، (706)، والإمام أحمد (4/ 42، 43)، وغيرهم، وصححه البخاري، وابن خزيمة، والنووي، ومن المعاصرين الألباني، وشعيب الأرناؤوط.
(1)
أخرجه الإمام أحمد (3/ 78، 84)، والحاكم (2/ 432)، وسكت عليه، وصححه الذهبي على شرط مسلم، والبيهقي (2/ 320)، وقال المنذري:"رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح"، كما في "الترغيب"(2/ 356)(35)، وقال الهيثمي:"رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح"، كما في "المجمع"(2/ 284).