المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [الفرق بين الشجاعة والقوة] - الفروسية المحمدية - ت مشهور

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌تحمدة وتقدمة

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بالأقدام

- ‌مسابقة الصَّحَابَة على الْأَقْدَام بَين يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مصارعته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بَين الْخَيل

- ‌فصل

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بَين الْإِبِل

- ‌فصل

- ‌تناضل الصَّحَابَة بِالرَّمْي بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مراهنة الصّديق للْمُشْرِكين بِعِلْمِهِ وإذنه صلى الله عليه وسلم

- ‌هَل الْمُرَاهنَة على الْمسَائِل الَّتِي فِيهَا ظُهُور أَعْلَام الْإِسْلَام وأدلته وبراهينه مَمْنُوعَة

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بالأقدام بعوض وَبلا عوض

- ‌فصل

- ‌الصراع بِالرَّهْنِ وَبلا رهن

- ‌السباحة بِالرَّهْنِ وَبلا رهن

- ‌المشابكة بِالْأَيْدِي

- ‌الْأَدِلَّة وَالتَّرْجِيح

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بَين الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير وَالْبَقر وَالْحمام والسفن

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بَين الْإِبِل والفيل

- ‌فصل

- ‌النضال بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وإذنه فِيهِ

- ‌كتاب عمر رضي الله عنه لعتبة بن فرقد وَشَرحه

- ‌فصل

- ‌فَوَائِد النضال

- ‌فصل

- ‌أَيْمَان الرُّمَاة لَغْو لَا كَفَّارَة فِيهَا

- ‌فصل

- ‌فضل الْمَشْي بَين الغرضين وَمن مَشى بَينهمَا من السّلف الصَّالح

- ‌فصل

- ‌المفاضلة بَين ركُوب الْخَيل وَرمي النشاب

- ‌وُجُوه تَفْضِيل سبق الْخَيل على الرَّمْي

- ‌المُرَاد بقوله تَعَالَى {وَالْعَادِيات ضَبْحًا}

- ‌عودة إِلَى وُجُوه تَفْضِيل سبق الْخَيل على سبق الرَّمْي

- ‌النَّهْي عَن تَقْلِيد الْخَيل الأوتار وَمَعْنَاهُ

- ‌فصل

- ‌أوجه تفضل الرَّمْي بالنشاب على ركُوب الْخَيل وَذكر منفعَته وتأثيره ونكايته فِي الْعَدو

- ‌فضل النزاع بَين تَفْضِيل الرَّمْي على ركُوب الْخَيل وَالْعَكْس

- ‌فصل

- ‌رميه صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْكَرِيمَة

- ‌فصل

- ‌طعنه صلى الله عليه وسلم بالحربة

- ‌فصل

- ‌فضل الرماح

- ‌الْأَشْيَاء الَّتِي تظهر فِيهَا الفروسية

- ‌أوجه الشّبَه بَين الجلاد بِالسَّيْفِ والجدال بِالْحجَّةِ

- ‌فروسية الْعلم وَالْبَيَان وفروسية الرَّمْي والطعان

- ‌فصل الرِّهَان على الْغَلَبَة بِالرُّمْحِ

- ‌فصل

- ‌ركُوب النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْفرس عُريَانا وتقلده بِالسَّيْفِ وورود ذَلِك فِي صفته فِي الْكتب الأولى

- ‌فصل

- ‌أَحْكَام الرِّهَان فِي الْمُسَابقَة وصوره الْمُتَّفق عَلَيْهَا والمختلف فِيهَا

- ‌فصل

- ‌أَدِلَّة المجوزين للتراهن من غير مُحَلل

- ‌فصل

- ‌أَدِلَّة الْقَائِلين بِاشْتِرَاط الْمُحَلّل

- ‌لم يشْتَرط مُسلم فِي مُقَدّمَة صَحِيحه مَا شَرطه فِي صَحِيحه

- ‌التَّفْرِقَة بَين من أخرج لَهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَبَين مَا أخرج لَهُ فِي الشواهد والمتابعات

- ‌تساهل التِّرْمِذِيّ فِي التوثيق الصَّحِيح

- ‌تَصْحِيح الْحَاكِم

- ‌تَصْحِيح ابْن حزم

- ‌لَيْسَ كل مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند وَسكت عَنهُ يكون صَحِيحا عِنْده وأمثلة على ذَلِك

- ‌من أصُول مَذْهَب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل

- ‌كتاب أبي مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي فَضَائِل مُسْند أَحْمد وخصائصه وَتعقبه

- ‌فصل

- ‌شُرُوط الحَدِيث الصَّحِيح

- ‌طَبَقَات أَصْحَاب أبي حنيفَة

- ‌طَبَقَات أَصْحَاب الشَّافِعِي

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌أَنْوَاع المناضلة

- ‌شُرُوط العقد على الْإِصَابَة

- ‌فصل

- ‌تعدد السِّهَام وَعدم تعددها

- ‌فِي تحزب الرُّمَاة

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌المفاضلة بَين قَوس الْيَد وقوس الرجل

- ‌‌‌فصلالنزاع بَين الطَّائِفَتَيْنِ

- ‌فصل

- ‌فِي أَنْفَع القسي وأولاها بِالِاسْتِعْمَالِ

- ‌فصل

- ‌أَنْفَع قسي الْيَد

- ‌فصل

- ‌فِي الْمُفَاخَرَة بَين قَوس الْيَد وقوس الرجل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌مَا يحْتَاج إِلَيْهِ المتعلم

- ‌فِي آدَاب الرَّمْي وَمَا يَنْبَغِي للرامي أَن يعتمده

- ‌فصل

- ‌فِي الْخِصَال الَّتِي بهَا كَمَال الرَّمْي

- ‌فصل

- ‌فِي النكاية

- ‌فصل فِي جمل من أسرار الرَّمْي ذكرهَا الطَّبَرِيّ فِي كِتَابه

- ‌فصل فِي الْقيام وَالْجُلُوس

- ‌فصل أوجه الْجُلُوس فِي الرَّمْي

- ‌فصل مُشْتَمل على فُصُول من طب الرَّمْي وعلاج علله وآفاته

- ‌فصل مِنْهَا

- ‌ذكر مَا يصلح بِهِ هَذِه الْآفَات

- ‌فصل فِي استرخاء قَبْضَة الشمَال وَمَا يلْزمه

- ‌فصل فِي آفَة عقر السبابَة من الْيَد الْيُمْنَى وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة مس الْوتر لإذن الرَّامِي ولحيته وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة كسر ظفر الْإِبْهَام فِي العقد وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة لُحُوق السبابَة عِنْد الْإِطْلَاق وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة رد السهْم وَقت الْإِطْلَاق

- ‌فصل فِي آفَة الكزازة وَمَا يزيلها

- ‌فصل فِي آفَة ضرب سية الْقوس الأَرْض عِنْد الْإِطْلَاق

- ‌‌‌فصلفِي عِلّة كسر فَوق السهْم وعلاجه

- ‌فصل

- ‌فصل [أَنْوَاع تَحْرِيك السهْم]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم من أول خُرُوجه إِلَى حِين وُقُوعه]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم عِنْد توَسط المدى]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم آخرا إِن لم يَتَحَرَّك أَولا]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم أَولا فَإِذا توَسط استد]

- ‌فصل فِي عقر الْإِبْهَام بِالسَّهْمِ وَقت الْجَرّ وعلاجه

- ‌[فصل فِي] ذكر أَرْكَان الرَّمْي الْخَمْسَة وَصفَة كل وَاحِد مِنْهَا وَالِاخْتِلَاف

- ‌ذكر العقد ووجوهه

- ‌فصل [منشأ السرعة والبعد عِنْد الرُّمَاة]

- ‌فصل [أَنْوَاع تركيب السبابَة على الْإِبْهَام]

- ‌فصل [لَا يَنْبَغِي للرامي أَن يقلم أظافر يَده الْيُمْنَى]

- ‌فصل فِي القفلة بالأصابع الثَّلَاث من الْيَد الْيُمْنَى

- ‌ذكر الْمَدّ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذكر النّظر وَأَحْكَامه

- ‌فصل [النّظر من الدَّاخِل]

- ‌فصل [أوجه النّظر من الْخَارِج]

- ‌فصل فِي ميزَان النّظر

- ‌فصل [المفاضلة بَين أهل التربيع وَأهل التحريف]

- ‌فصل فِي ميزَان آخر

- ‌[فصل فِي] ذكر الاطلاق ووجوهه

- ‌فصل فِي مر السهْم على الْيَد

- ‌ذكر [سَبَب] ارْتِفَاع السهْم فِي الجو ونزوله وسداده

- ‌فصل فِي مدح الْقُوَّة والشجاعة وذم الْعَجز والجبن

- ‌فصل

- ‌فصل [الْفرق بَين الشجَاعَة وَالْقُوَّة]

- ‌فصل فِي مَرَاتِب الشجَاعَة والشجعان

- ‌فصل [الْأُمُور المترتبة على الشجَاعَة]

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌فصل [الفرق بين الشجاعة والقوة]

لله الَّذِي جلبني على مَا يحب

وَمن هُنَا يظْهر أَنه لَا تلازم بَين الشجَاعَة والجود كَمَا ظَنّه بعض النَّاس وَإِن كَانَت الْأَخْلَاق الفاضلة تتلازم وتتصاحب غَالِبا وَكَذَلِكَ الْأَخْلَاق الدنيئة

‌فصل [الْفرق بَين الشجَاعَة وَالْقُوَّة]

وَكثير من النَّاس تشتبه عَلَيْهِ الشجَاعَة بِالْقُوَّةِ وهما متغايران فَإِن الشجَاعَة [هِيَ] ثبات الْقلب عِنْد النَّوَازِل وَإِن كَانَ ضَعِيف الْبَطْش

وَكَانَ الصّديق رضي الله عنه أَشْجَع الْأمة بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكَانَ عمر وَغَيره أقوى مِنْهُ وَلَكِن برز على الصَّحَابَة كلهم بثبات قلبه فِي كل موطن من المواطن الَّتِي تزلزل الْجبَال وَهُوَ فِي ذَلِك ثَابت الْقلب ربيط الجاش يلوذ بِهِ شجعان الصَّحَابَة وابطالهم فيثبتهم ويشجعهم وَلَو لم يكن [لَهُ] الا ثبات قلبه يَوْم الْغَار وَلَيْلَته وثبات قلبه يَوْم بدر وَهُوَ يَقُول للنَّبِي صلى الله عليه وسلم يَا رَسُول الله كَفاك [بعض] مُنَاشَدَتك رَبك فَإِنَّهُ منجر لَك

ص: 500

مَا وَعدك وثبات قلبه يَوْم أحد وَقد صرخَ الشَّيْطَان فِي النَّاس بِأَن مُحَمَّدًا قد قتل وَلم يبْق أحد مَعَ [رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الا دون عشْرين فِي] أحد وَهُوَ مَعَ ذَلِك ثَابت الْقلب سَاكن الجأش وثبات قلبه [يَوْم الخَنْدَق وَقد زاغت الْأَبْصَار وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر وثبات قلبه] يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَقد قلق فَارس الاسلام عمر بن الْخطاب حَتَّى إِن الصّديق ليثبته ويسكنه ويطمئنه وثبات قلبه يَوْم حنين حَيْثُ فر النَّاس وَهُوَ لم يفر وثبات قلبه حِين النَّازِلَة الَّتِي اهتزت لَهَا الدُّنْيَا أجمع وكادت تَزُول لَهَا الْجبَال وعقرت لَهَا أَقْدَام الْأَبْطَال وَمَاجَتْ لَهَا قُلُوب أهل الْإِسْلَام كموج الْبَحْر عِنْد هبوب قواصف الرِّيَاح وَصَاح [لَهَا] الشَّيْطَان فِي أقطار الأَرْض أبلغ الصياح وَخرج النَّاس بهَا من دين الله أَفْوَاجًا وأثار عَدو الله بهَا أقطار الأَرْض عجاجا وَانْقطع [لَهَا] الْوَحْي من السَّمَاء وَكَاد لَوْلَا دفاع الله لطمس نُجُوم الاهتداء وَأنْكرت الصَّحَابَة بهَا قُلُوبهم وَكَيف لَا وَقد فقدوا رسولهم من بَين أظهرهم وحبيبهم وطاشت الأحلام وَغشيَ الْآفَاق مَا غشيها من الظلام وشرأب النِّفَاق وَمد أَهله الاعناق وَرفع الْبَاطِل رَأْسا كَانَ تَحت قدم الرَّسُول صلى الله عليه وسلم مَوْضُوعا وَسمع الْمُسلمُونَ من أَعدَاء الله مَا لم يكن فِي حَيَاته بَينهم مسموعا وطمع عَدو الله أَن يُعِيد النَّاس إِلَى عبَادَة الْأَصْنَام وَأَن يصرف وُجُوههم عَن الْبَيْت الْحَرَام وَأَن يصد قُلُوبهم عَن الايمان وَالْقُرْآن ويدعوهم إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ من التهود والتمجس والشرك وَعبادَة الصلبان

ص: 501

فشمر الصّديق رضي الله عنه من جده عَن سَاق غير خوار وانتضى سيف عزمه الَّذِي هُوَ ثَانِي ذِي الفقار وامتطى من ظُهُور [عَزَائِمه] جوادا لم يكن يكبو يَوْم السباق وَتقدم جنود الاسلام فَكَانَ أفرسهم إِنَّمَا همه اللحاق وَقَالَ وَالله لأجاهدن أَعدَاء الْإِسْلَام جهدي ولأصدقنهم الْحَرْب حَتَّى تنفرد سالفتي أَو افرد وحدي ولأدخلنهم فِي الْبَاب الَّذِي خَرجُوا مِنْهُ ولأردنهم إِلَى الْحق الَّذِي رَغِبُوا عَنهُ فَثَبت الله بذلك الْقلب الَّذِي لَو وزن بقلوب الْأمة لرجحها جيوش الْإِسْلَام وأذل بهَا الْمُنَافِقين والمرتدين وَأهل الْكتاب وَعَبدَة الْأَصْنَام حَتَّى استقامت قناة الدّين [من] بعد اعوجاجها وَجَرت الْملَّة الحنيفية على سننها ومنهاجها وَتَوَلَّى حزب الشَّيْطَان وهم الخاسرون وَأذن مُؤذن الايمان على رُؤُوس الْخَلَائق {فَإِن حزب الله هم الغالبون} [الْمَائِدَة 56]

هَذَا وَمَا ضعفت جيوش عزماته وَلَا استكانت وَلَا وهنت بل لم تزل الجيوش بهَا مؤيدة ومنصورة وَمَا فرحت عزائم اعدائه بالظفر فِي موطن من المواطن بل لم تزل مغلوبة مَكْسُورَة

تِلْكَ لعمر الله الشجَاعَة الَّتِي تضاءلت لَهَا فرسَان الْأُمَم والهمة الَّتِي تصاغرت عِنْدهَا عليات الهمم ويحق لصديق الْأمة أَن يضْرب من هَذَا الْمغنم بأوفر نصيب وَكَيف لَا وَقد فَازَ من مِيرَاث النُّبُوَّة بِكَمَال التعصب

وَقد كَانَ الْمَوْرُوث صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ أَشْجَع النَّاس فَكَذَلِك وَارثه وخليفته من بعده أَشْجَع الْأمة بِالْقِيَاسِ وَيَكْفِي أَن عمر بن الْخطاب سهم من كِنَانَته وخَالِد بن الْوَلِيد سلَاح من أسلحته والمهاجرون وَالْأَنْصَار أهل بيعَته وشوكته وَمَا مِنْهُم الا من اعْترف أَنه يستمد من ثباته وشجاعته

ص: 502