الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(يجوز أَن يكون السَّبق من أحد المتسابقين أَو من كليهمَا أَو من ثَالِث)
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى يجوز أَن يكون السَّبق من احدهما وَمن كليهمَا وَمن ثَالِث وَيقْضى بِهِ إِذا امْتنع الْمَسْبُوق من بذله لَكِن إِن كَانَ مِنْهُمَا لم يجز إِلَّا بِمحل لَا يخرج شَيْئا
وَهَذَا مَذْهَب أَحْمد وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَالْأَوْزَاعِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب وَالزهْرِيّ وَابْن الْمَوَّاز من الْمَالِكِيَّة ودخوله ليحلل السَّبق لَهما وعَلى هَذَا إِذا اشْترك هُوَ وَأَحَدهمَا فِي سبق الآخر كَانَ بَينهمَا وَإِن انْفَرد بسبقهما أحرز السبقين وَأَن سبقاه لم يأخذا مِنْهُ شَيْئا وَإِن جاؤوا مَعًا أحرز كل وَاحِد سبقه وَلَا شَيْء لمحلل
وَقد تقدّمت حجَّة هَؤُلَاءِ وَالْكَلَام عَلَيْهَا
فصل
فَسَاد القَوْل بِأَن الْمُحَلّل دخل ليحل السَّبق لنَفسِهِ لَا للمتسابقين
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى مثل هَذَا إِلَّا أَنهم قَالُوا إِنَّمَا دخل الْمُحَلّل ليحل السَّبق لنَفسِهِ لَا لَهما
وَهَذَا قَول مَالك على قَوْله بالمحلل فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتِيَار أبي عَليّ بن خيران من الشَّافِعِيَّة وَحَكَاهُ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ قولا للشَّافِعِيّ
وعَلى قَول هَؤُلَاءِ إِذا سبق أَحدهمَا ثمَّ جَاءَ الآخر بعده ثمَّ الْمُحَلّل أحرز السَّابِق سبق نَفسه خَاصَّة دون سبق الآخر فَإِنَّهُ لَا يحرزه فَإِن الْمُحَلّل لم يدْخل لأَجله هُوَ وَإِنَّمَا دخل ليحل السَّبق لنَفسِهِ وَلَا يحرزه الْمُحَلّل أَيْضا لِأَنَّهُ لم يسْبق فَيبقى على ملك صَاحبه
وَهَذَا فَاسد فَإِن صَاحبه مَسْبُوق فَكيف يسلم وَهُوَ مَسْبُوق وَأي فَائِدَة حصلت للسابق وَكَيف يُؤْخَذ مَاله إِن غلب وَلَا يَأْخُذ مَال صَاحبه إِن غَلبه
فَإِن سبق الْمُحَلّل وَأحد المخرجين للثَّالِث أحرز السَّابِق سبق نَفسه وَكَانَ سبق الآخر للمحلل وَحده عِنْد هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دخل ليحل السَّبق لنَفسِهِ إِذا جَاءَ سَابِقًا وَقد سبق الثَّالِث
وَهَذَا فَاسد ايضا فَإِن الأول قد سبق هَذَا الآخر ايضا واشترك هُوَ والمحلل فِي سبقه فَكيف ينْفَرد الْمُحَلّل بسبقه مَعَ اشتراكه هُوَ وَالْأول فِي سبقه وَمَعْلُوم أَن هَذَا لَيْسَ (من) مُوجب العقد وَالشّرط وَلَا مُوجب الشَّرْع ومقتضيات الْعُقُود تتلقى تَارَة من الشَّارِع وَتارَة من الْمُتَعَاقدين وَهَذَا لم يتلق لَا من الشَّارِع وَلَا من الْعَاقِد وَإِن سبق الْمُحَلّل ثمَّ جَاءَ أحد المخرجين بعده ثمَّ الثَّالِث بعدهمَا أحرز الْمُحَلّل السبقين على الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا هوا الصَّحِيح (قَولَانِ لبَعض الشَّافِعِيَّة وكشف فسادهما) وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى من الشَّافِعِيَّة سبق الثَّالِث بَين الْمُحَلّل وَالثَّانِي نِصْفَيْنِ وَسبق الثَّانِي يخْتَص بِهِ الْمُحَلّل (دون) الثَّانِي لِأَن الْمُحَلّل وَالثَّانِي قد اشْتَركَا فِي سبق الثَّالِث فيشتركان فِي سبقه وَقد انْفَرد الْمُحَلّل فِي سبق الثَّانِي فَيخْتَص (ب) سبقه وَهَذَا وهم (أَيْضا) لِأَن الْمُحَلّل قد سبقهما وَالثَّانِي مَسْبُوق (ف) كَيفَ يُشَارك السَّابِق وَقَوْلهمْ قد اشْتَركَا هُوَ والمحلل فِي سبق الثَّالِث غير مُسلم فَإِن السَّبق الَّذِي حصل للْأولِ لم يشركهُ فِيهِ غَيره بل انْفَرد بِهِ وَسبق الثَّانِي ملغي بسبق الأول فَسبق الثَّانِي مُقَيّد الأول مُطلق فَهُوَ السَّابِق حَقِيقَة وَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم بل يكون سبق الثَّالِث للثَّانِي وَحده
وَهَذَا أفسد من الأول وَكَأن قَائِل هَذَا القَوْل رأى أَن الثَّانِي لما كَانَ