الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُرُوط العقد على الْإِصَابَة
وَالنَّوْع الثَّانِي العقد على الْإِصَابَة وَله شُرُوط
أَحدهمَا تعْيين الرُّمَاة لِأَن الْمَقْصُود عين الرَّامِي وَمَعْرِفَة حذقه وإصابته لَا معرفَة حذق رام مَا فَلَو تعاقد متراميان على أَن مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا ثَلَاثَة أَو اثْنَيْنِ أَو وَاحِدًا يَرْمِي مَعَه غير معِين لم يجز ذَلِك
وَلَا يشْتَرط تعْيين القوسين وَلَا تعْيين السِّهَام وَلَا عينهَا لم تتَعَيَّن وَجَاز إبدالها لِأَن الْقَصْد معرفَة الحذق لَا معرفَة الْقوس ومنفعته
وَأما [فِي] الْخَيل فَيشْتَرط معرفَة المركوبين بِالتَّعْيِينِ دون الراكبين لِأَن الْمَقْصُود معرفَة عَدو الْفرس لَا سوق راكبها
فعلى هَذَا أَن شرطا أَن لَا يَرْمِي [بغَيْرهَا أَعنِي] بِغَيْر هَذَا الْقوس أَو بِغَيْر هَذَا السهْم أَو لَا يركب غير هَذَا الرجل لم يَصح الشَّرْط وَلم يتَعَيَّن عَلَيْهِ ذَلِك
الثَّانِي أَن يكون القوسان من نوع وَاحِد وجنس وَاحِد فَلَا يَصح عقد السباق بَين قَوس يَد وقوس رجل وَلَا بَين قوسين عَرَبِيَّة وقوس فارسية فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وَفِي الآخر يجوز بَين النَّوْعَيْنِ دون الجنسين والوجهان لأَصْحَاب الشَّافِعِي وَأحمد
وَنَظِير هَذَا الِاخْتِلَاف فِي الْمُسَابقَة بَين الْعَرَبِيّ والهجين وَبَين البختي والعربي من الْإِبِل فَإِن فِيهِ وَجْهَيْن لأَصْحَاب أَحْمد وَالْجَوَاز اخْتِيَار القَاضِي وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي
الثَّالِث تَحْدِيد الْمسَافَة والغاية بِمَا جرت بِهِ الْعَادة فِي النضال والسباق لِأَن الْغَرَض معرفَة أسبقهما وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا بتساويهما فِي الْمسَافَة لِأَن أَحدهمَا قد يكون مقصرا فِي أول عدوه سَرِيعا فِي انتهائه وَبِالْعَكْسِ فَيحْتَاج إِلَى غَايَة تجميع حالتيه وَمن الْخَيل مَا هُوَ أَصْبِر والقارح أَصْبِر من غَيره وَلِهَذَا فضل النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْقرح فِي الْغَايَة
فَإِن استبقا بِغَيْر غَايَة لينْظر أَيهمَا يقف أَولا لم يجز لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنه لَا يقف أَحدهمَا حَتَّى يَنْقَطِع فرسه فيتعذر الحكم للْآخر بِالسَّبقِ كَمَا لَو مَاتَ فرس الآخر أَو انْكَسَرَ
وَكَذَلِكَ [أَيْضا] يشْتَرط معرفَة مدى الرَّمْي إِمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ والرؤية وَإِمَّا بالذرعان لِأَن الْإِصَابَة تخْتَلف بِالْقربِ والبعد
وَيجوز أَن يجعلا غَايَة مَا يتفقان عَلَيْهِ إِلَّا أَن يجعلا مَسَافَة بعيدَة تتعذر الْإِصَابَة فِي مثلهَا غَالِبا - وَهُوَ مَا زَاد على ثَلَاث مئة ذِرَاع -[فَلَا يَصح لِأَن] الْغَرَض يفوت بذلك وَقد قيل إِنَّه مَا رمى فِي أَربع مئة ذِرَاع إِلَّا عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ رضي الله عنه
هَذَا كَلَام أَصْحَاب أَحْمد
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ من أَصْحَاب الشَّافِعِي إِذا كَانَت الْمسَافَة مئتين وَخمسين ذِرَاعا جَازَ وَإِن زَادَت على ثَلَاث مئة وَخمسين لم يجز وَفِيهِمَا بَينهمَا وَجْهَان وَهَذَا التَّقْدِير لَيْسَ مَعَهم بِهِ نَص من الإِمَام وَلَا دَلِيل من [جِهَة] الشَّرِيعَة
وَقَالَ الخراسانيون مِنْهُم إِن كَانَت الْمسَافَة تقرب الْإِصَابَة فِيهَا
صَحَّ تَعْيِينهَا وَإِن تَعَذَّرَتْ الْإِصَابَة [فِيهَا لم يَصح وَإِن كَانَت بِحَيْثُ يقطعهَا السهْم وتندر الْإِصَابَة] فَوَجْهَانِ
قلت وَهَذَا أقرب إِلَى الصَّوَاب فَإِنَّهُم إِذا جوزوا تقديرها بِثَلَاث مئة وَخمسين ذِرَاعا أَو بِثَلَاث مئة وَلم يجوزوا الرَّمْي على الْبعد بل على الْإِصَابَة لم تحصل الْإِصَابَة فِي هَذِه الْمسَافَة إِلَّا اتِّفَاقًا وَكلما بَعدت الْمسَافَة عزت الْإِصَابَة وَلِهَذَا رمي الْغَرَض لَا يكون إِلَّا مَعَ مَسَافَة يُمكن فِيهَا الْإِصَابَة غَالِبا وَهَذِه ثَلَاثَة قَصِيرَة وطويلة ومتوسطة وَلِهَذَا يَبْتَدِئ المتعلم بالقريب ثمَّ بالمتوسط ثمَّ بالبعيد فَالَّذِي يُصِيب مَا جرت بِهِ الْعَادة فِي الثَّلَاثَة بِنِبَالٍ الثَّلَاثَة هُوَ الرَّامِي حَقِيقَة
الرَّابِع أَن يكون الْعِوَض مَعْلُوما وَيجوز أَن يكون معينا وموصوفا وَأَن يكون حَالا ومؤجلا وَأَن يكون من جنس وَمن أَجنَاس وَأَن يكون بعضه حَالا وَبَعضه مُؤَجّلا
الْخَامِس أَن يكون مَقْدُورًا على تَسْلِيمه فَلَو جعله عبدا آبقا أَو فرسا شاردا أَو جَوْهَرَة فِي الْبَحْر أَو طيرا فِي الْهَوَاء يحصله لَهُ لم يجز لِأَن ذَلِك كُله غرر وَلَا يجوز أَن يكون مورد الشَّيْء من عُقُود الْمُعَاوَضَات