المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب أبي موسى المديني في فضائل مسند أحمد وخصائصه وتعقبه - الفروسية المحمدية - ت مشهور

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌تحمدة وتقدمة

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بالأقدام

- ‌مسابقة الصَّحَابَة على الْأَقْدَام بَين يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مصارعته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بَين الْخَيل

- ‌فصل

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بَين الْإِبِل

- ‌فصل

- ‌تناضل الصَّحَابَة بِالرَّمْي بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مراهنة الصّديق للْمُشْرِكين بِعِلْمِهِ وإذنه صلى الله عليه وسلم

- ‌هَل الْمُرَاهنَة على الْمسَائِل الَّتِي فِيهَا ظُهُور أَعْلَام الْإِسْلَام وأدلته وبراهينه مَمْنُوعَة

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بالأقدام بعوض وَبلا عوض

- ‌فصل

- ‌الصراع بِالرَّهْنِ وَبلا رهن

- ‌السباحة بِالرَّهْنِ وَبلا رهن

- ‌المشابكة بِالْأَيْدِي

- ‌الْأَدِلَّة وَالتَّرْجِيح

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بَين الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير وَالْبَقر وَالْحمام والسفن

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بَين الْإِبِل والفيل

- ‌فصل

- ‌النضال بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وإذنه فِيهِ

- ‌كتاب عمر رضي الله عنه لعتبة بن فرقد وَشَرحه

- ‌فصل

- ‌فَوَائِد النضال

- ‌فصل

- ‌أَيْمَان الرُّمَاة لَغْو لَا كَفَّارَة فِيهَا

- ‌فصل

- ‌فضل الْمَشْي بَين الغرضين وَمن مَشى بَينهمَا من السّلف الصَّالح

- ‌فصل

- ‌المفاضلة بَين ركُوب الْخَيل وَرمي النشاب

- ‌وُجُوه تَفْضِيل سبق الْخَيل على الرَّمْي

- ‌المُرَاد بقوله تَعَالَى {وَالْعَادِيات ضَبْحًا}

- ‌عودة إِلَى وُجُوه تَفْضِيل سبق الْخَيل على سبق الرَّمْي

- ‌النَّهْي عَن تَقْلِيد الْخَيل الأوتار وَمَعْنَاهُ

- ‌فصل

- ‌أوجه تفضل الرَّمْي بالنشاب على ركُوب الْخَيل وَذكر منفعَته وتأثيره ونكايته فِي الْعَدو

- ‌فضل النزاع بَين تَفْضِيل الرَّمْي على ركُوب الْخَيل وَالْعَكْس

- ‌فصل

- ‌رميه صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْكَرِيمَة

- ‌فصل

- ‌طعنه صلى الله عليه وسلم بالحربة

- ‌فصل

- ‌فضل الرماح

- ‌الْأَشْيَاء الَّتِي تظهر فِيهَا الفروسية

- ‌أوجه الشّبَه بَين الجلاد بِالسَّيْفِ والجدال بِالْحجَّةِ

- ‌فروسية الْعلم وَالْبَيَان وفروسية الرَّمْي والطعان

- ‌فصل الرِّهَان على الْغَلَبَة بِالرُّمْحِ

- ‌فصل

- ‌ركُوب النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْفرس عُريَانا وتقلده بِالسَّيْفِ وورود ذَلِك فِي صفته فِي الْكتب الأولى

- ‌فصل

- ‌أَحْكَام الرِّهَان فِي الْمُسَابقَة وصوره الْمُتَّفق عَلَيْهَا والمختلف فِيهَا

- ‌فصل

- ‌أَدِلَّة المجوزين للتراهن من غير مُحَلل

- ‌فصل

- ‌أَدِلَّة الْقَائِلين بِاشْتِرَاط الْمُحَلّل

- ‌لم يشْتَرط مُسلم فِي مُقَدّمَة صَحِيحه مَا شَرطه فِي صَحِيحه

- ‌التَّفْرِقَة بَين من أخرج لَهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَبَين مَا أخرج لَهُ فِي الشواهد والمتابعات

- ‌تساهل التِّرْمِذِيّ فِي التوثيق الصَّحِيح

- ‌تَصْحِيح الْحَاكِم

- ‌تَصْحِيح ابْن حزم

- ‌لَيْسَ كل مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند وَسكت عَنهُ يكون صَحِيحا عِنْده وأمثلة على ذَلِك

- ‌من أصُول مَذْهَب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل

- ‌كتاب أبي مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي فَضَائِل مُسْند أَحْمد وخصائصه وَتعقبه

- ‌فصل

- ‌شُرُوط الحَدِيث الصَّحِيح

- ‌طَبَقَات أَصْحَاب أبي حنيفَة

- ‌طَبَقَات أَصْحَاب الشَّافِعِي

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌أَنْوَاع المناضلة

- ‌شُرُوط العقد على الْإِصَابَة

- ‌فصل

- ‌تعدد السِّهَام وَعدم تعددها

- ‌فِي تحزب الرُّمَاة

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌المفاضلة بَين قَوس الْيَد وقوس الرجل

- ‌‌‌فصلالنزاع بَين الطَّائِفَتَيْنِ

- ‌فصل

- ‌فِي أَنْفَع القسي وأولاها بِالِاسْتِعْمَالِ

- ‌فصل

- ‌أَنْفَع قسي الْيَد

- ‌فصل

- ‌فِي الْمُفَاخَرَة بَين قَوس الْيَد وقوس الرجل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌مَا يحْتَاج إِلَيْهِ المتعلم

- ‌فِي آدَاب الرَّمْي وَمَا يَنْبَغِي للرامي أَن يعتمده

- ‌فصل

- ‌فِي الْخِصَال الَّتِي بهَا كَمَال الرَّمْي

- ‌فصل

- ‌فِي النكاية

- ‌فصل فِي جمل من أسرار الرَّمْي ذكرهَا الطَّبَرِيّ فِي كِتَابه

- ‌فصل فِي الْقيام وَالْجُلُوس

- ‌فصل أوجه الْجُلُوس فِي الرَّمْي

- ‌فصل مُشْتَمل على فُصُول من طب الرَّمْي وعلاج علله وآفاته

- ‌فصل مِنْهَا

- ‌ذكر مَا يصلح بِهِ هَذِه الْآفَات

- ‌فصل فِي استرخاء قَبْضَة الشمَال وَمَا يلْزمه

- ‌فصل فِي آفَة عقر السبابَة من الْيَد الْيُمْنَى وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة مس الْوتر لإذن الرَّامِي ولحيته وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة كسر ظفر الْإِبْهَام فِي العقد وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة لُحُوق السبابَة عِنْد الْإِطْلَاق وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة رد السهْم وَقت الْإِطْلَاق

- ‌فصل فِي آفَة الكزازة وَمَا يزيلها

- ‌فصل فِي آفَة ضرب سية الْقوس الأَرْض عِنْد الْإِطْلَاق

- ‌‌‌فصلفِي عِلّة كسر فَوق السهْم وعلاجه

- ‌فصل

- ‌فصل [أَنْوَاع تَحْرِيك السهْم]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم من أول خُرُوجه إِلَى حِين وُقُوعه]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم عِنْد توَسط المدى]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم آخرا إِن لم يَتَحَرَّك أَولا]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم أَولا فَإِذا توَسط استد]

- ‌فصل فِي عقر الْإِبْهَام بِالسَّهْمِ وَقت الْجَرّ وعلاجه

- ‌[فصل فِي] ذكر أَرْكَان الرَّمْي الْخَمْسَة وَصفَة كل وَاحِد مِنْهَا وَالِاخْتِلَاف

- ‌ذكر العقد ووجوهه

- ‌فصل [منشأ السرعة والبعد عِنْد الرُّمَاة]

- ‌فصل [أَنْوَاع تركيب السبابَة على الْإِبْهَام]

- ‌فصل [لَا يَنْبَغِي للرامي أَن يقلم أظافر يَده الْيُمْنَى]

- ‌فصل فِي القفلة بالأصابع الثَّلَاث من الْيَد الْيُمْنَى

- ‌ذكر الْمَدّ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذكر النّظر وَأَحْكَامه

- ‌فصل [النّظر من الدَّاخِل]

- ‌فصل [أوجه النّظر من الْخَارِج]

- ‌فصل فِي ميزَان النّظر

- ‌فصل [المفاضلة بَين أهل التربيع وَأهل التحريف]

- ‌فصل فِي ميزَان آخر

- ‌[فصل فِي] ذكر الاطلاق ووجوهه

- ‌فصل فِي مر السهْم على الْيَد

- ‌ذكر [سَبَب] ارْتِفَاع السهْم فِي الجو ونزوله وسداده

- ‌فصل فِي مدح الْقُوَّة والشجاعة وذم الْعَجز والجبن

- ‌فصل

- ‌فصل [الْفرق بَين الشجَاعَة وَالْقُوَّة]

- ‌فصل فِي مَرَاتِب الشجَاعَة والشجعان

- ‌فصل [الْأُمُور المترتبة على الشجَاعَة]

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌كتاب أبي موسى المديني في فضائل مسند أحمد وخصائصه وتعقبه

فِيهَا رِوَايَتَانِ أَو أَكثر فَهُوَ أتبع خلق الله للسنن مرفوعها وموقوفها

‌كتاب أبي مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي فَضَائِل مُسْند أَحْمد وخصائصه وَتعقبه

وَقد صنف الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ كتابا ذكر فِيهِ فَضَائِل الْمسند وخصائصه قَالَ فِيهِ وَمن الدَّلِيل على أَن مَا أودعهُ الإِمَام أَحْمد قد احتاط فِيهِ سندا ومتنا وَلم يرو فِيهِ إِلَّا مَا صَحَّ عِنْده مَا أَنبأَنَا بِهِ أَبُو عَليّ ثمَّ سَاق بِسَنَدِهِ إِلَى الإِمَام أَحْمد من الْمسند قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة عَن أبي التياح قَالَ سَمِعت أَبَا زرْعَة يحدث عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ يهْلك أمتِي هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش قَالُوا فَمَا تَأْمُرنَا بِهِ يَا رَسُول الله قَالَ لَو أَن النَّاس اعتزلوهم قَالَ عبد الله قَالَ لي أبي فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ اضْرِب على هَذَا فَإِنَّهُ خلاف الْأَحَادِيث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَعْنِي قَوْله اسمعوا وَأَطيعُوا

ص: 266

قَالَ أَبُو مُوسَى وَهَذَا مَعَ ثِقَة رجال إِسْنَاده حِين شَذَّ لَفظه عَن الْأَحَادِيث الْمَشَاهِير أَمر بِالضَّرْبِ عَلَيْهِ فَدلَّ على مَا قُلْنَاهُ وَفِي نَظَائِر لَهُ قلت هَذَا لَا يدل على أَن كل حَدِيث فِي الْمسند يكون صَحِيحا عِنْده وضربه على هَذَا الحَدِيث مَعَ أَنه صَحِيح أخرجه أَصْحَاب الصَّحِيح لكَونه عِنْده خلاف الْأَحَادِيث وَالثَّابِت الْمَعْلُوم من سنته صلى الله عليه وسلم فِي الْأَمر بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة وَلُزُوم الْجَمَاعَة وَترك الشذوذ والانفراد كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 267

اسمعوا وَأَطيعُوا وَإِن اسْتعْمل عَلَيْكُم عبد حبشِي وَقَوله من فَارق الْجَمَاعَة فَمَاتَ فميتته جَاهِلِيَّة وَقَوله الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد وَهُوَ من الِاثْنَيْنِ أبعد

ص: 268

وَقَوله من فَارق الْجَمَاعَة فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه وَقَوله ثَلَاث لَا يغل عَلَيْهِنَّ قلب رجل مُسلم إخلاص الْعَمَل لله ومناصحة وُلَاة الْأَمر وَلُزُوم جمَاعَة الْمُسلمين فَإِن دعوتهم تحيط من ورائهم وَقَوله عَلَيْك بِالْجَمَاعَة فَإِنَّمَا يَأْكُل الذِّئْب من الْغنم القاصية

ص: 269

إِلَى غير ذَلِك من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة المستفيضة المصرحة بِلُزُوم الْجَمَاعَة فَلَمَّا رأى أَحْمد هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد يُخَالف هَذِه الْأَحَادِيث وأمثالها أَمر عبد الله بضربه عَلَيْهِ وَأما من جزم بِصِحَّتِهِ فَقَالَ هَذَا فِي أَوْقَات الْفِتَن والقتال على الْملك وَلُزُوم الْجَمَاعَة فِي وَقت الِاتِّفَاق والتئام الْكَلِمَة وَبِهَذَا تَجْتَمِع أَحَادِيث النَّبِي صلى الله عليه وسلم الَّتِي رغب فِيهَا فِي الْعُزْلَة وَالْقعُود عَن الْقِتَال ومدح فِيهَا من لم يكن مَعَ أحد الطَّائِفَتَيْنِ وَأَحَادِيثه الَّتِي رغب فِيهَا الْجَمَاعَة وَالدُّخُول مَعَ النَّاس فَإِن هَذَا حَال اجْتِمَاع الْكَلِمَة وَذَاكَ حَال الْفِتْنَة والقتال وَالله أعلم وَالْمَقْصُود أَن ضرب الإِمَام أَحْمد على هَذَا الحَدِيث لَا يدل على صِحَة كل رَوَاهُ فِي مُسْنده عِنْده

ص: 270

قَالَ أَبُو مُوسَى وَقَالَ ابْن السماك حَدثنَا حَنْبَل بن اسحاق قَالَ جَمعنَا أَحْمد بن حَنْبَل أَنا وَصَالح وَعبد الله وَقَرَأَ علينا الْمسند وَمَا سَمعه مِنْهُ غَيرنَا وَقَالَ لنا هَذَا كتاب جمعته من سبع مئة ألف وَخمسين ألف حَدِيث فَمَا اخْتلف الْمُسلمُونَ فِيهِ من حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَارْجِعُوا إِلَيْهِ فَإِن وجدتموه فِيهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِحجَّة قلت هَذِه الْحِكَايَة قد ذكرهَا حَنْبَل فِي تَارِيخه وَهِي صَحِيحَة بِلَا شكّ لَكِن لَا تدل على أَن كل مَا رَوَاهُ فِي الْمسند فَهُوَ صَحِيح عِنْده فَالْفرق بَين أَن يكون كل حَدِيث لَا يُوجد لَهُ أصل فِي الْمسند فَلَيْسَ بِحجَّة وَبَين أَن يَقُول كل حَدِيث فِيهِ فَهُوَ حجَّة وَكَلَامه يدل على الأول لَا على الثَّانِي وَقد اسْتشْكل بعض الْحفاظ هَذَا من أَحْمد وَقَالَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيث لَيست فِي الْمسند وَأجِيب عَن هَذَا بِأَن تِلْكَ الْأَلْفَاظ بِعَينهَا وَإِن خلا الْمسند عَنْهَا فلهَا فِيهِ أصُول ونظائر وشواهد وَأما أَن يكون متن صَحِيح لَا مطْعن فِيهِ لَيْسَ لَهُ فِي الْمسند أصل وَلَا نَظِير فَلَا يكَاد يُوجد أَلْبَتَّة

فصل

وَالْمَقْصُود أَن إِخْرَاج أَحْمد لحَدِيث سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ فِي الدخيل فِي سباق الْخَيل أَي فِي عقد السباق لَا يدل على صِحَّته

ص: 271

عِنْده بل وَلَا على حسنه وَأما كَون مذْهبه على مُقْتَضَاهُ فَهَذَا يحْتَمل أَمريْن أَحدهمَا وَهُوَ أظهر أَن يكون بناه على أَصله فِي أَن الحَدِيث الضَّعِيف إِذا لم يكن عِنْده فِي الْبَاب شئ يَدْفَعهُ أَخذ بِهِ وَيحْتَمل أَن يكون قلد سعيد بن الْمسيب فِي ذَلِك حَيْثُ لم يتَبَيَّن لَهُ ضعف قَوْله وَكَانَ أَحْمد مُعظما لسَعِيد جدا حَتَّى قَالَ هُوَ أعلم التَّابِعين وَقد قَالَ فِي رِوَايَة أبي طَالب الرَّمْي أَقُول فِيهِ أَيْضا يكون فِيهِ مُحَلل مثل الفرسين هُوَ قِيَاس وَاحِد وَالْإِبِل مثله قِيَاس وَاحِد وَسبق لَهُ وَاحِد وَظَاهر هَذَا أَنه ذهب إِلَيْهِ لمُجَرّد الْأَثر وَلم يخف على أَحْمد علته وَأَنه من كَلَام سعيد لَكِن لم يجد فِي الْبَاب غير هَذَا وهاب سعيد بن الْمسيب أَن يُخَالِفهُ بِغَيْر نَص صَرِيح وَأما أَبُو حنيفَة فمذهبه الَّذِي حَكَاهُ عَنهُ أَصْحَابه أَن التَّابِعِيّ إِذا أفتى فِي عصر الصَّحَابَة وزاحمهم فِي الْفَتْوَى كَانَ قَوْله حجَّة

فصل

وَأما قَوْلكُم إِن الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ هُوَ مَحْفُوظ عَن الزُّهْرِيّ فَلَو حكيتم كَلَامه على وَجهه لتبين لكم وَجه الصَّوَاب وَنحن نسوقه بِلَفْظِهِ فَفِي كتاب الْعِلَل لَهُ سُئِلَ عَن حَدِيث ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة

ص: 272

عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم من أَدخل فرسا بَين فرسين الحَدِيث فَقَالَ يرويهِ سعيد بن بشير عَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة وَوهم فِي قَوْله قَتَادَة وَغَيره يرويهِ عَن هِشَام بن عمار عَن الْوَلِيد عَن سعيد بن بشير عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّد بن خَالِد وَغَيره عَن الْوَلِيد وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ وَهُوَ الْمَحْفُوظ قَالَ البرقاني قيل لَهُ فَإِن الْحُسَيْن بن السميدع الْأَنْطَاكِي رَوَاهُ عَن مُوسَى ابْن أَيُّوب عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز يُقَال التنوخي ثمَّ قَالَ هَذَا غلط إِنَّمَا هُوَ سعيد بن بشير هَذَا نَص كَلَامه وَهُوَ كَمَا ترى لَا يدل على أَن الحَدِيث صَحِيح عِنْده وَلَا مَحْفُوظ عِنْده فَإِن قَوْله رَوَاهُ سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ وَهُوَ الْمَحْفُوظ يُرِيد أَن ذكر قَتَادَة بدل الزُّهْرِيّ غلط مِمَّن سَمَّاهُ وَأَن الصَّوَاب فِيهِ الزُّهْرِيّ عَن سعيد لَا قَتَادَة عَن سعيد فَإِن قَتَادَة لَا مدْخل لَهُ فِي هَذَا الحَدِيث فَالَّذِي حفظه النَّاس فِيهِ الزُّهْرِيّ عَن سعيد هَذَا معنى كَلَامه فَأَيْنَ معنى الشَّهَادَة مِنْهُ بِصِحَّة الحَدِيث وثبوته

ص: 273

فصل

قَالُوا وَأما قَوْلكُم إِن أَبَا أَحْمد بن عدي شهد بِأَن لَهُ أصلا وَصوب رِوَايَة سعيد لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة فقد أَصَابَكُم فِي ذَلِك مَا أَصَابَكُم فِي كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ وَلَو حكيتم كَلَام ابْن عدي لتبين لكم أَنه لَا يدل على صِحَة الحَدِيث عِنْده وَلَا حسنه فَإِنَّهُ ذكره فِي كتاب الْكَامِل لَهُ وَهُوَ إِنَّمَا يذكر فِيهِ غَالِبا الْأَحَادِيث الَّتِي أنْكرت على من يذكر تَرْجَمته وَنحن نورد كَلَامه بِلَفْظِهِ

قَالَ فِي كِتَابه

سعيد بن بشير لَهُ عِنْد أهل دمشق تصانيف لِأَنَّهُ سكنها وَهُوَ بَصرِي وَرَأَيْت لَهُ تَفْسِيرا مصنفا من رِوَايَة الْوَلِيد عَنهُ وَلَا أرى فِيمَا رُوِيَ عَن سعيد بن بشير بَأْسا وَلَعَلَّه يهم فِي الشَّيْء بعد الشَّيْء ويغلط وَالْغَالِب على حَدِيثه الاسْتقَامَة وَالْغَالِب عَلَيْهِ الصدْق

ثمَّ قَالَ حَدثنَا الْقَاسِم بن اللَّيْث الرَّسْعَنِي وَعمر بن سِنَان وَابْن دُحَيْم قَالُوا حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا الْوَلِيد حَدثنَا سعيد بن بشير عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من أَدخل فرسا بَين فرسين فَذكر الحَدِيث حدّثنَاهُ عَبْدَانِ حَدثنَا هِشَام حَدثنَا الْوَلِيد حَدثنَا سعيد بن بشير عَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة

ص: 274

عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ ابْن عدي وَذكر لنا عَبْدَانِ فِي هَذَا الحَدِيث قصَّة وَقَالَ لقن هِشَام بن عمار هَذَا الحَدِيث عَن سعيد بن بشير عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة والْحَدِيث عَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ ابْن عدي وَهَذَا الَّذِي قَالَه عَبْدَانِ غلط وَخطأ والْحَدِيث عَن سعيد بن بشير عَن الزُّهْرِيّ أصوب من سعيد بن بشير عَن قَتَادَة لِأَن هَذَا الحَدِيث من حَدِيث قَتَادَة لَيْسَ لَهُ أصل وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ لَهُ أصل وَقد رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ سُفْيَان بن حُسَيْن أَيْضا

فَهَذَا كَلَام ابْن عدي كَمَا ترى لَا يدل على أَن الحَدِيث صَحِيح ثَابت عِنْده بل كَلَامه فِيهِ مثل كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ فَإِنَّهُ أنكر أَن يكون من حَدِيث قَتَادَة وَإِنَّمَا هُوَ من حَدِيث الزُّهْرِيّ وَلَا ريب أَن الزُّهْرِيّ حدث بِهِ وَله أصل من حَدِيثه وَقد حمله النَّاس عَنهُ لَكِن الْأَئِمَّة الْأَثْبَات من أَصْحَابه كمالك وَاللَّيْث وَعقيل وَيُونُس وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَقَفُوهُ عَنهُ على سعيد بن الْمسيب وَرَفعه من لَا يجاري هَؤُلَاءِ فِي مضمارهم وَلَا يعد فِي طبقتهم فِي حفظ وَلَا اتقان وهم سُفْيَان بن حُسَيْن وَسَعِيد بن بشير

ص: 275

فَابْن عدي وَالدَّارَقُطْنِيّ أنكرا رِوَايَته عَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب وصوبا رِوَايَة من رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد فَأَيْنَ الحكم لَهُ بِالصِّحَّةِ والثبوت من هَذَا

ثمَّ لَو كَانَ ذَلِك تَصْحِيحا صَرِيحًا مهما لما قدم على تَعْلِيل من حكينا تَعْلِيله من الْأَئِمَّة كَأبي دَاوُد وَأبي حَاتِم وَيحيى بن معِين وَغَيرهم وَغَايَة ذَلِك أَن تكون مَسْأَلَة نزاع بَين أَئِمَّة الحَدِيث وَالدَّلِيل يفصل بَينهم

فَكيف وَلم يُصَحِّحهُ إِلَّا من تَصْحِيحه كَالْقَبْضِ على المَاء وَقد عهد مِنْهُ تَصْحِيح الموضوعات وَهُوَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم وَله فِي مُسْتَدْركه مَا شَاءَ الله من الاحاديث الْمَوْضُوعَة قد صححها

وَقد ذكر الْحَافِظ عبد الْقَادِر الرهاوي فِي كتاب المادح والممدوح لَهُ أَن أَبَا الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ لما وقف عَلَيْهِ أنكرهُ وَقَالَ يسْتَدرك عَلَيْهِمَا حَدِيث الطير فَبلغ ذَلِك الْحَاكِم فَضرب عَلَيْهِ من كِتَابه وَذكر عَن بعض الْأَئِمَّة الْحفاظ أَنه لما وقف عَلَيْهِ قَالَ لَيْسَ فِيهِ حَدِيث وَاحِد يسْتَدرك عَلَيْهِمَا وَبِالْجُمْلَةِ فتصحيح الْحَاكِم لَا يُسْتَفَاد مِنْهُ حسن الحَدِيث أَلْبَتَّة فضلا عَن صِحَّته

ص: 276

فصل

قَالُوا وَأما سُؤال أبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ للْبُخَارِيّ عَن حَدِيث سُفْيَان بن حُسَيْن فِي الصَّدقَات وَقَوله أَرْجُو أَن يكون مَحْفُوظًا وَهُوَ صَدُوق فَلَا يدل على صِحَة حَدِيث الدخيل الَّذِي نَحن فِيهِ عِنْده فَإِن حَدِيثه فِي الصَّدقَات مَحْفُوظ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَهُوَ كتاب كتبه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعمل بِهِ الْخُلَفَاء وَأمر عمر بن عبد الْعَزِيز بانتساخه وَبَعثه إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام يعْملُونَ بِهِ وَهُوَ كتاب مَشْهُور متوارث عِنْد آل عمر ككتاب عَمْرو بن حزم وَكتاب عَليّ وَكتاب أنس الَّذِي كتبه لَهُ أَبُو بكر الصّديق وَهَذَا الْكتب تصدقه وَتشهد بِصِحَّتِهِ وَإِن كَانَ فِيهِ خلاف يسير لبعضها وَإِنَّمَا أنكر على سُفْيَان بن حُسَيْن رَفعه وَإِلَّا فَالْحَدِيث قد رَوَاهُ غير وَاحِد عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم مُرْسلا وَلَكِن قد تَابع سُفْيَان بن حُسَيْن على وَصله سُلَيْمَان بن كثير وَهُوَ مِمَّن اتّفق الشَّيْخَانِ على الِاحْتِجَاج بحَديثه فَأَيْنَ هَذَا من حَدِيثه فِي الْمُحَلّل الَّذِي لَا شَاهد لَهُ وَلَا نَظِير وَقد خَالفه النَّاس فِي رَفعه

وَقَول البُخَارِيّ فِيهِ إِنَّه صَدُوق إِنَّمَا يدل على أَنه صَدُوق ثِقَة لَا يتَعَمَّد الْكَذِب وَهَذَا لَا يَكْفِي فِي صِحَة الحَدِيث كَمَا تقدم وَأَيْضًا فَالْبُخَارِي يوثق جمَاعَة ويعلل هُوَ بِعَيْنِه بعض حَدِيثهمْ

ص: 277

ويضعفه وَكَذَلِكَ غَيره من الْأَئِمَّة وَلَا تنَافِي عِنْدهم بَين الْأَمريْنِ بل هَذَا عِنْدهم من علم الحَدِيث وَفقه علله الَّذِي تميز بِهِ نقاده وأطباؤه من حَملته الَّذين همتهم مُجَرّد رِوَايَته لَا درايته

فصل

فالحفاظ من أَئِمَّة أهل الحَدِيث أعلوا مَا يتفرد بِهِ سُفْيَان بن حُسَيْن وأعلوا مَا تَابعه عَلَيْهِ غَيره أَيْضا أما الأول فقد قَالَ ابْن عدي فِي الْكَامِل سَمِعت أَبَا يعلى يَقُول قيل ليحيى بن معِين فَحَدِيث سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه فِي الصَّدقَات فَقَالَ هَذَا لم يُتَابع سُفْيَان عَلَيْهِ أحد لَيْسَ بِصَحِيح قَالَ ابْن عدي وَقد وَافق سُفْيَان بن حُسَيْن على هَذِه الرِّوَايَة عَن سَالم عَن أَبِيه سُلَيْمَان بن كثير أَخُو مُحَمَّد بن كثير وَقد رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه جمَاعَة فوقفوه وسُفْيَان بن حُسَيْن وَسليمَان بن كثير رَفَعَاهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن وَأما الحَدِيث الَّذِي أَنبأَنَا بِهِ أَبُو الْقَاسِم عبد الْخَالِق الْمُؤَذّن أنبأ

ص: 278

مُحَمَّد بن المؤمل حَدثنَا الْفضل بن مُحَمَّد ثَنَا النُّفَيْلِي ثَنَا عباد بن الْعَوام عَن سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ الرجل جَبَّار فقد قَالَ الشَّافِعِي هُوَ غلط لِأَن الْحفاظ لم يحفظوا هَكَذَا

قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذِه الزِّيَادَة ينْفَرد بهَا سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ وَقد رَوَاهُ مَالك وَاللَّيْث وَابْن جريج وَمعمر وَعقيل وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَغَيرهم عَن الزُّهْرِيّ لم يذكر أحد مِنْهُم فِيهِ الرجل وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يُتَابع سُفْيَان بن حُسَيْن على قَوْله الرجل جَبَّار أحد وَهُوَ وهم مِنْهُ لِأَن الثِّقَات خالفوه وَلم يذكرُوا ذَلِك وَقد غلط الْحفاظ أَيْضا سُفْيَان بن حُسَيْن فِي رَفعه حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة كنت أَنا وَحَفْصَة صائمتين الحَدِيث قَالُوا وَاللَّفْظ للبيهقي رَوَاهُ ثِقَات الْحفاظ من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ عَنهُ مُنْقَطِعًا مَالك وَيُونُس وَمعمر وَابْن جريج وَيحيى بن سعيد وَعبيد الله بن عمر

ص: 279