الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصلٌ فِيمَا يَدَّعِي التِّجَانِيَّةُ تَلَقِّيَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعدَ مَوتِهِ يَقَظَةً
كما يزعم التجانيون أنهم يرون النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، فإنهم يزعمون أنهم يستفتونه ويسألونه عن أمور دينهم ودنياهم، ويتلقون منه الأوراد، ويصحح لهم الأحاديث، فيعملون بذلك (1)، وفيما يلي بعض النصوص الدالة على ذلك، وهذه النصوص منها ما يدل على اعتقادهم ذلك، ومنها ما يدل على تطبيقهم لهذا الاعتقاد.
فمما يدل على اعتقادهم ذلك:
ما جاء في "بغية المستفيد" "
…
عن الشيخ أحمد الزواوي كان يقول: طريقنا أن نكثر من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم حتى نصير من جلسائه، ونصحبه يقظة مثل أصحابه، ونسأله عن أمور ديننا، وعن الأحاديث التي ضعفها الحفاظ عندنا، ونعمل بقوله فيها" (2). اهـ.
وأما ما يدل على تطبيقهم ذلك؛ فمنه:
1 -
قول مؤلف "جواهر المعاني" عن الصلاة المسماة "بياقوتة الحقائق":
"هي من إملاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من لفظه الشريف على شيخنا يقظة لا منامًا"(3).
(1) ولا شك أنه يترتب على هذه الدعاوى آثار خطيرة لأنها تفتح باب تحريف الدين والابتداع فيه على مصراعيه، وكأن القوم لم يسمعوا قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية [المائدة: 3]، بل تفتح باب الفتن وإراقة الدماء كما تراه واضحًا في سيرة المهدي السوداني وغيره ممن حاولوا إضفاء الشرعية على بدعهم وتسويغ أفعالهم بأنها تأتي استجابة لتكليف مباشر من الرسول صلى الله عليه وسلم.
(2)
"بغية المستفيد" ص (79).
(3)
"جواهر المعاني"(2/ 228).
2 -
ومن تلك الأوراد التي أملاها الرسول صلى الله عليه وسلم لأحمد التجاني -كما زعموا- صلاة "جوهرة الكمال"، التي جاء في فضلها ما يلي:
قال محمد سعد الرُّباطابيُّ: "وأما جوهرة الكمال فهي من إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا الشيخ رضي الله عنه يقظة لا منامًا، فمن فضلها: أن المرة الواحدة منها تعدل تسبيح العالم ثلاث مرات بشرط الطهارة المائية، وأن من لازمها كل يوم سبع مرات يحبه النبي صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة يحضرون مع الذاكر عند السابعة منها، ولا يفارقونه حتى يفرغ من ذكرها"(1).
3 -
ويقول التجاني عن فضل صلاة "الفاتح لما أُغلِق": "لما أمرني صلى الله عليه وسلم بالرجوع إليها سألته عن فضلها؟ فأخبرني أن المرة الواحدة منها تعدل من القرآن ست مرات، ثم أخبرني ثانيًا أن المرة الواحدة منها تعدل من كل تسبيح وقع في الكون، ومن كل ذكر، ومن كل دعاء كبير أو صغير، ومن القرآن ستة آلاف مرة"(2).
4 -
وقال أيضًا مؤلف "جواهر المعاني": "
…
سأل سيدَ الوجود، وعَلَمَ الشهود صلى الله عليه وسلم في كل نفس مشهود، عن نسبه، وهل هو من الأبناء والأولاد، أو من الآل والأحفاد؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم بقوله:(أنت ولدي حقًّا)، كررها ثلاثًا صلى الله عليه وسلم، وقال:(نسبك إلى الحسن بن علي صحيح)، وهذا السؤال من سيدنا رضي الله عنه لسيد الوجود يقظة لا منامًا، وبشره صلى الله عليه وسلم بأمور عظام جسام صلى اللَّه عليه، وسلَّم، وشرف، وكرَّم، ومجَّد، وعظَّم" (3).
وقال -أيضًا- فيما يرويه عن شيخه التجاني: قال: رأيته مرة -صلى اللَّه
(1)"شروط وأحكام أوراد الطريقة التجانية" ص (25).
(2)
"جواهر المعاني"(1/ 136).
(3)
"نفسه"(1/ 30، 31).
عليه وسلم-، وسألته عن الحديث الوارد في سيدنا عيسى عليه السلام قلت له: ورد عنك روايتان صحيحتان، واحدة قلت فيها:"يَمْكُثُ بَعْدَ نُزُولهِ أَرْبَعِينَ، وقلت في الأخرى: سَبْعًا، ما الصحيحة منها؟ " قال صلى الله عليه وسلم: "رواية السبع"(1).
ومثل هذا ما قاله ابن حجر الهيتمي: "وقد حكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه، فروى ذلك الفقيه حديثًًا، فقال له الولي: هذا الحديث باطل، قال: ومن أين لك هذا؟ قال: هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف على رأسك، يقول: إني لم أقل هذا الحديث، وكُشِف للفقيه فرآه"(2).
ومثله ما حكاه الشعراني: أن النبي صلى الله عليه وسلم زار جلال الدين السيوطي في بيته يقظة لا منامًا، وأنه جعل يقرأ الأحاديث بين يديه صلى الله عليه وسلم وهو يسمع.
قال الشعراني: "أخبرني الشيخ سليمان الخضيري قال: بينا أنا جالس في الخضيرية على باب الإمام الشافعي رضي الله عنه إِذْ رأيت جماعة عليهم بياض، وعلى رؤوسهم غمامة من نور، يقصدونني من ناحية الجبل، فلما قربوا مني فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقبَّلت يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "امض معنا إلى الروضة"، فذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت الشيخ جلال الدين، فخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقبَّل يده، وسلَّم على أصحابه، ثم أدخله الدار، وجلس بين يديه، فصار الشيخ جلال الدين يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأحاديث، وهو صلى الله عليه وسلم يقول: هاتِ يا شيخَ السُّنة"(3).
(1)"نفسه"(1/ 55).
(2)
"الفتاوى الحديثية" ص (217).
(3)
"الطبقات الصغرى" للشعراني ص (28، 29).