الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
تعْيين الْقوس فِي النضال
فَإِن تناضلا على أَن يَرْمِي أَحدهمَا بِالْقَوْسِ الْعَرَبيَّة وَالْآخر بِالْفَارِسِيَّةِ أَو أَحدهمَا بقوس الزَّيْتُون وَالْآخر بقوس الجرخ وَكِلَاهُمَا قَوس رجل صَحَّ عِنْد القَاضِي وَالشَّافِعِيّ كَمَا تقدم وَإِن كَانَ أَحدهمَا قَوس يَد وَالْآخر قَوس رجل لم يَصح
وَالْفرق بَينهمَا أَن فِي الصُّورَة الأولى هما نَوْعَانِ من جنس وَاحِد وَصحت الْمُسَابقَة مَعَ اختلافها كاختلاف أَنْوَاع الْخَيل وَالْإِبِل وَفِي الثَّانِيَة هما جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فَلَا يَصح النضال بَينهمَا كَمَا لَا تصح الْمُسَابقَة بَين فرس وجمل
فصل
إِطْلَاق العقد
وَإِذا اطلق عقد النضال وَلَهُم عَادَة بِنَوْع من القسي صَحَّ
وَانْصَرف العقد بِإِطْلَاقِهِ إِلَيْهِ وَإِن اخْتلفت عَادَتهم فَإِن كَانَ فِيهَا غَالب حمل العقد على النَّوْع الْغَالِب وَإِن اسْتَوَت فَلَا بُد من تعْيين النَّوْع ليرتفع النزاع بَينهم
فَإِن قَالَا على أَن نرمي بالنشاب انْصَرف ذَلِك إِلَى الْقوس الفارسية وَهِي قسي الْعَسْكَر الْيَوْم لِأَن النشاب اسْم لسهامها الْخَاصَّة
وَإِن قَالَا نرمي بِالنَّبلِ انْصَرف إِلَى الْقوس الْعَرَبيَّة لِأَن سهامها هِيَ الْمُسَمَّاة بِالنَّبلِ
هَذَا إِذا لم يكن شَرط وَلَا عَادَة مطردَة أَو غالبة
فصل
جَوَاز الْمُسَابقَة بالقسي الفارسية
وَقد نَص الإِمَام أَحْمد على جَوَاز الْمُسَابقَة بالقسي الفارسية وأباح الرَّمْي بهَا
وَقَالَ أَبُو بكر من أَصْحَابنَا يكره الرَّمْي بهَا وَاحْتج بِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رأى مَعَ رجل قوسا فارسية فَقَالَ
ألقها فَإِنَّهَا ملعونة وَلَكِن عَلَيْكُم بالقسي الْعَرَبيَّة وبرماح القنا فبها يُؤَيّد الله الدّين وَيُمكن الله لكم فِي الأَرْض
وَالصَّوَاب الْمَقْطُوع بِهِ أَنه لَا يكره الرَّمْي بهَا وَلَا النضال عَلَيْهَا وَقد
انْعَقَد إِجْمَاع الْأمة على إِبَاحَة الرَّمْي بهَا وَحملهَا وَهِي الَّتِي يَقع بهَا الْجِهَاد فِي هَذِه الْأَعْصَار وَبهَا يكسر الْعَدو وَبهَا يعز الْإِسْلَام ويرعب الْمُشْركُونَ
وَالْمَقْصُود نصْرَة الدّين وَكسر اعدائه لَا عين الْقوس وجنسها وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة} [الْأَنْفَال: 60] وَالرَّمْي بِهَذِهِ القسي من الْقُوَّة الْمعدة
وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ارموا واركبوا وَأَن ترموا أحب إِلَيّ من أَن تركبوا
وَلم يخص نوعا من نوع وَلَيْسَ هَذَا الْخطاب مُخْتَصًّا بالصحابة بل هُوَ لَهُم فَافْهَم وللأمة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَهُوَ أَمر لكل طَائِفَة بِمَا اعتادوه من الرَّمْي والقسي
وَالْأَحَادِيث الَّتِي تقدّمت فِي فضل الرَّمْي وتبليغ الْعَدو بِالسِّهَامِ عَامَّة فِي كل نوع فَلَا يدعى فِيهَا التَّخْصِيص بِغَيْر مُوجب
وَأما النَّهْي عَنْهَا ف إِن صَحَّ نَقله فَذَاك فِي وَقت مَخْصُوص وَهُوَ حِين كَانَت الْعَرَب هم عَسْكَر الْإِسْلَام وقسيهم الْعَرَبيَّة فكلامهم بِالْعَرَبِيَّةِ ودواتهم عَرَبِيَّة وفروسيتهم عَرَبِيَّة وَكَانَ الرَّمْي بِغَيْر قسيهم وَالْكَلَام بِغَيْر لسانهم حِينَئِذٍ تشبها بالكفار من الْعَجم وَغَيرهم
ف أما فِي هَذِه الْأَزْمَان فقسي عَسَاكِر الْإِسْلَام الفارسية أَو
التركية وَكَلَامهم وأدواتهم وفروسيتهم بِغَيْر الْعَرَبيَّة فَلَو كره لَهُم ذَلِك وَمنعُوا مِنْهُ فَسدتْ الدُّنْيَا وَالدّين وتعطل سوق الْجِهَاد وَاسْتولى الْكفَّار على الْمُسلمين هَذَا من أبطل الْبَاطِل
فَإِن صَحَّ الْخَبَر فالنبي صلى الله عليه وسلم لعنها وَأمر بإلقائها حِين لم يُمكن الْعَجم وَالتّرْك قد أَسْلمُوا فِيهِ كَانَت شعارا للْكفَّار وَالْمُشْرِكين أَو منع الرجل من حملهَا لعدم مَعْرفَته بهَا وتكلفه الرَّمْي بهَا وَالْخُرُوج عَن عَادَته وَعَادَة أهل الْإِسْلَام حِينَئِذٍ وَلِهَذَا قَالَ وَعَلَيْكُم برماح القنا فَلَو قاتلنا أمة لَا تَنْفَع مَعَهم الرماح بل السِّهَام وَالسُّيُوف لم تسْتَعْمل الرماح حِينَئِذٍ وَاسْتعْمل مَعَهم مَا يخَافُونَ شوكته من السِّلَاح
وَمن هَذَا لَو حاصرنا حصنا فقوس الجرخ فِيهِ أَنْفَع من قَوس الْيَد لَكَانَ الرَّمْي بقوس الجرخ أولى من الرَّمْي بقوس الْيَد بل كَانَ يتَعَيَّن فَإِن كَانَ الرَّمْي بالمنجنيق أدعى إِلَى فَتحه كَانَ أولى من النشاب وَحده وَالْكَافِر عَدو وَالْمَقْصُود قَتله كَيْفَمَا أمكن كَقَتل الْحَيَّة وَالْكَلب الْعَقُور
فلك طَائِفَة من الْمُسلمين الْأَفْضَل فِي حَقّهَا أَن تقَاتل بِمَا اعتادته من القسي والآلات وأنواع الْحَرْب والقتال
وَلَو كَانَت عَسَاكِر الْإِسْلَام الْيَوْم تقَاتل بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِهَذِهِ القسي الفارسية وينصر الله وَرَسُوله بهَا لمدحها وَأثْنى عَلَيْهَا وَلم ينهاهم عَنْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
فصل
فِيمَا يعرف بِهِ السَّبق فِي الْخَيل وَالْإِبِل
الِاعْتِبَار فِي ابْتِدَاء الميدان بالأقدام لَا بِرَأْس وَلَا كتف فَيتَعَيَّن تَسَاوِي أَقْدَام المركوبين
وَأما فِي انتهائه فَاخْتلف الْفُقَهَاء فِي ذَلِك وَللشَّافِعِيّ ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا أَنه بالأعناق وَالثَّانِي أَنه بالأقدام الثَّالِث أَنه بالأعناق فِي الْخَيل وبالاخفاف بِالْإِبِلِ هَذِه طَريقَة الخراسانين من أَصْحَابه
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ إِن تفاوتت الْأَعْنَاق فَلَا عِبْرَة بهَا وَإِن تَسَاوَت فَهِيَ مَحل الْأَقْوَال الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي إِن تفاوتت الْخَيل فِي مد أعناقها حَال الجري وَجب النّظر إِلَى الطول وَالْقصر وَإِن كَانَ أحد الفرسين يمد عُنُقه وَالْآخر يرفعهُ فَفِيهِ الْأَقْوَال الثَّلَاثَة وَإِن اسْتَويَا فِي مد الْعُنُق فَإِن اعْتبرنَا الْقدَم لم ينظر إِلَى العناق وَإِن اعْتبرنَا الْعُنُق اتجه اشْتِرَاط تَسَاوِي الْأَعْنَاق
وَلَا يخفى مَا فِي هَذِه الطَّرِيقَة من الضعْف وَعدم شَهَادَة نُصُوص الشَّافِعِي لَهَا بِالِاعْتِبَارِ
وَأما أَصْحَاب أَحْمد فَلهم ثَلَاث طرق أَحدهَا أَن السَّبق فِيهَا بالكتف وَهَذِه طَريقَة أبي البركات ابْن تَيْمِية وَغَيره وَالثَّانيَِة أَن السَّبق فِي الْإِبِل بالكتف وَأما الْخَيل فَإِن تَسَاوَت أعناقها فبالرأس وَإِن تفاوتت فبالكتف وَهَذِه طَريقَة الشَّيْخ أبي مُحَمَّد وَغَيره
وَالثَّالِثَة أَن السَّبق فِي الْجَمِيع بالأقدام وَهَذِه اخْتِيَار شَيخنَا أبي الْعَبَّاس بن تَيْمِية وَهِي الَّتِي اخْتَارَهَا أَبُو عبد الله بن حمدَان فِي رعايته وَهِي الصَّحِيحَة الْمَقْطُوع بهَا اعْتِبَارا بِأول الميدان واعتبارا بمسابقة بني آدم على الْأَقْدَام وَلِأَن أحد الفرسين قد يكون أمد جسما من الْأُخْرَى فَمَا اللسبق والكتف وَالرَّأْس وَإِنَّمَا جريها وعملها على أَقْدَامهَا فَكيف يحكم لمن سبقت يداها وَتَقَدَّمت بالتأخر إِذا تقدّمت عَلَيْهَا كتف الْأُخْرَى أَو رَأسهَا وَهل هَذَا إِلَّا جعل الْمَسْبُوق سَابِقًا وَالسَّابِق مَسْبُوقا
وَمن الْمَعْلُوم أَن أحد الفرسين أَو البعيرين إِذا تقدم قدمه على الآخر كَانَ سَابِقًا لَهُ بِنَفس آلَة السباق فَلَا مدْخل فِي ذَلِك لرأس وَلَا كتف
وَلَعَلَّ قَول الثَّوْريّ إِن السَّبق فِي ذَلِك كُله بالأذن أمثل من اعْتِبَار الرَّأْس والكتف وَهُوَ الَّذِي جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فلي حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه وَقد تقدم بِخِلَاف الرَّأْس والكتف فَإِنَّهُ لم
يحفظ فِيهِ أثر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا عَن أَصْحَابه وَالظَّاهِر أَن عَادَتهم كَانَت اعْتِبَار السَّبق بالأقدام فَاعْلَم كمسابقة بني آدم وَلَا يعقل اسْم السَّبق إِلَّا بذلك فَلَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى نقل صَرِيح لعدم التباسه واطراد الْعَادة بِهِ وَالله أعلم
فصل
ذكر أَنْوَاع السِّلَاح ومنافعه والتفضيل بَين أَنْوَاعه
فصل فِي أَنْوَاع القسي
وَهِي فِي الأَصْل نَوْعَانِ قَوس يَد وقوس رجل
وقوس الْيَد ثَلَاثَة أَصْنَاف عَرَبِيَّة وفارسية وتركية
والعربية نَوْعَانِ
فَمِنْهَا الحجازية يصنعنها من عود النبع أَو الشوحط وَهِي قضيب أَو قضيبان ويسمونها شريحية وَالَّتِي من عود وَاحِد عِنْدهم أَجود قَالَ شَاعِرهمْ