الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفوق أَسْفَل من ذيل الْقوس فَإِذا مد وَاسْتوْفى وَقعت شدَّة الغمز فِي الْإِطْلَاق تَحت الفوق فَلَا بُد لصدر السهْم من أَن يرْتَفع يَسِيرا بِالضَّرُورَةِ فارتفع صَدره يَسِيرا هُوَ الَّذِي أكسبه ذَلِك الِارْتفَاع الْكثير فِي طَرِيق سيره
وَهَذَا وَاضح وَالله أعلم
فصل فِي مدح الْقُوَّة والشجاعة وذم الْعَجز والجبن
قَالَ الله تَعَالَى {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل} [الْأَنْفَال 60]
وَقَالَ تَعَالَى فِي حق الْمُؤمنِينَ {أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم} [الْفَتْح 29]
وَقَالَ فيهم {أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين} [الْمَائِدَة 54]
وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا تهنوا فِي ابْتِغَاء الْقَوْم} [النِّسَاء 104] أَي لَا تضعفوا
وَقَالَ {وَلَا تهنوا وَلَا تحزنوا وَأَنْتُم الأعلون إِن كُنْتُم مُؤمنين} [آل عمرَان 139]
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ
الْمُؤمن الْقوي خير وَأحب إِلَى الله من الْمُؤمن الضَّعِيف وَفِي [كل] خير أحرص على مَا ينفعك واستعن بِاللَّه وَلَا تعجز
وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتَعَوَّذ [بِاللَّه] من الْجُبْن
والجبن خلق مَذْمُوم عِنْد جَمِيع الْخلق وَأهل الْجُبْن هم أهل سوء الظَّن بِاللَّه وَأهل الشجَاعَة والجود هُوَ أهل حسن الظَّن بِاللَّه كَمَا قَالَ بعض الْحُكَمَاء فِي وَصيته
عَلَيْكُم بِأَهْل السخاء والشجاعة فَإِنَّهُم أهل حسن الظَّن بِاللَّه والشجاعة جنَّة للرجل من المكاره والجبن إِعَانَة مِنْهُ لعَدوه على نَفسه فَهُوَ جند وَسلَاح يُعْطِيهِ عدوه ليحاربه [بِهِ]
و [قد] قَالَت الْعَرَب الشجَاعَة وقاية والجبن مقتلة وَقد أكذب الله سُبْحَانَهُ أطماع الْجُبَنَاء فِي ظنهم أَن جبنهم ينجيهم من الْقَتْل وَالْمَوْت فَقَالَ [الله] تَعَالَى: {قل لن ينفعكم الْفِرَار إِن فررتم من الْمَوْت أَو الْقَتْل} [الْأَحْزَاب 16]
وَلَقَد أحسن الْقَائِل [هُوَ قطري بن الْفُجَاءَة الساري]
(أَقُول لَهَا وَقد طارت شعاعا
…
من الْأَبْطَال وَيحك لن تراعي)
(فَإنَّك لَو سَأَلت بَقَاء يَوْم
…
على الْأَجَل الَّذِي لَك لن تطاعي)
(فصبرا فِي مجَال الْمَوْت صبرا
…
فَمَا نيل الخلود بمستطاع)
(وَمَا ثوب الْحَيَاة بِثَوْب عز
…
فيطوي عَن أخي الخنع اليراع)
(سَبِيل الْمَوْت غَايَة كل حَيّ
…
وداعيه لأهل الأَرْض دَاعِي)
(وَمن لم يعتبط يسام ويهرم
…
وتسلمه الْمنون إِلَى انْقِطَاع)
(وَمَا للمرء خير فِي حَيَاة
…
إِذا مَا عد من سقط الْمَتَاع)
وَاعْتبر ذَلِك [فِي معارك الحروب] بِأَن من يقتل مُدبرا أَكثر مِمَّن يقتل مُقبلا
وَفِي وَصِيَّة أبي بكر الصّديق بن الْوَلِيد
احرص على الْمَوْت توهب لَك الْحَيَاة
وَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد
حضرت كَذَا وَكَذَا زحفا فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَمَا فِي جَسَدِي مَوضِع إِلَّا وَفِيه طعنة بِرُمْح أَو ضَرْبَة بِسيف وَهَا أَنا [ذَا] أَمُوت على فِرَاشِي فَلَا نَامَتْ أعين الْجُبَنَاء
وَلَا ريب عِنْد كل عَاقل أَن اسْتِقْبَال الْمَوْت إِذا جَاءَك خير من استدباره [وَالله أعلم وَقد بَين هَذَا حسان بن ثَابت قَائِلا]
(ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا
…
وَلَكِن على أقدامنا تقطر الدما)
وَقَالَ آخر [محققا هَذَا الْمَعْنى] :
(مُحرمَة أكفال خيلي على القنا
…
ودامية لباتها ونحورها)
(حرَام على أرماحنا طعن مُدبر
…
وتندق مِنْهَا فِي الصُّدُور صدورها)
وَكَانُوا يفتخرون بِالْمَوْتِ على غير فرَاش وَلما بلغ عبد الله بن الزبير قتل أَخِيه مُصعب قَالَ
إِن يقتل فقد قتل أَخُوهُ وَأَبوهُ وَعَمه إِنَّا [وَالله] لَا نموت حتف أنفنا [و] لَكِن حتفنا بِالرِّمَاحِ وَتَحْت ظلال السيوف [ثمَّ تمثل بقول الْقَائِل]
(وَإِنَّا لتستحلي المنايا نفوسنا
…
وتترك أُخْرَى مرّة مَا تذوقها)
[وَفِي مثل هَذَا يَقُول السموأل من كادياء وَهُوَ فِي الحماسة]
(وَمَا مَاتَ منا سيد فِي فرَاشه
…
وَلَا طل منا حَيْثُ كَانَ قَتِيل)
(تسيل على حد الظبات نفوسنا
…
وَلَيْسَت على غير الظبات تسيل)
(وَإِنَّا لقوم لَا نرى الْقَتْل سبه
…
إِذا مَا رَأَتْهُ عَامر وسلول)
(إِذا قصرت أسيافنا كَانَ وَصلهَا
…
خطانا إِلَى اعدائنا فتطول)
وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر [بن الْحُسَيْن الْخُزَاعِيّ]
(لست لريحان وَلَا رَاح
…
وَلَا على الْجَار بتياح)
(فَإِن أردْت الْآن لي موقعا
…
فَبين أسياف وأرماح)
(ترى فَتى تَحت ظلال القنا
…
يقبض أرواحا بأرواح)
وَلَو لم يكن فِي الشجَاعَة إِلَّا أَن الشجاع يرد صيته واسْمه عَنهُ أَذَى الْخلق ويمنعهم من الْإِقْدَام عَلَيْهِ لكفى بهَا شرفا وفضلا كَمَا قَالَ عَمْرو ابْن براقه [وَكَانَ فاتكا مَشْهُورا بالاقدام والثبات]
(كَذبْتُمْ وَبَيت الله لَا تأخذونها
…
مراغمة مَا دَامَ للسيف قَائِم)
(مَتى تجمع الْقلب الذكي وصارما
…
وأنفا حميا تجتنبك الْمَظَالِم)
وَقَالَ تأبط شرا [الفاتك العداء واسْمه ثَابت]
(قَلِيل التشكي للمهم يُصِيبهُ
…
كثير الْهوى شَتَّى النَّوَى والمسالك)
(يبيت بموماة ويضحي بِمِثْلِهَا
…
جحيشا ويعروري ظُهُور المهالك)
(ويسبق وَفد الرّيح من حَيْثُ تنتحي
…
بمنخرق من شدَّة المتدارك)
(إِذا حَاص عَيْنَيْهِ كرى النّوم لم يزل
…
لَهُ كالىء من قلب شيحان فاتك)
(إِذا هزه فِي عظم قرن تهللت
…
نواجذ أَفْوَاه المنايا الضواحك)
وَقَالَ أَبُو سعيد المَخْزُومِي وَكَانَ شجاعا [مَوْصُوفا بذلك]
(وَمَا يُرِيد بَنو الأغيار من رجل
…
بالجمر مكتحل بِاللَّيْلِ مُشْتَمل)
(لَا يشرب المَاء إِلَّا من قليب دم
…
وَلَا يبيت لَهُ جَار على وَجل)