المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَإِن كَانَ الْخَطَأ لفساد عرض لَهُ فِي بدنه كالتواء يَده - الفروسية المحمدية - ت مشهور

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌تحمدة وتقدمة

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بالأقدام

- ‌مسابقة الصَّحَابَة على الْأَقْدَام بَين يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مصارعته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بَين الْخَيل

- ‌فصل

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بَين الْإِبِل

- ‌فصل

- ‌تناضل الصَّحَابَة بِالرَّمْي بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مراهنة الصّديق للْمُشْرِكين بِعِلْمِهِ وإذنه صلى الله عليه وسلم

- ‌هَل الْمُرَاهنَة على الْمسَائِل الَّتِي فِيهَا ظُهُور أَعْلَام الْإِسْلَام وأدلته وبراهينه مَمْنُوعَة

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بالأقدام بعوض وَبلا عوض

- ‌فصل

- ‌الصراع بِالرَّهْنِ وَبلا رهن

- ‌السباحة بِالرَّهْنِ وَبلا رهن

- ‌المشابكة بِالْأَيْدِي

- ‌الْأَدِلَّة وَالتَّرْجِيح

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بَين الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير وَالْبَقر وَالْحمام والسفن

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بَين الْإِبِل والفيل

- ‌فصل

- ‌النضال بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وإذنه فِيهِ

- ‌كتاب عمر رضي الله عنه لعتبة بن فرقد وَشَرحه

- ‌فصل

- ‌فَوَائِد النضال

- ‌فصل

- ‌أَيْمَان الرُّمَاة لَغْو لَا كَفَّارَة فِيهَا

- ‌فصل

- ‌فضل الْمَشْي بَين الغرضين وَمن مَشى بَينهمَا من السّلف الصَّالح

- ‌فصل

- ‌المفاضلة بَين ركُوب الْخَيل وَرمي النشاب

- ‌وُجُوه تَفْضِيل سبق الْخَيل على الرَّمْي

- ‌المُرَاد بقوله تَعَالَى {وَالْعَادِيات ضَبْحًا}

- ‌عودة إِلَى وُجُوه تَفْضِيل سبق الْخَيل على سبق الرَّمْي

- ‌النَّهْي عَن تَقْلِيد الْخَيل الأوتار وَمَعْنَاهُ

- ‌فصل

- ‌أوجه تفضل الرَّمْي بالنشاب على ركُوب الْخَيل وَذكر منفعَته وتأثيره ونكايته فِي الْعَدو

- ‌فضل النزاع بَين تَفْضِيل الرَّمْي على ركُوب الْخَيل وَالْعَكْس

- ‌فصل

- ‌رميه صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْكَرِيمَة

- ‌فصل

- ‌طعنه صلى الله عليه وسلم بالحربة

- ‌فصل

- ‌فضل الرماح

- ‌الْأَشْيَاء الَّتِي تظهر فِيهَا الفروسية

- ‌أوجه الشّبَه بَين الجلاد بِالسَّيْفِ والجدال بِالْحجَّةِ

- ‌فروسية الْعلم وَالْبَيَان وفروسية الرَّمْي والطعان

- ‌فصل الرِّهَان على الْغَلَبَة بِالرُّمْحِ

- ‌فصل

- ‌ركُوب النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْفرس عُريَانا وتقلده بِالسَّيْفِ وورود ذَلِك فِي صفته فِي الْكتب الأولى

- ‌فصل

- ‌أَحْكَام الرِّهَان فِي الْمُسَابقَة وصوره الْمُتَّفق عَلَيْهَا والمختلف فِيهَا

- ‌فصل

- ‌أَدِلَّة المجوزين للتراهن من غير مُحَلل

- ‌فصل

- ‌أَدِلَّة الْقَائِلين بِاشْتِرَاط الْمُحَلّل

- ‌لم يشْتَرط مُسلم فِي مُقَدّمَة صَحِيحه مَا شَرطه فِي صَحِيحه

- ‌التَّفْرِقَة بَين من أخرج لَهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَبَين مَا أخرج لَهُ فِي الشواهد والمتابعات

- ‌تساهل التِّرْمِذِيّ فِي التوثيق الصَّحِيح

- ‌تَصْحِيح الْحَاكِم

- ‌تَصْحِيح ابْن حزم

- ‌لَيْسَ كل مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند وَسكت عَنهُ يكون صَحِيحا عِنْده وأمثلة على ذَلِك

- ‌من أصُول مَذْهَب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل

- ‌كتاب أبي مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي فَضَائِل مُسْند أَحْمد وخصائصه وَتعقبه

- ‌فصل

- ‌شُرُوط الحَدِيث الصَّحِيح

- ‌طَبَقَات أَصْحَاب أبي حنيفَة

- ‌طَبَقَات أَصْحَاب الشَّافِعِي

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌أَنْوَاع المناضلة

- ‌شُرُوط العقد على الْإِصَابَة

- ‌فصل

- ‌تعدد السِّهَام وَعدم تعددها

- ‌فِي تحزب الرُّمَاة

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌المفاضلة بَين قَوس الْيَد وقوس الرجل

- ‌‌‌فصلالنزاع بَين الطَّائِفَتَيْنِ

- ‌فصل

- ‌فِي أَنْفَع القسي وأولاها بِالِاسْتِعْمَالِ

- ‌فصل

- ‌أَنْفَع قسي الْيَد

- ‌فصل

- ‌فِي الْمُفَاخَرَة بَين قَوس الْيَد وقوس الرجل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌مَا يحْتَاج إِلَيْهِ المتعلم

- ‌فِي آدَاب الرَّمْي وَمَا يَنْبَغِي للرامي أَن يعتمده

- ‌فصل

- ‌فِي الْخِصَال الَّتِي بهَا كَمَال الرَّمْي

- ‌فصل

- ‌فِي النكاية

- ‌فصل فِي جمل من أسرار الرَّمْي ذكرهَا الطَّبَرِيّ فِي كِتَابه

- ‌فصل فِي الْقيام وَالْجُلُوس

- ‌فصل أوجه الْجُلُوس فِي الرَّمْي

- ‌فصل مُشْتَمل على فُصُول من طب الرَّمْي وعلاج علله وآفاته

- ‌فصل مِنْهَا

- ‌ذكر مَا يصلح بِهِ هَذِه الْآفَات

- ‌فصل فِي استرخاء قَبْضَة الشمَال وَمَا يلْزمه

- ‌فصل فِي آفَة عقر السبابَة من الْيَد الْيُمْنَى وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة مس الْوتر لإذن الرَّامِي ولحيته وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة كسر ظفر الْإِبْهَام فِي العقد وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة لُحُوق السبابَة عِنْد الْإِطْلَاق وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة رد السهْم وَقت الْإِطْلَاق

- ‌فصل فِي آفَة الكزازة وَمَا يزيلها

- ‌فصل فِي آفَة ضرب سية الْقوس الأَرْض عِنْد الْإِطْلَاق

- ‌‌‌فصلفِي عِلّة كسر فَوق السهْم وعلاجه

- ‌فصل

- ‌فصل [أَنْوَاع تَحْرِيك السهْم]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم من أول خُرُوجه إِلَى حِين وُقُوعه]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم عِنْد توَسط المدى]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم آخرا إِن لم يَتَحَرَّك أَولا]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم أَولا فَإِذا توَسط استد]

- ‌فصل فِي عقر الْإِبْهَام بِالسَّهْمِ وَقت الْجَرّ وعلاجه

- ‌[فصل فِي] ذكر أَرْكَان الرَّمْي الْخَمْسَة وَصفَة كل وَاحِد مِنْهَا وَالِاخْتِلَاف

- ‌ذكر العقد ووجوهه

- ‌فصل [منشأ السرعة والبعد عِنْد الرُّمَاة]

- ‌فصل [أَنْوَاع تركيب السبابَة على الْإِبْهَام]

- ‌فصل [لَا يَنْبَغِي للرامي أَن يقلم أظافر يَده الْيُمْنَى]

- ‌فصل فِي القفلة بالأصابع الثَّلَاث من الْيَد الْيُمْنَى

- ‌ذكر الْمَدّ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذكر النّظر وَأَحْكَامه

- ‌فصل [النّظر من الدَّاخِل]

- ‌فصل [أوجه النّظر من الْخَارِج]

- ‌فصل فِي ميزَان النّظر

- ‌فصل [المفاضلة بَين أهل التربيع وَأهل التحريف]

- ‌فصل فِي ميزَان آخر

- ‌[فصل فِي] ذكر الاطلاق ووجوهه

- ‌فصل فِي مر السهْم على الْيَد

- ‌ذكر [سَبَب] ارْتِفَاع السهْم فِي الجو ونزوله وسداده

- ‌فصل فِي مدح الْقُوَّة والشجاعة وذم الْعَجز والجبن

- ‌فصل

- ‌فصل [الْفرق بَين الشجَاعَة وَالْقُوَّة]

- ‌فصل فِي مَرَاتِب الشجَاعَة والشجعان

- ‌فصل [الْأُمُور المترتبة على الشجَاعَة]

- ‌خَاتِمَة

الفصل: وَإِن كَانَ الْخَطَأ لفساد عرض لَهُ فِي بدنه كالتواء يَده

وَإِن كَانَ الْخَطَأ لفساد عرض لَهُ فِي بدنه كالتواء يَده أَو عَارض عرض لَهُ فِي بَصَره أَو دَاء عرض لَهُ أفسد رميه لم يحْتَسب عَلَيْهِ بِهِ إِلَّا أَن ينْسب الْعَارِض إِلَى تَقْصِيره فِي الرَّمْي كَأَن تلتوي يَده لعدم حذقه فِي الْقَبْض فَإِنَّهُ يحْسب عَلَيْهِ

‌فصل

وَكَذَلِكَ كل إِصَابَة تُضَاف إِلَى غير الرَّمْي لم يحْتَسب لَهُ بهَا فَإِذا أصَاب السهْم شَجَرَة مائلة عَن سمت الْغَرَض أَو شَجَرَة أَو جِدَار كَذَلِك فَارْتَد بصدمته فَأصَاب الْغَرَض فَإِن هَذِه الْإِصَابَة لَا تُضَاف إِلَى رميه وَيحْتَمل أَن يحْتَسب لَهُ بِهِ لِأَنَّهَا متولده عَن رميه وللشافعية وَجْهَان فِي ذَلِك

فَإِن كَانَت الشَّجَرَة أَو الْجِدَار مسامتين للغرض حسب لَهُ قطعا إِذْ الْإِصَابَة من حسن الرَّمْي فَإِن مر السهْم على السداد فصدم الأَرْض ثمَّ قفز فَأصَاب الْغَرَض فَهَل يحْتَسب لَهُ بِهِ ينظر فَإِن كَانَ لَهُم شَرط ابتع وَإِن لم يكن لَهُم شَرط اتبعت عَادَتهم إِذْ هِيَ منزلَة منزلَة الشَّرْط وَإِن لم يكن لَهُم عَادَة وَلَا شَرط احْتمل وَجْهَيْن ولأصحاب الشَّافِعِي فِي ذَلِك ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا يحْتَسب بِهِ وَالثَّانِي لَا يحْتَسب

ص: 410

وَالثَّالِث إِن اتبعت الْعَادة لم يحْتَسب بِهِ وَإِلَّا احتسب بِهِ

قَالُوا لِأَن عَادَة الرُّمَاة عدم الاحتساب وَالصَّوَاب الاحتساب بِهِ لأَنا نوجب الْقصاص بِمثل هَذِه الْإِصَابَة إِذا تعمد قتل من يُكَافِئهُ وينزلها منزلَة السهْم الَّذِي مر كَمَا هُوَ حَتَّى أصَاب الْمَقْتُول بل الاحتساب بِهِ فِي النضال أولى إِذْ لَو كَانَ ذَلِك شُبْهَة يمْنَع الاحتساب بِهِ فِي الْإِصَابَة لكَانَتْ أولى بِالْمَنْعِ فِي الْقصاص وَهَذَا ظَاهر وَللَّه الْحَمد

فصل

وَقد تقدم الْخلاف فِي الْمُسَابقَة هَل هِيَ عقد لَازم أَو جَائِز

وَإِن الْمَشْهُور من الْمَذْهَب أَنَّهَا عقد جَائِز فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا فَسخه قبل الشُّرُوع فِيهِ وَلَهُمَا الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَإنَّهُ إِن ظهر فضل احدهما فَلهُ وَحده الْفَسْخ وتنفسخ بِمَوْت أَحدهمَا وَلَا يُؤْخَذ بهَا رهن وَلَا ضمين وَلَا يثبت فِيهَا خِيَار مجْلِس وَالْوَجْه الثَّانِي أَنَّهَا عقد لَازم كَالْإِجَارَةِ فتنعكس هَذِه الْأَحْكَام فَإِن أَرَادَ أَحدهمَا تَأْخِير الرَّمْي فَإِن كَانَ لعَارض يعمهما أَو يخْتَص بِأَحَدِهِمَا كوجع أَو التواء عرق وَنَحْو ذَلِك أَو ريح أَو ظلمَة أَو سيل جَازَ تَأْخِير الرَّمْي وَلَا يَنْفَسِخ العقد بذلك وَلِصَاحِب الْعذر الْفَسْخ بِهِ

وَإِن أَرَادَ أَحدهمَا تَأْخِيره بِلَا عذر فَإِن قيل إِن العقد جَائِز فَلهُ

ص: 411

ذَلِك وَإِن قيل بلزومه فَلَا

وَلَو تشاغل عَن الرَّمْي فِي الْغَايَة وَطول لَا حَاجَة إِلَيْهِ من مسح الْقوس وَالْوتر وَنَحْو ذَلِك ليبرد همة صَاحبه أَو ينسيه الْوَجْه الَّذِي أصَاب بِهِ ويشغله عه منع من ذَلِك وطولب بتعجيل الرَّمْي وَلَا يدهش بالاستعجال بِحَيْثُ يمْتَنع من تحري الْإِصَابَة وَيمْتَنع كل وَاحِد من المناضلين من الْكَلَام الَّذِي يغِيظ بِهِ صَاحبه مثل أنة يفتخر ويتبجح بالإصابة ويعنف صَاحبه على الْخَطَأ أَو يظْهر لَهُ أَنه يُعلمهُ وَيمْنَع من ذَلِك من حضرهم من الْأمين وَالشُّهُود والنظارة

فصل

فِي الجلب وَالْجنب

روى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَا جلب وَلَا جنب يَوْم الرِّهَان

وَفِي الْمسند من حَدِيث ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا جلب وَلَا جنب وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام وَفِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب

ص: 412

أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَه لَهُ يَا عَليّ قد جعلت إِلَيْك هَذِه السبقة بَين النَّاس فَخرج عَليّ فَدَعَا سراقَة بن مَالك فَقَالَ يَا سراقتة إِنِّي قد جعلت إِلَيْك مَا جعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي عنقِي من هَذِه السبقة فِي عُنُقك فَإِذا أتيت الميطان قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن والميطان مرسلها من الْغَايَة فَصف الْخَيل ثمَّ نَاد هَل من مصلح للجام أَو حَامِل لغلام أَو طارح لجل فَإِذا لم يجبك أحد فَكبر ثَلَاثًا ثمَّ خلها عِنْد الثَّالِثَة يسْعد الله بسبقه من شَاءَ من خلقه

فَكَانَ عَليّ رضي الله عنه يقْعد عِنْد مُنْتَهى الْغَايَة ويخط خطا وَيُقِيم رجلَيْنِ مُتَقَابلين عِنْد طرفِي الْخط طرفه بَين إبهامي أرجلهما وتمر الْخَيل بَين الرجلَيْن وَيَقُول

إِذا خرج أحد الفرسين على صَاحبه بِطرف أُذُنَيْهِ أَو أذن أَو

ص: 413

عذرا فاجعلوا السبقة لَهُ فَإِن شككتما فاجعلا سبقهما نِصْفَيْنِ فَإِن قرنتم ثِنْتَيْنِ فاجعلوا الْغَايَة من غَايَة أَصْغَر الثِّنْتَيْنِ وَلَا جلب وَلَا جنب وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام

وَقد تقدم الْكَلَام فِي معنى الجلب وَالْجنب وَاخْتِلَاف شرَّاح الحَدِيث فِيهِ وَنحن نذْكر كَلَام الْفُقَهَاء فِيهِ

كَلَام الْفُقَهَاء فِي الجلب وَالْجنب

فَقَالَ الْخرقِيّ فِي مُخْتَصره

وَلَا يجوز إِذا أرسل الفرسان أَن يجنب أَحدهمَا إِلَى فرسه فرسا يحرضه على الْعَدو وَلَا يَصِيح بِهِ فِي وَقت سباقه وَذكر الحَدِيث

ص: 414

واكثر الْفُقَهَاء على هَذَا الَّذِي قَالَه

وَقَالَ القَاضِي مَعْنَاهُ أَن يجنب فرسا يتَحَوَّل عَلَيْهِ عِنْد الْغَايَة لكَونه أقل كلالا وإعياء قَالَ ابْن الْمُنْذر كَذَا قيل

قَالَ الشَّيْخ

وَلَا أَحسب هَذَا يَصح لِأَن الْفرس الَّتِي يسابق عَلَيْهَا لَا بُد من تعينها فَإِن كَانَت الَّتِي تحول عَنْهَا فَمَا حصل السَّبق بهَا وَإِن كَانَت الَّتِي يتَحَوَّل إِلَيْهَا فَمَا حصلت الْمُسَابقَة بهَا فِي جَمِيع الحلبة وَمن شَرط السباق ذَلِك وَلِأَن هَذَا مَتى احْتَاجَ إِلَى التَّحَوُّل والاشتغال بِهِ فَرُبمَا سبق باشتغاله لَا بِسُرْعَة غَيره وَلِأَن الْمَقْصُود معرفَة عَدو الْفرس فِي الحلبة كلهَا فَمَتَى كَانَ إِنَّمَا تَركه فِي آخر الحلبة فَمَا حصل الْمَقْصُود

وَأما الجلب فو أَن يتبع الرجل فرسه من يرْكض خَلفه ويجلب عَلَيْهِ ويصيح وَرَاءه يستحثه بذلك على الْعَدو

وَهَكَذَا فسره مَالك وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب

وَفَسرهُ بعض الْفُقَهَاء بِأَنَّهُ هُوَ أَن يَصِيح بفرسه وَقت السباق ويجلب عَلَيْهِ

وَفِيه نظر لِأَنَّهُ لَا يمْنَع من ضربه وَلَا نخسه بالمهماز وَغَيره مَا

ص: 415

يحرضه على الْعَدو هَكَذَا لَا يمْنَع من صياحه عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا ظلما لِأَن الآخر يفعل بفرسه هَكَذَا

وَالله أعلم بِمُرَاد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيث وَهُوَ مُحْتَمل الْأَمريْنِ

وَعَن أبي عبيد فِي تَفْسِير الحَدِيث رِوَايَتَانِ احدهما كَقَوْل مَالك وَالثَّانيَِة أَن معنى الجلب أَن يحْشر السَّاعِي أَي أهل الْمَاشِيَة ليصدقهم قَالَ

قَالَ فَلَا يفعل بل يَأْتِيهم على مِيَاههمْ فيصدقهم وَالتَّفْسِير الأول تَفْسِير الْأَكْثَرين وَيدل عَلَيْهِ قَوْله فِي الرِّهَان وَهَذَا يبطل تَفْسِيره بالجلب فِي الصَّدَقَة وَأَيْضًا فالجنب لَا يعقل فِي الصَّدَقَة وَأَيْضًا فَفِي حَدِيث عَليّ الْمُتَقَدّم فِي السباق لَا جلب وَلَا جنب وَأَيْضًا فَحَدِيث ابْن عَبَّاس يرفعهُ

ص: 416

من أجلب على الْخَيل يَوْم الرِّهَان فَلَيْسَ منا ذكره صَاحب الْمُغنِي وَلَا أعرف من خرجه

فصل

صور بذل الْعِوَض فِي المسابقات

إِذا قَالَ رجل لآخر ارْمِ هَذَا السهْم فَإِن أصبته فلك دِرْهَم أَو أجب فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِن أصبت فلك كَذَا أَو احفظ هَذَا الْكتاب وَلَك كَذَا وَكَذَا صَحَّ وَكَانَ جعَالَة مَحْضَة لَيْسَ من عقد السباق فِي شَيْء وَقد بذلا مَالا فِي فعل لَهُ فِيهِ غَرَض صَحِيح لِأَن السباق إِنَّمَا يكون بَين اثْنَيْنِ فَصَاعِدا وَيكون الْجعل للسباق لصَاحبه

فَإِن قَالَ إِن أصبت فلك دِرْهَم وَإِن اخطأت فَعَلَيْك دِرْهَم لم

ص: 417

يَصح لِأَنَّهُ قمار

وَكَذَا إِن قَالَ إِن حفظته فلك مئة وَإِن عجزت عَنهُ فَعَلَيْك مئة لم يَصح

فَإِن قَالَ ارْمِ عشرَة أسْهم أَو أجب فِي هَذِه الْمسَائِل الْعشْر فَإِن كَانَ صوابك أَكثر من خطئك فلك دِرْهَم صَحَّ لِأَنَّهُ بذل الْجعل فِي مُقَابلَة الْإِصَابَة الْمَعْلُومَة وَهِي اكثر الْعشْر وَلَيْسَ ذَلِك بِمَجْهُول

وَكَذَا لَو قَالَ إِن كَانَ صوابك أَكثر فلك بِكُل إِصَابَة دِرْهَم صَحَّ ذَلِك

وَلَو قَالَ لَك بِكُل إِصَابَة دِرْهَم صَحَّ وَلم يشْتَرط أَن تكون إصاباته اكثر وَلَا مُسَاوِيَة

وَلَو قَالَ إِن أصبتها فلك بِكُل إِصَابَة دِرْهَم صَحَّ فَلَو أصَاب تِسْعَة مِنْهَا لم يسْتَحق شَيْئا وَلَو قَالَ الرَّامِي لأَجْنَبِيّ إِن أَخْطَأت أَنا فِي هَذَا السهْم فلك دِرْهَم أَو إِن أَخْطَأت فِي الْجَواب عَن هَذِه الْمَسْأَلَة فلك دِرْهَم لم يَصح لِأَن الْجعل يكون فِي مُقَابلَة عمل وَلم يجد من الْأَجْنَبِيّ عمل

الْحِنْث فِي نذر اللجاج وَأَحْكَامه عِنْد الْأَئِمَّة

فَلَو قَالَ إِن أَخْطَأت فعلي نذر دِرْهَم أَو فَمَا فِي يَدي صَدَقَة

ص: 418

أَو فعلي صَوْم شهر أَو عتق رَقَبَة فَهُوَ نذر يَمِين وَيُسمى نذر اللجاج وَالْغَضَب إِذا كَانَ قَصده أَن لَا يكون الشَّرْط وَلَا الْجَزَاء

وَقد اخْتلف فِي مُوجبه عِنْد الْحِنْث على ثَلَاثَة أَقْوَال وَهِي للشَّافِعِيّ أَحدهَا لُزُوم الْوَفَاء بِمَا الْتَزمهُ كَائِنا مَا كَانَ وَهَذَا مَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة فِي أشهر الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ الثَّانِي تعْتَبر كَفَّارَة الْيَمين لَا يجْزِيه غَيرهَا وَهُوَ رِوَايَة فِي مَذْهَب أَحْمد الثَّالِث يُخَيّر بَين الْتِزَام مَا الْتَزمهُ وَبَين كَفَّارَة الْيَمين وَهُوَ الْمَشْهُور فِي مَذْهَب أَحْمد وَالشَّافِعِيّ فَإِن أَوجَبْنَا الْكَفَّارَة فوفى بنذره فَهَل تسْقط الْكَفَّارَة فِيهِ وَجْهَان لأَصْحَاب الشَّافِعِي وَغلط أَبُو الْمَعَالِي وَغَيره من قَالَ بسقوطها وَلَيْسَ

ص: 419

بغلط بل هُوَ الصَّوَاب قطعا فَإِن الْكَفَّارَة إِنَّمَا تجب بِالْحِنْثِ فَإِن وفى بنذره لم يَحْنَث فَلَا يبْقى لوَجَبَ الْكَفَّارَة وَجه

فَإِن قيل مُوجب هَذَا العقد الْكَفَّارَة قُلْنَا نعم غَايَته أَنه يَمِين وموجبها الْكَفَّارَة عِنْد الْحِنْث وَلَا يَحْنَث مَعَ الْبر يُوضحهُ أَنه لَو حلف على ذَلِك بِاللَّه سبحانه وتعالى وبر لم تلْزمهُ الْكَفَّارَة فَلَو قَالَ وَالله إِن فعلت كَذَا وَكَذَا تَصَدَّقت ثمَّ فعله وَتصدق لم تلْزمهُ الْكَفَّارَة

فصل

تعْيين القسي فِي النضال

إِذا عينا نوعا من القسي تعين وَلَا يجوز الْعُدُول عَنهُ إِلَى غَيره إِلَّا باتفاقهما وَإِن عينا قوسا بعيها لم تتَعَيَّن وَيجوز إبدالها بغَيْرهَا من نوعها

وَالْفرق بَينهمَا أَن أَحدهمَا قد يكون أحذق بِالرَّمْي بِأحد النَّوْعَيْنِ دون الآخر فَلَا يقوم النَّوْع الآخر مقَام النَّوْع الْمعِين بِخِلَاف تعْيين الْقوس من النَّوْع الآخر الْوَاحِد

وَأَيْضًا فَإِن الْقوس الْمعينَة قد تنكسر أَو يحْتَاج إِلَى إبدالها

وَأَيْضًا فالحذق لَا يخْتَلف باخْتلَاف عين الْقوس بِخِلَاف

ص: 420