الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبقتني فلك كَذَا وَيكرهُ أَن يَقُول إِن سبقتك فَعَلَيْك كَذَا فَيجوز أَن يكون باذلا وَيكرهُ أَن كَون طَالبا متقاضيا وَهَذَا مَذْهَب إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَعِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس وَجَمَاعَة من أَصْحَاب عبد الله بن مَسْعُود قَالَ إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب السَّعْدِيّ فِي كِتَابه (المترجم) حَدثنَا أَبُو صَالح أخبرنَا أَبُو إِسْحَاق عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم قَالَ (كَانَ عَلْقَمَة لَهُ برذون يراهن عَلَيْهِ فَقلت لإِبْرَاهِيم كَيفَ كَانُوا يصنعون قَالَ أَن الرجل يَقُول لَو سبقتني فلك كَذَا وَكَذَا وَلَا يَقُول إِن سبقتك فلي كَذَا وَكَذَا وَإِن سبقتني فلك كَذَا وَكَذَا) وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب السَّبق لَهُ أخبرنَا حَمْزَة بن الْعَبَّاس أخبرنَا عَليّ بن سُفْيَان أَن عبد الله بن الْمُبَارك عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم قَالَ (لم يَكُونُوا يرَوْنَ بَأْسا أَن يَقُول إِن سبقتني فلك كَذَا وَكَذَا ويكرهون أَن يَقُول إِن سبقتك فَعَلَيْك كَذَا وَكَذَا)
فصل
(القَوْل بِأَن الْجعل فِي السَّبق من بَاب مَكَارِم الْأَخْلَاق لَا من بَاب الْحُقُوق ورده)(و) قَالَت طَائِفَة أُخْرَى بذل السَّبق من مَكَارِم الْأَخْلَاق فَلَا يقْضِي
عَلَيْهِ بِهِ القَاضِي إِذا غلب وَلَا يجْبرهُ عَلَيْهِ كَمَا يقْضِي عَلَيْهِ بِمَا يلْزمه من الْحُقُوق وَالْأَمْوَال وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة الْعدة إِن (شَاءَ) وفى بهَا وَإِلَّا لم يجْبر على الْوَفَاء قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ (إِذا قَالَ إِن سبقتك فلي كَذَا وَكَذَا فَإِن القَاضِي لَا يجْبرهُ على أَن يُعْطِيهِ) وَقَالَ عبد الله بن الْمُبَارك أخبرنَا يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سباق الرَّمْي مَا يحل مِنْهُ قَالَ مَا كَانَ عَن طبي نفس لَا يتقاضاه صَاحبه وَهَذَا الْمَذْهَب فِيهِ أَمْرَانِ أَحدهمَا أَن أربابه كَرهُوا أَن يكون الرجل باذلا متقاضيا كأصحاب الْمَذْهَب الَّذِي قبله الثَّانِي أَنهم جعلُوا الْجعل فِيهِ من بَاب مَكَارِم الْأَخْلَاق لَا بِمن بَاب الْحُقُوق الَّتِي (يجب) إيفاؤها كالوعد عِنْد من لم يُوجب الْوَفَاء بِهِ وَأَصْحَاب الْمَذْهَب الَّذِي قبله كَرهُوا أَن يكون أَن يكون الرجل باذلا متقاضيا لِأَنَّهُ إِذا كَانَ باذلا كَانَ كمن بذل مَاله لما فِيهِ مَنْفَعَة للْمُسلمين وَهُوَ مُلْحق بالجعالة الَّتِي يعم نَفعهَا وَإِذا كَانَ متقاضيا طَالبا كرهوه لِأَنَّهُ كلب أكل مَال غَيره على وَجه يعود نَفعه إِلَى باذل المَال. وَهَذَا بِخِلَاف الآخر إِذا بذل لَهُ الْمخْرج من غير طلب مِنْهُ جَازَ لَهُ أَخذه إِذْ لَا يلْزم لايلزم من كَرَاهَة أكله على وَجه الطّلب (مَا يلْزم من) كَرَاهَة
بذله وَلَا كَرَاهَة أكله إِذا جَاءَ من غير طلب وَمن أَرْبَاب هَذَا الْمَذْهَب من صرح بِأَنَّهُ إِنَّمَا يجوز أكل السَّبق إِذا لم يُؤْخَذ بِهِ رهن وَلَا يلْزم بِهِ باذله وَإِنَّمَا يكون تَبَرعا مَحْضا قَالَ ابْن وهب أَخْبرنِي يحيى بن أَيُّوب عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ إِذا سبق الرجل فِي الرَّمْي فَلَا بَأْس مَا لم يكن جَزَاء وَاحِدَة بِوَاحِدَة أَو يُؤْخَذ بِهِ رهن أَو يلْزم بِهِ صَاحبه قَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كِتَابه حَدثنِي يَعْقُوب بن عبيد ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة أنبأ أَن وهب (فَذكره) فَهَذَا القَوْل يَقْتَضِي أَنه لم يَجْعَل الْعِوَض فِيهِ لَازِما قطّ وَقد اشْترط فِيهِ أَن لَا يكون جَزَاء وَاحِدَة بِوَاحِدَة وَهَذَا يشبه أَن يكون المُرَاد بِهِ التسبيق من الْجَانِبَيْنِ وَهَذَا من أضيق الْمذَاهب وَهُوَ مَذْهَب أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابه (تَهْذِيب الْآثَار) (وَإِذا امْتنع الْمَسْبُوق من أَدَاء السَّبق إِلَى السَّابِق أَو الْفَاضِل فَإِنَّهُ لَا يجْبر على أَدَاء ذَلِك إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يسْتَحقّهُ عوضا على معتاض عَنهُ وَلَا ألزمهُ الله بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ عدَّة فَحسب وَمن جميل الْأَخْلَاق الْوَفَاء بِهِ فَإِن شح بِالْوَفَاءِ بِهِ لم يقْض عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا خلاف بَين الْجَمِيع أَن رجلا لَو وعد رجلا هبة شَيْء من مَاله مَعْلُوم ثمَّ لم يَفِ لَهُ بِشَيْء أَنه لَا يقْضى عَلَيْهِ بِهِ ثمَّ أورد على نَفسه سؤالا فَقَالَ (فَإِن قيل كَيفَ خص النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِإِجَازَة السَّبق فِيمَا أجَاز ذَلِك فِيهِ إِن
كَانَ مَا يخرج مِنْهُ على غير وجوب وَحقّ يلْزم فِي مَال الْمخْرج والهبات جَائِزَة على السَّبق وَغَيره وأجب عَنهُ بِأَن قَالَ خُصُوص جَوَاز السَّبق فِيمَا خص ذَلِك مِنْهُ لم يكن لإلزامه للسبق وَإِنَّمَا ذَلِك لكَونه على وَجه اللَّهْو دون سَائِر الملاهي (غَيره) لَا على أَن مَا وعد بِهِ المسبق الْوَفَاء بِهِ فمأخوذ بِهِ على كل حَال وَحجَّة هَذَا القَوْل أَن بذل المَال فِي الْمُسَابقَة تبرع كالوعد وَلَا يلْزم الْوَفَاء بِهِ بل يسْتَحبّ فَإِن الْبَاذِل لم يبْذل مُعَاوضَة فَإِنَّهُ لم يرجع ليه عوض مَا بذله لَهُ من المَال وَإِنَّمَا هُوَ عَطِيَّة وتبرع لمن يسْبق فَهُوَ كَمَا لَو وعد من يسْبق إِلَى حفظ سُورَة أَو بَاب من الْفِقْه بِشَيْء من المَال قَالُوا والتبرعات ينْدب إِلَى الْوَفَاء بهَا وَلَا يقْضى عَلَيْهِ بِهِ وَإِذا أورد على هَؤُلَاءِ تَخْصِيص النَّبِي صلى الله عليه وسلم الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة بِالسَّبقِ دون غَيره كَانَ جوابهم أَن التَّخْصِيص بِالثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَة بِكَوْنِهَا من الْحق فالسبق فِيهَا إِعَانَة على الْحق كإعانة الْحَاج والصائم والغازي على حجه وصومه وغزوه فبذل المَال فِيهَا بذل على حق وَطَاعَة بِخِلَاف غَيرهَا وعَلى قَول هَؤُلَاءِ فَلَا حَاجَة إِلَى مُحَلل أصلا لِأَن باذل المَال يبذله لمن كَانَ أقوى على طَاعَة الله فَأَيّهمَا غلب أَخذه كَمَا يذكر عَن الشَّافِعِي أَنه كَانَ يسْأَل بعض أَهله عَن الْمَسْأَلَة وَيَقُول من أجَاب فِيهَا أَعْطيته درهما وَهَذَا كَقَوْل الإِمَام من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه وَمن جَاءَ