المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أوجه تفضل الرمي بالنشاب على ركوب الخيل وذكر منفعته وتأثيره ونكايته في العدو - الفروسية المحمدية - ت مشهور

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌تحمدة وتقدمة

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بالأقدام

- ‌مسابقة الصَّحَابَة على الْأَقْدَام بَين يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مصارعته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بَين الْخَيل

- ‌فصل

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بَين الْإِبِل

- ‌فصل

- ‌تناضل الصَّحَابَة بِالرَّمْي بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مراهنة الصّديق للْمُشْرِكين بِعِلْمِهِ وإذنه صلى الله عليه وسلم

- ‌هَل الْمُرَاهنَة على الْمسَائِل الَّتِي فِيهَا ظُهُور أَعْلَام الْإِسْلَام وأدلته وبراهينه مَمْنُوعَة

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بالأقدام بعوض وَبلا عوض

- ‌فصل

- ‌الصراع بِالرَّهْنِ وَبلا رهن

- ‌السباحة بِالرَّهْنِ وَبلا رهن

- ‌المشابكة بِالْأَيْدِي

- ‌الْأَدِلَّة وَالتَّرْجِيح

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بَين الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير وَالْبَقر وَالْحمام والسفن

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بَين الْإِبِل والفيل

- ‌فصل

- ‌النضال بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وإذنه فِيهِ

- ‌كتاب عمر رضي الله عنه لعتبة بن فرقد وَشَرحه

- ‌فصل

- ‌فَوَائِد النضال

- ‌فصل

- ‌أَيْمَان الرُّمَاة لَغْو لَا كَفَّارَة فِيهَا

- ‌فصل

- ‌فضل الْمَشْي بَين الغرضين وَمن مَشى بَينهمَا من السّلف الصَّالح

- ‌فصل

- ‌المفاضلة بَين ركُوب الْخَيل وَرمي النشاب

- ‌وُجُوه تَفْضِيل سبق الْخَيل على الرَّمْي

- ‌المُرَاد بقوله تَعَالَى {وَالْعَادِيات ضَبْحًا}

- ‌عودة إِلَى وُجُوه تَفْضِيل سبق الْخَيل على سبق الرَّمْي

- ‌النَّهْي عَن تَقْلِيد الْخَيل الأوتار وَمَعْنَاهُ

- ‌فصل

- ‌أوجه تفضل الرَّمْي بالنشاب على ركُوب الْخَيل وَذكر منفعَته وتأثيره ونكايته فِي الْعَدو

- ‌فضل النزاع بَين تَفْضِيل الرَّمْي على ركُوب الْخَيل وَالْعَكْس

- ‌فصل

- ‌رميه صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْكَرِيمَة

- ‌فصل

- ‌طعنه صلى الله عليه وسلم بالحربة

- ‌فصل

- ‌فضل الرماح

- ‌الْأَشْيَاء الَّتِي تظهر فِيهَا الفروسية

- ‌أوجه الشّبَه بَين الجلاد بِالسَّيْفِ والجدال بِالْحجَّةِ

- ‌فروسية الْعلم وَالْبَيَان وفروسية الرَّمْي والطعان

- ‌فصل الرِّهَان على الْغَلَبَة بِالرُّمْحِ

- ‌فصل

- ‌ركُوب النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْفرس عُريَانا وتقلده بِالسَّيْفِ وورود ذَلِك فِي صفته فِي الْكتب الأولى

- ‌فصل

- ‌أَحْكَام الرِّهَان فِي الْمُسَابقَة وصوره الْمُتَّفق عَلَيْهَا والمختلف فِيهَا

- ‌فصل

- ‌أَدِلَّة المجوزين للتراهن من غير مُحَلل

- ‌فصل

- ‌أَدِلَّة الْقَائِلين بِاشْتِرَاط الْمُحَلّل

- ‌لم يشْتَرط مُسلم فِي مُقَدّمَة صَحِيحه مَا شَرطه فِي صَحِيحه

- ‌التَّفْرِقَة بَين من أخرج لَهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَبَين مَا أخرج لَهُ فِي الشواهد والمتابعات

- ‌تساهل التِّرْمِذِيّ فِي التوثيق الصَّحِيح

- ‌تَصْحِيح الْحَاكِم

- ‌تَصْحِيح ابْن حزم

- ‌لَيْسَ كل مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند وَسكت عَنهُ يكون صَحِيحا عِنْده وأمثلة على ذَلِك

- ‌من أصُول مَذْهَب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل

- ‌كتاب أبي مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي فَضَائِل مُسْند أَحْمد وخصائصه وَتعقبه

- ‌فصل

- ‌شُرُوط الحَدِيث الصَّحِيح

- ‌طَبَقَات أَصْحَاب أبي حنيفَة

- ‌طَبَقَات أَصْحَاب الشَّافِعِي

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌أَنْوَاع المناضلة

- ‌شُرُوط العقد على الْإِصَابَة

- ‌فصل

- ‌تعدد السِّهَام وَعدم تعددها

- ‌فِي تحزب الرُّمَاة

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌المفاضلة بَين قَوس الْيَد وقوس الرجل

- ‌‌‌فصلالنزاع بَين الطَّائِفَتَيْنِ

- ‌فصل

- ‌فِي أَنْفَع القسي وأولاها بِالِاسْتِعْمَالِ

- ‌فصل

- ‌أَنْفَع قسي الْيَد

- ‌فصل

- ‌فِي الْمُفَاخَرَة بَين قَوس الْيَد وقوس الرجل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌مَا يحْتَاج إِلَيْهِ المتعلم

- ‌فِي آدَاب الرَّمْي وَمَا يَنْبَغِي للرامي أَن يعتمده

- ‌فصل

- ‌فِي الْخِصَال الَّتِي بهَا كَمَال الرَّمْي

- ‌فصل

- ‌فِي النكاية

- ‌فصل فِي جمل من أسرار الرَّمْي ذكرهَا الطَّبَرِيّ فِي كِتَابه

- ‌فصل فِي الْقيام وَالْجُلُوس

- ‌فصل أوجه الْجُلُوس فِي الرَّمْي

- ‌فصل مُشْتَمل على فُصُول من طب الرَّمْي وعلاج علله وآفاته

- ‌فصل مِنْهَا

- ‌ذكر مَا يصلح بِهِ هَذِه الْآفَات

- ‌فصل فِي استرخاء قَبْضَة الشمَال وَمَا يلْزمه

- ‌فصل فِي آفَة عقر السبابَة من الْيَد الْيُمْنَى وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة مس الْوتر لإذن الرَّامِي ولحيته وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة كسر ظفر الْإِبْهَام فِي العقد وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة لُحُوق السبابَة عِنْد الْإِطْلَاق وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة رد السهْم وَقت الْإِطْلَاق

- ‌فصل فِي آفَة الكزازة وَمَا يزيلها

- ‌فصل فِي آفَة ضرب سية الْقوس الأَرْض عِنْد الْإِطْلَاق

- ‌‌‌فصلفِي عِلّة كسر فَوق السهْم وعلاجه

- ‌فصل

- ‌فصل [أَنْوَاع تَحْرِيك السهْم]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم من أول خُرُوجه إِلَى حِين وُقُوعه]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم عِنْد توَسط المدى]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم آخرا إِن لم يَتَحَرَّك أَولا]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم أَولا فَإِذا توَسط استد]

- ‌فصل فِي عقر الْإِبْهَام بِالسَّهْمِ وَقت الْجَرّ وعلاجه

- ‌[فصل فِي] ذكر أَرْكَان الرَّمْي الْخَمْسَة وَصفَة كل وَاحِد مِنْهَا وَالِاخْتِلَاف

- ‌ذكر العقد ووجوهه

- ‌فصل [منشأ السرعة والبعد عِنْد الرُّمَاة]

- ‌فصل [أَنْوَاع تركيب السبابَة على الْإِبْهَام]

- ‌فصل [لَا يَنْبَغِي للرامي أَن يقلم أظافر يَده الْيُمْنَى]

- ‌فصل فِي القفلة بالأصابع الثَّلَاث من الْيَد الْيُمْنَى

- ‌ذكر الْمَدّ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذكر النّظر وَأَحْكَامه

- ‌فصل [النّظر من الدَّاخِل]

- ‌فصل [أوجه النّظر من الْخَارِج]

- ‌فصل فِي ميزَان النّظر

- ‌فصل [المفاضلة بَين أهل التربيع وَأهل التحريف]

- ‌فصل فِي ميزَان آخر

- ‌[فصل فِي] ذكر الاطلاق ووجوهه

- ‌فصل فِي مر السهْم على الْيَد

- ‌ذكر [سَبَب] ارْتِفَاع السهْم فِي الجو ونزوله وسداده

- ‌فصل فِي مدح الْقُوَّة والشجاعة وذم الْعَجز والجبن

- ‌فصل

- ‌فصل [الْفرق بَين الشجَاعَة وَالْقُوَّة]

- ‌فصل فِي مَرَاتِب الشجَاعَة والشجعان

- ‌فصل [الْأُمُور المترتبة على الشجَاعَة]

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌أوجه تفضل الرمي بالنشاب على ركوب الخيل وذكر منفعته وتأثيره ونكايته في العدو

من تقلد وترا فَإِن مُحَمَّدًا مِنْهُ بَرِيء

‌فصل

‌أوجه تفضل الرَّمْي بالنشاب على ركُوب الْخَيل وَذكر منفعَته وتأثيره ونكايته فِي الْعَدو

وَذَهَبت طَائِفَة ثَانِيَة إِلَى أَن الرَّمْي أفضل من الرّكُوب وتعلمه أفضل من تعلمه والسباق بِهِ أفضل وَاحْتج هَذِه الْفرْقَة بِوُجُوه مِنْهَا

أَحدهمَا أَن الله سُبْحَانَهُ قدم الرَّمْي فِي الذّكر [على الرّكُوب] فَقَالَ

{وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل} [الْأَنْفَال: 60]

وَثَبت عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه فسر الْقُوَّة بِالرَّمْي وَالْعرب إِنَّمَا تبدأ فِي كَلَامهَا بالأهم وَالْأولَى قَالَ سِيبَوَيْهٍ

ص: 135

كَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يقدمُونَ الَّذِي بَيَانه أهم لَهُم وهم ببيانه أعنى وَإِن كَانَا جَمِيعًا يهمانهم ويعنيانهم هَذَا لَفظه

الثَّانِي أَنه سمى الرَّمْي قُوَّة وَعدل عَن لَفظه وسمى رِبَاط الْخَيل بِلَفْظِهِ وَلم يعدل إِلَى غَيره إِشَارَة إِلَى مَا فِي الرماية من النكاية وَالْمَنْفَعَة

الثَّالِث أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أخبر أَن الرَّمْي أحب إِلَيْهِ من الرّكُوب فَدلَّ على أَنه أفضل مِنْهُ فَفِي سنَن أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عقبَة بن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

إِن الله ليدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد ثَلَاثَة نفر الْجنَّة صانعه الْمُحْتَسب فِي عمله الْخَيْر والرامي بِهِ والممد بِهِ فارموا واركبوا وَأَن ترموا أحب إِلَيّ من أَن تركبوا

الرَّابِع أَن الرَّمْي مِيرَاث من إِسْمَاعِيل الذَّبِيح صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مر بِنَفر ينتضلون فَقَالَ

ارموا بني اسماعيل فَإِن أَبَاكُم كَانَ راميا

الْخَامِس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دخل مَعَ الْفَرِيقَيْنِ مَعًا فِي النضال وَلم يدْخل مَعَ الْفَرِيقَيْنِ فِي سباق الْخَيل فَدلَّ على فضل الرُّمَاة [والرماية] فَأَرَادَ أَن يحوز فضل الْفَرِيقَيْنِ وَأَن لَا يفوتهُ مِنْهُ شَيْء

ص: 136

السَّادِس أَنه صَحَّ عَنهُ من الْوَعيد فِي نِسْيَان الرَّمْي مَا لم يَجِيء مثله فِي ترك الرّكُوب فَفِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث عقبَة بن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

من تعلم الرَّمْي ثمَّ تَركه فَلَيْسَ منا (أَو قد عصى)

وَعند الطَّبَرَانِيّ عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اله صلى الله عليه وسلم

من تعلم الرَّمْي ثمَّ نَسيَه فَهِيَ نعْمَة سلبها

ص: 137

وَقَالَ عبد الله بن الْمُبَارك حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر قَالَ أَخْبرنِي أَبُو سَلام قَالَ حَدثنِي خَالِد بن زيد عَن عقبَة بن عَامر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول

من نسي الرَّمْي بَعْدَمَا علمه فَإِنَّهَا نعْمَة كفرها (أَو تَركهَا)

السَّابِع أَن رمي السهْم يعدل عتق رَقَبَة كَمَا فِي سنَن أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول

من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَهُوَ عدل مُحَرر

ص: 138

قَالَ التِّرْمِذِيّ

حَدِيث حسن صَحِيح

وَفِي لفظ النَّسَائِيّ

من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله بلغ الْعَدو أَو لم يبلغ كَانَ لَهُ عتق رَقَبَة

وَقَالَ عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن أَسد بن ودَاعَة عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول

ص: 139

من أعتق رَقَبَة مُؤمنَة أعتق الله بِكُل عُضْو مِنْهُ عضوا مِنْهُ من النَّار وَمن رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله وَبلغ الْعَدو فَأصَاب أَو أَخطَأ كَانَ لَهُ عتق رَقَبَة

الثَّامِن أَنه دَرَجَة من الْجنَّة كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي عوَانَة عَن الْأَعْمَش عَن عَمْرو بن مرّة عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الطَّائِف

قَاتلُوا فَمن بلغ بِسَهْم فَإِنَّهَا دَرَجَة أما إِنَّهَا لَيست بِدَرَجَة أبي أحدكُم وَلَا أمه وَلكنهَا دَرَجَة فِي الْجنَّة

ص: 140

وَذكر من حَدِيث سعيد بن بشير عَن قَتَادَة عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن معدان بن أبي طَلْحَة عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ محاصر الطَّائِف

من رمى بِسَهْم فَلهُ دَرَجَة فِي الْجنَّة فبلغت سِتَّة عشر سَهْما وَقَالَ من بلغ بِسَهْم فَهُوَ عدل رَقَبَة وَذكر أَبُو يَعْقُوب القراب من حَدِيث الْأَعْمَش عَن عَمْرو بن مرّة عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من بلغ بِسَهْم فَلهُ دَرَجَة فِي الْجنَّة

قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا الدرجَة

ص: 141

قَالَ مَا بَين الدرجتين خمس مئة عَام

التَّاسِع أَنه نور يَوْم الْقِيَامَة كَمَا رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو يَعْقُوب القراب فِي كتاب فضل الرَّمْي من حَدِيث مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة قَالَ رَأَيْت أَبَا عمْرَة الْأنْصَارِيّ وَكَانَ بَدْرِيًّا أحديا وَهُوَ يتلوى من الْعَطش ثمَّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول

من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَبلغ أَو قصر كَانَ ذَلِك السهْم نورا يَوْم الْقِيَامَة

قَالَ أَبُو يَعْقُوب وروينا بروايات مُخْتَلفَة أَكثر من عشرَة يطول بِذكر أسانيدهم الْكتاب عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله كَانَ لَهُ نورا تَاما

ص: 142

الْعَاشِر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دعاة للرماة قَالَ لسعد بن أبي وَقاص

الله سدد رميته وأجب دَعوته

فَكَانَ لَا يُخطئ لَهُم سهم وَكَانَ مجاب الدعْوَة

الْحَادِي عشر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فدى الرُّمَاة بِأَبِيهِ وَأمه فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ قَالَ سعد بن مَالك

نثل لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كِنَانَته يَوْم أحد فَقَالَ (ارْمِ فدَاك أبي

ص: 143

وَأمي)

وَفِي لفظ لَهما

جمع لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبَوَيْهِ يَوْم أحد

وَفِي صَحِيح مُسلم عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه

أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم جمع لَهُ أَبَوَيْهِ يَوْم أحد قَالَ كَانَ رجل من الْمُشْركين أحرق الْمُسلمين فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ارْمِ فدَاك أبي وَأمي قَالَ فنزعت لَهُ بِسَهْم لَيْسَ فِيهِ نصل فَأَصَبْت جنبه فَسقط وانكشفت عَوْرَته فَضَحكت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى نظرت إِلَى نَوَاجِذه

الثَّانِي عشر للماشي بَين الغرضين بِكُل خطْوَة حَسَنَة كَمَا روى الطَّبَرَانِيّ فِي كتاب فضل الرَّمْي من حَدِيث عَليّ بن زيد عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

من مَشى بَين الغرضين كَانَ لَهُ بِكُل خطْوَة حَسَنَة

الثَّالِث عشر: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ من حرصه على الرَّمْي يناول الرَّامِي

ص: 144

السهْم مَا لَهُ نصل يَرْمِي بِهِ وَكَانَ الرُّمَاة وقاية لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا ذكر ابْن إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي من حَدِيث سعد أَنه رمى يَوْم أحد دون رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ سعد

وَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يناولني السهْم وَيَقُول ارْمِ فدَاك أبي وَأم حَتَّى أَنه ليناولني السهْم السهْم مَا لم نصل فأرمي بِهِ

الرَّابِع عشر أَنه من فَضَائِل الْقوس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يخْطب وَهُوَ متوكئ عَلَيْهَا

وَيذكر عَن أنس قَالَ

مَا ذكرت الْقوس عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا قَالَ (مَا سبقها سلَاح إِلَى خير قطّ)

وَيذكر أَن جِبْرِيل جَاءَ يَوْم بدر وَهُوَ متقلد قوسا عَرَبِيَّة

الْخَامِس عشر إِن فِي الْقوس خَاصَّة وَهِي أَنَّهَا تَنْفِي الْفقر عَن

ص: 145

صَاحبهَا وَقد ورد بذلك أثر فِي إِسْنَاده نظر ذكره أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ فِي كتاب فضل الرَّمْي من حَدِيث الرّبيع بن صبيح عَن الْحسن عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ

من اتخذ قوسا عَرَبِيَّة نفى الله عَنهُ الْفقر

السَّادِس عشر أَن بالقسي مكن الله الصَّحَابَة فِي الْبِلَاد ونصرهم على عدوهم كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عويم بن سَاعِدَة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَشَارَ إِلَى الْقوس الْعَرَبيَّة وَقَالَ

بِهَذِهِ وبرماح القنا يُمكن الله لكم الْبِلَاد وينصركم على عَدوكُمْ

وروى ابْن مَاجَه نَحوه عَن عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه مَرْفُوعا

السَّابِع عشر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم حرضهم عِنْد فتح الْبِلَاد عَلَيْهِم على اللَّهْو بِالسِّهَامِ كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن عقبَة بن عَامر

ص: 146

قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول

ستفتح لكم الأَرْض وتكفون الْمُؤْنَة فَلَا يعجز أحدكُم أَن يلهو بأسهمه

الثَّامِن عشر أَن مَنْفَعَة الرَّمْي ونكايته فِي الْعَدو فَوق مَنْفَعَة سَائِر آلَات الْحَرْب فكمم من سهم وَاحِد هزم جَيْشًا وَإِن الرَّامِي الْوَاحِد ليتحاماه الفرسان وترعد مِنْهُ أبطال الرِّجَال

هَذَا وَإِن السهْم تُرِيدُ ترسله إِلَى عَدوك فيكفيك مُؤْنَته على الْبعد وَقد علم بالتجربة أَن الرَّامِي الْوَاحِد إِذا كَانَ جيد الرَّمْي فَإِنَّهُ يَأْخُذ الفئة من النَّاس الَّذين لَا رامي مَعَهم ويطردهم جَمِيعًا وَلِهَذَا عِنْد أَرْبَاب الحروب إِن كل سهم مقَام رجل فَإِذا كَانَ مَعَ الرجل مئة سهم عد بمئة رجل والخصم يخَاف من النشاب أَضْعَاف خَوفه من السَّيْف وَالرمْح وَإِذا كَانَ راجل وَاحِد رام أمكنه أَن يَأْخُذ مئة فَارس لَا رامي فيهم ويغلبهم ومئة فَارس لَا يغلبُونَ راميا وَاحِدًا وَلِهَذَا ألْقى الله من الرعب لصَاحب الرَّمْي [عِنْد] خشخشة النشاب والجعبة مَا لم يلقه لصَاحب السَّيْف وَالرمْح وَهَذَا

ص: 147

مَعْلُوم بِالْمُشَاهَدَةِ حَتَّى أَن الْألف ليفزعون من رام وَاحِد وَلَا يكادون يفزعون من ضَارب سيف وَاحِد فصوت الرَّامِي الْمجِيد فِي الْجَيْش خير من فِئَة كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم

صَوت أبي طَلْحَة فِي الْجَيْش خير من فِئَة

ص: 148

وَكَانَ أَبُو طَلْحَة من أحسن الصَّحَابَة رميا وأشدهم نزعا وَفِي الصَّحِيح أَنه

لما كَانَ يَوْم أحد انهزم النَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَلْحَة بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مجوب عَلَيْهِ بحجفة مَعَه وَكَانَ أَبُو طَلْحَة رجلا راميا شَدِيد النزع وَكسر يَوْمئِذٍ قوسين أَو ثَلَاثًا وَكَانَ الرجل يمر بالجعبة فِيهَا النبل فَيَقُول انثرها لأبي طَلْحَة ويشرف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَينْظر إِلَى الْقَوْم فَيَقُول لَهُ أَبُو طَلْحَة لَا تشرف يصيبك سهم من سِهَام الْقَوْم نحري دون نحرك

وَفِي لفظ آخر

لَا تشرف يَا رَسُول الله نَفسِي لنَفسك الْفِدَاء ووجهي لوجهك الوقاء

ص: 149

وَقَالَ أنس

كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَلْحَة [يترسان] بترس وَاحِد وَكَانَ أَبُو طَلْحَة إِذا رمى يشرف لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إِلَى مواقع سَهْمه

التَّاسِع عشر أَن الرَّمْي يعْمل فِي الْجِهَات كلهَا فَيعْمل فِي وَجه الْعُلُوّ والسفل وَالْيَمِين وَالشمَال وَخلف وأمام على الْبعد وَغَيره لَا يبلغ عمله ذَلِك وَلَا بعضه وَلَا يُؤثر إِلَى مَعَ الْقرب

الْعشْرُونَ أَن الرَّمْي يصلح للكسب وَالْحَرب فيصاد بِهِ الطير والوحش وَهُوَ يصلح لتَحْصِيل الْمَنَافِع ولدفع المضار وَهُوَ أعظم الْآلَات تحصيلا لهذين الْأَمريْنِ وَإِن كَانَ غير الرَّامِي قد يحصل بِهِ ذَلِك إِلَّا أَن الْحَاصِل مِنْهُ بِالرَّمْي أكمل وَأتم فَهَذَا بعض مَا احْتج بِهِ الْفَرِيقَانِ

قَالَ شيخ الْإِسْلَام

وَقد رُوِيَ أَن قوما كَانُوا يتناضلون فَقيل يَا رَسُول الله قد حضرت الصَّلَاة فَقَالَ إِنَّهُم فِي صَلَاة فَشبه رمي النشاب بِالصَّلَاةِ وَكفى

ص: 150