الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِن كَانَ الْخَطَأ لفساد عرض لَهُ فِي بدنه كالتواء يَده أَو عَارض عرض لَهُ فِي بَصَره أَو دَاء عرض لَهُ أفسد رميه لم يحْتَسب عَلَيْهِ بِهِ إِلَّا أَن ينْسب الْعَارِض إِلَى تَقْصِيره فِي الرَّمْي كَأَن تلتوي يَده لعدم حذقه فِي الْقَبْض فَإِنَّهُ يحْسب عَلَيْهِ
فصل
وَكَذَلِكَ كل إِصَابَة تُضَاف إِلَى غير الرَّمْي لم يحْتَسب لَهُ بهَا فَإِذا أصَاب السهْم شَجَرَة مائلة عَن سمت الْغَرَض أَو شَجَرَة أَو جِدَار كَذَلِك فَارْتَد بصدمته فَأصَاب الْغَرَض فَإِن هَذِه الْإِصَابَة لَا تُضَاف إِلَى رميه وَيحْتَمل أَن يحْتَسب لَهُ بِهِ لِأَنَّهَا متولده عَن رميه وللشافعية وَجْهَان فِي ذَلِك
فَإِن كَانَت الشَّجَرَة أَو الْجِدَار مسامتين للغرض حسب لَهُ قطعا إِذْ الْإِصَابَة من حسن الرَّمْي فَإِن مر السهْم على السداد فصدم الأَرْض ثمَّ قفز فَأصَاب الْغَرَض فَهَل يحْتَسب لَهُ بِهِ ينظر فَإِن كَانَ لَهُم شَرط ابتع وَإِن لم يكن لَهُم شَرط اتبعت عَادَتهم إِذْ هِيَ منزلَة منزلَة الشَّرْط وَإِن لم يكن لَهُم عَادَة وَلَا شَرط احْتمل وَجْهَيْن ولأصحاب الشَّافِعِي فِي ذَلِك ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا يحْتَسب بِهِ وَالثَّانِي لَا يحْتَسب
وَالثَّالِث إِن اتبعت الْعَادة لم يحْتَسب بِهِ وَإِلَّا احتسب بِهِ
قَالُوا لِأَن عَادَة الرُّمَاة عدم الاحتساب وَالصَّوَاب الاحتساب بِهِ لأَنا نوجب الْقصاص بِمثل هَذِه الْإِصَابَة إِذا تعمد قتل من يُكَافِئهُ وينزلها منزلَة السهْم الَّذِي مر كَمَا هُوَ حَتَّى أصَاب الْمَقْتُول بل الاحتساب بِهِ فِي النضال أولى إِذْ لَو كَانَ ذَلِك شُبْهَة يمْنَع الاحتساب بِهِ فِي الْإِصَابَة لكَانَتْ أولى بِالْمَنْعِ فِي الْقصاص وَهَذَا ظَاهر وَللَّه الْحَمد
فصل
وَقد تقدم الْخلاف فِي الْمُسَابقَة هَل هِيَ عقد لَازم أَو جَائِز
وَإِن الْمَشْهُور من الْمَذْهَب أَنَّهَا عقد جَائِز فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا فَسخه قبل الشُّرُوع فِيهِ وَلَهُمَا الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَإنَّهُ إِن ظهر فضل احدهما فَلهُ وَحده الْفَسْخ وتنفسخ بِمَوْت أَحدهمَا وَلَا يُؤْخَذ بهَا رهن وَلَا ضمين وَلَا يثبت فِيهَا خِيَار مجْلِس وَالْوَجْه الثَّانِي أَنَّهَا عقد لَازم كَالْإِجَارَةِ فتنعكس هَذِه الْأَحْكَام فَإِن أَرَادَ أَحدهمَا تَأْخِير الرَّمْي فَإِن كَانَ لعَارض يعمهما أَو يخْتَص بِأَحَدِهِمَا كوجع أَو التواء عرق وَنَحْو ذَلِك أَو ريح أَو ظلمَة أَو سيل جَازَ تَأْخِير الرَّمْي وَلَا يَنْفَسِخ العقد بذلك وَلِصَاحِب الْعذر الْفَسْخ بِهِ
وَإِن أَرَادَ أَحدهمَا تَأْخِيره بِلَا عذر فَإِن قيل إِن العقد جَائِز فَلهُ
ذَلِك وَإِن قيل بلزومه فَلَا
وَلَو تشاغل عَن الرَّمْي فِي الْغَايَة وَطول لَا حَاجَة إِلَيْهِ من مسح الْقوس وَالْوتر وَنَحْو ذَلِك ليبرد همة صَاحبه أَو ينسيه الْوَجْه الَّذِي أصَاب بِهِ ويشغله عه منع من ذَلِك وطولب بتعجيل الرَّمْي وَلَا يدهش بالاستعجال بِحَيْثُ يمْتَنع من تحري الْإِصَابَة وَيمْتَنع كل وَاحِد من المناضلين من الْكَلَام الَّذِي يغِيظ بِهِ صَاحبه مثل أنة يفتخر ويتبجح بالإصابة ويعنف صَاحبه على الْخَطَأ أَو يظْهر لَهُ أَنه يُعلمهُ وَيمْنَع من ذَلِك من حضرهم من الْأمين وَالشُّهُود والنظارة
فصل
فِي الجلب وَالْجنب
روى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَا جلب وَلَا جنب يَوْم الرِّهَان
وَفِي الْمسند من حَدِيث ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا جلب وَلَا جنب وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام وَفِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَه لَهُ يَا عَليّ قد جعلت إِلَيْك هَذِه السبقة بَين النَّاس فَخرج عَليّ فَدَعَا سراقَة بن مَالك فَقَالَ يَا سراقتة إِنِّي قد جعلت إِلَيْك مَا جعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي عنقِي من هَذِه السبقة فِي عُنُقك فَإِذا أتيت الميطان قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن والميطان مرسلها من الْغَايَة فَصف الْخَيل ثمَّ نَاد هَل من مصلح للجام أَو حَامِل لغلام أَو طارح لجل فَإِذا لم يجبك أحد فَكبر ثَلَاثًا ثمَّ خلها عِنْد الثَّالِثَة يسْعد الله بسبقه من شَاءَ من خلقه
فَكَانَ عَليّ رضي الله عنه يقْعد عِنْد مُنْتَهى الْغَايَة ويخط خطا وَيُقِيم رجلَيْنِ مُتَقَابلين عِنْد طرفِي الْخط طرفه بَين إبهامي أرجلهما وتمر الْخَيل بَين الرجلَيْن وَيَقُول
إِذا خرج أحد الفرسين على صَاحبه بِطرف أُذُنَيْهِ أَو أذن أَو
عذرا فاجعلوا السبقة لَهُ فَإِن شككتما فاجعلا سبقهما نِصْفَيْنِ فَإِن قرنتم ثِنْتَيْنِ فاجعلوا الْغَايَة من غَايَة أَصْغَر الثِّنْتَيْنِ وَلَا جلب وَلَا جنب وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام
وَقد تقدم الْكَلَام فِي معنى الجلب وَالْجنب وَاخْتِلَاف شرَّاح الحَدِيث فِيهِ وَنحن نذْكر كَلَام الْفُقَهَاء فِيهِ
كَلَام الْفُقَهَاء فِي الجلب وَالْجنب
فَقَالَ الْخرقِيّ فِي مُخْتَصره
وَلَا يجوز إِذا أرسل الفرسان أَن يجنب أَحدهمَا إِلَى فرسه فرسا يحرضه على الْعَدو وَلَا يَصِيح بِهِ فِي وَقت سباقه وَذكر الحَدِيث
واكثر الْفُقَهَاء على هَذَا الَّذِي قَالَه
وَقَالَ القَاضِي مَعْنَاهُ أَن يجنب فرسا يتَحَوَّل عَلَيْهِ عِنْد الْغَايَة لكَونه أقل كلالا وإعياء قَالَ ابْن الْمُنْذر كَذَا قيل
قَالَ الشَّيْخ
وَلَا أَحسب هَذَا يَصح لِأَن الْفرس الَّتِي يسابق عَلَيْهَا لَا بُد من تعينها فَإِن كَانَت الَّتِي تحول عَنْهَا فَمَا حصل السَّبق بهَا وَإِن كَانَت الَّتِي يتَحَوَّل إِلَيْهَا فَمَا حصلت الْمُسَابقَة بهَا فِي جَمِيع الحلبة وَمن شَرط السباق ذَلِك وَلِأَن هَذَا مَتى احْتَاجَ إِلَى التَّحَوُّل والاشتغال بِهِ فَرُبمَا سبق باشتغاله لَا بِسُرْعَة غَيره وَلِأَن الْمَقْصُود معرفَة عَدو الْفرس فِي الحلبة كلهَا فَمَتَى كَانَ إِنَّمَا تَركه فِي آخر الحلبة فَمَا حصل الْمَقْصُود
وَأما الجلب فو أَن يتبع الرجل فرسه من يرْكض خَلفه ويجلب عَلَيْهِ ويصيح وَرَاءه يستحثه بذلك على الْعَدو
وَهَكَذَا فسره مَالك وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب
وَفَسرهُ بعض الْفُقَهَاء بِأَنَّهُ هُوَ أَن يَصِيح بفرسه وَقت السباق ويجلب عَلَيْهِ
وَفِيه نظر لِأَنَّهُ لَا يمْنَع من ضربه وَلَا نخسه بالمهماز وَغَيره مَا
يحرضه على الْعَدو هَكَذَا لَا يمْنَع من صياحه عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا ظلما لِأَن الآخر يفعل بفرسه هَكَذَا
وَالله أعلم بِمُرَاد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيث وَهُوَ مُحْتَمل الْأَمريْنِ
وَعَن أبي عبيد فِي تَفْسِير الحَدِيث رِوَايَتَانِ احدهما كَقَوْل مَالك وَالثَّانيَِة أَن معنى الجلب أَن يحْشر السَّاعِي أَي أهل الْمَاشِيَة ليصدقهم قَالَ
قَالَ فَلَا يفعل بل يَأْتِيهم على مِيَاههمْ فيصدقهم وَالتَّفْسِير الأول تَفْسِير الْأَكْثَرين وَيدل عَلَيْهِ قَوْله فِي الرِّهَان وَهَذَا يبطل تَفْسِيره بالجلب فِي الصَّدَقَة وَأَيْضًا فالجنب لَا يعقل فِي الصَّدَقَة وَأَيْضًا فَفِي حَدِيث عَليّ الْمُتَقَدّم فِي السباق لَا جلب وَلَا جنب وَأَيْضًا فَحَدِيث ابْن عَبَّاس يرفعهُ
من أجلب على الْخَيل يَوْم الرِّهَان فَلَيْسَ منا ذكره صَاحب الْمُغنِي وَلَا أعرف من خرجه
فصل
صور بذل الْعِوَض فِي المسابقات
إِذا قَالَ رجل لآخر ارْمِ هَذَا السهْم فَإِن أصبته فلك دِرْهَم أَو أجب فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِن أصبت فلك كَذَا أَو احفظ هَذَا الْكتاب وَلَك كَذَا وَكَذَا صَحَّ وَكَانَ جعَالَة مَحْضَة لَيْسَ من عقد السباق فِي شَيْء وَقد بذلا مَالا فِي فعل لَهُ فِيهِ غَرَض صَحِيح لِأَن السباق إِنَّمَا يكون بَين اثْنَيْنِ فَصَاعِدا وَيكون الْجعل للسباق لصَاحبه
فَإِن قَالَ إِن أصبت فلك دِرْهَم وَإِن اخطأت فَعَلَيْك دِرْهَم لم
يَصح لِأَنَّهُ قمار
وَكَذَا إِن قَالَ إِن حفظته فلك مئة وَإِن عجزت عَنهُ فَعَلَيْك مئة لم يَصح
فَإِن قَالَ ارْمِ عشرَة أسْهم أَو أجب فِي هَذِه الْمسَائِل الْعشْر فَإِن كَانَ صوابك أَكثر من خطئك فلك دِرْهَم صَحَّ لِأَنَّهُ بذل الْجعل فِي مُقَابلَة الْإِصَابَة الْمَعْلُومَة وَهِي اكثر الْعشْر وَلَيْسَ ذَلِك بِمَجْهُول
وَكَذَا لَو قَالَ إِن كَانَ صوابك أَكثر فلك بِكُل إِصَابَة دِرْهَم صَحَّ ذَلِك
وَلَو قَالَ لَك بِكُل إِصَابَة دِرْهَم صَحَّ وَلم يشْتَرط أَن تكون إصاباته اكثر وَلَا مُسَاوِيَة
وَلَو قَالَ إِن أصبتها فلك بِكُل إِصَابَة دِرْهَم صَحَّ فَلَو أصَاب تِسْعَة مِنْهَا لم يسْتَحق شَيْئا وَلَو قَالَ الرَّامِي لأَجْنَبِيّ إِن أَخْطَأت أَنا فِي هَذَا السهْم فلك دِرْهَم أَو إِن أَخْطَأت فِي الْجَواب عَن هَذِه الْمَسْأَلَة فلك دِرْهَم لم يَصح لِأَن الْجعل يكون فِي مُقَابلَة عمل وَلم يجد من الْأَجْنَبِيّ عمل
الْحِنْث فِي نذر اللجاج وَأَحْكَامه عِنْد الْأَئِمَّة
فَلَو قَالَ إِن أَخْطَأت فعلي نذر دِرْهَم أَو فَمَا فِي يَدي صَدَقَة
أَو فعلي صَوْم شهر أَو عتق رَقَبَة فَهُوَ نذر يَمِين وَيُسمى نذر اللجاج وَالْغَضَب إِذا كَانَ قَصده أَن لَا يكون الشَّرْط وَلَا الْجَزَاء
وَقد اخْتلف فِي مُوجبه عِنْد الْحِنْث على ثَلَاثَة أَقْوَال وَهِي للشَّافِعِيّ أَحدهَا لُزُوم الْوَفَاء بِمَا الْتَزمهُ كَائِنا مَا كَانَ وَهَذَا مَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة فِي أشهر الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ الثَّانِي تعْتَبر كَفَّارَة الْيَمين لَا يجْزِيه غَيرهَا وَهُوَ رِوَايَة فِي مَذْهَب أَحْمد الثَّالِث يُخَيّر بَين الْتِزَام مَا الْتَزمهُ وَبَين كَفَّارَة الْيَمين وَهُوَ الْمَشْهُور فِي مَذْهَب أَحْمد وَالشَّافِعِيّ فَإِن أَوجَبْنَا الْكَفَّارَة فوفى بنذره فَهَل تسْقط الْكَفَّارَة فِيهِ وَجْهَان لأَصْحَاب الشَّافِعِي وَغلط أَبُو الْمَعَالِي وَغَيره من قَالَ بسقوطها وَلَيْسَ
بغلط بل هُوَ الصَّوَاب قطعا فَإِن الْكَفَّارَة إِنَّمَا تجب بِالْحِنْثِ فَإِن وفى بنذره لم يَحْنَث فَلَا يبْقى لوَجَبَ الْكَفَّارَة وَجه
فَإِن قيل مُوجب هَذَا العقد الْكَفَّارَة قُلْنَا نعم غَايَته أَنه يَمِين وموجبها الْكَفَّارَة عِنْد الْحِنْث وَلَا يَحْنَث مَعَ الْبر يُوضحهُ أَنه لَو حلف على ذَلِك بِاللَّه سبحانه وتعالى وبر لم تلْزمهُ الْكَفَّارَة فَلَو قَالَ وَالله إِن فعلت كَذَا وَكَذَا تَصَدَّقت ثمَّ فعله وَتصدق لم تلْزمهُ الْكَفَّارَة
فصل
تعْيين القسي فِي النضال
إِذا عينا نوعا من القسي تعين وَلَا يجوز الْعُدُول عَنهُ إِلَى غَيره إِلَّا باتفاقهما وَإِن عينا قوسا بعيها لم تتَعَيَّن وَيجوز إبدالها بغَيْرهَا من نوعها
وَالْفرق بَينهمَا أَن أَحدهمَا قد يكون أحذق بِالرَّمْي بِأحد النَّوْعَيْنِ دون الآخر فَلَا يقوم النَّوْع الآخر مقَام النَّوْع الْمعِين بِخِلَاف تعْيين الْقوس من النَّوْع الآخر الْوَاحِد
وَأَيْضًا فَإِن الْقوس الْمعينَة قد تنكسر أَو يحْتَاج إِلَى إبدالها
وَأَيْضًا فالحذق لَا يخْتَلف باخْتلَاف عين الْقوس بِخِلَاف